أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - من رحم الخديعة الى رحم الهلوسة : دعوة















المزيد.....

من رحم الخديعة الى رحم الهلوسة : دعوة


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2233 - 2008 / 3 / 27 - 05:50
المحور: الادب والفن
    



على عكس الشاعر نزار قباني ، نعيمة فنو ، الشاعرة ، تفكر بمعنى الشعر قبل نغمه ..
وهي في جنين ...( ها ) النافر ، تدخل بنا فضاء الشعر بأدوات السؤال الوجودي ، ومن نقطة البداية
( بداية الوجود الملتبسة ميثيولوجيا وتاريخيا ) : الخطيئة الاولى ! لذا سيلزمنا الامر العودة الى
منابت الحكاية الاولى وخط شروعها الاول ..، والى عالم الاسطورة بالذات ؛ وعليه سنعود الى
اسطورة الخلق الاولى ، وكما شهدها جلجامش الذي : رأى كل شيء ! ( بحسب الاسطورة العراقية
التي تصدت لاول رواية لقصة الخلق ) .
نحن هنا امام نص يخلخل مألوفاتنا - بجذورها الاسطوريو طبعا - الفكرية و ( الاخلاقية ) ، وخاصة انه يأتي من موقد امرأة شاعرة ( هل كان علي ان اقول من رحم امرأة ؟) ، رغم لعبة التقابل المتماهي التي لجأت اليها الشاعرة ، للتخفيف من اثر الصدمة التي ( توجهها ) الينا عبر اشارت
ومدلولات ( الجنين النافر ) - النص . ولان منشئ ( وهي الشاعرة نعيمة فنو على وجه التخصيص)
هنا انثى ، علينا ان نترك هامشا - ولو صغيرا - للشك الضروري ، لان الانثى المنشئ تحاول ( عبر اشارات النص ) نسف بعض مألوفاتنا الطبيعية ( بشأن تركيبها البايولوجي والغريزي ) ، وخاصة بعد ان تخففت هي من ( عبء مخاض ولادة القصيدة وجنينها النافر ) وألقته في احضاننا
، نحن المتلقين لنتلقف اشاراته ( النص طبعا ) ، ونفك بعض رموزه المبثوثة في جسد القصيدة ..
عذرنا هنا فتوى للقاص محمد خضير : ( الافكار البريئة مستحيلة ، كامرأة في نشوة ) ! وخاصة اننا ازاء حالة مركبة : امرأة / شاعرة ! فهل كانت نعيمة ( الشاعرة ) في حالة نشوة ( بالمعنى المجازي للكلمة ) - بحسب محمد خضير - ام تحت تأثير الالم ... ام في لحظة افاضة شعرية
وحسب ؟
تدلف الشاعرة الى ( رحم ) القصيدة بتوطئة مكثفة وغضة ، تكاد تختصر فيها محنة الوجود
في بضعة صور مركزة باحكام ( الصانع الماهر ) ..

خرج من مسام الزمن المقيح ... عاريا ؟

لان المنشئ هنا ، انثى شاعرة ، تتحمل - بحكم تركيبتها البايولوجية - عبء الولادة ، فانها
تحاول ان تدفع عن نفسها المسؤولية الجنائية ( بحسب طرح المعري : هذا ما جناه ... ) لتعيدها
الى وضعها الطبيعي ، الذي لا يعدو دور المرأة فيه اكثر من حاضنة ، حتى في حالة قيام رغبة
الولادة ( بفعلها الغريزي ) في نفسها - باعتبارها سنة طبيعية مفروضة وغير اختيارية ..

كنطفة ثلج

يستسقي ثدي السماء

رذاذا دمويا

وركام احلام مؤكسدة

وبدقة تشبيه الشاعرة وغوره - التشبيه - في الاحاطة بصورة نقاء الجنين ، ساعة ولادته ، تدفع عن نفسها مسؤولية المشاركة في قذفه في ( عذابات ) فعل ممارسة الحياة ، الذي لايعدو كونه
عملية ..

استسقاء لثدي سماء

( كتبت على نفسها الحياد ) او اخلاء المسؤولية عن عملية ( التوليد المكرر )الانساني لنوعه ،
لان ثدي السماء لايدر لبنا ، كما يشيع الدعوة والفهم اللاهوتي ( بمعناه الاكليروسي الطقسي )
وانما ..

رذاذا دمويا

هذا فيما يخص الفهم الديني الذي يسيطر على اربعة اخماس الفهم الانساني ..
و ..
ركام احلام مؤكسدة
وهذا ما يخص فسحة الامل التي تنتظر الجنين بعد خروجه من ( رحمه الزجاجي ) وخلال مسيرة حياته ، بحسب فهم وتقدير ... وربما تجربة نعيمة فنو الانسان .
هذه التوطئة اضاءة بعد اوانها يا نعيمة !
أكاد اقول اني استشعر اشارة غضب من نعيمة تقول : انا كانثى ، مجرد حاضن ، وباعترافك انت
يا قاريء ! ... ماذا كنت ستقول فيما لو كان منشئ النص شاعرا ذكرا ؟!
اعترف انك ألزمتني الحجة يا نعيمة ! وخاصة انك تتبعين توطئتك تلك ب ...

لا تتوجس المسافات ، ايها الصغير

مدد جسدك واعبر المعراج الطيني

( ولا تقلق ) كيف ترضع عاصفة النحاس

لان قانون الحياة على الارض يحكم ان ..

تعدو فوق رئة الارض موجا

... مخالب الموتى تنهش لحاء قدميك

وهذه هي حقيقة الامر ، يا جنيني الصغير ، وان صور لك : امك ، اباك ، الفهم الاجتماعي ،
الفهم اللاهوتي وافتراضاته غير هذا .. ف ..

المسافات احضان ملائكة مرتعشة
و..
السراب مرآة تعكس جراح امرأة ( وان كانت ) حسناء

لان اغلب التلال ..

رمالها جماجم ( في جقيقة الامر ) !

والجماجم رمز لفعل الموت الطبيعي ( موت الحمير بتوصيف الازدراء الاكليروسي ) وفعل القتل ،
بالفهم الجنائي ( القانوني ) والتطهيري ( بالمعنى السياسي ) .
ولكن ما جدوى تلك النصائح التي سفتحها في رمال الصحراء ، نعيمة الشاعرة ، امام رغبة
الحياة التي تتلبس الجنين ، اي جنين ، لان فعل التنفير الذي تخلعه الشاعرة على عنوانها
( عنوان قصدتها ) لا يعدو كونه نصيحة ( بلهاء ) امام رغبة الحياة ودعوة وهجها اللاصف في
عمق الافق المتمدد على كامل مساحة المجهول اللامرئي ... والذي لا يستطيع احد ان يقطع
في مكنوناته ! لذا نراه ( الجنين الذي حاولت الشاعرة تنفيره بخزين حقائقها المعرفية ) ..

يجلس ( ولو من اجل )

ان .... يحيك طائرة ورقية

ولو من .... قطعة من جلده : اصبعان وحبله السري

ولكن ، تقذف الشاعرة بسؤالها ، واثارة السؤال هي مهمة الشعر الاولى ..

اين ستحلق ...؟

لا سماء فوق معجزاتنا

ولكن لا حيلة لمنعه من خوض التجربة بنفسه .. هل هي افضل من فعل انهاء الحياة الارادي ؟

حسنا ...... ل ... يحتسي شهوته

ويعدو خلف ظلاله العمياء !

ها هي الام في نعيمة الشاعرة ( تخلص نفسها من شرك ) المسؤولية تحت يافطة رغبة الحياة الكامنة في روع واحاسيس وغرائز الانسان .... بل وعقله ... أليست هي الحقيقة ؟
أ لم أتجن على نعيمة الام او ( الشاعرة كانثى ) بهامش الشك الذي ادخرته ، انا المتلقي المحاكم
هنا ، بناء على دعوى محمد خضير ، سالفة الذكر : ( الافكار البريئة مستحيلة ) ؟!
وها هي نعيمة الام تجري حكمتها على لسان الشاعرة فيها ، وبلغة الاضاءة لا النصح ..

يا انت ..

ستنوء بحمل هلوسة تاريخنا

عد الى رحمك الزجاجي

واطفو في اللامكان .

والان لنعود الى قصة الخليقة التي رئآها جلجامش ، وحكم من خلال تجربته لها ، على المرأة ب ..
( انها علمت الوحش - انكيدو صديق جلجامش - الغر فنها ) وافسدت عليه فطرته الاولى التي كانت تحجب الموت عنه وعذابات الحياة ومعاناتها ، لانه كان يعيش بالطبيعة ولها ، قبل ان يعرف المرأة ..
والمقصود بفنها هو : الغواية .. والان واذ برأت الحقيقة ساحة المرأة من اثم غواية الانسان -
العنصر الاساس في الحياة - الرجل ، واضاءت له الرؤية ، نتساءل نحن المتلقين : لماذا اضاءت
الشاعرة نصها - العنوان ثريا النص - بمدلول النفور ، وهي كانت تعرف سلفا باستسلامه لفعل الحياة في كل الاحوال ، وان محاولتها ستذهب ادراج الرياح ؟
في ظني انها كانت تعبر عن رفضها - بقناعتها الشخصية - لفعل الحياة الاعمى ، بشكله الحالي
المألوف لها ولنا ..
ولن ، ايضا ، هي حاولت ان تستقرأ له مستقبل وجوده وحياته التي سينغمس فيها بانها : قبض
ريح ... وفي احسن الاحوال : قبض جمر ... مسيرة الحياة الانسانية ، من جلجامش ( الذي رأى كل شي ) من فعل الخلق الاول الى الى يوم الطوفان ... والى يوم موت ، صديقه وخليله ، انكيدو ،
ورحلة بحثه عن عشبة ادامة الحياة التي خطفتها الحية من امامه ..
هل حاولت الشاعرة تجنيب ( جنينها ) رحلة عذاب جلجامش ومصيره ( الموت بلا طائل ) ،
وخاصة انها ( اطلعت على السر ) سر الفراغ الموحش الذي يلف حياة الانسان ؟ ...
وهي - الشاعرة - في المدى المنظور احد ضحاياه ؟
كان بودي ان اقول نعم ! ولكن من اين لي ان اجترح كل هذا اليقين ، وانا المحكوم بالشكوك
عينها والضياع نفسه ؟



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتمالات الظنون والعلامات
- خمسة اعوام من احتلال العراق ياقمة العرب
- مصالحة على طريقة المنطقة الخضراء
- القفز فوق عشب السراب(قراءة في قصيدة انت يا هذا للشاعرة ضحى ب ...
- الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا
- طفولة التفاحة الاولى
- لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
- تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
- عطور الدواعي
- العراق في حقيبة احمدي نجاد
- في عيد المرأة العراقية ..البنية المفهومية لحرية المرأة في ال ...
- طفولة الترجل في المواخير المطرقة
- ظهيرة عربية على النت
- الحزب الشيوعي العراقي .. النكوص والهزيمة
- الموت على حافة العزلة
- اطارد سماء بلا نوافذ ... بلا عيون
- خواتم آية الرحيل
- يقين بلا جدران
- صدع النبوات الزائفة
- احزاب اليسار العراقي ومعضلة سم خياط المنصب(نظرة تقييمية)


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - من رحم الخديعة الى رحم الهلوسة : دعوة