أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - سلام في سورية من أجل سلام لسورية...














المزيد.....

سلام في سورية من أجل سلام لسورية...


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2272 - 2008 / 5 / 5 - 11:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من شأن سلام سوري إسرائيلي، تتوسط فيه تركية اليوم، أن يدخل تغييرا عميقا على بيئة الشرق الأوسط وصراعاته. وهذا أمر مرغوب، حتى لو كانت أولى ثماره، بل الدافع السوري إليه، تأمين النظام وضمان سلامته. لكنه من وجهة نظر سورية داخلية ليس مرغوبا إلا لما قد يترتب على تغير البيئة الإقليمية من تغير إيجابي في البيئة السياسية والقانونية والثقافية الداخلية. وهذا بالضبط ما يبدو أن الطرف السوري يرفض التفكير فيه أصلا. فمن وجهة نظر النظام، تغير البيئة الإقليمية مفضل لأنه يربط ربطا محكما بين مصير النظام ومصير السلام، فيمنح كفالة دولية، أميركية أساسا، لأمن النظام الذي يحمي "السلام". في النتيجة تغدو قضية التغير السياسي أشد استعصاء على السوريين مما هي اليوم.
ما يرجح أن نحصل عليه هو مزيج من سلام غير عادل ومن أوضاع داخلية تماثل الوضع الراهن، وتتفوق عليه في أنها أشد منه حصانة وأمنع منه على التغيير. ما الذي سنستفيده إذن؟ ربما فقط تبدل "مرجع" حالة الاستثناء من: اخرسوا، نحن في حالة حرب! إلى: اخرسوا، نحن نبني السلم!
أما القول إن من شأن سلام سوري إسرائيلي أن يطلق ديناميات سياسية وفكرية ونفسية تتجاوز مقاصد النظام، وقد تبطلها، فليس صحيحا إلا بقدر ما ينخرط سوريون كثيرون منذ الآن في إبداء رأيهم بما يجري، ويدرجون "السلام" المحتمل في تصور أعرض لمستقبل بلدهم. من شأن السلبية العامة الراهنة، بالعكس، أن تفضي إلى المزيج المتوقع: سلام سيء مع "العدو"، وأوضاع سيئة في الداخل.
تلح الحاجة إلى نقاش عام في سورية حول السلام المحتمل، يتجاوز تفاصيله وإجراءاته، إلى الأسس الفكرية والقيمية والقانونية لسلم وطني سوري جديد، يقطع مع نظام الحرب الداخلية ويضع حدا لنظام الاستثناء المقيم منذ مطلع العهد البعثي. والبند الأول في هذا النقاش هو الربط بين السلام مع إسرائيل وإنهاء حالة الطوارئ ونظام الاستثناء القانوني والسياسي الذي سوغ نفسه بالحرب. ترى، هل نبني سلما سوريا داخليا يساعدنا على تحمل سلم مفروض مع إسرائيل، أم بالعكس نؤسس على السلم المحتمل مع إسرائيل طورا جديدا النظام الاستثناء ذاته؟ هذا هو السؤال. وظاهرٌ أن الأمور تجري في الاتجاه الثاني. وأن التفرج عليها بدلا من مبادرات فكرية وسياسية اعتراضية سوف يسهم فقط في تجديد شباب نظام استثناء، لن يتأخر عن اختراع حروبه ومعاركه الجديدة التي تسوغ استمراره: حرب ضد الإرهاب أو التطرف أو الأصولية..
لكن ألا نجازف بتلهفنا على كشف إغراض النظام من عروضه السلمية أن نعمى عن أغراض إسرائيل ذاتها، والأميركيين من ورائها؟ يعرف الإسرائيليون أحسن منا سر المفاتحات السلمية السورية، ويبدو أنهم يريدون حلب كل ما يمكن حلبه من الطرف السوري، دون أن يلزموا أنفسهم بغير كلام عمومي عن إعادة الجولان. فإذا تسنت يوما فرصة ترجمة هذا الكلام إلى فعل فسمن المحتم أن يكون مشروطا بتخل سوري نهائي عن حزب الله وعن "العلاقة الاستراتيجية" مع إيران وعن حماس ومنظمات فلسطينية، ما يعادل انقلابا تاما للنظام على نفسه. هذا فضلا عن الأساسي: ترتيبات أمنية متمحورة حول حماية السلام وتوجيه الحياة السياسية السورية في هذه الوجهة. هذا ربما يغري النظام بالانقلاب على نفسه، لكن بدلا من سلام يفتح آفاق تطور البلد السياسية والاقتصادية والثقافية سوف تحصل سورية على سلام يئد فرص التطور ودون مكسب وطني حقيقي.
أما من خيار آخر؟ من وجهة نظر المصلحة الوطنية السورية نؤمن بوجود خيار مختلف: تغيير البيئة الداخلية باتجاه إصلاحي وديمقراطي. العمل على بناء إجماع وطني جديد أو سلم وطني جديد. يبدو خيار كهذا "ميتافيزيقيا" ولا سياسيا بامتياز. أقرب إلى هروب إلى ديار الطوبى منه إلى مواجهة الوقائع القاسية للسياسة السورية والشرق الأوسطية. غير أن ما لا يدركه هذا النقد أن احتلال الجولان جزء فحسب من احتلال مزامن تقريبا لكامل الأرض الاجتماعية والسياسية والثقافية المستقلة في سورية، احتلال يشكل جوهر الأزمة الوطنية السورية المتمادية. السلام، حتى لو كان عادلا، لا يعالج أزمة لم تنشا عن حرب غير موجودة. ما يمكن أن يكون أساس معالجة الأزمة هو قلب هرم الأوليات الوطنية، المنكوس على رأسه، ليستقر على قاعدته: الأولوية لمطالب السوريين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما يعبرون عنها بحرية. وكما أن غياب السلام مع إسرائيل ليس هو الذي قلب هرم الأولويات الوطني، فإن هذا لن يستوي بحضوره. في أقصى حالاته يمكن للسلام أن يكون عنصرا مساعدا لقيام أوضاع سياسية سورية في البلد.
الغرض أن نقول إنه يتعذر حل مشكلات الوضع القائم وتناقضاته على أرضيته هو نفسه. فلا يمكن تركيب شيء عقلاني على أسس غير عقلانية، والانشغال بمعالجة أعراض الأزمة دون جوهرها عبث. تغيير جذري في البيئة السياسية الداخلية هو وحده ما يمكن أن يؤسس لسياسة جديدة، وطنية وعقلانية. وليس هذا ممتنعا إلا إن قبلنا تشريع الوضع القائم للمكنات السياسية الوطنية. والحال، إن قبلنا بذلك فلن نحصل إلا على الوضع القائم نفسه.
وكما أن موقع سورية في "محور الممانعة" لا يحل أية مشكلة وطنية، فإن انتقالها إلى "محور الاعتدال"، على نحو ما يريد الأميركيون والإسرائيليون، لا يحل أية مشكلة أيضا. المحوران متمركزان على حد سواء حول مركز خارجي هو المحور الأميركي الإسرائيلي. ما يمكن أن يخرج البلاد من التقلب بين محاور خارجية هو نقل مركز السياسة إلى الداخل الاجتماعي والوطني السوري. سوف يكون مستقبلنا بددا دون ذلك. ووحشيا أيضا.
...إذا كان ممكنا العمل من أجل سلم سوري إسرائيلي، فلا نستطيع إن نفهم لماذا يكون العمل من أجل سلم سوري جديد ممتنعا.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل نقد عقلاني للسياسة الأميركية
- أميركا الشرق أوسطية ونحن.. الأميركيون!
- الشرق أوسطية: الإيديولوجية والنظام
- سورية والأزمة الوطنية الدورية
- ما العمل حين يستحيل العمل؟
- نقد متأخر لنظرية -قوى التغيير-
- في أصل امتناع السلام العربي الإسرائيلي
- من أجل ماذا سلام سوري إسرائيلي؟
- في -المسألة الكردية- وتمثيل الذات الوطنية السورية
- الممانعة وامتناع السياسة
- عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (2)
- من -الديمقراطية البرجوازية- إلى -الليبرالية الجديدة- و.. -ال ...
- عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (1 من 2)
- اللاعقل يحكم الشرق الأوسط
- شركاء في العالم، نشبهه ونتشبه به..
- في أصول نظام الاستثناء السوري: محاولة ماركسية
- الفساد الصغير ثقافة والفساد الكبير سياسة!
- من إسرائيل إلى أخرى: في أصل حاجتنا إلى شيطان رجيم
- سورية بين 1978 و2008: عود على بدء!
- جوزف سماحة: المناضل ضد المثقف


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - سلام في سورية من أجل سلام لسورية...