أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فتحى سيد فرج - اشكالية الديمقراطية في الواقع المصري 1















المزيد.....

اشكالية الديمقراطية في الواقع المصري 1


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 11:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ مطلع عام 1995 اهتمت جميع الدوائر الرسمية والأحزاب والمنظمات المدنية في مصر بإنتخابات مجلس الشعب التى جرت خلال شهري نوفبر وديسبمر في نفس العام، وقبل الإنتخابات أفسحت جميع وسائل الإعلام مساحة واسعة لدعوة الناخبين لأهمية الإدلاء بأصواتهم، ودعت الدولة جميع الأحزاب للإشتراك في هذه الإنتخابات، وأكد رئيس الجمهورية في مرات متعددة حرص مصر على التعددية وأهمية إثراء التجربة الديمقراطية، وسمح لجميع الأحزاب بعرض برامجها الإنتخابية على شاشات التليفزيون في القنوات الرسمية .
وهكذا أصبحت الديمقراطية خلال هذه الفترة شاغل الجميع ومطلبا للكل ومحل إتفاق حزب الحكومة وأحزاب المعارضة، وقد أعطى كل ذلك إيحاء بأن مصر سوف تخوض تجربة ديمقراطية واسعة النطاق، بل وصل الأمر بالبعض إلى تصور أننا سوف نحقق الديمقراطية بقفزة واحدة، ولكن جاءت نتائج الجولة الأولي للإنتخابات مخيبة للآمال، وعلى عكس ما توقع الكثيرين، لم ينجح أحد من مرشحي أحزاب المعارضة، واكتسح الحزب الوطني أغلبية المقاعد النيابية .
وتأكد نفس الموقف بعد إنتهاء الجولة الثانية فلم تحصل جميع أحزاب المعارضة سوى على 14 مقعد، ورغم نجاح 114 عضو من المستقلين فقد خرجت علينا جرائد الأيام التالية لتعلن بأن 99 منهم قد قدموا طلبات إنتماء للحزب الوطني الحاكم .
وقد جعل هذا الأمر يصيب العديد من المتابعين لهذه المعركة الإنتخابية بشعور من الحيرة، وراحت وسائل الإعلام خلال هذه الفترة تحاول تفسير ما حدث، وانصب الاهتمام في التعليقات والمقالات على توضيح الملابسات التى صاحبت عملية الإنتخابات وما جرى فيها من عنف وتجاوزات، ووصل الأمر ببعض الكتاب المعارضين لما جرى إلى وصف ما حدث بإعتباره " سقوط للديمقراطية وقيام فاشية مثل فاشية هتلر وموسولينى، وبداية عصر يتحول فيه البرلمان إلى لجنة فرعية للحزب الوطني ".
وعل صعيد أخر برر أحد المؤيدين للحكومة بأن ما حدث هو " أن الحزب الوطني يمثل في نظر الجماهير المصرية النظام الذي يرأسه محمد حسنى مبارك، ومن هنا فإت نجاح الحزب الوطني يعنى نجاح حزب مبارك، وأن بعض أحزاب المعارضة أحزاب هامشية لا قيمة لها ولا أهمية ولا وزن يذكر لها بين الجماهير " .
وكل هذه الكتابات والتفسيرات والأراء انطلقت من تحليل اللحظة الراهنة دون محاولة البحث عن الأسباب الحقيقية لما حدث أو الغوص في طبيعة الظاهرة الديمقراطية في مصر ، لذلك فإن محاولتى لا تنشغل بالتفسير المتسرع أو المباشر لتفاصيل ما جرى، وإنما ساحاول طرح جوهر القضية وانقب عن أصل المشكلة، محاولا تفسير ما حدث في انتخابات 95 وما سوف يحدث مرات ومرات في أي إنتخابات قادمة، فالأمر من وجهة نظرى يتعلق بحقيقة الواقع وإمكانية التعامل معه، والتغير الحقيقي لا يمكن أن يتحقق دون فهم هذا الواقع .
وحقيقة الأمر فإن الديمقراطية لم تكن نبتا خاصا بالواقع المصري، بل جاءت نتيجة الاحتكاك بالغرب وفكره الليبرالي، حيث أخذ يتردد في العقود الأولي من القرن العشرين أصداء للأفكار الليبرالية والنظريات الاجتماعية التى تسعى لإصلاح المجتمعات العربية .
وكما يقول المفكر المغربي محمد عابد الجابري " كما يحث دائما فالأراء المنقولة من بيئة فكرية واجتماعية، إلى بيئة أخرى لا تتمكن بسهولة من إستقطاب ما يكفى من الأنصار، وتحريك ما يكفى من الحماس كى تتحول إلى قوة مادية فاعلة في الأحداث والتاريخ، بل أن ما يحدث في الغالب أنها تبقى لمدة من الزمن – إذا كتب لها البقاء – طافية على السطح منعزلة في بعض الهوامش" .
نشأة الديمقراطية
كلنت الديمقراطية في اليونان وروما ديمقراطية خاصة بالسادة في مجتمع عبودي، وعندما ظهرت المسيحية وترسخت أخذت سلطة الكنيسة تنازع سلطة الإمبراطور أو الملك، وربما كان ذلك بداية المسلسل الطويل من الصراع بين الكنيسة والدولة، كل منهما يريد أن يحد من سلطة الآخر ويجعل سلطته هي الأعلى .
كان الصراع في أوروبا متواصلا وقد أسفر عن قيام بعض المجالس المحلية التي كانت تمارس نوعا من سلطة الحاكم داخل المدن، وهكذا حتى في القرون الوسطي كان هناك صراع ديني ومدني ضد إستبداد الحاكم بالأمر استبدادا مطلقا .
وإبتداء من القرن السابع عشر أخذ الصراع ضد الإستبداد والحكم المطلق يزداد إتساعا وقد إدي تفكك النظام الإقطاعي وقيام ظاهرة المدن إلى بروز فكرة المواطن الحر والشخصية الفردية، التى تكونت في البداية بفعل تشكل فئات من التجار والحرفيين، وأصبحت قوة اجتماعية كانت نواه فيما بعد لطبقة البورجوازية، والتى خاضت صراع ضاري لنصرة الديمقراطية، والتي تعني بناء الحكم على الإنتخاب الحر ومراقبة الحاكمين، والمطالبة بفصل السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية .
وإذا كان لكل جماعة بشرية مقدمات خاصة تشكلت من خلال طبيعة العملية الإنتاجية، وشكل التنظيم الاجتماعي، فيمكننا العودة إلى الجذور التاريخية لمعرفة أسس هذه المكونات، فالزراعة في مصر القديمة التي قامت على ضفاف نهر النيل شكلت نمطأ من الإنتاج إستدعي بالضرورة وجود حكومة مركزية قوية/ مما رسخ مبدأ طغيان مؤسسات الحكم بدرجة تصل إلى عبادة الحاكم الإله، وقد حجب ذلك إمكانية ظهور الشخصية الفردية التى كانت تعتبر أساس أي نظام ديمقراطي .
على العكس من ذلك، عرف الإنسان الغربي الزراعة على الأنهار المتعددة أو الإعتماد بشكل أساسي على مياه الأمطار، الأمر الذي أقنعه بأنه لا يخضع لغير الطبيعة وقوة عمله، أما الحكومة فقد رآها مؤسسة مغايرة في تعارض مع مصالح الأفراد، من هنا اجتهد فلاسفة الاجتماع والسياسة، في صياغة نظريات للتوفيق بين هذه المتناقضات، وكان نتيجة ذلك ظهور نظرية العقد الاجتماعي .
و‘ذا كان مبدأ الفردية الشخصية في الغرب ظل قائما طوال العصر الزراعي، وإزداد رسوخا ببزوغ العصر الصناعي القائم على مزيد من التخطيط والتنظيم والتجريب، وإكتساب المعارف العلمية، والاستفادة من الإختراعات، فإن مصر الفرعونية ومن بعدها مصر الهيلينية فالهيلينستية ثم العربية الإسلامية لم تعرف أو تقر مبدأ الفردية الشخصية، وكان الواقع السياسي قائم على مؤسسة واحدة : الحكم الفرعوني أو الحاكم الوالي أو الحاكم الخليفة، مما اجهض أي محاولة لبرو أي شكل من أشكال التمثيل النيابي، وحتي نظام الشوري في مضمونه الإسلامي كان يقوم على ممارسة الحكم من خلال الجمع بين الإستبداد والعدل، وغاية ما وصل إليه هو أن الحاكم المطلق يمكنه إذا أراد طلب المشورة من أهل العقد والحل قبل الأقدام على عمل أي شئ، وهذه المشورة لا تلزم الحاكم، إنه فقط يستشير، وفي النهاية هو صاحب القرار وحدة الذي ربما يكون مخالفا لرأى مستشاريه .
الدولة والطبقة : إستقلال أم هيمنة ؟
تشير التفسيرات النظرية لكتابات ماركس وأنجلز أن هنال تفسيرين للعلاقة بين الدولة والطبقة .
الأول : يقوم على هيمنه الطبقة على أجهزة الدولة واخضاعها لخدمة مصالحها .
الثاني : يقوم على إستقلال الدولة عن كافة الطبقات وفرض إرادتها عليها جميعا،
وبذلك تكون قوة الدولة اعتي من أن تسيطر عليها طبقة معينة .
وقد اهتم الباحثون الماركسيون بالعلاقة بين الطبقة والدولة، فنرى أن ميلباند الإنجليزي يقوم عام 1965 بنشر مقال بعنوا ماركس والدولة، حاول فيه إنتقاد التفسيرات الميكانيكية للماركسية ذاهبا إلى أن هناك وجهة نظر ثانوية ومهملة في التفسير الماركسي تنحصر في أن الدولة تعتبر ( شكلا مستقلا ومتفوقا على كافة الطبقات، وهي بذلك تعتبر القوة المسيطرة وليست أداة في يد الطبقة المسيطرة) .
وفي عام 1983 قدم دراسة أخري عن قوة الدولة والمصالح الطبقية، أظهر فيها بجلاء أن عمل الدولة يفوق نطاق عمل الطبقة، وأن اسلوب الدولة في إتخاذ القرارات لا يمكن أن يخع لتوجيه طبقة بعينها، ولكن إستقلالية أجهزة الدولة ليست واحدة في كل المجتمعات .
ويرى حمزة علوي أن الدولة في بلدان العالم الثالث تكون قوية ومستقلة أمام الفئات الاجتماعية المحلية، وفي الوقت نفسه تكون خاضعة وتابعة للاقتصاد العالمي، ويؤدي ذلك إلى تضخم قوتها وإزدياد دورها في المجال الاقتصادي والسياسي .
ويري محمد السيد سعيد أن الدولة في مصر ضعيفة فيما يجب أن تكون قوية فيه،فهي ضعيفة فيما يتصل بقدرتها على احترام القوانين، وكذلك في ضبط السوق وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية، وفي نفس الوقت هي قوية فيما يجب أن تكون ضعيفة فيه، فهي قوية في استخدام أدوات القمع، وحريصة على استقرار الاوضاع السياسية لدرجة الجمود .
ويمكن أن نخلص من كل ذلك أن طبيعة العلاقة بين الدولة والفئات الاجتماعية في مصر قد تختلف عن غيرها من المجتمعات، فالدولة كنظام اجتماعي في مصر كانت دائما قوية ومسيطرة بفعل طبيعة نشأتها وتطورها عبر التاريخ .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد العقل العربي
- تعليق على مقالة اللغة والثقافة الشعبية المظلومة لمهدى بندق
- تمكين الفقراء من التنمية الاقتصادية
- كان ياما كان
- نسخة معدلة / الصراع الاجتماعي في العالم العربي بين الجموج وا ...
- ازدواجية اللغة وازدواجية الانتماء
- الصراع الاجتماعي في العالم العربي بين الجمود والتطور
- صحاري مصر.....أمل المستقبل
- صحارى مصر .....امل المستقبل
- الفجوة الغذائية في مصر
- الفقراء يملكون الحل
- للرأسمالية نعما ونقما
- سر رأس المال 3
- تفكيك الثقافة العربية - كتاب مهدى بندق
- سر رأس المال 2
- سر رأس المال
- دور الجغرافيا فى التقدم العلمي
- الكلمة والفعل
- المنظومة العلمية
- متابعةأخيرة للمؤتمر الرابع للإصلاح العربى


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فتحى سيد فرج - اشكالية الديمقراطية في الواقع المصري 1