أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - محمد غانم, والبطل المأزوم0















المزيد.....

محمد غانم, والبطل المأزوم0


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 07:19
المحور: الادب والفن
    


أينما تحرّك القاص والكاتب : محمد غانم 00 تظلله الإنفعالات , هو كائن منفعل في كل شيء , وكأنه قُدّ من انفعال , محمد غانم مجموعة من أحداث وأشياء أُخر 0 يدخل فيه الزمان يصنع منه أرجوحة وهم ٍ , ويُدّلي رجليه على حواف المكان , ليقذف روحه على أعتاب الحلم , شتائمي "مهراش" توجعه المخيلة , وهو يسير, ودائماً على حواف الألم , تتقاذفه الأمزجة , فيقاتل ذباب وجهه, ويقذف به البحر على أشواك الصحاري , فتعضّه الأفعوانات , وتدمي أرجله كلاب الطرّاق , ويفزعه " الكابوي" القادم من الشمال , وهكذا تلمّه المناحات , ويسكر في جمجمته العويل , فهو غرائبيّ بطبعه , وروحه دائماً منسابة مع الحزن القاتل, كشفرات الموت, فضائحي ومهموم , ومسعور بلطم روحه , فهو يدمي ذاته " كحسين ٍ " غرّبته ماء الفلوات , وعَرَقَ الخيل المداهمة من صبابات الوجد , نصوصه معقدة ومتشابكة , تدخل فيها الأفكار والمفاهيم , بالأودية والأحلام , وتراه دائماً يجرّ خلفه حروفه , تلك الحروف التي سَمّمَها القيظ , والتي تلبط بعبه كعقارب الصمت , تهرش روحه التي أدمتها حواف السكاكين , ونبال العصر الحجري , هو لا يُؤَاخذ بشيء لأنه هكذا منفلت من عقاله , دخل مطبخ الحرية , في ثوب بدوي هجرته المراعي , فتأرق بها كطفل ٍ يداعب أبويه بشراسة, علّهما يفطنان إلى جوعه الداخلي ( قررت أن أبدأ فوراً , كنت قد أحضرت المدينة – فتاة أحلامي – رحت أرسم على صدرها أخطبوطاً أليفاً يشبهني , ضممتها إلى صدري وخرجت بعدها متسللا ً من فوهة البشر إلى وجه المدينة الحزينة 00 المتعبة00 المسافرة حتى القهر اغتراباً )( ص 81) وفي قصصه رغم الامتداد الهذياني المشوش في استطراد الاحلام , نراه هنا يدخل الحالة التوصيفية المباشرة لأزمة المدينة , فهو ينزل من صهوة الخيال , إلى صلادة الواقع , ليجبرنا على الوقوف في عالم المدينة المقهورة , فأحياناً في قصصه, ليس دائماً الغاية الأدبية في الكتابة لديه هي المشكل , ولكنه الواقع الذي يدمي , فتموت الكلمات في حناجر الصمت " مجموعة قصصية " مقتل الصمت – قد كتب بين دفتيها – " القصص التالية " هي : 1- نداء النمل -2- العقرب – 3- أطراف -4- ليل يحلم بالطويل -5- محاولة -6- مقتل الصمت 0 فالعناوين هنا , غرائبية , فالنمل الذي كلمه سليمان , يجعله محمد غانم – ينادي وكأنه عجز عن منادات البشر , فجعل النمل ينطق بما يهوى , والأحلام الليلية , يتمناها الليل طويلة , وكذا الصمت البليد الذي يدخل المفاصل , ويخدر الأعصاب يجعله مقتولاً, والفاعل صوت المسدس الكاتم , - محمد غانم- الكاتب يحتج على كل شيء , لا شيء في هذا الكون يوصل إلا إلى الألم , الكون المسفوح في وجوه القتلة , والناس الدشّره الذين ملّهم الصمت , فاضحوا دواباً تساق إلى الذبح , ولا شيء سوى مقتل الصمت , الذي يلاحقه من البحر إلى الصحراء, من الطفولة إلى الحلم الكبير , والصمت لدى العاقر صمت آخر , فلا جدوى في عالمه من أي عالم ٍ , لأن الكل يذبحه الصمت , والدراية الوحيدة عند كهوف الحناجر , هذه قصة مقتل الصمت 0 أما في قصة " العقرب " فنقرأ : ( الغربة مرة ثانية 00 سنونو اسود , ولكنه لا يبشر بقدوم ربيع 0 أنا منذ مدة لم أشاهد هذا الطير , أحياناً يخيل لي بأنه حيوان ليس من فصيلة الطيور , فكلانا أسير الغربة , أوعشيقها المجنون) فهو يدخل الحكاية في الأقصوصة , بعض قصصه تركيبية , فكرة ذات طابع مشاهدي يجعل منها – حكاية وهماً , دون أن يدخل في وهم الحكاية لأنه مهموم بها أصلاً , فتراه يجمع حكايات كثيرة ليتركها تتحدث عن نفسها , فتشكل لك الحكاية التي يريد , فهو غير صبور على أن يدخلك في عالم السرد الطويل , والزمن الهلامي , فهو نزق , ومتوتر , ويقفز دائماً ليصل بك إلى النهايات , هو كاتب نهايات بامتياز , وهكذا نراه في قصته " العقرب " يهديها إلى – المتصالح – صلاح – صالح – الصلح – ويبدأ في تغريبة يعرب العربي / مسافهات المتاهة /
قال: عمن تبحث هناك ؟
قلت : عن لا أحد 0
قال: تجد الجميع 00 إنهم هناك 0
قلت : الحلم معهم 0
قال: لا مكان للحلم يا ولدي , الأمكنة صغيرة هنا , الأرض كلها يا ولدي لا تتسع لحلم 00
ويتيه الكاتب في البحث , فهو يبحث عن الناس , والحجارة , والكائنات, والتاريخ , وأيضاً عن الزمن والحقيقة , فلا أحد , الكل ذهب بعيداً اختبئ وراء متاريس الحرب , الكل مشغول بلعبة الموت , والباحث الوحيد هو الكاتب , والمتبقي من أحلام البشر , رجل العربة الكهل الذي يبيع الشاي , ويتحدث عن ضياع زمن الأحلام 0
يخلع القاص أحلامه أيضاً ( وأنا خلعت البحر من ذاكرتي, والفرات من حلمي 00 خلعت كامل أصابعي , ورميت بها لسلة تعج بالقطط حتى لا يعود خاتم الماء إليها , خلعت يديّ حتى لا أضم أية انثى , خلعت رأسي حتى لا تسكنه بلاد من العشق , خلعت قلبي كي لا أعرف الحب , تحررت من روحي وصرت وحيداً, أعيش مثل السحالي على الرمل , أقتات بيض الضفادع والسلاحف , وأمضي إلي مائي المتبخر في صقيع الصحارى والبوادي الشامية ) 0
وفي هذه السلاسة والعفوية , الناطة من وجدان الكاتب , تتعانق الحروف وتتعاشق , فوق تراكم هذا الهم 0 الهم بالتاريخ , التاريخ المهموم بالوطن , المسكون بالغربة والضياع , وبما أنه لا يستطيع فعل شيء , فهو قادر على تعذيب ذاته , فتستمر معه الأرهاصات التي تخُرج روحه سعيراً من بين جنبيه , فيتفصد ألماً , ولا يجري لوحده , إذ تعدو معه , قبور النصارى, وأحجار الكنائس , فهو يدري أنّ السر الكامن في / لبنان/ الحرب/ موجود عند – شوشو- ونضال الأشقر , وماجدة الرومي- وأحجار بشامون – ونبع النبطية – وهكذا لا ملاذ له إلا القبور " بدأت أصفّر في القبور قبراً قبراً , باحثاً عن حلم / أي حلم , كلما نبشت قبراً وجدت حبلاً مزرقاً / متفسخاً , فاقداً للروح " وهكذا نعيش مع الكاتب سمفونية المقابر, عندما يهرب الأحياء , ويبحثون عن الموت , ليس لك إلا أن تسأل عن الموت , أو تسأل أصحاب الموت علك تجد الإجابة عن الحياة , في الزمن الذي تموت فيه الأحلام , يظل الموت , أو أصحاب الموت , المقابر هم الحقيقة الوحيدة الباقية , وهكذا نعيش مع قصة أطراف , هذه القصة الكابوسية التي أناخت بكلكلها على أنفاسنا , وأعادت لنا ليس الواقع الظلامي الذي عانا ويعاني منه تاريخ القصة فقط , بل أيضاً هذا الجو الأسلوبي الخاص بالكاتب – محمد غانم – والذي هو مماثل لشخصيه , إذ هو أكثر صدقاً مع أدواته في الكتابة , كما هو في الحياة 0 شخص متناثر , يُدّوخ ذاته قبل الآخرين , وهو مهموم بقضاياه , بطريقة " حسينية" إذ هو كربلائي المشاعر , مشحون العواطف , يتماها مع الأحداث التي يؤمن بها تماماً مثل نصه , ولكن بمزاج فنان , فالحدية في نصوصه , تجعله دائماً يقف على حافة السيف , ويترافس مع الذوات التي تحيط به , وهذا مأخذ التأزم لدى شخوصه , فالنص عند الكاتب " محمد غانم " حار , مملوء بالدماء المتسارعة في نبض الحروف , فهو رغم هذا الجو " الكافكاوي" في قصته وربما نصوصه بشكل عام , نراه في ختام القصة يُشَبِّهُ أحلامه بقوس قزح , أو مثل وجه طفله " المهلب" وهو يضحك 0
• مجموعة – مقتل الصمت – قصص0
• محمد غانم
• الطبعة الأولى 19970
• الناشر – دار الحوار – سوريا اللاذقية 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استنظار إبليس
- القصص القرآنية
- خلق السموات والأرض-4-
- هل يوجد حوار متمدن ؟
- خلق السموات والأرض-3-
- يؤمنون بالله لكي يقتلون شعوبهم
- بلاغة القرآن -6-
- خلق السموات والأرض
- خلق السموات والأرض -2-
- بلاغة القرآن – 5 -
- من هم الأرمن , وما هي مأساتهم ؟
- العرب متشابهون , ويكرهون أنفسهم
- بلاغة القرآن -4-
- غيفارا يحلم من جديد0
- الكوكب المضيء
- قلبي للنرجس ولأعقاب السجائر دمي
- بلاغة القرآن -3-
- بلاغة القرآن -2-
- الدعوة الإسلامية وإعجاز القرآن
- بلاغة القرآن -1-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - محمد غانم, والبطل المأزوم0