أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - حماس تواجه الواقع باختزال التاريخ















المزيد.....

حماس تواجه الواقع باختزال التاريخ


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2279 - 2008 / 5 / 12 - 11:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


ينسحب ارتباك حركة حماس على مجمل ادائها ، ليكشف مواطن خلل في تفكيرها ، وتحالفاتها ، وقراءاتها للواقع والمستقبل ، ويثير الشكوك حول ما يمكن ان تفضي اليه سياساتها .

فالتفكير الذي يفتقر لارضية صلبة لا يقود الى نتائج صحيحة ، والنتائج التي يمكن استخلاصها من تصريحات قادة حماس ، وتعاطيهم مع الواقع لا توحي بتوفر شروط التفكير السياسي القادر على تحديد طبيعة العلاقة بين الانا والاخر ، سواء كان حليفا او عدوا ، او فضاء يتحرك فيه صاحب القضية لاقناع العالم بقضيته .

كما يخفى على قادة حماس قصر عمر الشعارات ، وعجزها عن اخفاء الاختلالات الفكرية والسياسية ، حين تتراكم هذه الاخفاقات ، مهما بلغت حدة الشعار ، وبريقه ، وايقاعاته .

فالـ 48 ساعة الفاصلة بين اجواء الاحتفاء بلقائي الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر مع رئيس خالد مشعل ، والاجواء الصاخبة التي خيمت على اعلان نتائج هذين اللقائين في القدس ودمشق لا تكفي لاخفاء خيبة امل حماس في الحصول على مكاسب سياسية تنقلها من مربع الازمة الى وضع يتيح لها التفاوض ، وربما فرض الشروط .

والحديث عن خيبة الامل "الحمساوية" من اللقاء لا يدخل في باب التأويل ، فالشواهد تطفو على سطح الحدث ، ولا يحتاج جمعها عناء كبيرا.

ففي رده على تصريحات نسبت لوزير الخارجية المصري احمد ابو الغيظ اعرب الناطق باسم حماس سامي ابو زهري عن " استغرابه لاطلاق مثل هذه التصريحات في الوقت الذي يؤكد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أنه لابد من التفاوض مع حماس " الامر الذي يعني ان قيادة حماس اعتبرت الجلوس مع رئيس اسبق لا يمثل موقف ادارة بلاده مقدمة لاعتراف دولي ، ومدخلا للقبول بها على طاولة المفاوضات .

والتصريحات التي ادلى بها محمود الزهار وسعيد صيام قبل وبعد لقائهما الرئيس كارتر في القاهرة دللت على استعدادات لورشة عمل تمهد للشروع في التفاوض حول صفقة تفضي الى مثل هذه النقلة ولم تعط أي اعتبار لموقفي الادارة الاميركية والحكومة الاسرائيلية من اللقاءات .
الا ان الامور انقلبت راسا على عقب مع التصريحات التي ادلى بها مشعل ، ردا على كارتر ، ففي انكار الاول قبول الاعتراف باسرائيل تكذيب لتصريحات الثاني حول استعداد حماس للاعتراف بحق الدولة العبرية في العيش بسلام .

وبالتالي لم تخل مفارقة الترحيب والتكذيب من ايحاءات بتضارب حسابات الحقل والبيدر الحمساويين .

فالمكاسب التي حصلت عليها الحركة من الزيارة ـ رغم التهويل الاعلامي الذي رافقها ـ لم تتجاوز الاستهلاك المحلي قصير المدى .

ولعل استحالة التوفيق بين الموقف السياسي المرتبط بالمحور السوري ـ الايراني واحتمالات الانفتاح على العالم الدرس الاول الذي يمكن ان تستفيده قيادة حماس من هذا التضارب .

الا ان الحركة التي اعتادت على تفويت فرص التعلم من اخطائها لم تلتفت لهذا الخلل الذي كان بالامكان التقاطه في وقت ابكر حيث كان قياديها احمد يوسف يجري محادثات مع متقاعدين سياسيين حول هدنة مع اسرائيل اقل مخاطرها في حال تنفيذها انها تدخل القضية الفلسطينية في حالة من الجمود وتمنح الجانب الاسرائيلي غطاء سياسيا لخطوات تكريس الامر الواقع في الضفة الغربية .

وكثيرا ما يزاوج الخطاب السياسي الذي تستخدمه حركة حماس بين " الخطأ " و" المفارقة " مراهنا على ضعف الذاكرة امام سرعة التحولات .

ففي لقاء كارتر ما يوحي بنفس " ميكافيللي " يحلل لحركة الاسلام السياسي الاولى في الساحة الفلسطينية ما يجري تحريمه و التشكيك في غاياته ومحاولة تغليفه بالريبة حين يتعلق الامر بالسلطة الفلسطينية .

ويمكن التقاط النزعة البراغماتية ذات المنحى الميكافيلي في الخطاب الحمساوي بسهولة لدى معاينة تعليقات قادة الحركة على القمم الفلسطينية ـ الاميركية واللقاءات التي تجري بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ومقارنتها بالاندفاع للقاء كارتر .

فاللقاءات التي تجريها قيادة السلطة مع الاميركيين تكاد تصل الى الخيانة الوطنية في القاموس الحمساوي وتتحول الى هدف وطني وانجاز حين تكون حماس الطرف الفلسطيني فيها .

وفهم حماس للتهدئة لا يبتعد كثيرا عن ازدواجية المعايير التي تستخدمها في التعاطي مع هذه اللقاءات .

فالتهدئة الهادفة الى التخفيف من معاناة الفلسطينيين في الضفة والقطاع خيانة وطنية ، واستسلام ، وعمالة حين تعمل السلطة الوطنية على تحقيقها ، وحين تطلبها حماس تتحول بقدرة قادر الى مطلب وطني ، مدعم بالشعارات .

والمشاركة في الشرطة الفلسطينية كانت خطيئة قبل مشاركة حماس في السلطة ، وتحولت الى قضية دونها الموت بعد فوز الحركة في انتخابات التشريعي ، وتشكيل القوة التنفيذية .

كما ترفض الحركة الاعتراف بتفاهمات اوسلو رغم انها خاضت الانتخابات التشريعية على ارضيتها السياسية والقانونية .

ورغم تحول السلطة الوطنية الى واقع سياسي وخدمي لم تعترف بها حماس الا عندما شاركت فيها .

وحين ترفض الاعتراف بمنظمة التحرير بصيغتها الحالية ، وتعهداتها السياسية تتجاهل حركة الاسلام السياسي الاولى في فلسطين انها دخلت بوابة العمل السياسي على ارضية هذه الانجازات ، ومن خلالها ، بعدما كانت جزء من جماعة الاخوان المسلمين ، يقتصر دورها السياسي على التشكيك بفصائل العمل الوطني ، وتشويه صورتها في الشارع الفلسطيني والعربي .

وارتدادات الحركة عن اهدافها بالغة السرعة ، منذ طرحها لتحرير كامل التراب الفلسطيني ، وانتهاء بعرضها التهدئة مع اسرائيل ، مرورا بالموافقة على دولة في حدود عام 1967 ، والعودة الى خطوط 28 سبتمبر .

وفي جميع الاحوال تجد المبررات لهذه الارتدادات ، ولكنها لا تتقبلها من الاخرين ، رغم انهم يعملون في ظل موازنات القوى ذاتها .

وغالبا ما تكون قراءات قيادة حماس معزولة عن القوانين الناظمة للحياة السياسية الداخلية .

ففي مقابلة اجرتها احدى الصحف العربية يقول رئيس المكتب السياسي للحركة موسى ابو مرزوق بعد انتهاء ولاية محمود عباس مع نهاية العام سنتوقف عن اعتباره رئيسا شرعيا وسنستريح من قصة ابو مازن .

وفي هذه الاجابة على السؤال الاستفساري الذي طرحته الصحيفة تجاهل لقرار المجلس التشريعي الذي اعتبر الانتخابات التي اسفرت عن فوز ابو مازن
" استثنائية " كونها نظمت بسبب وفاة الرئيس ياسر عرفات .

كما يغفل ابو مرزوق النص الذي جاء فيه ان الانتخابات المقبلة ستكون تشريعية ورئاسية الامر الذي يعني ان نهاية ولاية ابو مازن ستكون مرتبطة بنهاية ولاية المجلس التشريعي الذي تحظى حماس بغالبيته .

وهذه النهايات تدفع الى الواجهة ـ من جديد ـ دعوات السلطة الوطنية الفلسطينية الى اجراء انتخابات مبكرة ، وتقلص مبررات حماس لرفض اجراء الانتخابات ، وتثير المزيد من الزوابع حول شرعيتها السياسية .

وكان بامكان ابو مرزوق تجنب الوقوع في وهم الراحة المقبلة مع نهاية ولاية الرئيس عباس لو اطلع على نصوص القرارات التي جاءت بعباس الى السلطة .

ولا يخلو الخطاب الحمساوي من "الديماغوجيا" حين يراد منه تسويق تصورات ذهنية تتضارب مع حقائق لم تستطع الذاكرة طيها بعد .

وتاتي في هذا السياق محاولات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل تصوير رحيله عن الاردن بالخروج الناجم عن مضايقات وقعت عليه ورفاقه .

ويتخيل مشعل انه بالايحاءات التي تضمنتها اجابته على اسئلة مذيع احدى الفضائيات يستطيع اخفاء حقيقة ابعاده عن الاردن بفعل عدد من المخالفات التي تمس السيادة الاردنية ، وانه كان رافضا للابعاد ، وحاول الالتفاف على الشروط التي وضعتها الحكومة الاردنية لعودته .

ولدى سياسيي حماس تلتبس الخرائط السياسية للحد الذي يصعب التمييز بين الواقعيه السياسية و العدم السياسي .

ففي الوقت الذي قبلت ان تكون ذراعا ضاربة للمحور السوري ـ الايراني يعلن مشعل ان حركته وضعت كل بيضها في السلة المصرية .

وزاد من ابهام الاحجية الحمساوية ان تصريح مشعل جاء قبل ان تهدأ زوابع اثارتها قمة دمشق ، وعبرت عن حالة اصطفاف عربي ، يصعب على مبتدئي العمل السياسي تجاهلها .

كما ترافق التصريح مع تلويح حماس باقتحام ثان لمعبر رفح واستعدادات امنية مصرية لصد الاقتحام في حال حدوثه .

وحين سئل ابو مرزوق بعد اسابيع قليلة عن علاقة حركته بدمشق في حال توصل سوريا واسرائيل لاتفاق اجاب " ان علاقتنا مع دمشق قوية ، ونحن مطمئنون الى انه لن يكون هناك تاثير على هذه العلاقات مهما كانت نتائج الذي يجري بوساطة تركية " ليضع بذلك علامة استفهام جديدة على وعي حركته باصول التفاوض وطريقة تعامل الجانب السوري مع حلفائه .

فالتصريح لا يترك مجالا لتجنب الخروج بنتيجة مفادها ان لدى الحركة قناعة باستعداد الجانب الاسرائيلي غض الطرف عن وجود حماس والتنظيمات الفلسطينية الهامشية التي تحولت الى جزء من ديكور اوراق ضغط في الاراضي السورية اذا تم التوصل لاتفاق مع دمشق .

ومع احتفاظه بهذه الملامح الكاريكاتورية على مدى سنوات يقترب الخطاب السياسي الحمساوي من خطاب حزب الله اللبناني للحد الذي يصعب تمييز الصورة عن الاصل .

ففي الخطابين ميل واضح الى دفن زمن ما قبل ظهور الحزب والحركة ليبدا التاريخ والتجربة من انطلاقتيهما .

ويمكن النظر لهذه الممارسة من عدة زوايا بدء بالاجحاف الذي يطال اجيال وقوى شاركت في الصراع منذ القرن التاسع عشر ، ومرورا باجتزاء التاريخ وتغييب شخصيات وقوى ساهمت في صناعته لمجرد الخلاف السياسي والفكري مع توجهات حماس وحزب الله ، ومصادرة اللحظة الراهنة لتصبح ملكا لتيار او فصيل بعينه ، فالشراكة غير واردة لدى اصحاب التفكير الشمولي سواء كانت في الماضي او الحاضر ، الا اذا كانت على ارضية التكتيك وهنا يكمن بعض الخلل .

فمن شان القراءة المتانية والواعية للتاريخ ان تجنب حماس تكرار الاخطاء القاتلة التي وقعت فيها الحركة الوطنية الفلسطينية .

ويندرج في سياق هذه الاخطاء التحالف مع ايران التي تواجه حالة من العزلة الاقليمية والدولية ، مما يعيد الى اذهان المبتدئين في قراءة التاريخ السياسي للمنطقة تجربة الحاج امين الحسيني الذي جلب تحالفه مع المانيا النازية الكارثة للقضية الفلسطينية .

كما ياتي في هذا السياق تجاهل تجربة الحركة الوطنية الفلسطينية مع دمشق ، وكيفية تعامل الجانب السوري مع اوراق الضغط لدى احتراقها ، او الاستغناء عنها ، عندما تتحول الى عبء عليه .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية الامعاء الخاوية
- خطاب -التخريف- السياسي
- علمانيون برسم الاسلمة
- من اجل فايز .... ورفاقه
- صراع الهويات الشرق اوسطية
- الخطيب يحاكم التجربة القومية
- حين يبحث -الغريق- عن قشته في -طبخة حصى-
- المالكي يحترف اللعب على التوازنات
- دوامة قصور الهواء
- لهاث اللحظات الاخيرة
- حواف الهاوية
- رهينة الحلف الطائفي
- استراتيجية اكياس الرمل
- التحولات الجذرية في السياسة النجادية
- منزلق الفيدرالية
- وهم المصالحة الوطنية
- الشيفرة الايرانية
- حوارات الوقت الضائع
- حروب الطوائف
- رهائن الجغرافيا السياسية


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - حماس تواجه الواقع باختزال التاريخ