أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحى سيد فرج - فانتازيا الواقع المرير















المزيد.....

فانتازيا الواقع المرير


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 11:49
المحور: الادب والفن
    


استطاع الروائي محمد القصبى أن يدخلنا إلى عالم من الفانتازيا الرحبة، وأن يذهب بنا إلى مناطق أكثر شفافية، ليخلق لنا عالما موازيا يلتبس فيه الخيال بتفاصيل الواقع، ويختلط فيها التلميح بجانب التصريح، ليستطيع البوح بكل مايريد، والكشف عن خبايا أشخاص روايته وأسرار حياتهم، ومكنونات نفوسهم، وما يضمرونه من نوازع ونوايا وحيل في صراعاتهم ومهازلهم حيال أذمة مجتمع مريض ومتخلف، يحكمه رئيس ضعيف ومتردد يتصور أن الديمقراطية مجرد ترك الأمور تمشى في اعنتها دون ضابط ولا رابط ، مما يعطى للسيدة الأولى الحق في التدخل ولعب دورا كبيرا في تسيير أمور الدولة المنهارة حفاظا على استمرارية السلطة والحكم في يد الرئيس الضعيف أو الأبن المتطلع، فهي دائمة البحث عن مخرج حتى ولو عن طريق العرافين، من هنا تنشأ علاقة قوية بينها وبين كبير العرافين .
فدولة " أفريكاسيا " تستفحيل فيها الأمور بعد صدور تقرير عن صندوق النقد يشير فيه إلى أن ديونها تجاوزت 120 مليار دولارا، إضافة إلى انهيار البورصة وتجدد الانفجارات وتزايد حدة المظاهرات، مما يقض مضجع الرئيس ويطالب بعقد اجتماع مع رؤساء الأحزاب ومجلس رجال الأعمال، ولكن خلافاتهم واختلافاتهم لا تسفر عن حل للأذمة المستفحلة، فيستدعى الرئيس أحد أعوانه ويكلفه بتشكيل وزارة من عشرة وزراء، وعندما يتساءل رئيس الوزراء المكلف
- عشرة وزراء فقط فخامة الرئيس ..؟ الوزارة الحالية 22وزيرا، يجيبه الرئيس
- اعتبرها وزارة حرب .. ألسنا في حرب يا أمين ..؟!
على جانب أخر يتحالف الأبن المتطلع لسدة الحكم مع خاله الملياردير، وبعض أحزاب المعارضة، ومجلس رجال الأعمال لترتيب شكل جديد لوراثة الأب، خاصة بعد تردد أنباء عن استفحال مرض الرئيس .
ولشدة حرص السيدة الأولى على استمرار السلطة في يد الرئيس أو الأبن المتطلع لا تجد مفرا من طرق باب كبير العرافين
- في زيارتى السابقة قلت أن الظروف مهيأة لإتخاذ قرارات مهمة ..
- نعم .. لكنه لم يتخذ هذه القرارات بعد ..؟!
- في دهشة ..
- كيف يا بروفيسور..؟! ألا تتابع ما يحدث !! الصحف الأمريكية تصف قرارات الرئيس بأنها ثورة مضادة لتيار العولمة ..
- قرأت هذا .. لكن ربما ما نحتاجه الأن قرارات مصيرية .. مدروسة بشكل جيد.. وليس مجرد قرارات حادة تبدو وكأنها ردود أفعال
- يبدو أن لديك شيأ ..؟!
- ما لدى لا يطيقه أحد .. بل ربما يثير السخرية .. لكن أحوالنا بالفعل سيئة .. العربة تندفع من فوق الجبل بجنون نحو هاوية لا يبدو لها قرار ..
- فماذا لديك لإيقاف العربة يا بروفيسور ..؟
- ربما لو وافقت أنت .. ولو وافق الرئيس، نستطيع إقناع مجانين هذا البلد ..؟
يتطلع إليها في تردد.. تستحثه في لهفة ..
- بماذا يا بروفيسور ..؟!
يحاول البحث عن مدخل أقل إثارة للرفض ..
- لو لديك مصنع .. وليس لديك وقت لإدارته.. ماذا تفعلين ..؟!
- بغير تردد .. أبيعه ..
يباغته الرد .. يتمتم أدعوا الله ألا يصل الأمر إلى هذا الحد .. ويردف متسائلا
- وإن كان البيع مستحيلا ..؟!
- أبحث عن مستأجر ..
يمتقع وجهها.. وهى تشهق في رعب
- هل تقصد ..؟!
- أعلان في الصحف المحلية والعالمية عن مناقصة لإسناد شئون الدولة إلى شركة في مقابل نسبة من الموارد ..
- موارد ماذا يا بروفيسور ..؟!
- موارد الدولة سيدتى ..
- هل يعقل هذا ..؟!
- بالطبع لا يعقل .. خاصة الآن .. لكنى أراه مستقبل العالم .. بعدعشر.. عشرين .. مائة سنة ..
- كأنك مهجوس بهذه الفكرة المجنونة منذ زمن ..؟!
- التاريخ كله سلسلة من الأفكار المجنونة ..
تغرق في لجة من صمت الحيرة... يقطعها ..
- والأن ..؟!
تتمتم في عجز
- لا أدري ..؟!
- إن وافقت .. سأسافر إلى باريس
- لماذا ..؟!
- لمناقشة الأمر مع المعارضة ..
- والرئيس ..؟!
- بالتأكيد سيرفض في البداية.. لكنه رجل سياسة.. ورجل السياسة لا يقيم الأمور بمدى غرابتها .. وإنما بمدى جدوها .. تأجير البلد وتحويلها إلى شركة مساهمة البديل الوحيد الممكن والمقبول من جميع الأطراف قبل أن تتلاشى ..
"يوم القيامة يبدأ أحيانا بسوء تفاهم" كان هذا مقال للصحفي الكبير المنصوت إليه فكرى منتصر تعليقا على حادثة وفاة الطالبة مني المغاورى التي تعرضت لمحاولة اغتصاب من قبل أحد حراس الأمن، مما أثار ضجة كبيرة وحرك المظاهرات في جامعة أفريكاسيا " من السخف تصديق الشائعات التى يتنفسها الناس من أن الجثة تفوح برائحة رصاص الحكومة، فعلى قدر معرفتي بالمسئولين في الدولة .. استطيع الجزم بأن حكومتنا ليست بالحكومة الغبية لتتخلص من دليل براءتها .. لذا يكون السؤال منطقيا لو طرح كالتالى .. أية جهة يهمها ألا تظهر براءة الحكومة فقامت بتصفية منى المغاوري ..؟!
غشت مقالة فكرى منتصر الشوارع بردا وسلاما .. فخمدت نار المظاهرات .. وإن كانت الجامعات وبعض المصانع مازالت ملتهبةبالغضب، ورغم مداهمات قوات الأمن والجيش .. إلا أن الرؤس أصبحت مهيأة لأن تشتعل بالدهشة وهى تقلب المقالة الأكثر غرابة في صحافة أفريكاسيا إن لم يكن في صحافة العالم .
" .. لقد نجحت العولمة في تقليص دور الدولة .. وعلى المدي سوف تفقد وظائفها أمام طاغوت الشركات المتعددة الجنسيات، وبقاؤها خارج اللعبة يعني الذبول حتى الموت.. والحل لا يكمن فقط في أن نشارك في اللعبة.. وإنما أيضا أن نكون روادا في التأسيس.. واقتراحي بتحويل الجمهورية إلى شركة مساهمة عملاقة يضعنا في قلب الأحداث .. لن يبخسنا المؤرخون حقنا حين ينوهون بعد ألف عام إلى أنه في الوقت الذيكان الرعب يتدفق في جسد العالم الثالث.. قفز الأفريكاسيون فوق الجدل بقفزة رائعة .. حين ولوا مقاليد الأمور لشركة مساهمة..ألا يستحق هذا المجد أن نتخذ أهم قرار في التالريخ الإنساني ..؟!.
تجاوزت أفريكاسيا دهشتها.. وداهمت طلائع جيوش المعارضين الكاتب فكرى منتصر.. واشتعلت الصحف وحتى منابر المساجد، لكن الطلائع المهاجمة لم يكن لها جيوش.
لم يمض سوى أسبوع على سفر البروفيسور إلى باريس إلا وفوجئت بهاتف من إبنها، وبعد أن أكد لها كبير الأطباء أن الورم أخذ في الانتشارولابد من أن نبدأ العلاج سريعا .
- ألم تصلك أخبار أبيك ..؟!
- نعم ..وأود محادثته.. لكن أخشى ، قاطعته
- لا تخش شيئا .. هو في النهاية أبوك ..
- في الحقيقة هناك موضوع مهم أريد أن استشيرك فيه قبل مهاتفة أبي.. في قلق
- أى موضوع هذا..؟!
- أود إرسال مبعوث عني لمقابلة أبي ..؟! في دهشة
- مبعوث عنك ..؟! قال موضحا ربما في زهو
- باعتباري رئيس التجمع الوطني ..وفي المستقبل رئيس مجلس إدارة شركة أفريكاسيا ..؟!
غمغمت في دهشة – فعلها الساحر ..؟!
الشيوعيون والسلفيون ورجال الأعمال .. الجميع يلتقون على هذه الفكرة المحمومة،
حين استقبل الرئيس المريض، مبعوث أبنه في جناحه بالمستشفى والذي لم يكن سوى فتحى المعداوى رئيس حزب الأمة الذي لم يفر مع الفارين .
- فخامتكم أكثر علما بما ألت إليه الأوضاع .. الناس ممزقون بين الرعب والغضب .. لم يعد يعنيهم ما تقوله الحكومةعن إرهاب الأحزاب .. ولا اتهامات الأحزاب للحكومة منأنها وراء الانفجارات لتشويه سمعة الأحزاب.. الناس يعنيهم الخروج من هذا المستنقع .
- وبماذا تفسر يا أستاذ فتحى وقوف الأمريكان بقوة وراء المعارضة رغم أنها تضم شيوعيين ومتطرفين دينيين ؟
- عفوا فخامة الرئيس .. ليس وراء المعارضة .. بل وراء مشروع الشركة ..
- يبدو أن الجميع يفكر في الشركة إلا أنا ..
قطعت محطات الإذاعة والتلفاز برامجها لتبث خبر القرن .. كما وصفته محطة سي. إن .إن موافقة الرئيس الأفريكاسي على تحويل الجمهورية إلى شركة مساهمة .
الخارجية الأمريكية أصدرت بيانا وصفت فيه الرئيس بالشجاعة وبعد النظر .
وفي جناحة بالمستشفى حيث كان يستعد الرئيس لخوض أول جلسة علاج كيماوى استقبل رئيس البرلمان وطلب منه الاعداد لجلسة التصويت على تغيير الدستور بحيث ينص على تحويل الدولة إلى شركة، وانهالت البيانات والقرارات على الأفريكاسيين الذين بدوا شاخصى العيون في ذهول .. وسألت السيدة الأولى زوجها في لحظة شجن
- قل لى يا رمزى .. الأن أبنك عبد الطيب على راس الأيام القادمة .. وافقت ؟
- يبدو أن افريكاسيا كانت في حاجة إلى آخر غيرى لا يغيب إن غيبت الأحداث الناس .. ولا يضعف إن ضعف الإبن أو افنرى الصهر ..
حين نقلت كلماته للبروفيسور بعد عودته من باريس، قال معلقا
- يبدو أن زمن الزعماء انتهى.. لا قبل لأحد الآن بالاعصار القادم ..؟!
كأنه لم يشارك في صنع هذا الذي يجري أمامه عبر شاشة التلفاز .. تداهمه هتافات أعضاء البرلمان المؤيدين في هيستريا، وصمت الذهول لآخرين التصقوا بمقاعدهم يتابعون مثله ما يجري بعيون عاجزة عن لملمة المشاعر.. وهتاف يصطدم بالاذن دون أن يفلح في الولوج.
- عاشت شركة أفريكاسيا حرة ديمقراطية ..؟!







#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشكالية الديمقراطية في الواقع المصري 1
- نقد العقل العربي
- تعليق على مقالة اللغة والثقافة الشعبية المظلومة لمهدى بندق
- تمكين الفقراء من التنمية الاقتصادية
- كان ياما كان
- نسخة معدلة / الصراع الاجتماعي في العالم العربي بين الجموج وا ...
- ازدواجية اللغة وازدواجية الانتماء
- الصراع الاجتماعي في العالم العربي بين الجمود والتطور
- صحاري مصر.....أمل المستقبل
- صحارى مصر .....امل المستقبل
- الفجوة الغذائية في مصر
- الفقراء يملكون الحل
- للرأسمالية نعما ونقما
- سر رأس المال 3
- تفكيك الثقافة العربية - كتاب مهدى بندق
- سر رأس المال 2
- سر رأس المال
- دور الجغرافيا فى التقدم العلمي
- الكلمة والفعل
- المنظومة العلمية


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحى سيد فرج - فانتازيا الواقع المرير