أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم ألياس - أولوية البناء والحرب العادلة















المزيد.....

أولوية البناء والحرب العادلة


جاسم ألياس

الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:53
المحور: المجتمع المدني
    


تؤكّد تصريحات مسئولين حكوميين في الآونة الأخيرة أنّ هذا العام هو عام البناء والإعمار ، وهو ما يسرّ المواطنين الذين منذ عقود يتطـّلعون إلى حياة حرة كريمة في أجواء اقتصاد مزدهر ، ويبقى الطموح في أن يأتي ذلك اليوم ولا همّ فيه للحكومة والأحزاب سوى هم بناء العراق وتوفير الخدمات الأساسية لأبناء الشعب . ان التركيز المطلق بأتجاه بناء البلد وعلى ضوء خطط ستراتيجية شاملة ضرورة وطنية تفوق في أهميتها العملية الديمقراطية ، ولو أملي في السابق لأنجزت أشواط تقدّم معتبرة . إن إنحطاط البنى التحتية يوجب تسريع مثل هذا التركيز ، فالمدن والقرى تعاني الأمرّين في قطاعات الماء ، الكهرباء ، الخدمات الصحية والبلدية ، من المحبط حقا أن يستعمل المواطنون في قرية كالكفل الماء من نهر جار ٍ ترده الهوام ، أن لا تبلط طرقها الداخلية ، أن تعيث فيها البرك والمستنقعات ، أن تغيب عنها الخدمات الصحية ، وأن تشاركها في هذه المعاناة مدن و قرى سنجار ، الزمار ، سوق الشيوخ ، طويريج ونظائرها في الوسط والجنوب ، ومن المحبط أيضا أنه لم تتقهقر البطالة بعد خمسة سنين ، لم يشيّد مشروع ريّ كبير ، لم تنتعش الزراعة ، لم تصل طاقة الكهرباء الإنتاجية إلى نسبتها السابقة ، لم تزدد رقعة الأراضي المزروعة ، لا يزال 83% من السكان محرومين من مياه شبكات ألصرف الصحي ، و يتوفي كل عام 193 طفل من مجموع 100 ألف مقارنة ب 23 طفل من ذات النسبة في السعودية وو... . إن ديمومة هذا الوضع المتردي لا يُبرّر كونه تركة ثقيلة من سلطة صدام حسين ، السلطة التي بدّدت ثروات البلد في أتون حروب داخلية وخارجية.أن خمسة سنين من ما بعد نيسان 2003 فترة طويلة نسبيا حين يقاس الزمن بالعمل الجاد المثمر ، في أربعة سنين ونصف ، مثلا ، حقق عبد الكريم قاسم، 14 تموز 1958 – 8 شباط 1963 ، منجزات هائلة في قطاعات الزراعة ، الري ، الصناعة ، الصحة والتعليم وبناء الدور السكنية ، حتى أطفال المدارس الابتدائية وفر لهم وجبة غذاء يومية غنية بالفيتامينات معرفة إن العقل السليم في الجسم السليم ، ولو لم يجهز عليه ألإنقلابيون في 9 شباط لأنتقل بالعراق إلى مصاف دولة السويد في 1980 كما صرّح لصحيفة أجنبية قبل مدة من استشهاده . وما كان له أن ينجز أعماله الجليلة تلك لو لم ينهمك ليل نهار في خدمة الكادحين والفقراء وفي إعمار البلد ، لو لم يتخذ المشروع الحضاري أولويته الرئيسة ، أستثمر الرجل طاقاته الفكرية والعملية في هذا المضمار ومعه فريق عمل كفء ونزيه . وهو ما عجز عنه حكم بريمر وثلاثة حكومات متتالية بعده رغم إن دخل العراق من واردات النفط بلغ المائة مليار دولار في السنين الخمسة الأخيرة ، ناهيك عن واردات الوزارات الخدمية و إعانات الدول المانحة ، الحديث هنا ليس عن حصول حالة مثالية ، الحديث عن تطور كان من الممكن أن يتبلور ، ولو تبلور لتقهقر الإرهاب إلى بؤر ضيقة ومحدودة سرعان ما تتلاشى بالتدرّج أمام قوى الجيش ، فمن الواضح إن البطالة ، وهي حقا منبت الشرور ، تزج الكثيرين ألي جحيم الإرهابيين ، إن درج المواطنين في ميادين العمل يدفعهم إلى درء أي سلوك يسلبهم واقعهم المريح المتحقق ، نعم كان من الممكن جدا في غضون خمس سنين مد مئات القرى والمدن بالخدمات ..؟ لماذا تحجب عن قرية الكفل ، كعيّنة ، الماء النقي والكهرباء والخدمات الصحية ومن السهولة توفيرها ، فكل ما يتطلبه الأمر وببساطة شراء مقطورة تزودهم بالماء النقي من أقرب قضاء ، وشراء مولدة تمدّ الدور المحدودة العدد بالكهرباء ، و إنشاء مستوصف مزوّد بمركبة إسعاف ، هذه الأمور الصغيرة لم تتحقق لأن معاناة المواطنين هذه لا تشكل الأولوية لدى المسئولين المعنيين ، إن الزعم إن الإرهاب يحول دون عملية البناء مبرّر سمج يُراد منه التنصّل من المسؤولية ، قرية الكفل هادئة ، سوق الشيوخ هادئة ، خانصور هادئة ، قرى الأهوار هادئة ، غالبية المحافظات هادئة ، إن الحقيقة توجب القول إن عدم التركيز في السنين الخمسة المنصرمة على أولوية الإعمار والبناء ساهم ويساهم في هذا الواقع المتردّي . ويساهم فيه أيضا وبمفعول رئيس ومتوازن الفساد الذي ينخر في جسد الدولة حتى أصبح في أضراره لا يقل عن حجم الإرهاب المسلّح ، في تصريح له لجريدة الحياة كشف القاضي موسى فرج رئيس هيئة النزاهة السابق إن خسائر العراق بلغت في الخمسة سنين المنصرمة 250 بليون دولار ، أي يساوي ما هدره النظام السابق في الحرب الخليجية الأولى ، منها 50 بليون من تهريب النفط في الجنوب من قبل العصابات ، 45 بليون من المشتقات النفطية ، 18 بليون في وزارات عراقية عديدة ، و600 مليون متر مكعب من الغاز المحترق تهدر سنويا ، ويستخرج النفط فقط من 441 بئرا من مجموع 1041 بئرا ، وأكّد إن مصفاة واحدة لم تبنى في السنين الخمسة الأخيرة في الوقت الذي تخصص فيه الحكومة سنويا ستة مليارات دولار لاستيراد المشتقات النفطية من الخارج ونصف هذا المبلغ يقوم بأود بناء عدة مصافي . لقد صنفت منظمة الشفافية العالمية العراق في التسلسل الثالث في قائمة الدول الفاسدة، ويشعر المواطن بأوجه الفساد المتمثلة في الواسطة، تزوير الشهادات والوثائق ، والرشوة في تمشية المعاملات الرسمية. إن استشراء الفساد في البلد دفع الحكومة الحالية إلى البحث فيه في مؤتمر عقد قبل أشهر حضره ستيفان دي مستورا الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق ، حفل المؤتمر بخطب حماسية دون أن تتمخض عنه خطوات عملية . وخطورة الفساد دفعت لجنة مراقبة الحكومة والإصلاح في الكونغرس الأميركي في 2007 إلى مناقشته في إحدى جلساته وبحضور راضي حمزة الراضي رئيس هيئة النزاهة الأسبق حيث أكّد شيوعها واتهم جهات حكومية بالتستر عليها . لقد كتبت مئات المقالات في الصحف العراقية والأجنبية عن إخطبوط الفساد في العراق، ويتحدث عنها المجتمع الدولي، وتتردد الدول المانحة في تقديم معوناتها لأعمار العراق خشية أن تهدر. لنتصور مبلغ أل 250 بليون دولار أو لنقل نصفه الذي هدره الفساد لو أنفق على بناء البنى التحتية ، لنتصور كيف كان سيؤول حال العراق و مستويات الأفراد المعاشية . لقد باتت ضرورة وطنية ملـّحة شن حرب شاملة ضد الفساد على غرار الحرب الدائرة الآن ضد الإرهاب ، إنها حرب عادلة يرنوا إليها الشعب بشغف ، وهنا تـُطرح الأفكار التالية : التقديم الفوري للمتهمين بسرقة أموال الشعب إلى القضاء وفي محاكمات علنية ينقلها الإعلام المرئي ، ملاحقة عصابات سرقة النفط والتعامل معها كمجموعة إرهابية ، تعديل المادة 136 من قانون الأحوال الجنائية عبر منح الصلا حيات المطلقة لهيئة النزاهة في إحالة أي موظف متهم بغض النظر عن موقعه في السلطة إلى القضاء دون استحصال موافقة أية جهة رسمية ، والذين يتمتعون بحصانة تسحب منهم وفق تشريع برلماني جديد . وإضافة ، إحالة مناقصات المشاريع الضخمة إلى هيئة مستقلة سياسيا من الخبراء ترتبط برئاسة مجلس الوزراء تضطلع بتقدير كلفة أي مشروع وطرحه للمناقصة ، والمناقصات الأخرى في المحافظات تشرف عليها هيئات بذات المواصفات . وللتحكم في أنابيب النفط ووقف سرقة البترول منها، يوجب الأمر تخصيص حماية مكثفة لها من وحدات الجيش وعلى مدار الساعة ، ومن نافلة القول تأكيد بديهية وضع الخبرات والطاقات الكفوءة ، النزيهة في مواقع المسؤولية . من المفرح ثانية وثالثة أن نسمع تأكيد قادة الدولة إن حملة الأعمار في طريقها إلى الانطلاق، إنه حلمنا جميعا بعد ماض ٍ من الويلات والأرزاء والأهوال، وكي يعقد لها النجاح لا بدّ أن تشكّل الأولوية الرئيسة دائما في منهاج الحكومة ، وأنْ تزامنها الحرب المستمرة ضد الفساد ، مع ترسيخ هذه الثنائية النبيلة يكون العراق قد بدأ طريقه إلى الازدهار.



#جاسم_ألياس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في محطة قطار لوس أنجلس
- الفقرة المقيتة في قانون النفط والغاز المقترح
- صديقي هادي
- الزنزانة
- الجمجمة
- الشهيد المطران بولص فرج رحو-إغتاله أعداء الإنسان -
- وداعا
- إلى حلبجة .... في يوم محرقة حلبجة
- من يطعن النصف الجميل ..؟! في يوم المرأة العالمي
- طقوس الإنفراد
- موّال
- وصية
- بغداد كيف الحال ُ ..؟!
- بغداد كيف الحال ..؟!
- أعدلٌ ...؟!
- وددتكِ قربي والملايين جذلة ٌ ....
- في هذا العام .....
- وأنت السلوى .....
- حلوة الدرب .....
- وأنظر في عينيك ِ، ألمح زهرة ً


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم ألياس - أولوية البناء والحرب العادلة