أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل سوداني - النار المتوحشة















المزيد.....



النار المتوحشة


فاضل سوداني

الحوار المتمدن-العدد: 2042 - 2007 / 9 / 18 - 07:16
المحور: الادب والفن
    


مسرحية النزهة او النار المتوحشة
يفضل موافقة المؤلف قبل اخراج المسرحية .
الشخصيـــــــــــــــات


الرجل
الأم
الابن
الحارس

( نور أزرق يغمر أرض ناتئة وسط المياه ، يقف في وسطها رجل في الستين من عمره او أكثر لكنه مازال قويا وحيويا ، توسطت وجهه نظارة طبية بإطار أسود كبير ، مما يستوجب دفعها بين الحين والآخر ، ومع هذا فان الرجل لا يرى جيدا . تزين سترته القديمة زهرة عباد الشمس ، يبدو محترما بملابسه هذه . ضعيف الذاكرة ، ينسى أحيانا فتخرج كلماته متباعدة أو أنه قد يفتعل كل هذا لأسباب لها علاقة بمهنته ، قلقا ينفجر بغضب غير متوقع بين الحين والآخر ، يصاب بانهيار قد يكون نتيجة لمرض الصرع المزمن . أحيانا لا يخضع الحدث على خشبة المسرح الى الواقع وإنما الى الزمن الفني.من الضروري الفصل بشكل واضح بين الحاضر والماضي او بين (الكابوس "الماضي " والواقع "الحاضر") أي بين ما يتذكره الرجل في الماضي وبين وجوده في الحاضر)
الرجل : (كمن يستيقظ من كابوسه )أين انا ؟ (ينظر في الأفق ويخطو في
المكان باحثا ) لاأرى شيئا سوى الماء يحيط بي من كل مكان
وكأنني غريق ( يدفع نظارته ، صمت ) كيف وصلت‘ الى هنا ؟
الحارس : (هذه الشخصية تتعامل بقسوة مع الرجل لكن بهدوء أعصاب
وكأنه يقوم بالتحقيق معه او كأنه يعرفه ويخفي الامر ، وبالرغم
من انه يعطف عليه إلا انه يتعامل معه بسخرية واضحة، وعادة
يحمل أدوات غريبة مثل حبل وفأس . من الضروري ان يبدو وكأنه
هبط من السماء او معلقا في الفضاء او يظهر في كل مرة من مكان
لا يتوقعه الرجل او الجمهور ، كل شئ كأنه وهم في الذاكرة او الكابوس .)
ماذا تفعل هنا؟
الرجل : لماذا تسأل ، من أنت ؟
الحارس : انا الحارس في هذا البستان .
الرجل : بستان ! تقصد هذه الجزيرة .
الحارس : الجزيرة ، البستان ليس هنالك فرق كبير . (صمت ) لماذا أنت
هنا ؟.
الرجل : ماذا ؟
الحارس : ماذا تفعل هنا
الرجل : أنتظر .
الحارس : ماذا تنتظر ؟
الرجل :أنتظر ..أ .. أنتظر، ..(صمت ) لا أتذكر .
الحارس :( بعنف ) كيف ، لا تتذكر ؟
الرجل : قلت لك لا أتذكر
الحارس : سأساعدك على... .أين كنت قبل هذه اللحظة ؟
الرجل : ( لا يجيب على اسئلته مباشرة . صمت ، يحاول التذكر ، كأنه
يحدث نفسه مأخوذا ) خرجت للنزهة على شاطئ النهر(يتذكر)
حقيبتي ، ؟( يبحث عن أشياءه المبعثرة ) أين حقيبتي أنها
تحمل كل متاعي وذكرياتي ، أه ها هي ( من الآن تبدأ الاشياء التي
يحملها تتساقط ) ( يطمئن على أشياءه ) الحمد لله كل شئ موجود فيها ،
(فرحا ) وهذه مظلتي أيضا .
الحارس : كيف جئت الى هنا ؟
الرجل : (يتذكر ) تنزهت أولا في المدينة
الحارس) مشغول ) أية مدينة ؟
الرجل : المدينة .. مــد…
الحارس : (يقاطعه ، يضحك وهو مازال مشغولا ) عن أية مدينة تتحدث ؟ هل
ترى آثار مدينة هنا او في الجانب الآخر من النهر ؟
الرجل : كلا .. ولكن ماذا تريد لماذا تحدثني بهذه اللهجة …ولماذا .. لا .. ؟
الحارس (يقاطعه ) أشش اهدأ … حتى تتذكر لماذا أنت هنا .
الرجل : لماذا ؟
الحارس : النسيان ممنوع لماذا أنت هنأ ؟.
الرجل : لماذا ، لماذا أ .. أه تذكرت …انتظر من يساعدني على الخروج
من هنا فأنا لا أعرف السباحة، وها أنا كالمتورط (فترة )أتساعدني ؟
الحارس : بشرط ان أعرف كل شئ عنك ، فأنا لم ألتق بك من قبل .
الرجل : لماذا تريد ان تعرف ؟
الحارس : حتى أساعدك .
الرجل : أم هي عادتك أن تدس أنفك في كل شئ ، أم …
الحارس : كلا ، لاني الحارس هنا .
الرجل : أه الحارس ، ولماذا تحمل الحبل وهذه الفأس ؟
الحارس : ( ساخرا ) أتلهى بهما . والان لنبدأ .. كيف وصلت الى هذا
البستـــ… اعني الجزيرة ؟
الرجل : أغراني الفضول لرؤيتها ، فهي المكان الوحيد الذي تحيطه المياه من كل
جانب ، لقد سمعت الكثير عن غرابتها وهوائها المنعش .
الحارس : من أخبرك بذلك
الرجل : زملائي الذين كانوا يقضون أياما في الواجبات والمهمات هنا .
الحارس : ما هي هذه المهمات ؟
الرجل : لا أعرف
الحارس :ألم نتفق على ان تخبرني بكل شئ ؟
الرجل : حقا لا اعرف ، هنالك أقسام عديدة في الدائرة التي اخدم فيها وكل
قسم لا يعرف بأسرار القسم الآخر .من الممكن ان تكون واجبات خاصة .
الحارس : (مشغولا )اين تخدم ؟
الرجل : في التحقيقات .
الحارس : التحقيقات ؟ ( صمت )
الرجل : لماذا تبتسم ؟
الحارس :من أوصلك الى هنا ؟
الرجل : ركبت مع شباب كانوا يرقصون ويغنون على ظهر المركب، يبدو
انهم يحتفلون ، ولا إراديا صعدت معهم ، أعني بحكم المهمة
( ينظر في أرجاء المكان ) لا أرى أحدا منهم ، أين ذهبوا ؟
الحارس :لماذا ركبت معهم ؟
الرجل : لأتنزه أولا ، وأردت ان اعرف لماذا يحتفلون ؟.
الحارس :وهل عرفت ؟
الرجل :مناسبة عيد ميلاد .
الحارس : لأية مناسبة كانت نزهتك ؟
الرجل : لأية مناسبة ؟ ….. بمناسبة (صمت ) لكن لماذا تسأل عن كل شئ ؟
الحارس :ألم نتفق ، اجب على سؤالي . ما هي المناسبة ؟
الرجل (صمت ، تسقط الحقيبة فيتذكر يضحك فرح ) بمناسبة مرور 10 سنوات
على تقاعدي (يضحك ،متفاخرا ) قبلها خدمت 30 سنة في قسم
التحقيقات في الدائرة ، كنت افتخر بعملي .
الحارس : لماذا ؟
الرجل : لانني أستطيع حماية الوطن من أصحاب الافكار الخطرة (يضحك
فرحا) عظيم بدأت أتذكرالان بوضوح ، كدت أنسى كل شئ
( يدفع نظارته ، مؤنبا نفسه ) كيف أنسى وأنا أحتفل بمناسبة
عزيزة علي ؟ فإني اعتبر هذا اليوم من الايام السعيدة في حياتي
لأنني أتمت واجبي .ومنذ ذلك اليوم وحتى الان مازلت احتفل به كل عام .
في البداية شعرت بالفراغ والوحدة والقلق في البيت .
الحارس : أ لأنهم أحالوك على التقاعد ؟
الرجل : نعم ، وخفت‘ ان يكون بسبب قصوري بواجباتي في الدائرة .
الحارس : وهل كان هو السبب ؟
الرجل : لآ أعرف ، بالرغم من إنني ذهبت الى رئيس القسم أسأله عن
السبب ، طمأنني وأخبرني بانني كنت اكثر الموظفين إخلاصا في
العمل ، فشكرته وسألته ان كان يحتاجوني في الخدمة من جديد .
الحارس : وماذا قال ؟
الرجل : بأنه سيستدعيني ذا كانت الدائرة بحاجة لي ، وكجزء من المناسبة
تعودت الذهاب الى هناك في كل عام لتقديم خدماتي ، عسى ان
يحتاجوني .
الحارس : وهل مازلت تقلق كما في السابق .
الرجل : الان انا أكثر هدوءا واشعر بالسعادة لا نني أديت واجبي بكل
إخلاص ، وكانت الدائرة تملكني وتأخذ كل وقتي . كنت مشغولا
بوظيفتي وكتابة التقارير والكتب وتنفيذ الأوامر والواجبات
النهارية والليلية ، كنت سعيدا بعملي لكن مع الأسف لم يكن لدي
وقت للتمتع بالحياة ورؤية جمال الطبيعة والقمر عندما يتلاعب
ضوءه في ماء النهر الذي يقسم المدينة الى جانبين .
الحارس : اية مدينة ؟
الرجل : مدينتي
الحارس : ( يضحك ) مدينتك ؟
الرجل : نعم مدينتي (صمت ) لكن لم تحدثني شيئا عن نفسك ؟ ألم نلتق
سابقا ؟
الحارس : لماذا تسأل ؟
الرجل : لآني …
الحارس : ( مقاطعا ) أنا الذي أسألك ، ألم نتفق .
الرجل : نعم
الحارس :اذن اجب على أسئلتي (صمت ) لماذا تركك الشباب الذين كانوا معك
على المركب وهربوا .
الرجل : لم يتركوني ، إني لا أعرفهم .
الحارس : ألم تفكر بأنهم قد يكونوا خطرين .
الرجل : نعم وكان هذا أحد أسباب ركوبي معهم ، بالرغم من أني تعودت ان
احتفل في كل عام بمثل هذا اليوم لوحدي .
الحارس : لماذا ؟
الرجل :حتى لا يشاركني أحد فرح الذكرى عندما كان رؤسائي يقدمون لي
تقارير الشكر لإخلاصي في عملي . كنت لا أضيع يوما ،ولا ساعة
، ولا دقيقة ، ولا ثانية ، ولا لحظة. اعمل ليلا ونهارا في الدائرة والبيت ما لم استطع تكملته في النهار ، أنشغل في إنجازه ليلا ، وحتى في إجازاتي كنت
أذهب ليلا لأساعد زملاء المهنة . فشكروني رؤسائي ب 500 تقرير . انها تقارير حياتي ، وها أنذا احملها معي أينما ذهبت . ( صمت ) أين حقيبتي، ( فرحا )
أه ، هاهي . الان أتذكر بوضوح .
( يحمل الحقيبة ، تسقط المظلة ، يحملها ، يدفع نظارته ، تسقط أوراقه ، يجمعها ،يشمها ) انها مكتوبة على ورق معطر ، ومازال عطرها يدخل الهدوء الى نفسي ، انها كالدواء الشافي ، أي والله كالدواء ( يتمعن بها، يشك بانها بيضاء ، يهرب من الفكرة بالرغم من انه مازال متشككا ) إن هذه التقارير هي ثمرة أيام طويلة من العمل .
الحارس :أكان شاقا ؟
الرجل : نعم في أيامي الأولى فقط لأنني لم أتدرب جيدا ، إلا أنني تعودت عليه
وأحببته حتى أصبح جزءا مني ، بدونه حياتي لا تساوي شيئا ، كنت أجلس
على الكرسي في الدائرة ولا أنهض إلا ظهرااذهب إلى البيت آكل قليلا لان عملنا يتطلب خفة الحركة واللياقة ، ثم أنام واستحم وأتعطربانتظار المساء . اذهب الى الدائرة من جديد لممارسة التحقيق انا وزملائي من المتناوبين لساعات متأخرة من الليل ،إن حفلة الليل لها خصوصيتها ، ( يضحك ) لا تندهش ..نحن نسمي عملنا الليلي بالحفلة ، وعندما اتعب انام هناك .
الحارس : لماذا تمارس التحقيق كل ليلة ، بينما زملائك يتناوبون ؟
الرجل :هكذا الاوامر معي ،(صمت) من الممكن لأني اكثر زملائي دقة وإبداعا
في العمل او او ..لأن( لنفسه ) لا أظن.
الحارس : مع من كنت تحقق ؟
الرجل : مع الخونة .
الحارس : خونة ؟
الرجل : نعم مع المخربين أصحاب الأفكار التي تخرب الوطن ، انهم مجرمون
يخونون وطنهم ثم ينكرون و يكذبون علينا .

الحارس : هل يعترفون عادة ؟
الرجل : يتحدونا بلا خوف في البداية .و بعد يوم او يومين ووووووووو
ههه هه هه ، يصيرون خرقة قذرة لكن بعد ان يفعلوها على
انفسهم هكذا بـــوط…بوط..بوط . بوط ، بوط (يضحك ساخرا ويؤشر على
مأخرته ) . يخرون ، ثم نحول أجسادهم الى جيفه ،
يحدث هذا بعد ان نعلفهم جيدا .
الحارس : لماذا تعلفونهم .
الرجل : عندما نريد ان نذلهم ونسخر منهم ، أولاد القحبة يأتوننا متكبرين .
الحارس : وماذا تفعل أنت بعد ذلك ؟
الرجل : تصبح الرائحة لا تطاق فاغلق أنفي وأخرج ، وتنتهي الحفلة ، لتبدأ
حفلتنا نحن .
الحارس : ماذا تعني ؟
الرجل : ( يؤشر بيديه ) حفلتنا مع القحاب المسجونات
الحارس : حتى وأن كنت أنت وزملائك متعبين .

الرجل : ( يتحسس ظهره ) نعم ، نجلس لنحتسي البيرة أولا . ونجلبهن واحدة بعد
الأخرى نظاجعن جميعا ،وهذا جزء من واجبنا .
ولكن بعد انتهاء كل حفلة يؤلمني ظهري (صمت) كان الألم يزداد يوما بعد يوم ( يدفع نظارته) في أحد الايام (صمت) في أحد الايام ذهبت
الى الطبيب وقلت له( يثبت مظلته في الارض ويتحدث معها بسرعة كبيرة،لانفهمه احيانا)انني كما تعلم اتعذب ليس فقط من ظهري ، بل من كل هذا الذي يحدث و..و وغيره ….واخاف ان أموت او أقتل … (مرتبكا ) …. انني.. انني … (يقسم حواره بين الحارس والمظلة ) أنت لاتعلم ..( يبد أ ارتباكه لانه يرى ابنه في خلفية المسرح عاريا يتلوى ببطيء، هذه اللقطة تومض عدة مرات كحالة
من حالات التذكر ، واخيرا تبقى ساطعة بإنارة قوية ) أنت لا تعلم ذاك الذي جرى وذلك الذي فعلتُه .. وهم ماذا فعلوا بي ، انهم محقون فهم حراس مخلصون .( يتصاعد ايقاع حواره حتى يتحول الى هستيريا وينهار ) ماذا فعلت‘ أنا ، هل آسف على شئ ما ؟ لكنه ..لكنه أجبرني على ذلك ، وشجاعته أجبرتهم أيضا ، شجاعته أذلتهم ، دمرتهم مرغت إنوفهم ، إلا انهم حراس للوطن .

أما هو ابني … كان شجاعا ، لم يكن خائفا نعم لم يكن خائفا. عرفت كل شئ في وقت متأخر،..نعم انه ابني ، لكن واجبي ..هل عرف هذا قبل ان يقتل ؟ هـه هل فهم ؟ (الى الحارس )انه واجبي ألا تفهم ،هل يمكن ان أخون واجبي ؟ آمنت بالله انه قوي وصلب وشجاع .. شجاع لم تولد امراة اخرى مثله.. تحمل كل شئ ولم يعترف لم يخبرهم شيئا، وعندما أخبروني بذلك خفت وإضطربت،هل افرح لشجاعته ام اخاف لانه عصى ولم يطيع .هذه الاخطاء وغيرها،تعتبر ذنوب (يضحك) أوهوووو ،أوهوووو هناك الكثير منها ،الكثير، نعم الكثير .وهو .. هو، أه لو تعاون معهم ، أقصد معنا لاستطاع تخليص نفسه، لو وافقهم ، لو قال نعم ، لو تاب ، لو ، لو … لكان هو الان مكرما معززا . لكنه صمت ، اصبح اخرسا حتى يتحداهم ، لم يخبرهم .. نعم أي والله لم يخبرهم فغرسوا خنجرهم في رقبته ، خنجر ، اثنين ، ثلاثة ، اربعة عشرين خمسين مأئة ،ألف ، مليون .. في الرقبة ، في الرقبه ، في الرقبه ، في الرقبه (يرى الابن في الخلفية من جديد ) وأيضا في اماكن اخرى ،هناك في موضع الموت .غير انه ، انه ،هو..هو.. يتحمل ال.. ولكن ايضا هم .. هم .. جميعهم ، و الذبح .. الذبح .. كل هذه الاخطاء وغيرها . هل تعلم بانني كثيرا ماأود ، انه هو .. هو .. هو ..أنذبح ..عرفت كل شئ عرفت ، انذبح ..انذبح ، إنذبح ، بح .. بح ، و و (يلهث ، يفقد توازنه يخرج أصوات غير مفهومة ومن ثم ينبح كذئب مطاردا وتائها ) وو..وو..وو….(يرى الابن ) وووووووووووووووووووووووو
(الاب ينهار ارضا ويصاب بنوبة من التلوي والالام تشبه الصرع ، تستمر فترة ليست بالقصيرة ثم يهدأ ببطء الابن يختفي من المشهد )
أين أنا ؟ أين. آخ ، إنها النوبه ، هذا المرض يعذبني كل يوم .. ومازال ،
امر ربنا (صمت ) .
الحارس : سيلازمك طول حياتك ، لانه مزمن .
الرجل :نعم وكأنه في قلبي وذاكرتي وروحي ، سيقضي علي دون ان
أشعر.
الحارس : وفي يوم ما ستجد كل شئ قد فات أوانه .
الرجل : نعم انها اللعنة . لكن عصاي تساعدني ( تسقط الحقيبة يحملها ) أين هي .. أين هي ( يبحث ) هاهي (باعتزاز ) كل شئ فيها ، تنقذني من عثرات الطريق .
الحارس : ( ساخرا) وغدر الاصدقاء وقسوة الاشرار .
الرجل : كيف عرفت ؟
الحاري : هذا ما كان يقوله أجدادنا .
الرجل : صدقوا (صمت طويل ).
الحارس : لماذا تنظر لي هكذا ؟
الرجل : اشك ، هل رأيتك في مكان ما .
الحارس : كف عن السؤال .(فترة ) ألم تذهب الى الطبيب بعد ذلك .
الرجل : لا لم أذهب لانه لم ينفعني لم أعد أثق به.ولا أتذكر هل كشفت لهذا
القواد أسراري، أم لا ؟على كل حال أخبرت رئيس دائرتي بآلامي جميعها
فنصحني ان اذهب الى طبيب الدائرة وكتب لي تقرير شكر جديد ، هاهو انظر ( الرجل ينظر الى التقرير متشككا ، يلعقه ، يشمه بارتياح يشك به
يخدع نفسه ) هذه التقارير هي حياتي ( خائفا ) ان الهواء يفسد تقاريري
( يخفي الملف ) يجب ان أحافظ على رائحتها ، انها للذكرى بسببها اشعر بانني أديت واجبي واصبح لدي الوقت للخروج اينما أشاء ، للنزهة ، للسف…
( تتساقط حاجياته )
الحارس : (يضحك) وماذا تسمي هذه أهي نزهة ام ورطة ؟
الرجل :طبعا نزهة لأني أتمتع بها وكأني أقوم بها لأول مرة في حياتي(صمت). الان تذكرت كيف جئت الى هنا ، حملت معي كل شئ ، حقيبتي ومظلتي وكل ما أملك واحتطت لكل شئ . فقد تعودت ألا ادخل الى مكان جديد دون ان أكون مستعدا لمواجهة كل الظروف الطارئة ( يدفع نظارته )هاأنذا أتذكر بعمق . خرجت على عجل من البيت بعد ان ارتديت هذه الملابس التي اشتريتها قبل
عشرة سنوات بمناسبة إحالتي على التقاعد لكني لم البسها إلا مرة واحدة ، إنها تبدو شاحبة .
الحارس : ان الزمن لا يترك اثره على الانسان فحسب ، وإنما على حاجاته
أيضا .
الرجل : انك على حق . عندما وصلت المركب شاهدتهم متجمعين ، كانوا
لطيفين معي حتىان أحدهم دفع أجرتي . وعندما وصلنا الى هنا تعبت من ضجيجهم ، فذهبت أتنزه بعيدا عنهم ، بعيدا بعيدا ، بعيدا لاستطلع الجزيرة . شعرت بالتعب فاستلقيت على الرمل كان باردا فخدرني ، واجهتني الشمس فلم ار شيئا ، لم اسمع شيئا وأثقلت جفني ،غفوت ، ونمت نوما عميقا وفجأة
شعرت بطيور البراري ترف بأجنحتها ورأيت قمرا أحمرا كأنه مدمي .
الحارس : أنت تحلم .
الرجل : حينما يكون الانسان وحيدا تختلط في ذهنه الاشياء .
الحارس : فيبدو كأنه معلق بين السماء والارض هل تشعر بهذا ؟.
الرجل :إنني على الارض ألان ، وأعيش في مدينة لم أتركها يوما واحدا . انها مدينتي ، نعم مدينتي بالرغم من إنني أشعر بالوحدة لأنهم يتحاشوني لا أ عرف لماذا ؟ اجلس في المقهى وحيدا ، واحيانا مع أحد زملاء المهنة ، وعندما اطلب من أحدهم ان نلعب الطاولة او الدومينو يجاملوني لكن سرعان ما يتوقفون ويتحججون بشتى الاعذار .فاغضب واشتمهم لأنهم ملاعين اولاد ملاعين وكل واحد منهم يستحق ان يجلد كل يوم مئة جلدة . لكني كنت اكتفي بشتمهم ، نعم ، أشتمهم واشتم أمهاتهم ومدينتي ايضا لانها ملعونة مثلهم ، ومع هذا اعتبرها مدينتي . ليس لدي مكان آخر (صمت، لنفسه ) هل هي حقا مدينتي ، هل هؤلاء هم أهلي ؟ أيحترمونني ؟ اين هم ؟ لا ارى احدأ ، اين ذهب ذلك كله اين ذهب الجرف الاخر؟ . لا أحد هناك ، كيف يحدث هذا ؟ ، لا أرى أحدا ، لا أسمع صوتا لا ضجيج ، لا همس ، لا طير ، انا وحدي والنهر.

(عليه ان يوهمنا بمحاصرة الماء له ، قلقا ينادي ) هــــه ..هـــــه ، النجدة ، أنتم في الجانب الآخر ، هل تسمعونني ، هـــــه ..النجدة اين انتـــم ، اين ذهبتـم ؟
(يدوران في المكان وهما يصرخان )
الحارس : (كالصدى ) اين ذهبـتـــــــــــــم ، أين ذهبتــــــــــم ’ تم.. تم ..تم ،تم ..تم ،تم ، م ،م ، م ،م ، م ،م
الرجل :(يصرخ) هه .. هه اين ذهب ذلك كلـه ؟
الحارس : (كالصدى ) أيـــن ذهــــــــــب ذلك كـــــله.. كله ..كله …له..له
الرجل : هـــه هل احد هنـاك
الحارس : (صدى ) هـــه هل احد هنـــاك ، هناك ك..ك..ك..ك..ك(الرجل
يحاول ان يسمع الصدى)
الرجل : ليس هنا سوى الصدى .
الحارس :نعم ليس سوى الصدى .
الرجل : هل ستساعدني في الخروج من هنا .
الحارس :لا أستطيع الان .
الرجل : لماذا ؟
الحارس : تقتضي الاوامر ألا أخبرك .
الرجل :أية أوامر ؟
الحارس : أنت لحوح تسأل كثيرا .
الرجل : ساعدني بالخروج من هذه الورطة أرجوك .
الحارس : لماذا أنت فظ هكذا .
الرجل :انني خائف
الحارس : لاتقلق
الرجل : انا وحيد
الحارس : لاتحزن ( يهم بالذهاب ) .
الرجل :قف ، الى اين ذاهب ؟
الحارس : لاتخف
الرجل : متى ستعود ؟
الحارس :سأعود
الرجل :هل ستساعدني
الحارس : سأعود
الرجل : أحقا ؟
الحارس : سأعود (يختفي فجأة كما ظهر )
الرجل :في أي وقت ؟
الحارس :سأعود
الرجل : متى ؟
الحارس : غدا أو بعد غد ؟
الرجل : نهارا ام ليلا ؟
الحارس : لا أ عرف .
الرجل : وأنا ماذا سأفعل ؟
الحارس : انتظر .

( صمت طويل ، تسقط أشياء الرجل ينشغل بها قلقلا . نسمع الام تتمتم في الظلام.
هذا المشهد يشع في ذاكرة الرجل كذكرى يحاول الهروب منها .في الضوء الساطع
تتراى الام وهي تحتضن ابنها . كأنهما إيقونة )
الام : اللهم أني اعوذ بك من شر كل سلطان عنيد ، ومن شر كل ضعيف وشديد ومن شر كل وضيع وضنين ، وحسود وحقود . اني أعوذ بك من شرهم هم ، هم سبب بكائي ونحيبي . قتلوني عندما قتلوا وحيدي ، ويقتلونني في كل دقيقة الان . ليس لي احد سواك فانت شفيعي ومن يأخذ بثأري منهم .
الرجل : ( يقفز يجوس المكان ليتأكد من هذا الذي يسمعه ) لمن هذا الصوت (فترة ) لا أحد يبدو انه صوت الريح .
الام : بل صوتي
الاب :( فزعا) من أنت ؟(فترة) أهذه أنت ؟(يتمعن جيدا يبدأ المشهد في الماضي )
ماذا تفعلين في الظلام ؟
ألام : أرش جروح ملاكي بالمسك .
الرجل : اشش اخفضي صوتك ( صمت ) متى جاؤا بالجثة ؟
الام : هذا المساء بعد ان رفضت أنت استلامها .
الاب :من أخبرك ؟!
الام :هم اخبروني ساخرين منه ومنا .
الاب : اصمتي .
الام : وطلبوا مني ثمن تعبهم لتعذيبه وثمن رصاص قتله .
الرجل : اصمتي .
الام : ومنعونا من القيام بواجب الموتى .( اثناء الحوار التالي تثبت الام شاهدة
قبر وتشعل البخور وتنثر الآس وتهيئ المكان وتطهره و ترش جثة
الابن أيضا بماء الورد لقيامته من جديد)
الاب : اصمتي .
الام : لن اصمت .
الاب : يجب ان ندفنه بلا ضجيج .
الام : ودمه .
الاب : رفع السلاح ضد وطنه وعندما دعوهم للتوبة لم يتوب لأنه حمار و رأسه
كالصخر.
الام : نعم ابني ، ابن بطني ، سبع ، مايخاف و مثل السيف ضد الباطل.
الاب : أنت السبب لأنك علمتيه ، والنتيجة لم يصغ حتى لي أنا ابوه .
الام : هل تسمع يابني ، أنا السبب (الى الاب) وماذا عنك أنت ، أنت الذي لم
تصغ في حياتك لحظة واحدة لنا، تطلب منا ان ننفذ أوامرك كالخدم
. تأتي الفجر وعلي ان استيقظ و اخلع حذائك واغسل قدميك ، وأختنق برائحة العرق الممزوج بالدم الذي أشمه في جسدك وملابسك. دم متجمد وكل صابون الدنيا لا يزيل رائحته . أما هو فأنت لم تره سوى مرة او مرتين في الاسبوع . مشغول و لم تكن تهتم إلا بعملك .
الاب : انه واجبي به احافظ عليك وعليه ، وانا اعرف كيف أسيّر الامور .
الام : ولهذا سلمَته‘ لهم ، انظر بأي حال رموه أمام البيت .
الأب : اصمتي سأهيئ السيارة لدفنه ولا إريد صراخ ولا لطم .
الام : لن يكون هذا أبدا .
الاب : ماذا تريدين ؟هل تريدين ان يهدموا البيت على رأسي .
الام : ليس لدي غيره .
الاب : أتريدين ان يطردونني من وظيفتي
الام : تريد ان تتخلص منه ؟
الرجل : هل أتخلص من ابني ؟
الام : ابنك ‍‍‍‍ !! ألا تذكر ما ذا فعلتَ به ، دمه برقبتك.
الأب :أصمتي هو المذنب نعم هو ، لماذا لا يسمع كلامي ، لماذا لم يسلم نفسه
، لماذا عاد متسللا ؟ لا اعر ف؟ من الممكن عاد ليعبث بالنظام .
ألام : هل نسيت لماذا ، اسأله .
الاب : ماذا ؟ هل أنت مجنونة أسأل ميت ؟
الام : ميت ، إنه مقتول نعم مقتول ، الشهداء لا يهدئون في قبورهم ، تظل
أرواحهم هائمة ينتظرون من يصغي الى عذابهم.
الاب : اصمتي .
الام : وانت تعرف انه ابني وراضع من حليبي ، من هذا الصدر ، صدر الام المسبية والمنكوبة ، ابني واعرفه ، أصيل ، طين حرّي ومخلص لحليب امه وعندما أتحدث معه سيسمعني. اسمع ،لماذا عدت يابني ؟
الاب : اصمتي حتى لا يسمعك الجيران .
الام : هل نسيت ماذا فعلت به ..اسأله
الاب : كفى جنونا
الام : سأنثر الآس على عينيه ليزيل عنهما النعاس الثقيل . وارضعه من صدري مثل ما كان في مهده ، وبدل الحليب ، يرضع دمي الذي سيجعله يتحدث حتى يشفيني من عذابي .
الاب : ( ساخرا ) تفاهات ، أنت مخرفة .
الام : سيقوم ليصبح شارة على العذاب الذي تحمله ، وعلى من سلمه. تكلم بني ،ماذا فعلوا بك .
الاب : اصمتي
الام : سيقوم وسيذكرك بفعلتك ، تكلم من قتلك ؟ من سلمك ، من ؟ .
الاب : اصمتي
الام : لابد ان يقوم .
الاب اصمتي ، كان مجنونا مثلك عندما لم يسمع كلامي .
الام : لانه طاهرا ويريد ان يظل كذلك .
الاب : اذا كان هكذا لماذا عاد كاللص ؟
الام : اساله . لماذا عدت إلى هنا ، لماذا عدت الى نار جهنم ياإبني .. .
الاب :اصمتي وإلا سأكسر رأسك .
الام : كيف اصمت ، سأصرخ في كل مكان ليعرف الناس مالذي فعلته بابنك
الاب : لن يسمعونك لانك جننت .
الام : إنك تخاف ان تسأله.. اسأله ، من سلمك لهم يا بني ؟
الاب : مجنونة ،
الأم: تكلم بني كيف عذبوك و كيف قتلوك ؟
الاب : اصمتي .
الام : لن اصمت .
الاب : اصمتي يجب ان ندفنه سريعا ، سيأتي من يتأكد من ذلك .
الام : ندفنه ،هل يدفن الأحياء . سيقوم الان .انك تخاف منه ، لانه حي .
الا ب : مازلت تهذين . الجو حار لا يطاق و اذا لم ندفنه ستكون هناك مصيبة لن تنتهي بسلام .
الام : لن تكون اكبر من هذه المصيبة . لماذا سلمته ؟.
الاب : أنت لن تفهمي الواجب الذي في رقبتي .
الام :اعرف ، اذا لم تنفذ تقتل .
الأب : ليس هنالك حلا آخر إذن .
الام : ( الى الاب ) أنت الذي وضعت نفسك في مصيدتهم كالجرذ ، كان يمكن ان
تعمل في وظيفة اخرى .
الاب : والله العظيم انك جاهلة ، لا تفهمين اننا نحمي الوطن . هيا
حضري جثته سأهيئ السيارة .
الام : لن يحدث هذا إلا بعد ان يخبرني هو بكل شئ .
الاب : (يصرخ ) كفى جنونا . كوني عاقلة وأصغي إلى ما أقول .
الام : تكلم لماذا عدت ، لماذا بني ،ما الذي حدث ، تكلم يا شهيدي (صمت ، ترش ماء الورد وتنثر الآس ، وتصرخ بصوت طويل) تكلم بني كــيف عذبـوك (تتمتم)
اللهم انا عبدك المسكين ، الضعيف ، الفقير ، المستكين .
الاب : اصمتي .تهذين كالمجنونة. إصمتي وإلا أطلقك وأرميك للكلاب
الام :أنت لم تطلقني أنت قتلتني ، عندما أخبرتهم ، تكلم بني ماذا فعلوا بك . تكلم
الاب : اصمتي اتركي جثته بسلام ،
الام : ولماذا لم يتركوه هم بسلام ؟ لماذا ؟
الاب : لانه عاد ليتحدى ويخرب ، فاصمتي حتى لا يسمعوننا .
الام : تكلم لماذا عدت ، تكلم يا بني .
الاب : انت مجنونة حقا .
الام : اللهم إنك الأول قبل الأحياء والآخر بعد فناء الأشياء . أنت العليم الذي لا
يخيب من دعاه ولا يقطع رجاء من رجاه اللهم إني اشهدك وكفى بك
شهيدا . بني اخبرني بعذابك .
الاب : اتركيه بسلام .
الام :( الى الابن ) لماذا عدت يا بني ؟.
الاب : اسمعي ان هذا جنون . إذا لم تصمتي سأقتلك .
الام : هذا واجبك ( صمت ، تشهق ) بني !!!
( يقوم الابن بهدوء . يذهب الى الاب وهو في عزلته أي في
الحاضر ، يدور حوله ثم يعود الى الام في الماضي )
الابن : ( يتجه نحو أمه، يهمس حواره وكأنه حذرا من ان أحد سيسمعه . الاب
يبقى يراقب طوال المشهد لان الماضي يلح على ذاكرته) يمـه .
الأم :ها يمه ( تحتضنه ) أفي حلم جديد انا ، شبيك يمه ؟.
الابن : هل سأقلق وحدتك بأشجاني .
الأم : أششش .. تعال ، تعال أيها العريس الذي لم يمض أسبوعا في كلة عرسه
ياحلمي البعيد ( تشمه) كيف وصلت الى البيت ، انهم مثل الدود في كل
مكان . يبحثون عنكم ولم يهدأوا إلا بعد قتلك أنت وأصدقائك ، ألم يرك
رجالهم لماذا عدت يابني ؟
الابن :ياقديستي المباركة ، عدت كئيبا ، مدمى باحزاني بعد ان عجنني الجبل بصخوره ، فقسى قلبي.
( الحوار التالي بين الابن والام قد يكون حوارا مخنوقا هامسا،
لكن يجب ان يحافظ على توتره وإيقاعة الذي يتسارع بالتدريج .
الام تحاول في البداية الهروب من الاجابة الصريحة على اسئلة
ابنها ، الاب يراقب المشهد وهو في عزلته في الحاضر )
الأم : أ شم في جسدك رائحة غريبة .
الابن : لاني اقتحمت ربايا ومدننا ، فامتلأ جسدي بعشرات الشظايا ، تبقع جلدي يا
غاليتي بحروق الخردل وجروح الشوك .
الأم :اهدأ ، اهدأ .
الابن : كم تمنيت الرقاد في حضنك ، حضن الغزلان البهيجة(يقبل قدميها بقدسية)
الأم : أحلم هذا ؟لا أصدق ،عدت لي حيا من جديد، تعال، تعال. ماذا فعلت هناك.
الابن :توسدت الأحجار وأكلت العشب والصخور وشظايا الرصاص ، والتحفت
النجوم حالماً مع القمر .
الأم : ( تشمه ) يا فرحي ، لماذا عدت ؟
الابن : شميني يا أمي .
الأم :لماذا عدت ؟
الابن : ضاق بي الجبل بعد ان رشوا الأودية بالسموم .
الأم : أجائع انت ؟
الابن :ماتت طيور الوادي جميعها .
الأم : لماذا عدت ؟
الابن :وطيور السنونو هجرت أعشاشها الى ارض غريبة .
الأم : أعطش أنت ؟
الابن :أما نحن ياملاكي فقد مزقتنا العزلة حتى تخثرنا .
الأم : أتعب أنت ؟
الابن : وأوغلنا بدماء بعضنا فوجدنا أنفسنا ساعة الخلاص منهكين .
الأم : لم عيناك حزينتان ؟
الابن : أتعلمين يا أمي كم رغبت بالموت ، كنت احلم بلحظتي الأخيرة ، لكن قدري
يا قديستي حتم علي ان أبقى حيا فجئتك مستوحشا ، مطاردا بعد أن ضاقت
بي السبل .
الأم : ( وكأنها تغير الموضوع ) هل تود النوم ، تعال ، تعال .
الابن : كلا . أمي ماذا جرى في غيابي ؟
الأم : لم انت حزين ؟
الابن :حدثيني
الأم :هزلت كثيرا .
الابن :حدثيني
الأم : تغربتَ طويلا .
الابن :ماذا جرى حدثيني .
الأم (مندهشة )ماذا جرى ‍‍‍، جرى الكثير، كم غبت ياولدي عشر سنين، عشرين ، خمسين؟ دهرا غبت ؟ إهدأ وإسترح الان. ‍‍‍‍
الابن :كلا ، حدثيني ، ماذا جرى يا أمي ، لا أسمع همس لا صوت ، لا ضوء ،
لا دفئ . لماذا ؟
الأم : رحلوا .
الابن :الى اين ؟.
الأم : الى ديار غريبة لا يعلم بها إلا الله .
الابن :حدثيني يا أمي
الأم : تقاطر علينا الأغراب .
الابن : حدثيني
الأم :جاءوا بعاهاتهم .
الابن :حدثيني .
الأم :مرضى.
الابن :حدثيني .
الأم :مجانين.
الابن :حدثيني .
الأم : جاءوا شقاوات وقوا ويد .
الابن :حدثيني .
الأم : كلاب ووحوش وأنذال ليس في قلوبهم رحمة .
الابن :حدثيني .
الأم :يسّموننا كل يوم .
الابن :حدثيني
الام :ينهبوننا كل يوم .
الابن :حدثيني .
الأم :يعتدون على شرفنا كل يوم
الإبن : حدثيني
الآم :في الفجر نعثر على مئات الرضع في المز ابل .
الابن :حدثيني .
الأم : وأطفال يتامى يأكلون برازهم من الجوع .
الابن :حدثيني .
الام : فتيات صغيرات تحولن الى عاهرات .
الأم :ملائكة تستغيث .
الابن :حدثيني .
الأم : زوجات مطلقات وهاربات .
الابن :حدثيني .
الأم :أرامل تحولن الى عاهرات أو قوادات من أجل أطفالهن.
الابن : حدثيني .
الام : كان الليل مظلما وموحشا يا بني .
الابن : حدثيني .
الأم : حتى الطيور كانت تنتحب عندما تغيب الشمس .
الابن : حدثيني
الأم : باع الناس كل شئ حتى أجسادهم .
الابن : حدثيني
الأم : والهاربون من الحرب لا يجدون مكانا ورغيف خبز (فجأة ) لماذا عدت ؟
الابن : اشتقت ان اقبل تراب قدميك .
الأم : يأستَ ؟
الابن : ان تدفنيني بيديك .
الام : لماذا أتيت ؟
الابن : يا مباركتي عبرت البراري وصعدت الجبال فرأيت جثثا متناثرة مفقوءة العيون ، مقطوعة الايدي ، لانهم نسوا الحكمة وتوسدوا وعود أعدائهم ، والآخرون تركتهم يلملمون حاجاتهم متأهبين للرحيل ، أما أنا اشتقت الى حليب طفولتي ، حدثيني يا أمي .
الأم : لماذا عدت ؟
الابن : حدثيني ما بقلبك
الام : تأخرت .
الابن : اغضبي ان شئت لكن اتركيني أتوسد تراب قدميك .
الام :ماا لذي أتى بك ؟
الابن :ضاقت بي السبل يا أمي ، ألا تشمين في مساماتي رائحة بارود ودم وعطر
أنفاس رفاقي دربي الطرية.
الام :تأخرت كثيرا
الابن : قبل أيام دفنت هناك أربعة منهم .
الام : لا تحزن سيتحولون الى طيور ترحل نحو القمر .
الابن :وبقيت وحيدا .
الام : ترحل نحو الاهوار .
الابن : ومحاصرا .
الام :نحو الوديان .
الابن : دفنت بندقيتي وتسللت لك مكتظا بجروحي .
الام :تطلع في وجهي ، لماذا أتيت ، قل ؟
الابن :ضاقت بي السبل ياامي .
الام :(غاضبة ) أشــــى، أشــى ، كف ، كف اخزن أحزانك ، بعد كل هذا الذي حدث تقول ضاقت بي السبل (تمسك به ) لم تقلصتم ، مالذي أخركم كل هذا الوقت ، تاركين كل شئ يحترق بانتظاركم ، الجذور والمدن والأبواب والمحطات والبشر و الارامل واليتامى ، اعوذ بالله اعوذ بالله لم تاخرتم لم ؟
الابن : ضاقت بي السبل يا أمي .
الام :أ آنستم الصخور والاودية البعيدة .
الابن : ضاقت بي السبل يا امي .
الام :أبعد انتظار الثكالى لفرج لم يأت ، بعد ان قتل الأب ابنه ، بعد أن قطعوا
المئات من الشباب بمكائن الثرم ، بعد أن اجبروا الزوجة للتبرؤ من
زوجها . بعد كل هذا تعود لتقول ، ضاقت بي السبل .
الابن : وأمل ؟
الام : إشش أصمت
الابن : أمل يا أمي ، أمل زوجتي .
الام :أمل ….ألان تذكرت أمل .
ألام : عاشت سنوات تنتظرك و وفية لعودتك بالرغم من انك لم تعش معها سوى
أسبوع واحد ، مازلت عريسا في كلته ، أمل . اجبروها على الطلاق
والتبرؤ منك ، وسجنوها أشهرا . بعد كل هذا تأت لتقول ضاقت بي السبل
يا أمي . اصمت، اصمت ، أصمت ، اصمت . ( صمت )
الابن :واين هي الان ياامي ؟
الام : ( تتمتم بدون ان نفهم منها ثم ينظر أحدهما بعيني الآخر ) أين يمكن أن
تكون برأيك ؟
الابن :( يتلوى كأنه على جمر. يجب إعطاء هذا الوقت الكافي للتعبير عن العذاب
والحرقة الداخلية)
انه كابوسي . يا الهي لماذا حدث كل هذا ؟ لماذا تسمح بكل هذا يارب ؟لماذا ؟أين غضبك اين وأنا ؟ من أنا ؟، انا نذل جبان و خنزير مصاب بالطاعون لأني دفنت بندقيتي ولم اجلبها معي ، انهم وحوش وآكلي لحم بشر. لقد أغلقوا كل سبل الحياة .
الام : خذلتني يا بني ، انتظرتك طويلا ، ها هو شعري الأبيض يشهد على ذلك ، وتعود لتقول ضاقت بي السبل ، انظر في عيني . يا لعذاب عينيك . اختزن احزانك وكل تراب الارض واشرب ماء الرماد ( تنثر فوق راسه ترابا وبعض الاس ) حتى لاتنسى حتى لاتنسى .
الابن : لن أنسى
الام : حتى لاتنسى
الابن : لن أنسى
الام : لاتنسى
الابن : لن أنسى يا أمي .
الام : تعال أقبلك لأني خائفة فقلبي يحدثني . خبرني ماذا سنفعل ؟
الابن : سأعود هناك حيث بندقيتي ؟
الام : كلا لا تستطع الان انهم في كل مكان ، لقد جئتني ولن أعطيك لهم ليقتلوك
، سأحفر لك تحت البيت ، تعيش هناك ولن تخرج مطلقا حتى يفرجها الله .
الابن : وأبي ؟.
الام : ابوك .. سأقاتل من أجلك يا بني حتى لا يخبرهم ، لا تخف .
الابن : لن يغفروا له اذا علموا . سيقتلونه
الام : لكنه أبوك ، عليه واجب الأبوة لحمايتك حتى الحيوانات تخاف على
ذريتها .
الابن : لكنك تعرفينه جيدا ؟!
الام : (تحتضنه وتهدهده ) اهدأ اهدأ ، الله معنا ، لقد طلع الفجر ، اهدأ يا بني ، غدا سيكون كل شئ كما نريد ، حلم أم حقيقة لابد ، لابد ، لابد . نم بني ، ، نم في حضني .
الام : ( الى الرجل وهو في الحاضر ) وعندما عدت فجرا غضبت وهجمت علي
كالوحش وضربت رأسي بالحائط و رفضت ان تحميه .لم تمهله يوما واحدا
ليستريح فأخبرت دائرتك ، وكأنك تخبر عن غريب
الرجل : نصحته كثيرا لم يسمعني
الام :وسمحت لنفسك ان تخونه ليقتلوه .
( من هذه اللحظة تختلط مشاعر الرجل بين الغضب على ابنه والتعاطف
معه واحيانا تسيطر عليه عاطفة الابوة وقبل ان يخض لها يتذكر ، انه
دائما يحترم التزاماته الوظيفية ويصونها )
الرجل :هل يمكن لاب ان يخون ابنه ، لا أظن .
الابن : نعم يا ابي في ذلك الوقت وضعتني أمام خيارهم … ان أسلم نفسي .
الاب : حتى أنقذك .
الابن : لمَ لم تساعدني ؟ .
الاب : اذا بقيت في البيت لابد ان يعلموا و ستحل الكارثة ، سيقتلوك .
الابن : لماذا رفضتني ياابي ؟
الاب : لا يمكن أن تختبأ في البيت يابني
الام : لاأحد يعلم ، انا وانت فقط . سنحفر له حفرة تحت الارض يعيش فيها من
سيخبرهم بذلك .
الاب : من سيخبرهم !؟ الهواء ، الماء الشجر ، الجيران ، الكلاب السائبة .
كل هذا سيكتب لهم تقارير مدفوعة الثمن والخوف .انت مجنونة تطلبين
المستحيل . يجب ان يسلم نفسه وسيغفرون له حربه في الجبل فهنالك
عفو للتائبين.
الابن : لماذا تصر ان تسلمني .
الاب : حتى لا تقتل .
اللام : وان قتلوه
الابن : مثلما قتلوا الآلاف
الاب : سابذل جهدي لكي يغفروا عنك ، سأعطيهم كل ما أملك .
الابن : ياخذون المال و يطلبوا منك ان تحقق معي وتقتلني بيديك انتقاما .
الرجل : اصمت .. الحيطان لها آذان ، اذا لم تسلم نفسك فانت مجنون
الابن : ماتطلبه مني هو الجنون .
الرجل : بعد غياب عشر سنوات متشرداً في الجبل لتحارب ضد وطنك. عشر سنوات وأنا أتحمل هذا العار ، إ بني ، يحارب امه وابوه واهله
إبني أنا يحارب ضد الارض التي يعيش من خيراتها . ابني في الجبل يحارب ضد وطنه وانا تحت في الوادي ادافع . واذا تواجهنا من سيقتل الاخر ؟
الابن : انا الذي يجب ان يوجه لك مثل هذا السؤال
الاب : ( لايصغي ) ، عشت قلقا وخائفا ومحتقرا من رؤسائي وزملائي كل هذه
السنين ، وانا اعلم بان جميع خدماتي لا تزيل هذه البقعة السوداء في
جبيني بالرغم من إنهم يعرفون إخلاصي . والان يابني احمد الله الذي
هداك سأخبرهم بانك عدت تائبا ، سيغفرون لك ولي كل شئ وسأعود مرفوع
الرأس من جديد . اذن اعقل وسلم نفسك .
الابن : كثور يسلم رقبته للذبح
الرجل : سيسامحونك ،وهذا هو الحل لي ولك.
الابن : لا استطيع
الرجل :وحتى لاأخون واجبي ، لا تطلب مني ان أساعدك بعد الان. أخرج ، ولَي .
الابن : سلأخرج ، فقط إمهلني اياما هنا ، ولن تراني أبدا.
الرجل : ( قلقا يتمتم ) لن أغفر لنفسي اذا خبأتك ، انه جنون ، لابد ان يجدوك
هنا. سلم نفسك وسيغفرون لك كل شئ .

الابن : هنا لا أحد يشك .
الرجل : لا أ ستطيع ، فقط عندما تسلم نفسك.
الابن : لا يمكنني هذا الان ؟
الرجل : نعم يمكنك ، ستنقذ حياتك وتعيد لي شرف الواجب .
الابن : عن أي واجب تتحدث ، ألا ترى الجريمة في كل مكان .
الرجل اية جريمة ؟! الجريمة هي أن أخبئك .
الام (تتمتم تعاويذها ) اللهم انا عبدك المسكين ، الضعيف .
الرجل سلم نفسك
الام :دائما قاس القلب ، انه ابنك .
الابن : انا ابنك ياابي
الرجل : القانون هو القانون
الابن : يكيفونه كما يريدون . لا يمكنك ان تسلمني .
الاب : ( مترددا ) اذن اترك البيت الان وبأسرع وقت .
الابن : ليس الان ، انهم في كل مكان .
الرجل : واذا سألوني عنك مرة أخرى ماذا سأقول ؟
الابن : لا شئ ، تصمت .
الرجل : واجبي يستدعي ان اخبرهم بكل شئ ، انه الوطن .
الابن : هو وطني أيضا .
الرجل : أنسيت انك حاربت ضده .
الابن : حاربت من اجله أيضا ، فأنا لست عدوا لوطني .
الرجل : نعم تصبح عدوا عندما ترفض تأدية واجبك ، سلم نفسك .
الابن : أرفض حتى لا اموت بلا هدف و بلا معنى .. انه جنون .
الرجل : اذا لم تسلم نفسك فانا لست مسؤولا عما سيحدث لك .
الابن :ولكنك ابي .
الرجل :ليس هناك مكان للمشاعر ، يجب ان نستغل الوقت سلم نفسك .
الابن : لا أريد ان أ تحول الى جثة
الاب : لن يحدث هذا اذ تبت ، أنا متأكد بأنهم سيغفرون لك فرئيسي اخبرني
بذلك منذ وقت طويل .
الابن : لن يحترموا عهودهم .
الام : ( الى الأب ) لماذا تريد تسليم الأمل الذي كنت انتظره الى وحوش مثلهم ، عشت عشر سنوات عند كل غروب شمس انتظره ان يأتي ليقبل رأسي و يسمي ويدخل البيت .
الرجل :لن يدخل البيت مرة أخرى إذا تحجر هكذا ( الى الابن ) سأتبرأ منك .
الابن : أنت قاس ياابي
الاب : إنها فرصة لك ولي ، سلم نفسك وإلا ستهدم كل ما بنيته‘ .
الابن : وترضى ان يسلمونني جثه لك .
الاب : لن يحدث هذا ابدا إذا وافقت .
الابن : أنت تؤمن بالوهم .
الاب : سلم نفسك يابني حتى ينتهي قلقي وخوفي
الام : اللهم انا عبدك الفقير ، المستكين ،
الابن : سيقتلوني
الاب :سيغفرون لك من أجلي
الابن : سيذبحوني
الاب : اذا لم تفعل لن يغفروا لك ابدا
الابن : لن أفعل
الأب :اذن لا استطيع حمايتك ( صمت ، يفكر قليلا.. يتمتم ) إبق اذا شئت ، يمكنك ان ترحل متى تشاء
الام : اللهم اغفر شرور بني آدم ( تمتمة تختلط مع حوار الابن )
الابن : سيذبحونني …سيذبحونني … سيذبحونني …سيذبحونني …( الام والابن يختفيان فجأة )
الاب :(في الحاضر )أين انتِ ، اين ذهبتِ به ؟ اين ذهبتما ؟( صمت طويـــل نسمع الريح تتحول بالتدريج الى عاصفة
الاب : ماهذا هل وصل الماء الى هنا أيضا .لقد بدأ يحاصرني . كيف لم ألحظ هذا من قبل ؟ (صوت الريح الذي يشتد ) حتما انها عاصفة ترابية ، لا أستطيع ان ار شيئا ،( اثناء العاصفة يتحرك بصعوبة ، يحاول ان يثبت قدميه ) لابد ان اثبت قدمي والا أتحرك ، (يستنجد ) هــــه .. هل أحد هناك . هـــــه هل تسمعوني ، اين انتم اين ذهب الجميع .. هــــه ، أيها الحارس اين انت ، لاأرى شيئا ، العاصفة سترميني في النهر ، ساغرق لأنني لا أعرف السباحة، هـه أيها الحارس اين انت ؟ هل تساعدني (نسمع صوت الحارس يطمئنه )
صوت الحارس : لاتقلق
الرجل : اين انت ؟ هـــــه أتسمعني .
صوتالحارس : ثبت أقدامك ، انها عاصفة وقتية وسرعان ما ستتوقف .
الرجل :اين انت ؟هل ستعود ؟ .
صوت الحارس :سأعود قريبا .
الرجل : كل شئ سئ هنا
صوت الحارس: لاتخف ، أيها الغريب سأعود
الرجل : بدأت تمطر اين مظلتي ؟
صوتالحارس : هــــه لا تقلق ، كل شئ سيكون على ما يرام .
الرجل : متى
صوتالحارس : في يوم من الايام .
الرجل : متى ؟
صوتالحارس : قريبا ، لاتحزن
الرجل : وأنت ؟
صوتالحارس :سأعود
الرجل :متى
صوتالحارس : قريبا
الرجل : ماذا تقول لا أسمعك ، متى ستعود ؟.
صوتالحارس : ( يوقع حواره ) في يوم ما
في ساعة ما
هناك في مدينتي
الرجل (يصرخ وهو يقاوم العاصفة والمطر ) لا أسمعك
صوت الحارس : كنا نسير بجانب النهر/ أنا وصديقي كنا نسير/دون
مأوى/مشردين /وقرب النخلة
الوحيدة / داهمنا الليل /فغفونا
الرجل : ماذا تقول ؟لا أسمعك
صوت الحارس : وعندما أفقت
وجدت كلبا كبيرا
يلعق جثتي
فعرفت مصيري
الرجل : هـــــه ماذا ؟
صوت الحارس: مصيري
يا مصيري
يا مصيري
الرجل : ماذا تقول ؟
الحارس : أقول ها قد توقفت العاصفة .
الرجل :لكنها مازالت تمطر
صوت الحارس : المظلة ستحميك
الرجل : ماذا تقول ، لا أسمعك
الحارس : مظلتك ستحميك من المطر
الرجل : اين مظلتي اين حقيبتي ، وعصاي ؟ اين عصاي ؟. ( يجد المظلة ينشرها ويظل يقاوم المطر) كأنها تمطر دما ، لقد ساءت الحال ، متى يعود كل شئ الى هدوءه ، متى ينتهي هذا الكابوس ، متى ؟
( صمت )
فرحا لقد استجابت الريح الى دعوتي . اللعنة ماذا فعلت العاصفة والمطر بمظلتي ، لايمكن ان تفيدني ، لقد تمزقت (يرميها في الماء ) والان انتهى كل شئ وتحسن الحال ، لقد هدأ كل شئ . نعم هدأ كل شئ ، لكن ما هذا الذي يترأى أمامي (صمت ) كيف سأخلص نفسي من هذه الورطة . هل أستطيع ؟ فماء النهر مازال يزحف ، أين حقيبتي ، اوراقي ، ؟ مظلتي ؟



(الحار س الذي يدخل المسرح فجأة يدفع كرس متحرك وفيه دمية مدير الدائرة بنظارته السوداء الكبيرة والملابس السوداء ، الحارس يشبه دمية المدير بالنظارة والملابس .يبقى مشهد الام والابن وهما على حالهما مضاءا في العمق ، انهما مازالا في ذاكرة الرجل )
الرجل : (فرحا بعودته ) اين كنت
الحارس : ماذا بك ، ما الذي جرى لك ؟
الرجل : عاصفة ووو
الحارس : ( ساخرا ) وماذا ايضا ؟
الرجل : لا شئ .
الحارس : ماذا تريد ؟
الرجل : بحثت عنك
الحارس : لماذا ؟
الرجل : لتساعدني
الحارس : كيف ؟
الرجل : للخروج من هنا .
الحارس : ستخرج إنشاء الله
الرجل : متى
الحارس :لا أعرف لست انا الذي يقرر ذلك
الرجل : من الذ ي يقرر ( صمت ، ينظران الى بعضهما والى الدمية )
الحارس : لماذا تسأل كثيرا
الرجل :لأنك وعدتني بالمساعدة
الحارس : نعم ومازلت عند وعدي
الرجل :اذن ساعدني
الحارس : ليس الان .
الرجل : متى ؟
الحارس : عندما نعرف أين ابنك ؟.
الرجل : ( مرعوبا ) ابني ؟؟
الحارس : نعم ، أين هو الان ؟
الرجل : كيف عرفت ان لي ابن ؟
الحارس : (يضحك ) مثل هذا لا يمكن إخفاءه ، أنت تعمل في دائرة تعرف كل
شئ عن الناس ، فكيف لا تعرف عن عملائها وموظفيها ؟

الرجل : الدائرة ؟؟
الحارس : ( يكمل ) نعم رؤسائنا يعرفون حتى عندما يختلي الانسان بزوجته
الرجل : (مذهولا ) بزوجته
الحارس : وتريد ألآ يعرفوا شيئا عن ابنك الذي يحاربنا في منفاه .
الرجل : يحاربكم ، من أنت ؟ أتكون ..
الحارس ( صمت ) نعم
الرجل .( فرحا ) هل كنت تخدم أيضا في التحقيقات .
الحارس : أحيانا ، لكني دائما في المهمات الخاصة التي احب العمل بها
الرجل : لماذا ؟
الحارس :لأنها تشعرني بقوتي وتفوقي و تحتاج الى انسان يمتلك معرفة بالتكنولوجيا ميزات ليست عادية،وخاصة منذ ان استوردت الدائرة المكائن الكبيرة لتسهيل عملنا .
الرجل : تكنولوجيا ؟ ماذا تفعلون بها ؟
الحارس :لمعالجة الحالات المستعصية . فاذا كنتم انتم في القسم تنجزون مهمة واحدة او مهمتين ،فاننا في ليلة واحدة ننجز المئات ، لان المخربين يأتوننا جاهزين من قبلكم. ان تعبكم تسهيلا لمهمتنا . نحن نسأل المذنب سؤالا واحدا ، واحدا فقط وهو في طريقه الى ماكنة الثرم ، اذا لم يوافقنا يستمر ولن تراه مرة اخرى . اما الذين يوافقون فاننا نحولهم الى الممر الآخر ، ممر النجاة . اغلبهم يختار الحياة عندما يرى زملائه وهم يثرمون في هذه المكائن العظيمة. فيطلب النجدة في اللحظة الاخيرة ،نستطيع ان ننقذ بعضهم والبعض الاخر يثرم ويتحول الىغذاء للدود والاسماك .ان دائرتنا ساعدتنا كثيرا ، فالمكائن اختصرت زمن العمل الشاق . لذلك فانا جزء من دائرتي وخادمها الامين أأتمر بأوامرها حتى يوم الدين ، فالحياة لا تعني شيئا بدونها .
الرجل : وأنا كذلك حتى في هذه اللحظة .
الحارس :. الدائرة تعرف أسرار الناس وحياتهم ، بما فيها اسرار النهر والبحر.
الرجل : اذن انت رفيق المهنة ، كم انا غبيإذن ، فات علي الامر ولم أتعرف
عليك
الحارس : ولهذا أنت تعس
الرجل :تعس
الحارس نعم لانك فقدت حاستك السرية ، كان عليك ان تعرفني من اللقاء الاول
، فهذا مهم لان اهماله يدل على التفكك بين رفاق المهنة ، انك قد لاترى
الأمر بهذه الأهمية لانك لم تعد تملك البصيرة التي كنت تتمتع بها
عندما كنت تخدم في الدائرة ، لهذا فمن السهولة ان تخطأ ، لكن ألا تعلم
بان أمثالنا يجب ألا يخطئوا .
الرجل : لقد غفلت .
الحارس:وهذه خطيئة لا تغتفر،وخطيئتك الثانية ، انك لم تعرف بان الذين ركبت معهم في المركب كانوا تنظيما خطرا، ونحن نراقبهم حتى نعرفهم جميعا .
الرجل : خطرون ؟ كانوا صبيان لم أرهم هكذا .
الحارس : ألا يكفي بأننا نراهم هكذا .
الرجل : هل يثير مثل هذا غضب رؤسائي وانا متقاعد ؟
الحارس : ممكن .
الرجل : وماذا أفعل لأكفر عن أخطائي ؟
الحارس : ، ان تخبر كل شئ تعرفه عن ابنك الان ؟ّ
الرجل : (مرتبكا )منذ ، منذ أن سمعت بانه في المنفى قبل عشرة سنين ، لم أعرف شيئا . ولم أعد مسؤولا عنه. وكتبت تقريرا في حينها الى رئيسي .
الحارس : نعم اعرف ذلك ، أين هو الان ؟
الرجل : تبرأت منه واعتبرته مقتولا ، غارقا ، فقدته ، ليس لدي ابن الان .
الحارس : اعرف ولكنني أتحدث عن تحركاته في الوقت الحاضر .
الحارس : أين هو الأن ؟ .
الرجل : اين عصاي ، حقيبتي ، مظلتي .
الحارس : (يصرخ به ) لاتتحرك هكذا ، إنك تقلقني
الرجل : اعتذر
الحارس : غير كاف ولابد ان تعرف بأنني هنا لمساعدتك .
الأب : شكرا ،انني …..
الحارس :(يقاطعه ، ويلقي حواره بشاعرية وحب كبير ) لكن أخطائك حدثت بسبب فقدانك الحاسة السريةلانك شخت ،فالقانون يتسامح مع الانسان في بداية حياته الوظيفيةوفي نهايتها .لكنه يبقىكمقصلة فوق جميع الرؤوس.اما الغفران فلمرة واحدة ،.لقد كنت أقوم في شبابي بمثل أخطائك ، طبعا عن عدم خبرة ودراية ،وكنت أعاقب نفسي ياما طويلة وخاصة في ليل لشتاء البارد حيث اذهب الى البر خارج المدينة ، والريح تصفر وتنذر بعاصفة ،وابقى هناك ارتجف حتى الصباح ، وحيدا وحيدا . وفي احد ى الليالي انبثق من وسط الظلمة رئيسي ، كان كالنور
الذي يدخل الهدوء الى النفس ، والسكينة الممزوجة بالفرح الذي يغمر القلب . ظهر شامخا يبتسم ابتسامته التي تميزه .كانت هالة النور تحيطه . وبما انني كنت خائفا واشعر باني مذنبا في ذلك الوقت فلم أجرؤ على النظر إليه . أمرني على الاقتراب منه ، وقفت أمامه مرعوبا من عينيه ، لكنه طمأنني عندما مد يده الحانية ليمسح على راسي . بكيت من شدة فرحي ، فامرني ان اتبعه . مشيت خلفه حتى وصلنا النهر فاشار الى أعماقه فشاهدت قناعي العاجي ( رأسي العاجي )
هناك في الماء يهمس ، الخطأ ثمنه حياة ، التفت فلم اجد طيف رئيسي ، ومنذ ذلك الوقت لم اخطئ ابدا ، لان الخطا في مهنتنا ثمنه حياة حقا. اذن لا تخطئ وإلا اعتبرت مذنبا.
الرجل :نعم ان واجبي يحتم علي ذلك .
الحارس : هل هبط من الجبل
الرجل : نعم .
الحارس : هل يختبئ في البيت ؟
الرجل : نعم ، وطلب مني أن أخبأه غير اني رفضت .
الحارس : لماذا لم تخبر عنه حتى الآ ن ؟
الرجل :كنت سأفعل فانا لا اخفي شيئا عن رئيسي ودائرتي
الحارس : ، هنالك أمور لا تتحمل التأجيل ، لقد أخطأت ، كان المفروض منك ان تخبرنا ؟
الرجل :كنت سأفعل .
الحارس : تأخرت .
الرجل : والله غير متعمد .
الحارس :هل كنت تحاول إخفاءه ؟
الرجل :كلا ، انا خدمت سنوات كثيرة في الدائرة و..و
الحارس :يقاطعه ، اعرف ، اعرف ، ولهذا سأدافع عنك أمام رؤسائي ( ينحني على الدمية للإصغاء )
الرجل : شكرا ( الى الرجل الدمية) ماذا تقول ياسيدي ، هذه ( يؤشر زهرة عباد الشمس التي في صدره) انني احبها ، انها زهرة تتحرك مع مجرى الشمس. ماذا ، أنت لا تحبها ؟ اعتذر ياسيدي ، سأرميها في النهر ، نعم سأرميها ( يرميها . صمت ) ماذا سأفعل الان ؟

(الحارس يهم بالخروج)

الرجل : هل تذهب ؟ وأنا .
الحارس : انتظر .
الرجل ":ما هذا ؟ هل انا في كابوس ؟ لقد تحول ماء النهر الى دم ، دم يزحف و سيغمرني دم ، دم ( يفرك عينيه ) هل حقا هذا ، أم أنني لم اعد ارى ؟ .
( ضرب أبواب بعنف ، أصوات مطارق ، أصوات غير مفهومة مختلطة ، صراخ )
الأم : ( مرعوبة ) لقد جاؤا ، فعلها النذل ، أهرب ياملاكي ، اهرب
الابن : وعندما خرجت كانوا ينتظروني في الظلام . ( صمت )
الام : ( الى الاب ) عندما جاؤا عند الفجر ، كنت انت تعلم لانك كنت قلقا وتهذي ساهرا .
الابن : قادوني في ممر خانق ،أرضه مغطات ببقع دم يابس ، تحت قدمي شئ لزج كالصمغ ، دم في كل مكان ، دم في كل الاتجاهات ، يا ألهي ، يا الهي . لماذا لطخوا الجدران بالدم ؟لماذا رقموا لزنزانات بالدم ؟ دم ، دم ، دم (احيانا يتداخل حواره مع حوار الام بتناغم وتداخل )
الام : خجلت من ضعفي لانني وحيدة وارى ابني في قبضتهم .
الابن : لم اصدق عيني فالامور اختلطت علي ، أحقيقة ما أرى ام انه كابوس ؟ كنت اسمع عويلا ونباحا بشريا ، كانوا يطلبون منهم ان ينبحوا بلا توقف طول اليوم ووووووووووأوووووووأوووو.وكأنهم جاؤا من كهوف مظلمة تطاردهم حيوانات متوحشة وهم ينبحون ، كانوا كغابة تشتعل بخيولها المجنونة ، والدم في كل مكان . دم دم دم دم دم دم
الأم : يالله يالله (تهمس المقطع التالي كخلفية لحوارات الابن )
انت المولى وانا العبد ، انت العزيز وانا الذليل


الابن : ارتعبت لبقايا انسان منسي في الزاوية كتلة بلا ملامح مغطاة بالدم ،
(يدخل الحارس يدفع عربةصغيرة فيها بقايا انسان ، بقية سيقان عديدة
وايدي ورؤوس بشرية وغيرها ، يسحل ورائه راس بشري كبير
مربوط بحبل ، يمكن للمخرج ان يبتكر صور قريبة من هذه البشاعة
وتتكرر طوال مشهد الابن )
دم ، دم في كل مكان
الام : انت الخالق وانا المخلوق ، انت المعطي وانا السائل .
الابن :وشعرت باني وحيد ، و غريب ، فلم أعد أرى سوى الدم
في ضباب مظلم ،ومازال الدم في كل مكان
الام : انت المغيث وانا المستغيث ، انت الباقي وانا الفاني
الابن : صرخوا بي اركض ، ركضت وانا انتظر نار ملتهبة ستشتعل بين ضلوعي نار ستصيب القلب .

الام :انت الدائم وانا الزائل ،انت الحي وانا الميت .
الابن :اقترب احدهم وطعنني في رقبتي سقطت وشعرت بدم دافئ يسيل حتى غطى جسدي
الام : انت القوي وانا الضعيف ، انت الغني وانا الفقير.
الابن : تراجعوا وهم يرقصون ليفسحوا لي الوقت بالنهوض .
الام : يارب انت الكبير وانا الصغير ، انت المالك وانا المملوك ، اهرب يابني اهرب .
الابن : نهضت ، ركضت ، كنت كالتائه بينهم ، اقترب مني آخر وطعنني بين ضلوعي ، سقطت .
الام : الرحمان ، الرحيم ، العليم ، الحكيم ، السميع اهرب يابني .
الابن : كانوا يدورون حولي كالوحوش .
الام : انت المنير البصير
الابن : يصرخون بوجهي ويضربوني على جروحي .
الام : يارب انت الاكرم.
الابن :تراجعوا فتقافزت امام عيني غزلان خضراء .
الام : يارب انت الرحيم .
الابن : ومن جديد طعنني أحدهم في ظهري
الام : وانت الكريم ،
الابن : نهضت حاملا جروحي ، فتراءت لي غزلان بوجوه صبايا .
الام : يارب انت العظيم . اهرب يابني
الابن :هرولت ، اقترب أحدهم فرأيت وجهه ، تذكرت اني اعرفه ، كان زميلي في المدرسة .
الام : يارب انت الدائم .
الإبن : مددت يدي نحوه أطلب ان يساعدني ، لكنه طعنني في الرقبة مرة أخرى ، كان دمي يسيل ، غطى جسدي وامتزج بتراب الارض دم يسيل ، يسيل ، يسيل . سقطت ، فقادني شرر من عيني إلى كهف مظلم

الام : يارب انت الكبير العلي .
الابن : لم انهض تعثرت ، لم أنهض تعثرت ، لم أنهض تعثرت ، لم أنهض تعثرت ، تعثرت
تعثرت وعندما تعثرت مرة اخيرة شعرت بأنني في بئر مظلمة عميقة
الام : يارب وانت الشديد .
الابن : وميض ،ونسور انقضت على راسي والتهمت عيني .
الام :وأنت الغالب .
الابن : وخيول هائجة تقدح حوافرها شررا
الام : وانت الحامي .
الابن :تأكل بعضها
الام :وأنت المغيث .
- الابن :تصهل ، وتصهل ،وتصهل مجنونة .
الام : يارب .
الابن : صبايا شقراوات بأجنحة ملائكة تنقر على الدفوف .تقدمت احداهن فتحولت الى نور ،شقت لي
الظلام بسيفها فانحدرت بعيدا في هوة باردة رطبة .وعندما تسلل اول شعاع لنور الفجر صمت كل شئ. نشرت يدي فتحولتا الى أجنحة خضراء فحلقت في سماء بعيدة كأني اطير في لهيب نار و أتلوى هائما ومازلت أهيم . أهيم ، أهيم . أهيم . لكنني لم اعد اسمع سوى تعاويذك يا أمي .
( اثناء التعاويذ التي تكررها الام وتغنيها تبدأ مع الابن رقص وحشي ، هو بالنسبة الى الام مايشبه الردح وحماية جسد وروح الابن من القتل ، وتخليصهما من العذاب و بالنسبة الى الابن هو ما يشبه الانتماء والهروب الى دفء رحم الام من جديد والحماية من العذاب . الرقص كالتعويذة ، كالهمس ، كاللهيب الروحي الداخلي ، يمكن أن نسمع من خلف الكواليس همس مبحوح .
( مازال الهمس لكن الا م الان تحتضن الابن كجثته كما في أول ظهور لهما . يجمدان كانهما إيقونة مضاءة.يتحول الهمس الى أنين ثم صمت مطبق ،ماعد الموسيقى. الرجل لوحدة تسقط حقيبته فتتناثر تقاريره)

الرجل : تقاريري ، تلوثت ، ما هذا ؟(يتفحصها ) أحقا هذا ؟ انها بيضاء ، أحقا انها بيضاء ؟ ! أ معقول هذا ، هل كانت بيضاء منذ البداية ؟ أم …. أم ..لا اعرف ، لا لا لايمكن ، لم أعد ارى أي شئ (صمت ) ماذا أفعل ؟ أنني وسط شبكة عنكبوت خيوطها سلاسل حديد تسحبني الى هوة مظلمة . كيف أتخلص ؟يجب ان اعتمد على نفسي في الخروج من هذه الورطة ( يخلع ملابسه ، يبقى شبه عار ي )
الرجل :( بخيبة يتذكر ) لا أعرف السباحة . (يتحرك تائها )
( يهبط قمر من أعلى المسرح )
ها قد هبط الليل وانا وحيد وحزين . ماذا سأفعل .
( صوت ريح خفيفة. يجلس القرفصاء ، لقد تحول الى
خواء بعد ان انتهى كابوسه . تهبط من السماء اوراق بيضاء
كثيرة، فتختلط مع اوراقه التي كانت على الارض .
تحصره الانارة بدائرة ضيقة حتى تمحوه )

ظـــــــــــــــلام
النهايــــــة

الكتابة النهائية
كوبنهاكن في اكتوبر/ 20003
الكتابة الاولية في اكتوبر 1979 /بغداد



#فاضل_سوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعاويذ شعرية في طنجة
- تأويل الشعر والفضاء الشعري للفن البصري
- دلالات الصورة في المسرح البصري ( رؤيا تطبيقية )
- النص البصري وتداعيات الذاكرة المطلقة في مسرح ما بعد الحداثة
- قدسية الشبق في طقوس الخصب الرافديني
- في الشبق الالهي المقدس و لازورد اللغة
- الآلهة عشتار و طقوس الحزن الجماعي لقيامة تموز العراقي
- تصورات العراقيين القدماء عن متاهات العالم الأسفل
- بصريات الممثل ..الى فاضل خليل
- برشت و التراث الشعبي في المسرح العراقي والعربي
- مات الفريد فرج لكن صدى حواره مازال يتردد
- الرحلة الضوئية .. طقس مسرحي عن العنف وأمل الانسان
- المسرح العراقي و مفهوم المسرح الملحمي
- هيمنة المراكز الثقافية وإلغاء ثقافة الآخر
- هل مازال العراق يلتهم شعراءه
- الفردوس المفقود في لوحات الفنان العراقي عباس الكاظم
- تحولات الاشياء في فن المنفى
- خمس ساعات فقط في ظهيرة الزمن
- لورنا سليم زهرة الأسرار تتألق في الشمس العراقية
- د. سوداني :بيان حول ذاكرة الجسد في المسرح البصري


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل سوداني - النار المتوحشة