أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - عبد الرحمن الماجدي في مجموعتيه الشعريتين { أختام هجرية } و { المعنى في الحاشية }















المزيد.....


عبد الرحمن الماجدي في مجموعتيه الشعريتين { أختام هجرية } و { المعنى في الحاشية }


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2186 - 2008 / 2 / 9 - 10:01
المحور: الادب والفن
    



عنف اللغة بين التاريخ الشخصي للألم والمفارقة

عن منشورات بابل { المركز الثقافي العربي – السويسري . زيورخ – بغداد } صدرت للشاعر العراقي عبد الرحمن الماجدي المقيم في هولندا . مجموعتين شعريتين بطبعة جديدة هما { أختام هجرية } و { المعنى في الحاشية } وقد سبق للشاعر أن أصدر المجموعة الأولى عام 2001 عن { دار مخطوطات } في لاهاي المتخصصة في طباعة الكتب اليدوية تحت عنوان { ممالك لغد حيران } بينما صدرت المجموعة الثانية عن الدار نفسها عام 2005 .
ضمت مجموعة { أختام هجرية } 33 قصيدة . 8 منها قصيرة ومن دون عنوان ، وضمت المجموعة الثانية { المعنى في الحاشية } 22 قصيدة منها 8 مقطعات من دون عنوان .
عبد الرحمن الماجدي المولود عام 1965 والذي درس الأدب الروسي وتخرج في جامعة بغداد عام 1989 . عمل في عدد من الصحف العراقية والعربية وترجمت الكثير من قصائده الى الانكليزية والهولندية والفارسية . له الآن تحت الطبع ترجمة لكتاب شعري عن الهولندية ومن المؤمل أن يصدر قريباً ببغداد . شاعر لا يهمه الظهور الفارغ ولا يطمح ألاّ الى اغناء قصيدته وشحنها دائماً بالجدة والمغايرة . وهو في صمته وعزوفه عن النشر الدائم يحاول أن لا يحسب على جيل أو طائفة معينة أو أيّ شيء آخر سوى الجوهر الحقيقي للشعر .
اللغة عند الماجدي في هاتين المجموعتين عنيفة ومحتدمة وأعتقد أن الحدة والعنف هنا يعودان الى الوقائع التي عاشها وخبرها في ماضي تاريخه الشخصي . والميزة المهمة في نصوصه تكمن في استخدامه لتقنيات متعددة مثل المونولوج و{ البالاد } الحكاية الشعرية والصورة والسرد الذي يأتي أحياناً غاضباً وحزيناً وينأى عن الإخبار والتقرير والمباشرة ، عبر لغة محتدمة لا تنساق الى الأبنية القديمة للبلاغ الخطابي . وتبدو الصورة الشعرية التي يقدمها الماجدي عبر قصائده بعيدة عن أشكال البيان التي تتوسل التشبيه والاستعارة كما هو سائد اليوم في أغلب الشعر العربي الراهن .
واعتقد أن تجربته الشعرية التي يطمح الى تقديمها بقوة ومهارة عبر التجريب والقراءات الدائمة والبحث عن المغايرة جعلته لا يشبه إلاّ نفسه وهو يصدر هاتين المجموعتين اللتين بدتا لي انهما نتاج تجربة ناضجة يحنو عليها الماجدي بشقاء كبير من أجل الجوهر الحقيقي للشعر والاخلاص للفاعلية الشعرية التي يريد من خلالها أن يعبّر عن مصائر الأشياء في العالم والطبيعة والزمن والتحول والصيرورة .
يفتتح مجموعة { أختام هجرية } بقصيدة قصيرة لا تخلو من معنى عميق وهي من ثلاث سطور يعلن فيها :

{ لا يعبأ بمكائد الذهب
طريقته مسوّرة
بختم العارف .

نعم . طرق الماجدي في نصوصه المشحونة بالرموز والصور والمعرفة العميقة ، مسوّرة بأختام تجربته الطويلة التي يسعى دائماً الى دفعها صوب الغاية القصوى للمغايرة والابتعاد عن السائد والمألوف .


1- أختام هجرية

لا يخفي الماجدي مرجعياته الشعرية والمعرفية العربية في كلا المجموعتين وهو حين يؤرخ لتواريخ قصائده فانه يؤرخها حسب السنة الهجرية . أن التراث العربي الذي يتسلح فيه الشاعر وبانت رموزه ولغته في تجربته هنا ، لا يخلو من فائدة جليلة في كتابة نص يتوسم الشعرية الجديدة التي تزيح لغة الخطاب المألوفة بغية خلق علاقات وعلامات وأحياناً تضادات تضفي التوتر واللاطمأنينة على مناخ هذا النص وهو يسحبنا الى قراءته بامعان بعيداً عن الخدر الذي نألفه في قراءتنا للنصوص التي ينتجها الشعراء الآخرون ممن مللنا من تجاربهم التي لا تتغير أبداً ، واذا كانت العلامات التي تتقدم بعض النصوص في مجموعة { المعنى في الحاشية } تمهد الطريق الى القارىء صوب ما أراد أن يبوح به الشاعر ، فانها من جهة أخرى تبدو مراوغة للقارىء اللافطن ، ويلزمنا هنا التعامل مع النصوص بحذر لكونها تنحو نحو السرية والغموض في شفراتها التي أراد الماجدي أن يغلفها بخبرته ، مع أننا نعرف أن هناك بعض النصوص التي يقدمها الشاعر بصيغ ليست سرية ولا غامضة وهو يتحدث عن وقائع تاريخه الشخصي وتاريخ أسرته عبر سرد يتوسل المفارقة والصورة وتدمير الصيغ البلاغية للشعرية العربية في أنظمتها وأنساقها التي نعرفها .

{ على سطح بيتنا ببغداد وجدنا
مقبرة
سكانها :
أبي
وأمي
واخوتي
وأنا .
أسكنونا مكانهم
وغادروا .
دموع على الميتين
عنوسة رابضة
أبناء مكررون
ونبؤة عاطلة .

قصيدة { مقبرة } مجموعة { أختام هجرية } .

في قصيدة { هروب } وهي حكاية شعرية درامية ، يبدو بطل القصيدة { سلمان } وهو خال الشاعر المصاب بالفالج شخصية تعاني مأساتها عبر تغيير أولاده لمهنته من فلاح الى عامل .
الرجل يلزم الصمت من جراء الفعل الذي قام به أولاده ، لكنهم ذات ليلة سمعوه { يبكي كالثكالى في فراشه } . في الصباح يختفي الأب . الأولاد بحثوا عنه في الحارات والبيوت و { رؤوس الشوارع } لكن من جدوى . بعد أيام يأتي زائر الى بغداد من مدينة { العمارة } ويخبر الأولاد عن شيخ { وُجِد ذات ليلة يبكي كالثكالى في مشحوف نابت في طين الهور الناشف مصاب بالفالج } . قدر هذه الشخصية المأساوي انها لا تستطيع تغيير نفسها حين تهجر أرضها وتنتقل الى أرض أخرى . ظلت وفيه الى عاداتها وانحدارها الطبقي حتى النهاية وعادت تتشبث بطينتها الأولى .
في قصيدة { ارتجاف } تبلغ المفارقة ذروتها حين يعري الشاعر أولئك الشعراء الذين يتسابقون على المنابر وهم يتنطعون أمام الجمهور الذي يشبههم في ذائقته الفقيرة وجهله في الفاعلية الحقيقية للشعرية الجديدة . يقول :
{ سألتُ شاعراً عن ارتجافي على
المنصة .
أجابني مرتجفاً :
الشعراء حقاً هنا يرتجفون .
ازداد ارتجافي
فارتجف الميكرفون
المنصة
الحضور
والقاعة .
حينها تمكنت من القاء القصيدة .

أن هذا الارتجاف والحيرة التي يشعر فيها الماجدي عند المنصة وهو ينظر الى الجمهور الذي يريد أن يفهم ما يقوله الشاعر . تبدو حيرة مركبة ، فهي من جهة تمنحنا الشعور بالغثيان من هذه المنصة ، ومن جهة أخرى هو شعورنا بتفاهة الحضور في القاعة وهم ينتظرون ما يطربهم ويهز احساساتهم البليدة ، لكن قصيدة الماجدي لم تكتب الى الجمهور ولا يريد لها أن تدغدغ عواطفهم وفضولهم . انها قصيدة ذات شعرية وحساسية جديدة تمتحن قوتها ودهشتها من التواصل مع المغامرة والأسرار والرموز ولا تعبأ للمتبطرين والعاطلين عن الفعل .

في قصيدة { ضيوف فوق العادة } يضفي الخطاب على الواقعة بعداً درامياً عبر السطر الأول في النص :

{ آخر الليل – أول الفجر
صرخ بي جرس الباب
مستغيثاً ،
كاد الطارق يدخل بأنفه
العظيم ، من عين
الباب .
ومن خلال قراءتنا للنص يتكشف لنا المحمول الكامل للواقعة التي يعرفها كل شخص عربي من المحيط الى الخليج والتي يمكن أن يتعرض لها الآلاف من الناس في كل يوم . ما أقسى أن يطرق أبوابنا في الفجر أولئك الذين يحملون المسدسات ويقتادوننا الى السجون بسبب وشاية أو بسبب رفضنا للظلم واحتجاجنا على الأنظمة الديكتاتورية وسياساتها الخرقاء ؟

{ دخلوا رغماً عنّي
فجلسوا يحركون خواصرهم
بحرفة ، لأرى
حملهم الثقيل .
دسّوا اسمي عمداً في
أحاديثهم المهموسة .
دعوني لزيارتهم رغماً عني
وغادروا .

يبدو المتحدث في هذه الواقعة المؤلمة وهو يحاول دفع هؤلاء الضيوف الذين هم فوق العادة . أن يحتفظ برباطة جأشه وهو يعلم أن مصيره معلق ما بين أيديهم ، ومن خلال الاختزال والقطع في الخطاب ، يقدم واقعة حقيقية تبتعد عن المبالغة في تصوير المفارقة .

{ كان الصباح يهرب تاركاً
لنزواتهم مقاليد يوم
طويل .

يمنحنا المعنى السري للواقعة هنا بعداً درامياً نستطيع بواسطته أن نلغي الاشتراطات القصدية في الخطاب من أجل الوصول الى ما وراء الواقعة ، واذا كان النص هنا يظهر المعنى المألوف للبنى الدلالية عبر تركيزه على { الوحدات المكونة للنص } فانه سعى من جانب آخر الى تقديم الجانب النفسي للشخصية في مواجهتها للواقعة التي تسردها .



2- المعنى في الحاشية

يبدو الاختلاف واضحاً بين هذه المجموعة والمجموعة الأولى التي أصدرها الماجدي قبلها بسنوات . اختلاف في الأنساق والعلامات التي تحيل الى الوقائع وفي الرموز التي تبتعد عن الخطاب ودلالاته اليومية وتستمد جذورها من الأحلام والذكريات والحالات النفسية التي عرفها الشاعر فيما مضى . حيرة الشاعر الآن أمام اللغة تجيب عنها قصيدة { سؤال } ، لكنها حيرة العارف الذي يريد لنصه أن يتقدم وسط الأدغال الدلالية للشعرية الحديثة .
في قصيدة { الأيام } يبدو الاحساس بثقل الزمن على حياة الماجدي مكثفاً عبر مونولوج شفيف يبدأه كالآتي :

{ الأيام أعدائي
أحكمُ اغلاق أبوابي بوجوههم .

لكن هؤلاء الضيوف الأعداء الذين يطعمهم { مللاً } ويسقيهم { يأساً } ويقطعُ { ساعاتهم بسكاكين النزق } . كل هذه الأفعال التي يقوم فيها هي من أجل ترتيب معاركه القادمة في الساحات { المغلقة لملاعب رأسه } . يتكرر الاحساس بوطأة اللحظات التي مرت وطواها الزمن في القصيدة الأولى من المجموعة { يواصلون لفافاتهم } وقصيدة { شيخ لعوب } وقصيدة { الجميلات آنفاً } وقصيدة { النوم السابع } . واذا كانت معالجة الماجدي للزمن طاغية في هذه القصائد ، عبر رصده للحظات التي مرّت وتلك التي ستمرّ ، فانه يحاول أن يبعد المناخات الرثائية والحزينة عبر اصراره على اقتناص لحظات السرور القليلة في العالم والاحتفال بسريتها وجذوتها العميقة .

في المقطعات المكثفة التي جاءت من دون عناوين يكشف الماجدي اللثام عن الأشياء والعالم الواقعي للمحمولات في هذه النصوص ويتحدث عبر كلام معبر لا يحتاج الى ابهام أو غموض أو اضفاء الصفات البلاغية على الكلمات . أن النصوص هنا وهي تركز على المفارقة تمنحنا ما لا نريد أن نعرف من خلال التباعد والتضاد بين المعنى والخطاب .

{ الخديعة
حفرة عجيبة
يزداد عمقها
كلما هدأت معاول الشك .

{ يا صاحبَي الغربة
أحدكما سيأكل من رأس الآخر
ولن يسقيه ربّه شيئاً .

{ يا أخي
يا من ينظر لسقوطي الوشيك
ادفعني بكلتا يديك .

{ سأدعوكم لحفلة تنكرية
هل توافقون ؟
لنخلع أقنعتنا اذن .


لا أريد في هذا العرض السريع للمجموعتين أن أعطي رأياً جازماً في ابداع الماجدي وتجربته وسأقدم هنا قصائد من كلا المجموعتين واترك الحكم الى القارىء .


قصائد من { أختام هجرية }

حديقة الرحمن

أشار الينا
وفي الظل تسلم نياشيننا
عندما الآخرون نسوا عيونهم
في مباخر
الأساقفة .
أشار الينا
وأطلعني على آيةٍ منه ،
على لحظة يقينه
فتعرفت على وريثه في بهو
كلامه
عندما الآخرون ألبسوه قميص
الردة
وخاطوا فم يومه بالوشاية .

***
على حشائش تأويله
نصبتُ شؤوني
وسوّتها بالفراغ
وأجلستُ براهيني على أرائك
حكمته
مستدرجاً الحاذقين لعسل
انتظاره .

***
أنا الشبيه .

***
وأنتَ آت
فتش عن ثقتنا في ثيابه
فاللذة ، جنده الصغار ، دفنوها
في كاتدرائيته .

***
يا أحد عشر غائباً
خذني لأجرّك
وطوقني بالهائل من أسيافك
لأحصي هزائمي
وأعيد بها ترتيب يومي .
قدني لمأدبة شراكك
لأسترد طهارتي من دنس
غيابك .
ادخلني حديقتك
لأتذوق طعم الغفلة في ضحكك .

***
أنا الشبيه .

***
هيأت لمحنتك خاتماً
وصولجان
ورعايا يهتفون
ملكاً لا يبلى
وهيبة عظيمة .
حاشية تكتم السر ّ .
أعياداً
ووفود تهنئة
وضحّاكين .
ألسنة تتناوب برطانات شتّى
وكاهنة تتقن قراءة الطالع .
خرائط ومسّاحين
سككاً للعيّارين
شرطة ومطلوبين .
فرساناً
ورجّالة ،
ماثانيين
حواريين
وروافض
هبطوا من الأرض
وعادوا بنياشين معطلة
ووصايا تخذل الوارثين
تحثني بأحد عشر صامتاً
أحد عشر منتظراً
أحد عشر غائباً
دخلوا الحديقة
وموّهوا رسومها
مذ الآخرون نسوا عيونهم في
مباخر الأساقفة .

هناكئذ

مكبل بحضورك أيها التعب
وبألواح الفيروزج
ملقاة في قبو الظهيرة
يعاينها دهاقنة يرقبون بريد
الملائكة .
أشيح بوجهي عن وجهي
هارباً بمصاحف الموتى
وبحضورك أيها التعب
تاركين شبهتي بلا طيلسان
فرجة لسيدين يتواريان عن
العامة .
بعيون معصوبة
يساومني ميت على جثتي
فأسمعُ شغب الموتى
وأشمّ وقار المبعوثين
فيفتح الأبد بابه على رهط
يختلفون :
{ تلكَ أمكم
فأعدوا لها لبوسها يا بني ماء
السماء }
وقّدوا سراويلكم بالفؤوس
لعل بني ماثان يسرون ليلاً
لصيارفة الكهف
يسكّون لهم أروقة بلا عسس
والذبيحين يكفان عن عراكهما
حول حلم أبويّ .
تلك أمكم .
أضع عيوني في كيس ورقي
وأرد المجلس من جهاته الستة
لأشهد قلوب الأنبياء وهي
تغتسل في طشت من
ذهب .
أؤرخُ البارحة بتصانيف
النسيان
وأعلق ، مع الفتية علاماتهم
على أبواب
المدينة .
أشيح بوجهي عن وجهي
ازاء صمت طويل لآباء
مجهولين
يتناقلون ارثهم بهمة .
هناكئذ
سأترك جثتي على جدار
مصدوع
قبل أن تغلق الجنة أبوابها
الزرق
بجنود يخرجون الكمثرى
يحرقون رايات البكّائيين
وينثرون دموعهم على المارة
ليشتريها فلكيّ يرافق المغول .
يعري آخر آبائي علته
لدم يتجلد في كؤوس
الحجّاميين
واهباً أتباعه غلماناً من فضة
يرقبون – في وصايا الغائبين –
عودته .

خروج أخير

بالفتوحات التي يدونها
الماضون للاحقين
بمعاول تثلم هندسات الملل
بحشد من الشعائر تقولُ
للراكضين : انسوني
بآباء مجهولين يختلفون على
نسبٍ مجهول .
أخرجُ
بهيكلِ من يمشي على جثته
بجلد ينوس تحته نما العافية
فأرى بأكثر من عينين
أمراء يفركون بأفخاذهم خواتم
شهواتهم
أطفالاً يقذفون بأسنان
ضحكاتهم الأولى لشمس
قديمة
معداناً يتكاثرون
فيعادون لسراديب غفلتهم
سرّيين يتوارثون غصة
غصة العارف بموته ،
يحبسهم طهاة التأريخ بقدور
الوقّاتين
وقاتي الغلط حتى يصل لقامة مديحهم .

***
أشتبه بشبهتي
فأهزّ بيدي أجراس خسارتي
أحشو المسدس بورد أسود
أصوّب ضجري لاستراحة
البستاني
فتفقد الحديقة بصرها .

***
بكَ أيها النسيان
يا مقراض القلق
سأنتهي من مذبحة حيرتي
فاهتدِ إليّ
يا حطّاب الألم
ارحمني من تركة الغياب
ودَين التذكر أسددهُ لسيّاف
الماضي .

***
أخرجُ
من اساطير تتعكز على خدرنا
أرمّم منارات يقيني
بعيني النسر تمنحان الحظ
لعابر فلوات الشك
بحرقة الدفّانين يرشدون
النغمة
ولن تصل
لوجهة اليقين ،
بسعالي الدهشة تعطّل اللسان
بخيول اللذة البلورية تتقافز
حول نيران الجسد .
أرممه بيقين اليائس من شك
يؤكد اليقين
أرصُّ الإرث المنتقى في
أكياس خيش الأيام
أرقمُ وجهاتها بليطة الغابرين
وأخرج .

***

آنية القلب أعددتها لضيوف
الطريق ، التي يسلكها
الهداةُ
حين يعبرون مغالق الذات
القيّمين على المكان
أرباب المأدبة
أرباب الجسد
في زورق النوم الكبير .

هندسة السهو

أجاملُ الطريق
أتأملهُ
ليتسع لخطواتي
وللاثنين اللذين أخصهما
بعنايتي :
أحدهما يصفّ مقاديره على
سقالة الحاضر
ويغوي القابل من آثامه بهندسة
السهو ،
وسواه يدل على منابع الألم بيدٍ
وبالأخرى يطبب العائدين من
أكواخ الذهب .

قصائد من { المعنى في الحاشية }

سؤال

كيف أصفُ المشهد أيتها اللغة ؟
هل أقول : ركضت جثة الجندي
خطوات بعد أن قطعت
شظيةٌ الرأس ؟
أم أقولُ : تدحرج الرأس فيما
ركضت الجثة خطوات ؟
أم أقولُ : اختفى الرأس فهربت
الجثة ؟
أين أصبحَ / أمسى / باتَ / صار / .. /
الجندي ؟
مع الرأس أم مع الجثة ؟

غريب

وأنا أتأملُ الراقصين
همستي لرفيقكِ : مَن هذا الغريب ؟
في الصباح كنتُ أنفضُ شرشفَ
صَحوي مِن حلمٍ راقصٍ ،
كأنكِ همستي لي فيه : مَن هذا الغريبُ ؟


رثاء

غداً
حينَ يأكلني الموتُ
حين يمضغني نيئاً
لن يصغي ، كأصدقائي ، لصراخي
سيمصّ روحي
ويرميني قشرةً صمّاء بكماء
ليعلك الأصدقاء رثائي
بكلمةٍ
لا يصغي أحد لصراخها .

عطالة

ممدداً على حصان ليليٍّ
أتابعُ مشاهد حلم تافهٍ
يدور في محطة رأسي .
تدوسني همّة الجيران الصباحية
فأنهزم من حرب المنزل
التي لا أجيد المناورة فيها
مفرغاً فشلي
ركلاتٍ على مؤخرة النهار .

اوديبيّون

حَملنا أبانا على عاتق أخطائنا .
رميناهُ مربوطاً
على تلة الذنوب .
رجمناه بضمائرنا
ورحنا نكتب شاهدته :
هذا جناهُ أبواي
وأنا جنيتُ على سواي .

خِدمة العَلَم

{ تميمة فاتَ أوان ربطها
عاطلةٌ إلاّ برأس رهطها }

عِش ، خافقاً أو ساكناً
في علوٍّ أو دنوٍّ ، لوحدك
فلن نعتصم بكَ بعد الآن .
يا آكل أصحابي .
ألبستنا ثياب الذلة
قطفتَ زهرات العمر
على ندرتها .
قشعرتَ جلودنا بصباحاتكَ البالية
وَخوزقتنا بساريتكَ .
تحمرّ حين نصفر
تبيضّ حين نسوّدُ
تخضرّ حين نتيّبسُ أمامكَ
لتذكرنا بحياة سوداء .
تطوطمتَ علينا أيّها العَلمُ .
انشغلنا ، سنواتٍ بتنظيف ذقوننا
من ضحكك .
لستَ سوى خرقةٍ
سراويل حبيباتنا أزهى من ألوانها .
حمّالات صدورهن أحقُ بالنشيد .
فَرفرف بعيداً عن هوائنا .
اننا نتنقّه .

هدية

أنا هبةُ الهمّ الجزيلة
أكللُ اليوم بالسواد
فتجَهم
أو ابكِ
لأرى ماء شؤنكِ .
زجاجة القلب تحطمت
وها بيضات الخيبة تفقسُ .
فدُر في دوّامة القلق المُغلقة
إذ لا معين
سوى فتى الحيرة الثرثار
يقودكَ كأعمى
يفكرُ أيّ الظلمتين يختار .

اقتران

كلما أمسكُ أمنية
تدلي قدميها في القبر
قائلة : اتركني ، أو أنزلك معي .

ساقُ صالح

كُلّ ما في صالحٍ صالحٌ
إلاّ ساقَهُ
عاطلة عن العمل والأمل .
كَي لا يأكله شرّها
سَلّمَ أمرهُ لله
وساقهُ للجرّاح .
كفّنها بنظرة أخيرة
ليحملها أخوتهُ للمدفن
معزّينه مصابه ليس الجلل .
دون أن يلتفتَ أحد
بتعزية
بنظرة
أو كلمة
لساقه الصالحة
المفجوعة بأختها ،
وبجسد صالح الذي ستحمله أنّى
يَشاءُ .

* شاعر من العراق يقيم في السويد
[email protected]



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 10 قصائد
- 8 قصائد
- الجثث مجهولة الهوية ببغداد والإرث العراقي في القتل
- معرفة أساسية :الحرب . الشعر . الحب . الموت . الفصل 12 الأخير
- نجوم اسمكِ وهندباء مؤامرات شفته المكشوفة للعقيق
- الأرض الغنائية الشقراء لشفتكِ وقناديلها التراتبية
- صمتكِ الذي يتصدر الشجرة الكبيرة المحتاطة على هاويتها
- سهر الانسان المنبطح على ليل الغابة الفانية
- صقركِ المنقلب باتجاه اللحظة الأخيرة للرغبة
- الشاعر . الصعلوك . الشحاذ . الكحولي
- مجموعة جديدة للشاعر العُماني زاهر الغافري
- الحجارة الكريمة لانتظارك بين شواطئ الزمان المتهدمة
- سور المدينة خصرها ووجهها الباب
- 3 نجوم الصيف التي لأثدائها مذاق الشفاعات -قصائد
- تمهيدات عظيمة للصعود الى ضوء القرابين
- معرفة أساسية .الحرب . الشعر . الحب الموت . 11 فصل من سيرة قي ...
- أرض خضراء مثل أبواب السنة
- 22 قصيدة
- نشيدُ محنتِنا الشَّبيهُ بالصَّلواتِ المزدوجةِ لنساءِ الإغريق
- أحلامٌ تذبلُ من شدّةِ الدّوي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - عبد الرحمن الماجدي في مجموعتيه الشعريتين { أختام هجرية } و { المعنى في الحاشية }