أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غسان المفلح - مرة أخرى الديمقراطية للآن الاجتماعي- سورية أصابها الاهتلاك















المزيد.....

مرة أخرى الديمقراطية للآن الاجتماعي- سورية أصابها الاهتلاك


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 2130 - 2007 / 12 / 15 - 12:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كنا تعرضنا في مقالتنا السابقة لهذا الموضوع, وهو أن الديمقراطية في المشرق العربي عموما وسورية بشكل خاص, ليست حلا سحريا لكل مشكلات الواقع الاجتماعي, بل هي وسيلة لولوج المجتمع إلى هذا العصر , و بها يبدأ في التعرف على واقعه, الذي أفرزه الاستبداد المزمن, وعلبه في أدوات سيطرته العارية, الناهبة لكافة مقدرات المجتمع, المادية منها والرمزية التي أصابها الاهتلاك المزمن أيضا. حيث أن الاستبداد لم يوظف أي رأسمال لا مادي- لأنه جاء إلى الحكم بلا رأسمال مادي- ولا رمزي يعيد من خلاله إعادة إنتاج حالة من الإجماع المجتمعي, على أنساقه الأيديولوجية,بل ما حدث هو العكس تماما, فقد قام الاستبداد خلال العقود الأربعة الأخيرة, بتكوين رأسمال مادي غير موظف على صعيد احتياجات المجتمع, وهذا الرأسمال لم يكونه من خلال تنمية اقتصاد المجتمع, والحصول على أرباح لهذا الرأسمال, بل قام بشكل منهجي واعتباطي لا فرق من حيث النتيجة, باستهلاك ممتلكات المجتمع دون أدنى تعويض. وسنوضح بلا تجريد: عندما أتى أو يأتي ضابط أو مسؤول إلى الحكم أو إلى موقع في أجهزة الدولة, فغالبا يأتي فقيرا, لأن الغني نادرا ما يلجأ للعمل كمحترف في الدولة, وبعد فترة قصيرة لا تتعدى سنوات يصبح من الأثرياء, من دون أن يوظف فلسا واحدا في أي مشروع اقتصادي. يذهب قسم من هذا الثراء على البذخ من جهة ويكتنز في البنوك أو في البيوت في غرف النوم تحت الأسرة في صناديق من كرتون من جهة أخرى! هذه الأموال التي نهبها بعدة وسائل معروفة للجميع, تذهب من مال المجتمع إلى جيوب هؤلاء الأفراد دون أي مقابل لا اقتصادي ولا اجتماعي, وبالتالي تبدد رأسمال المجتمع تدريجيا, حتى وصل إلى أن 50% إن لم يكن أكثر تحت خط الفقر, وهذه ميزة لم تعرفها سورية من قبل, حيث كافة المؤشرات كانت تشير إلى أن سورية فوق خط الفقر بدرجتين, أقله في بدايات عقد السبعينيات, رغم الضخ من الأخوة الخليجيين, والذي ذهب عموما إلى جيوب الاستبداد, حتى أن قطاع الخدمات مثلا أصبح أكثر تخلفا عما كان. هذا على صعيد نهب الرأسمال المادي للمجتمع. أما على صعيد اهتلاك الرأسمال الرمزي لهذا المجتمع, فعندما جاء الاستبداد إلى السلطة كان المجتمع الأهلي يعيش تضامناته وروابطه ورمزياته بطريقة سميناها في مرحلة من المراحل حسن الجوار بين مكوناته, والآن المجتمع بات في أعلى درجات التوتر الطائفي المغلق بقوة القمع. هذا مثال من أن الاستبداد جاء بشعارات قومية, وحول البلد إلى طوائف. المحصلة: سورية أصابها الاهتلاك المادي والمعنوي. والديمقراطية تبدأ بأن يتعرف هذا المجتمع المنهوب على حقائقه المرة التي خلفها هذا النهب المنهجي والمزمن. يقال نكتة سرية في سورية منذ أيام الرئيس الراحل, بأن القصر الجمهوري دوما لديه ميزانية احتياط من أجل استيراد القمح الأبيض لإطعام الناس خبزا رخيصا, وهذه قضية تنبع من أن فهم السياسة كان مبني على أن الناس لا تنزل إلى الشارع في حال كان في بيتها رغيف خبز! الاستبداد مستمر بالطريقة بالمنهج نفسيهما, بغض النظر إن كان هذا الاستبداد وطنيا أم غير وطني, مناهض للمشاريع الإمبريالية أو ممانع, محافظ على الدولة الوطنية- عند الصديق برهان غليون أم غير محافظ- فالحالة مستمرة مزيد من اهتلاك الوضع السوري, حتى نصل إلى ما لا يحمد عقباه. هذا الفقر أنتج فيما أنتج برعاية من سيده الاستبداد, كل أنواع التزمت وثقافات الهرطقة, وثقافات الممانعة والمقاومة بالتفجيرات الانتحارية. كما أنه أنتج تيارات ومصالح استطاع الاستبداد أن يشاركها تارة ماديا ورمزيا! وأن يقمعها تارة بكل الوسائل, والتي لم تروض بقيت في غالبيتها: وهنا أحد وجوه المأساة السورية, أنها بقيت هذه التي لم تروض تجعل من ثقافة الاستبداد ثقافتها, في الممانعة والمقاومة وتخوين الناس, ومحاولة مصادرة حق المعارضة من بعضهم بعضا. لدينا تيارات معارضة تمثل طيفا طبيعيا في أي مجتمع راهن, فيها المحافظ والتقدمي وفيها اليساري والليبرالي, فيها الأخوانجي وفيها الملحد, فيها القومي وفيها القطري, فيها الكردي وفيها العربي, فيها الأغنياء الجدد والقدامى, فيها إعلان دمشق وفيها جبهة الخلاص, فيها مثقفين يمثلون غالبية الأيديولوجيات المعاصرة, وفيها شعب يعيش بغالبيته تحت خط الفقر أو على حوافه. فيها القبيسيات وفيها روابط النساء التقدميات التي يمنع الاستبداد عنهن الهواء! إنه كل هذا وغيره يشكل الآن الاجتماعي, هذا الآن الاجتماعي هو من يجب أن يحصل على الديمقراطية, ولن ننتظر الاستبداد حتى يخلق لنا مجتمعا ديمقراطيا, خصوصا أنه مشغول في معركته الوطنية والممانعة مع اليسار والأخوان سويا في مركب الثقافة الشعبوية نفسها التي تخفي خلفها, أجندات واضحة المعالم, في جوهرها أجندات معادية للديمقراطية, ولا تريد من الديمقراطية سوى تلفيق تفرضه المرحلة عند بعض من الأخوان, وتكتيك عند بعضا من اليسار, وعداء صارخا عند الاستبداد. لا يوجد دعاة ديمقراطية يطالبون بديمقراطية لهم وعلى مقاس أجنداتهم سواء كانت وطنية على طريقة صديقنا عزمي بشارة كما ذكرت في مقالتي السابقة, ولا ليبرالية على طريقة المحافظين الجدد, ولا مدنية على طريقة الأخوان المسلمين, ولا قومية على طريقة البعث سواء من كان منه في السلطة أم من كان منه في إعلان دمشق أو في جبهة الخلاص, ولا هي على مقاس دعاة الأمركة, أو دعاة مناهضة الأمركة,الديمقراطية لكل هؤلاء بلا استثناء, ولكن علينا أن نعيد الاعتبار لدولة المجتمع, كما هي موجودة في المجتمعات الأخرى, ومن دون أن نحملها أية أيديولوجيات, سوى أيديولوجيات دولة القانون على الجميع وحقوق الإنسان للجميع, والمؤسسات للجميع. هذه دولة المجتمع كله, وليست دولة تخص فئة بعينها, أو أيديولوجيا بعينها, وليعذرنا الرفاق الآن, حول طبقية هذه الدولة لنؤجلها لما بعد الديمقراطية. على الاستبداد أن يحسم خياره حقيقة فلا طريق آخر غير الديمقراطية, وسيلة لإخراج سورية من عنق الزجاجة, وعفا الله عما مضى. نبدأ محملين بآمالنا وبمجتمعنا كما هو الآن وليس كما هو في مخيلتنا أيا كنا. بعد كل هذا الوضع الذي وصل إليه الاستبداد من ثراء فاحش وسطوة قل نظيرها, هل يقدم في النهاية ولو بارقة أمل واحدة?



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية و الآن الاجتماعي-بعض أسئلة.
- تفكك الليبرالية السورية- عودة القومي إلى أحضان الأصولي
- الحوار المتمدن نحو التمدن.
- حوار مع موقع الإخوان المسلمين في سورية
- إعلان دمشق الآن خطوة بالاتجاه الصحيح
- الديمقراطية... السيادة للدولة... والحرية للمجتمع الآن!
- السلطة السورية و الستراتيجية التركية-المحنة الكردية(2 - 2)
- السلطة السورية والإستراتيجية التركية- المحنة الكردية-1من2
- أختلف عنك لا معك!نحو أكثرية اجتماعية جديدة.
- الطائفية والمواطنة-وعي سوري شقي2-2
- الطائفية والمواطنة.. وعي سوري شقي 1-2
- دولة بشعبين أم دولتان؟لعنة التاريخ.
- سويسرا في القلب-4-
- أل التعريف و ثابت الوهم! السياسي المستبعد
- غياب السياسي تأصيل لغياب العقلانية
- رد صريح على السيد زهير سالم نائب المراقب العام للإخوان المسل ...
- عامان والسياسة غائبة إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي.
- المعارضة والهوية...تأملات تجريبية سورية (2-2)
- المعارضة والهوية...تأملات تجريبية سورية (1)
- استقلالية الثقافة!هل هي علاقة قوة أم طيه سلطة؟


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غسان المفلح - مرة أخرى الديمقراطية للآن الاجتماعي- سورية أصابها الاهتلاك