أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عصام عبدالله - شعار التنوير














المزيد.....

شعار التنوير


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"الإيمان الحيواني" - Animal Faith تعبير صكه " جورج سانتيانا " ( 1863 – 1952 ) ليشير به إلي ذلك النوع من الإيمان الذي يخلو من كل فكر أو عقل، فالفرق بين الحيوان والإنسان، أن الحيوان يؤمن أو يعتقد بالغريزة، ويتوقف عند حدود هذا الإيمان أو الاعتقاد لا يتعداه. صحيح أن الإيمان أو الاعتقاد عند الإنسان يدخل في نطاق الوجدان، أو بالأحرى تكون نسبة الوجدان أكثر بكثير من الفكر في المركب الاعتقادي، بيد أن هذا الوجدان لا يوجد منفصلاً عن الفكر أو لا تقوم بينه وبين الفكر أية علاقة ديالكتيكية وإنما على العكس تمامًا.
ومن الخصائص النفسية للمعتقد أو المؤمن.
1 – الاستغراق: يكون الإنسان نشوانًا باعتقاده، متحدًا بمعتقده اتحادًا عضويًا مكينا إلى درجة أن ذلك المعتقد يكون جزء لا يتجزأ من قوامه الجوهري ، وهذا الوضع هو ما يسمى بالاستغراق، أي أن المرء يكون غارقًا إلى أذنيه في معتقده.
2 – الكلية أو الاطلاقية: الإنسان المعتقد أو المؤمن لا يعرف النسبية أو التوسطية أو البين بين في الاعتقاد، فأي شائبة تشوب معتقده مرفوضة، لأن في ذلك إنزالاً لمستوى الاعتقاد إلى مكانة أدنى، بينما المعتقد يصل إلى قمة الاعتقاد أو ذروته.
3 – الجيشان الوجداني: يكون الإنسان مشبوب العاطفة، وقد بلور جماع وجدانه حول معتقداته الدينية، لذا ينبع سلوكه من تلك البؤرة الوجدانية التي صارت العقيدة نواة لها، ومن الطبيعي أن يكون لذلك الجيشان مظاهر سلوكية خارجية.
4 – الخصوصية: الاعتقاد أو الإيمان شيء خاص جدًا بل إنه يكون محفوفًا بالسرية، حتى عندما يكون الاعتقاد اجتماعيًا ومسيطرًا على مجموعة من الأفراد، فإن تلك المجموعة أو الجماعة تكون بمثابة شخص واحد، أو قل تكون كائنًا حيًا عضويًا. فقد كان الفيثاغوريون يغلقون على أنفسهم وحدهم ما كانوا يعتقدون فيه. وقد حكموا على واحد منهم بالموت لإفشائه جانبًا من معتقداتهم. والتاريخ مملوء بالجماعات السرية التي كانت تخفي معتقداتها عن باقي الناس.
5 – التضحية بلا حدود (أو الاستشهاد): الإنسان المعتقد على أتم الاستعداد للفناء في سبيل الحفاظ على معتقده، ذلك أن المعتقد لا يشكل لديه قشرة الشخصية وإنما لبها وجوهرها.
فالمعيار هنا لا يكون معيارًا يقيس الفائدة والضرر، بل يكون معيارًا آخر هو معيار (الوجود والعدم). فإذا ما انتهكت عقيدته الدينية فإن ذلك معناه في نظره القضاء التام على العقيدة برمتها، هذا القضاء يعني في نفس الوقت القضاء على الإنسان المعتقد نفسه، فهو يعتبر أن عقيدته تساوي الكون بأسره، وإذا خير بين استمرار بقاء عقيدته وبين استمرار بقاء الكون، لفضل إذن بقاء عقيدته سالمة من أية شائبة يمكن أن تصيبها.
وعليك فقط أن تتصفح تاريخ أصحاب العقائد الدينية الذين لم يترددوا لحظة واحدة في التضحية بأنفسهم كشهداء في سبيل عقائدهم.
لكن ماذا يحدث إذا طغى الوجدان طغيانًا تامًا على الفكر داخل المركب الاعتقادي للإنسان ؟ .... وأشدد هنا على الطغيان وليس الإلغاء أو المحو، ذلك لأن الفكر داخل الإنسان لا يلغى ولا يمحى، وإنما في مرحلة الإيمان تكون السيطرة للوجدان على الفكر، ويصبح الفكر خادمًا أمينًا للاعتقاد الديني، فهو يقدم التبريرات والبراهين العقلية على صحة الاعتقاد، ويصد المعتقدات الدينية أو غير الدينية المناهضة لمعتقده، ويحاول أن يستوعب قدر الطاقة ما يمكن التكيف معه واستيعابه في قوام اعتقاده، وهكذا .....
لكن ما أقصده هنا هو تلك الحالة الوحدانية التي يتم فيها تغييب الفكر أو "أسر" العقل .. والتي يصبح فيها إيمان المرء أقرب إلي الإيمان الحيواني . "والعقل الأسير هو ذلك العقل الخاضع لما يصل إليه. إنه العقل الاسفنجي الذي يتشرب ما يقدم إليه دون تمحيص أو نقد أو شك. فالعقل إذا كان حرًا، فإنه يكون عندئذ سيد الموقف، ويكون هو الحكم المنتقى من بين مجموعة من الخيارات المتباينة وإذا ما حرم العقل من القدرة على الاختيار والنقد يصبح عقلاً أسيرًا فاقدًا لحريته، وبالتالي فاقدًا لهويته التي كان يتمتع بها وهو حر".
إن طغيان الوجدان على الفكر يؤدي إلى نتائج خطيرة تتبدى في أسر العقل وإلجامه وإبطال نشاطه وجعله مثل الإسفنجة التي تتقبل ما يقدم أمامها بغير تمييز أو انتقاء ، من فتاوي واشاعات وخوارق ومعجزات ، ويصبح المناخ كله مشبعا بالحساسية الدينية المفرطة ، وينعدم التمييز بين التقوي الحقة والمظاهر الدينية التزيدية ، ويصبح لدي الأفراد والجماعات قابلية شديدة للثوران فجأة ، إلي درجة لا مثيل لها من الانفعال الديني ، ردا علي اشاعة مغرضة هنا أو كلمة مسيئة هناك .
وهنا يمكن أن نتفهم مغزى الثورة التي قادها رجال عصر التنوير أو العقل أمثال مونتسيكيو وفولتير وروسو وديدرو وكوندرسيه و"كانط" قمة عصر التنوير الذي عبر عن روح هذا العصر أصدق تعبير في مقال بعنوان "جواب عن سؤال: ما التنوير؟" .. نشره عام 1784 في مجلة شهرية ببرلين، في هذا المقال عرف كانط التنوير بأنه "هجرة الإنسان من حالة القصور التي يبقى هو المسؤول وحده عن وجوده فيها. والقصور هو حالة العجز عن استخدام العقل، والإنسان القاصر مسؤول عن قصورة لأن العلة في ذلك ليست في غياب "العقل" وإنما في انعدام القدرة على اتخاذ القرار وفقدان الشجاعة على ممارسته، دون قيادة الآخرين، لتكن تلك الشجاعة على استخدام عقلك بنفسك، ذلك هو شعار التنوير".



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسس الفلسفية لليبرالية
- مسائل تخص العقل والإيمان
- أليست فكرة جديرة بالتمثل ؟
- ماذا بقي من الدولة ؟
- آخر .. ما بعد الحداثة
- دين حقوق الإنسان
- العنف والحق الطبيعي (3)
- العنف والحق الطبيعي (2)
- العنف والحق الطبيعي (1)
- مشروعية العنف
- محور مفاهيم الحداثة
- دوامة العنف الكوني
- دين الفلاسفة
- هوبز المفتري عليه
- اللا مفكر فيه .. عربيا
- نقد التسامح الخالص
- قاضي العالم الأعلي
- أزمة الحداثة
- الأخلاق والدين
- الدين في النطاق العام


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عصام عبدالله - شعار التنوير