أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فتحي سيد فرج - هل يمكن التحرر من أزمة الجوع ؟!















المزيد.....


هل يمكن التحرر من أزمة الجوع ؟!


فتحي سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 10:34
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أولا : الأزمة على مستوى العالم
ساد اعتقاد لدي عديد من علماء الاقتصاد أن الزراعة نشاط لا يدر عائد مجدي مقارنة بغيره من الأنشطة الاقتصادية، فالعائد الاستثماري فيه ضعيف وأن العمل في الصناعة والتجارة يدر دخلا يتراوح ما بين 6 إلى 50 ضعفا عن العمل في الزراعة، ولكن التطورات الأخير أثبتت أن الزراعة نشاط أكثر أهمية من كل الأنشطة الاقتصادية الأخرى، فهو نشاط لا غنى عنه لاعتماد الإنسان عليه في توفير ضروريات الحياة من الغذاء والكساء إضافة إلي أهميته الحيوية في الحفاظ على التوازن البيئي . ومما ساهم في أهمية الزراعة تلك الأزمة الحادة ذات الطبيعة الهيكلية التي تتداخل في تشكيلها عوامل عديدة
• فالاستخدام المتزايد للمحاصيل الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي الإيثانول من قبل عدة بلدان خاصة البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة وهو ما أدي إلي استخدام‏10%‏ من الناتج العالمي من كل من الذرة والبطاطس وقصب السكر والقمح في هذه العملية‏,‏ وقيام دول عديدة وشركات الإنتاج الداجني والحيواني باستخدام هذه المحاصيل كأعلاف بما أثر علي المطروح في الأسواق العالمية‏.
• ‏طبيعة الأسواق الغذائية العالمية التي تحتكرها مجموعة قليلة من الدول والشركات متعددة الجنسيات والتي تمتلك التأثير في هذه الأسواق والتحكم في الأسعار‏,‏ فبعضها يقوم بمنع تصدير بعض المحاصيل كالقمح ليحافظ علي أعلي سعر له‏,‏ محققا أرباحا طائلة علي حساب شعوب الدول النامية والبعض الثاني يضارب علي هذه السلع والمحاصيل وغالبا ما تستخدم حكومات معينة وبعض الشركات الدولية هذه السلع كسلاح للضغط السياسي علي بعض الدول والحكومات للحصول منها علي تنازلات سياسية معينة في الشئون الدولية أو الداخلية لها مقابل عقد الصفقات معها في هذه السلع‏,‏ خاصة أن تجارة السلع الغذائية لم تحرر حني الآن في إطار اتفاقيات الجات بسبب إصرار الدول المتقدمة علي عدم تحريرها وهو ما أدي إلي حالة من عدم العدالة في تجارة هذه السلع عالميا‏.‏
• الزيادة السكانية الكبيرة التي يشهدها العالم ولم ترتبط بزيادة معدل النمو الاقتصادي وإنما انخفض متوسط معدل النمو الاقتصادي العالمي من ‏5%‏ عام‏2006‏ إلي ‏3.7%‏ عام ‏2008، ما أدي إلى الضغط الشديد على موارد العالم من الغذاء والتي تتسم بالندرة، إضافة إلى تغير أنماط الغذاء في آسيا التي شهدت طفرة اقتصادية كبري‏,‏ فضلا عن سوء الأحوال الجوية التي تضر بالزراعة‏,‏ الأمر الذي يهدد حياة‏150‏ مليون إفريقي لن يجدوا الغذاء بحلول نهاية العام الحالي و‏2.5‏ مليون أفغاني لن يجدوا طعامهم العام المقبل ويدفع بـ‏100‏ مليون شخص في الدول النامية إلي هاوية الفقر‏ .‏
• ‏ارتفاع أسعار النفط حيث اقترب سعر البرميل من‏150‏ دولارا وهو ما أدي إلي زيادة تكلفة الإنتاج الزراعي حيث ارتفعت أسعار الأسمدة الزراعية بسبب ارتفاع تكلفة تصنيعها‏,‏ كما ارتفعت تكلفة النقل والشحن لهذه المحاصيل وهو ما ترتب عليه ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية‏.
• ‏ تفاقم مشكلات الاحتباس الحراري الذي أدي إلي حدوث تغيرات مناخية خطيرة وغير مسبوقة كثقب الأوزون وارتفاع حرارة سطح الأرض وذوبان ثلوج المناطق الشمالية والجنوبية للكرة الأرضية‏,‏ وهو ما ترتب عليه حدوث المزيد من الفيضانات والأعاصير التي كان من نتيجتها خسارة العالم لملايين الهكتارات والأطنان من الزراعات والحبوب‏,‏ كما أن الاحتباس الحراري أدي إلي مزيد من الجفاف والتصحر في آسيا وإفريقيا وموت الزراعات وساهم في هذه الأزمة أيضا قيام العديد من الدول والشركات بتجريف آلاف الهكتارات من الأرض الزراعية والتوسع العمراني عليها مع تجاهل أهمية الزراعة في الاقتصاديات الوطنية وضعف السياسات الحكومية الداعمة للزراعة ‏.‏
• يرى بعض المحللين الاقتصاديين إن الأزمة تعود إلي عقدين من السياسات الخاطئة التي مارستها قوي عالمية لها نصيبها الكبير في شئون الإنتاج والتصدير والتجارة والتي وضعت مصالحها بمناي عن مصالح دول كثيرة باعتبارها دولا فقيرة، فالدول المتقدمة تؤكد أن أحد أهم أسباب الغلاء زيادة أسعار البترول والطاقة اللتين تستورد معظمها من الخارج وعليه قامت برفع أسعار صادراتها لتصل تقريبا إلي الضعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة فقط .
وقد لخص الكاتب هاني عسل حالة الحرمان الغذائي في العالم في الأرقام التالية
1. ارتفاع أسعار المواد الغذائية تعرض حياة‏100‏ مليون شخص في البلدان الفقيرة للخطر‏,‏ ويمكن أن يعني‏ ‏ سبع سنوات ضائعة‏ ‏ في جهود مكافحة الفقر‏ .
2. فاتورة الواردات الغذائية للدول الفقيرة قد تصل إلي ما قيمته‏169‏ مليار دولار حني نهاية عام‏2008‏ أي بزيادة نسبتها‏40%‏ عن فاتورة‏2007,‏ بحسب ما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة‏ ‏ الفاو‏ كما أن سلة الواردات الغذائية ستكلف الدول الفقيرة أربعة أضعاف ما كانت تدفعه من أموال في عام 200 .‏
3. أكثر من 100‏ مليون شخص في كل قارة سيصبحون مهددين بخطر المجاعة بحسب برنامج الغذاء العالمي الذي وصف الأزمة بأنها‏ ‏ تسونا مي صامت‏ .‏للتدليل علي خطورة المجاعة في منطقة مثل غرب أفريقيا‏,‏ يكفي القول إنه في دولة مثل النيجر‏,‏ أصبح ثلثا عدد السكان تقريبا في خطر محدق بسبب أزمة الغذاء وتحديدا بعد ارتفاع أسعار الخبز والحليب والدقيق، وفي أسيا يكفى القول إن إقليم راشت يوجد به نحو 40 % من السكان لا يملكون أكثر من وجبة واحدة طوال اليوم ‏.
4. ‏في دولة مثل بنجلاديش‏,‏ يدفع المواطن ما يعادل‏20‏ سنتا للحصول علي كيلوجرام واحد من الأرز في أحد الأعوام‏,‏ ثم يجد نفسه فجأة مضطرا في العام التالي إلي دفع‏30‏ سنتا‏.‏ حيث ارتفعت أسعار الأسمدة بالفعل بواقع‏150%‏ في السنوات الخمس الماضية‏‏ .
5. من المحتمل أيضا أن يرتفع الطلب علي أنواع الوقود الحيوي‏,‏ حيث جري هذا العام تخصيص‏25%‏ من محصول الذرة في الولايات المتحدة لأغراض إنتاج الوقود الحيوي‏,‏ علما بأن الولايات المتحدة توفر أكثر من‏60‏% من صادرات الذرة في العالم‏,‏ وسوف ترفع الولايات المتحدة سقف استخدام الوقود الحيوي بنحو الضعف قبل عام‏2015.‏
6. الغذاء لم يعد سلعة رخيصة كما كان في السابق‏,‏ فلقد ارتفعت أسعار القمح بما نسبته‏200%,‏ بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بصفة عامة نحو‏75%‏ في‏‏
غضون السنوات الخمس الماضية .
هذا ما جعل هيلجا لاروش رئيسة ومؤسس حركة حقوق المواطن في ألمانيا تصرخ في مقال لها بعنوان " البشرية في خطر .. بدلا من الحروب والمجاعات ، لنضاعف إنتاج الغذاء" فهي تري أن الإنسانية مقدمة على كارثة لم يشهد لها العالم مثيل، ودللت على ذلك بما قاله جاك ضيوف رئيس منظمة الأغذية والزراعة العالمية‏ ‏ الفاو‏ ‏ من أن منظمته فشلت منذ ديسمبر الماضي في جمع‏10.6‏ مليون يورو من أجل شراء بذور للفلاحين في الدول النامية‏,‏ وخلص من ذلك إلي نتيجة مفادها أن الدول الغنية ـ ببساطة ـ ليست راغبة في دعم الدول النامية بالأموال أو البذور أو الاستثمارات في البنية التحتية‏.‏ وتنقل لاروش أيضا عن جان زيجلر مقرر الأمم المتحدة الخاص لشئون الحق في الغذاء قوله إن سبب الأزمة الحقيقي هو استخدام الغذاء من أجل إنتاج الوقود الحيوي للسيارات‏,‏ وهو ما وصفه بأنه‏ ‏ جريمة ضد الإنسانية‏ ..‏ وأضاف زيجلر ساخرا‏: ‏ من أجل أن نملأ خزانات بنزين سياراتنا بالإيثانول‏,‏ يتحتم علي الشعوب في العالم الثالث أن تموت جوعا‏ .
وبعد استعراضها العديد من الوقائع والحقائق التي تسببت في هذه الأزمة‏,‏ ومسئولية عصر العولمة والدول الكبرى والمنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية عما يحدث‏,‏ بدأت لاروش في طرح رؤيتها للإجراءات الطارئة المطلوبة الآن‏,‏ بقولها‏: ‏ لا يمكن أن يكون هناك سوي رد واحد علي سياسة العولمة الإجرامية والمفلسة اليوم‏ :
• ‏ نحن في حاجة إلي تعبئة عالمية لمضاعفة الإنتاج الزراعي بأسرع وقت ممكن‏.
• ‏يجب حل منظمة التجارة العالمية ذاتها فورا‏.
• ‏تمهيدا لانعقاد مؤتمر منظمة الأغذية العالمية الفاو في روما من‏3‏ ـ‏5‏ يونيو‏,‏ يجب توفير جميع الوسائل التقليدية وغير التقليدية لتمكين منظمة الفاو من وضع برنامج عملي لزيادة الإنتاج الزراعي عالميا‏,‏ ويجب أن يتضمن ذلك ثورة خضراء علمية جديدة‏,‏ بالإضافة إلي إجراءات علي المدى المتوسط لتوسيع البني التحتية الاقتصادية الأساسية وبناء صناعات معالجة وحفظ الأغذية الحديثة في الدول النامية التي لا تمتلك مثل هذه التقنيات‏,‏ وبناء مشاريع المياه بشكل واسع‏.‏
• يجب وضع موضوع تأسيس نظام اقتصادي عالمي عادل وجديد علي الأجندة العالمية‏,‏ بالنظر إلي الأهمية الوجودية لهذه القضية لمستقبل كل العنصر البشري‏,‏ ويجب تخصيص جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا الموضوع‏.
• ‏تأسيس نظام‏ ‏ بريتون وودز‏ ‏ جديد‏,‏ وصفقة جديدة لكل العالم‏,‏ علي غرار ما فعله الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت للولايات المتحدة‏,‏ وهي إجراءات طالب بها العديد من قادة العالم والاقتصاديين والبرلمانيين في السنوات الأخيرة‏,‏ ويجب أن يصبح ذلك فورا موضوع مؤتمر قمة طارئ عالمي لقادة الدول يتخذون فيه قرارا لبناء نظام مالي عالمي جديد تتمكن من خلاله جميع الأمم من التنمية والبناء‏.‏
• يجب أيضا الاتفاق علي تأسيس الجسر القاري الأورو آسيوي باعتباره العمود الفقري لإعادة بناء الاقتصاد العالمي ‏.
‏ وتختتم لاروش مقالها بعبارة ساخرة‏,‏ ولكنها ذات مغزى‏,‏ حيث قالت‏: ‏ ينص إعلان استقلال الولايات المتحدة علي : أن جميع البشر خلقوا متساوين‏,‏ وأنهم قد أنعم خالقهم عليهم بحقوق غير قابلة للنقض‏,‏ ومن بينها الحق في الحياة والحرية وطلب السعادة‏,‏ وإن إعلان حقوق الإنسان هذا يجب أن يبقي حقيقيا اليوم أيضا لجميع البشر علي هذا الكوكب‏,‏ إن ما نحتاجه اليوم هو أن يكافح كل البشر بنظام عالمي عادل‏,‏ نظام يمكن أن تعيش فيه الشعوب معا بسلام وكرامة‏,‏ الحياة والحرية وطلب السعادة‏,‏ تعني فوق كل شيء القضاء علي الفقر‏,‏ وأن يكون لدي الناس ما يكفيهم لإطعام أطفالهم وأنفسهم‏,‏ وهذا أمر نملك كل الوسائل التقنية لإنجازه اليوم‏,‏ إن التاريخ سيحكم علي كل واحد منا بمقدار ما نجعل هذا الحلم حقيقة‏,‏ أو بمقدار ما نسرع من خطي البشرية نحو الانهيار‏ .‏إن ما فعلته لاروش هنا هو أنها انضمت بقوة إلي قائمة المطالبين بجعل الحق في الغذاء أحد أهم حقوق الإنسان التي يجب علي كل دول العالم المتحضر‏,‏ وعلي رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي‏,‏ أن تعمل علي الدفاع عن هذا الحق الأساسي‏,‏ قبل أن تكتفي هذه الدول بالصراخ والعويل والتدخل في شئون الدول للدفاع عما هو أدني من ذلك أهمية‏!.
مؤتمر روما يفشل في حل المشكلة العالمية للغذاء
عقدت منظمة الأغذية والزراعة مؤتمرا دوليا بروما خلال الفترة من 3 إلى 5 يونيو 2008 لمناقشة الارتفاع في أسعار السلع الغذائية في جميع دول العالم، غير أن هذه القمة فشلت في التوصل لاتفاق حول تخفيض الرسوم الجمركية علي المنتجات الزراعية المدعومة‏,‏ وكانت مجموعة من دول أمريكا اللاتينية تقودها البرازيل قد رفضت أن توقع بيانا ختاميا يدين إنتاج الوقود الحيوي‏.‏ وهكذا وفي ظل أزمة عالمية يعترف الجميع بآثارها السلبية علي الملايين من البشر‏,‏ فإن الحلول لمواجهة هذه الأزمة اقتصرت علي تقديم المزيد من الوعود بزيادة الإنفاق علي الزراعة وتقديم المعونات إلي المضارين من هذا الارتفاع في الأسعار‏,‏ ولكن لم يتم التوصل إلي ما يقلل من استخدام المحاصيل الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي‏.
ومما يؤكد عدم الجدية في مواجهة هذه الأزمة‏,‏ والنظر إليها من منطلق شفقة الأغنياء بالفقراء التي تدفعهم إلي التطهر بتقديم بعض المعونات‏,‏ ما قاله جاك ضيوف مدير عام الفاو في خطابه عند افتتاح المؤتمر من أن العالم أنفق عام‏2006‏ ما مقداره ‏1200‏ مليار دولار أمريكي علي الأسلحة‏,‏ كما تصل قيمة الغذاء المهدر في البلد الواحد إلي‏100‏ مليار دولار ويبلغ الاستهلاك الفائض المسبب للبدانة في العالم‏20‏ مليارا وتساءل ضيوف كيف لنا أن نوضح لأصحاب الحس السليم والنية الطيبة أنه تعذر علينا تدبير‏30‏ مليار دولار سنويا لكي يصبح في أمكان ‏862‏ مليون جائع امتلاك أكثر حقوق الإنسان أساسية‏,‏ أي الحق في الغذاء ومعه الحق في الحياة؟ ويتضح من ذلك أن الوعود لم تترجم إلي سياسات للتنفيذ‏ .
‏ومن العوامل التي تساعد علي تفاقم الأزمة سياسات الدول المتقدمة والتي لا ترغب في تغييرها‏,‏‏ وتدليلا علي ذلك نجد أن أمريكا قد رصدت إعانات مالية بمقدار‏11‏ إلي‏12‏ مليار دولار أمريكي استخدمت عام‏2006‏ لتحويل‏100‏ مليون طن من الحبوب بعيدا عن الاستهلاك البشري وتحويلها إلي وقود للعربات‏,‏ كما أن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد أنفقت ‏372‏ مليار دولار أمريكي عام‏2006‏ علي دعم قطاعها الزراعي‏,‏ وهكذا نجد أن مشكلة انعدام الأمن الغذائي هي مشكلة سياسية ‏.
‏ويتفق الجميع علي أن الحل الهيكلي لمشكلة الأمن الغذائي في العالم يكمن في زيادة الإنتاج والإنتاجية لدي بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض‏,‏ وان ذلك يتطلب اتفاقيات شراكة فيما بين البلدان التي تملك موارد مالية وإمكانيات إدارية وتقنيات وتلك التي تملك أراضي ومياها وموارد بشرية‏,‏ ولكن السؤال هو كيف يتحقق ذلك‏ .
هذا وقد‏ خرج البيان الختامي للمؤتمر "هزيلا" ومخيبا للآمال، علي حد تعبير وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني الذي إعلان أن بيان القمة جاء دون الطموحات التي سبقت انطلاقها، وحذر البيان بأن أسعار الغذاء ستظل مرتفعة خلال السنوات القادمة داعية إلي اتخاذ إجراء عاجل ومنسق لتخفيف التأثير علي الفقراء .
ولكن ذلك لم يمنع جهات دولية من تقديم خطط لإنقاذ العالم من تداعيات أزمة ارتفاع أسعار الغذاء وسوء توزيعه، وكان من أبرز تلك الخطط النقاط العشرة التي تقدم بها روبرت زوليك رئيس البنك الدولي اعتمادا علي خطوات متناسقة تقوم علي تبني عدد من السياسات واستخدام أفضل للموارد‏..‏ وتمثلت نقاط الخطة في‏
1- اتفاق المشاركين في قمة روما علي تقديم التمويل الكامل للاحتياجات الطارئة الخاصة ببرنامج الغذاء العالمي ودعم دول العالم لهذا البرنامج في سعيه لشراء المواد الغذائية المستخدمة في عمليات المعونة من الأسواق المحلية للدول المستهدفة من المساعدات .
2- تقديم الدعم لشبكات الأمان مثل توفير برامج لتقديم الغذاء في المدارس آو تقديم الغذاء للأفراد مقابل العمل‏ .
3 - تقديم دول العالم للبذور والأسمدة لاستخدامها في مواسم الزراعة وتوفيرها لفقراء المزارعين في أنحاء العالم ‏.
4 - تحقيق دفعة في مجال المعروض من المواد الزراعية وزيادة الإنفاق علي الأبحاث العلمية المرتبطة بهذا الهدف والحد من أثار الأعوام التي شهدت تراجع الاستثمارات في ذلك المضمار‏.
5 - توفير المزيد من الاستثمارات في ميدان الأعمال بالقطاع الزراعي مما يؤهل القطاع الخاص لتحقيق النجاح في هذا القطاع‏ مثل النجاح في تحقيق التنمية المستدامة للأراضي وموارد المياه والحد من إهدار الموارد والنواتج والنجاح في مجال البنية الأساسية‏,‏ وربط تجار التجزئة بالمزارعين في الدول النامية‏, ‏ودعم عمليات تمويل التجارة في القطاع الزراعي‏ .
6 - ابتكار آليات متطورة لإدارة المخاطر وتأمين المحاصيل لصغار المزارعين ‏.
7 - الحاجة إلي التحرك في الولايات المتحدة وأوروبا من اجل خفض الدعم الزراعي‏,‏ بالإضافة إلي فرض التعريفات علي الوقود الحيوي المستخرج من الذرة والبذور المنتجة للزيوت‏ .
8 - إزالة كافة أنواع الحظر المفروضة علي التصدير وأدت إلي ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية‏ .
9 - حتمية الوصول إلي اتفاق بشأن جولة الدوحة المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية بهدف توفير تجارة عالمية فعالة وعادلة في مجال المواد الغذائية ‏.
10- أهمية توفير فعل عالمي مشترك وبشكل اكبر حجما من اجل مواجهة المخاطر العالمية وفي مقدمتها تحديات الطاقة والغذاء والمياه والتي يؤكد زوليك أنها ستكون المحركات الأساسية للاقتصاد والأمن العالميين ‏.
إما د‏.‏جاك ضيوف مدير عام منظمة الأغذية والزراعة فقد اتخذ من أزمة الغذاء العالمية قدرا من التفاؤل حيث أكد أن العالم يعيش لحظة تاريخية فريدة فلأول مرة منذ ربع قرن أصبح هناك حافزا جوهريا للإنتاج الزراعي يتمثل في ارتفاع أسعار الأغذية، وهو ما سيؤدي إلي تنشيط القطاع الزراعي بعد فترات من الركود والإهمال‏،‏ وفي إطار هذا التفاؤل قدم مجموعة من النصائح مؤملا أن تساهم في إطلاق قطاع الزراعة مجددا وان علي العالم إلا يفوت تلك الفرصة‏.
‏وفي وثيقة السياسات التي أعدها خصيصا لعرضها علي المشاركين في المؤتمر والتي حملت عنوان"ارتفاع أسعار الأغذية‏. الحقائق والأبعاد والآثار . والعمل المطلوب"‏..‏تمت الإشارة إلي ان المجتمع الدولي يجب أن يتخذ إجراءات عاجلة وملموسة وفعالة لمواجهة قضيتي الجوع وسوء التغذية في ظل ارتفاع أسعار الغذاء وندرة الموارد من الأراضي والمياه وعواقب تغير المناخ وتزايد الحاجة إلي الطاقة بالإضافة لتبعات النمو السكاني ‏.
‏وقد أشار التقرير إلي أن الوضع الراهن، يقتضي تقديم معونات الطوارئ إلي اشد الفقراء والجياع وإعادة إطلاق قطاع الزراعة مجددا وتنشيط المجتمعات المحلية الريفية بوصفها من العناصر الأساسية للحد من الجوع وضمان وضع غذائي عالمي أفضل، وفيما يتعلق باتخاذ إجراءات علي المدى القصير نصح التقرير بحتمية دعم الإنتاج الغذائي المحلي وهو الأمر الذي يشمل توزيع البذور والأسمدة والأعلاف وغيرها من مستلزمات الإنتاج الزراعي الغذائي علي صغار المزارعين وذلك بهدف توفير الاحتياجات الغذائية وهو ما سيتبعه ارتفاع في دخل صغار المنتجين مما سيقود إلي انخفاض في الأسعار بالأسواق المحلية‏ .
‏وحذر التقرير من اتخاذ الدول لإجراءات حمائية‏(‏ مثل حظر التصدير‏) ‏أحادية الجانب دون تنسيق مع باقي الدول المنتجة في العالم حيث يمكن أن يؤدي ذلك الإجراء إلي تفاقم حالة عدم استقرار الأسعار في الأسواق العالمية وقد يؤثر بشكل سلبي علي الأمن الغذائي في دول أخري‏،‏
‏‏وهكذا وفي ظل خطر اختفاء الغذاء وانتشار الجوع في العالم تم فتح الأدراج المغلقة وخرجت الخطط بما تحتويه من مئات الـ ينبغيات التي حان الوقت لتنفيذ ولو بعضها لإنقاذ البشرية من الموت جوعا ‏.‏
سوف نتحدث في المقالة الثانية عن الأزمة في العالم العربي وخاصة مصر



#فتحي_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والتنمية
- شواهد العجز عن الإصلاح في العالم العربي
- العجز العربي عن مسيرة الإصلاح مرصد الإصلاح نموذجا
- الليبرالية الجديدة : هل يمكن المصالحة بين الوضعية المنطقية و ...
- مشروع محمد عابد الجابري في نقد العقل العربي
- العقد الاجتماعي الجديد
- البنات البنات ... أفضل الكائنات
- 3 - المؤتمر الخامس للإصلاح العربي
- 2 - المؤتمر الخامس للإصلاح العربي
- 1 - المؤتمر الخامس للإصلاح العربي
- الجزء الأخير من العقل السياسي العربي
- العقل السياسي العربي2
- العقل السياسي العربي 1
- بنية العقل العربي
- فانتازيا الواقع المرير
- اشكالية الديمقراطية في الواقع المصري 1
- نقد العقل العربي
- تعليق على مقالة اللغة والثقافة الشعبية المظلومة لمهدى بندق
- تمكين الفقراء من التنمية الاقتصادية
- كان ياما كان


المزيد.....




- أحسن من الواتساب الرسمي.. تحديث واتساب الذهبي 2024 أحدث إصدا ...
- “ميزات جديدة” جرب تنزيل واتساب الذهبي 2024 اخر تحديث WhatsAp ...
- ميشوستين رئيسا للحكومة.. اقتصاد روسيا يتحدى عقوبات الغرب
- مسؤولة بالفيدرالي: التفكير في خفض الفائدة سابق لأوانه
- -ستوكس 600- يغلق عند مستوى قياسي ويسجل ارتفاعا أسبوعيا
- وزير النفط العراقي: جولات جديدة للتراخيص في 30 حقلا للنفط
- أسعار عقود القمح تتجه لتحقيق أعلى تسوية منذ أغسطس 2023
- بهذه القيمة.. ماكدونالدز تطرح وجبات مُخفضة لجذب منخفضي الدخل ...
- ثقة المستهلكين الأميركيين تنخفض إلى أدنى مستوى في 6 أشهر
- أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فتحي سيد فرج - هل يمكن التحرر من أزمة الجوع ؟!