أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - مرآة الثورة في رفضها قبول جائزة نوبل الأدبي















المزيد.....

مرآة الثورة في رفضها قبول جائزة نوبل الأدبي


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1988 - 2007 / 7 / 26 - 11:56
المحور: الادب والفن
    



يكفي أن تكتب في خانة البحث في محرك غوغول " تولستوي " لتظهر مئات الآلاف من الإجابات عنه. لذا فمن العبث أن أحاول هنا التعريف بالكاتب العظيم ، وكل ما أكتبه في هذا المقال هو تأملي في مدى حقارة جائزة نوبل مع شموخ الكتاب الحقيقيين، وتعبيري عن إعجابي و إجلالي لأولئك الأدباء الذين أبوا قبولها، فعظموا و كبروا .
تولستوي الروائي الروسي الكبير رفض مرتين قبول جائزة نوبل الأدبية لأنه كان يرى أن النقد الأدبي المجامل، مثله مثل الجوائز و المكافآت الكبيرة، تؤدي إلى فساد الخلق الفني والأدبي للمبدع وابتذاله.
و ثمة من يرجع علل رفضه جائزة نوبل إلى كونه نبيلا وإقطاعيا ، وارثا للقصور والبساتين الكثيرة في ذلك الزمان ما جعله في غنى عن قبول هذه الجائزة ، وكذلك ساعده غناه وثراؤه على اكتساب مثل هذه الصفات من عزة النفس و الإباء و التقوى الأخلاقية.
جلب تولستوي بأدبه العظيم ، وسلوكه الأسطوري ، انتباه قادة العالم السياسيين و المنظرين الثوريين، إذ مثلما قام ماركس وانجلز بدراسة و نقد مؤلفات بلزاك وزولا، فأن لينين لفت أنظار الصحافة و الطباعة إلى روايات تولستوي ، وخصص من وقته الغالي الثمين لكتابة مقالات نقدية لمؤلفاته قبل ثورة أكتوبر بثلاث سنين أثناء منفاه، إذ كان يرى فيها قيمة اجتماعية وسياسية عالية ستفيد الحركة الشعبية من أجل التغيير و الثورة . و كتب عام 1908 مقاله المعروف " تولستوي مرآة الثورة " بيّن أن في نتاجا ته تصوير جميل وواقعي لمعالم الظلم الاجتماعي و القمع، إذ يرى تولستوي في تلك الظروف التي يصورها أساس ظهور التناقضات والتناحر في المجتمع الروسي" ، رغم أنه رأى في مؤلفاته نوعا من الفوضوية الدينية.
و حسب مذكرات غوركي ، أن لينين قال:" رغم كون تولستوي ينتمي إلى طبقة النبلاء، ألا أنه فلاح حقيقي للأدب الروسي".
إن تولستوي بعكس غوركي ، لم يكن أديب البروليتاريا المدينية، ولا كاتب البرجوازية القيصرية، بل كان أديب الفلاحين الروس أشباه الأحرار ولسان حالهم . وقد زوّد الأدب العالمي بوفرة من الوثائق والأسانيد عن حياة ملايين الفلاحين الفقراء وثقافتهم وأخلاقهم.لقد كان محللا عظيما لتناقضات المجتمع الروسي في عصره. وتترافق آثار تولستوي الأدبية التي تعكس صورا واقعية عن المجتمع ، آمال عظام بالإصلاح لكنها كانت غير عملية ومثالية.
يكتب لينين: " فحتّى سكوت تولستوي في بعض الأمور يعني الكثير ، و دليل على إقراره بسيادة ظروف معينة".

إن انتقاد تولستوي للدولة والكنسية و الملكية الخاصة لملاكي الأرض الكبار يحوز على أهمية كبيرة لعمل المثقفين ومنهجهم في سبيل تحقيق أهدافهم . وثمة كتّاب في التاريخ الأدبي العالمي، يبدعون آثارا فنية وأدبية خالدة، من مواقع ومنطلقات رجعية.فالكاتب أو الفنان يمكن أن يرتكب أخطاء سياسية ونظرية ، ويمكن أن يكفّر السياسي عن أخطائه.
متطرفون سياسيون أرجعوا سبب فشل الثورة الروسية الأولى عام 1005 إلى انتشار التعليمات السلمية للتولستويين بين الفلاحين، لكن مؤلفات تولستوي الأدبية بما تضمنتها من دروس أخلاقية تختلف كليا عما فهمه مريدوه السذج والبسطاء.
قام تولستوي بتأسيس مدارس لأطفال الفلاحين في القرى من منطلق إيمانه بالتربية والتعليم غير الحكوميتين، وأخلاقه الفوضوية شبه الدينية و ثرائه المالي. لقد صرح قبل ظهور الماويين في سوح النضال الاجتماعي في الشرق: ينبغي على المثقفين التعلم من الفلاحين ، لا العكس، فأن كتابة عشرة مجلدات في الفلسفة وعلم الاجتماع لأسهل من تطبيق مبدأ نظري. وقد قال قبل ظهور غاندي المناضل السلمي في سبيل الاستقلال، : لا يجوز تحويل المقاومة الاجتماعية إلى عنف و غضب.
ولم تقتصر إدانته للإرهاب الحكومي المخفي والمعلن، بل استهجن العمليات المسلحة للفوضويين غير الدينيين أيضا.
عاش تولستوي في الفترة بين 1828- 1910 ميلادية، درس اللغات الشرقية في جامعة قازان، و سافر إلى منطقة القوقاز انجرارا وراء موضة ذاك الزمان في حب المغامرات والرحلات في عهد الشباب، و قد ساهم في الحرب على الحركة القومية للقفقاز بقيادة الشيخ شامل ، وكتب روايته الشهيرة في هذه الثيمة. تزوج من فتاة اسمها صوفيا و أنجبت له 11 ولدا... وأخيرا في عام 1880، وبعد صراع مرير مع النفس والنبلاء، قطع صلاته كليا مع طبقته الاجتماعية، و كرس حياته لخدمة الفقراء والمحرومين.
بلغت عصاميته الأخلاقية حدا امتنع عن استلام حقوق طبع كتبه، و ترك التدخين، و ذم ّ العلاقات الجنسية، و انهمك في تعلم مهنة صناعة الأحذية. وقد تحول خلال سنوات العمل الإصلاحي وانتقاده للكنيسة ، من الأورتودوكسية إلى مبشر مسيحي من نوع مختلف ، يبشر بالمسيحية الاجتماعية ، و نوع من العدل المسيحي. أتهمه المثقفون بالرجعية بسبب انتقاداته للمدنية و التقدم الصناعي و تعاليم العلوم الطبيعية. كتب عام حول حركة الشباب الماركسي 1898 بما يشبه قراءة الغيب: لحد الآن يحكم الرأسماليون الشعب، وقريبا سيأخذ البيروقراطيون الحزبيون منهم الزمام باسم الطبقة العاملة.

كان تولستوي متأثرا بأفكار روسو، وقد كتب أحد المؤرخين: دور تولستوي بما يتعلق بالثورة الروسية يحوز على نفس أهمية روسو بالنسبة للثورة الفرنسية. واليوم يمكننا القول إن كان الأدب الروسي اكتسب هويته القومية بجهود بوشكين و أعماله، فأنه بلغ شهرته العالمية المرموقة بمساعدة تولستوي و دوستويفسكي.

يردد تولستوي فكرة هيغل : الرواية شكل حديث من القص الملحمي. لقد تعلم من ستندال التوصيف الأدبي للحرب. وفي نظر النقاد اليساريين ، أن تولستوي لم يعرف في الواقع لا البرجوازية ولا البروليتاريا الروسية، بل أنه كان يعمل على أساس شرح حياة الفلاحين الفقراء ، بقايا البروليتاريا.
أغلب أعماله تعتبر قمما في الأدب العالمي ، مثل الحرب والسلام، و حاجي مراد، والبعث ، و آنا كارينينا، و ما الفن؟ موت ايفان ايليج، و القزاق... نشر قبل غوركي ثلاثيته فترة الطفولة و سنوات الصبا و ذكريات الشباب.
يعلن في رواية " الحرب والسلام" تأييده للكفاح الوطني للروس أمام هجوم نابليون العسكري، و يصور في رواية" آنا كارينينا" المرأة الضحية في المجتمع الإقطاعي القيصري و طبقة النبلاء. و يوصي في كتابه، ما الفن، بأن يكون من وظائف الفن تنمية الصفات الإنسانية في الفرد و ترقيتها، وينتقد شكسبير و بودلير و بيتهوفن و فاغنر لتهاونهم في هذه المسالة. ينتقد في رواية البعث المجتمع المفقر و البائس الذي ينتمي كان ينتمي إليه. ثمة نقاد يقولون: إنه ضمن كتّاب كبار تركوا آثارا عظيمة وخالدة ، رغم أنهم أبدعوها وفق رؤية للعالم مثالية ومغلوطة.
بالإضافة إلى تعرفه على أفكار روسو وفلسفته ، تعرف في سفرة إلى الغرب إلى مواطنيه من المهاجرين و الفارين مثل: برودون، و تورغنيف، و هو تسن. كتب مقالات نقدية لكتابات بوشكين وليرما نتوف الرومانسية التي كتبوها عن الثقافات غير الروسية ، من قبيل القفقاز، وشبه جزيرة القرم والتاتار..

من الكتاب الذين تأثروا بتولستوي أدبيا ، يمكن ذكر أندريه جيد، وتوماس مان، و استفان تسوايغ.. بعد وفاة تولستوي ، أصبح رومان رولان مبعث شهرته في الغرب. ويقول أحد النقاد عن دور تولستوي في أحداث روسيا ذاك العصر: لو اعتبرنا البلاشفة بداية لانتحار أوروبا، سيكون تولستوي شروع هذا الانتحار ، و سيكون لينين نهاية الانتحار.
يحسب بعض النقاد تولستوي أكثر ثورية من دستويفسكي لو قارنوا بينهما، لأن الأول تصدى للحكومة والكنيسة بشجاعة... لم يكن تولستوي قوميا مثل دوستيفسكي ، ولم يكن من أنصار الغربنة مثل تورغنيف. كتب دوستويفسكي ، مثل ديكنز ، و بلزاك، و ألن بو عن أهالي المدن، و كتب تولستوي- كما هو معروف عنه- عن الحياة القاسية لفلاحي الريف.
و من المنعطفات الشبيهة و الخطيرة التي غيرت مجرى حياة الاثنين وشخصيتهما، صدور حكم الإعدام بحق دوستويفسكي من قبل الحكومة القيصرية ، وطرد تولستوي من الكنيسة. تحول تولستوي إلى رمز للتقليد بين أنصاره في أواخر عمره. ابتلى التولستويون بارتباك فكري و اضطراب فلسفي بسبب احتجاجهم على الظروف بدون تبني منهج عملي للتغيير.
غادر تولستوي المنزل في ليلة بعد حدوث خلافات فكرية مع زوجته ، إلى جنوب روسيا لكي يرتبط بأنصاره، و قد غادر إلى عالم الأبدية في محطة السكة الحديد في مركز المدينة ، وهو مستلقي على مقعد في صالة الانتظار.
و قامت ابنته بعد سنوات بتأسيس مؤسسة تولستوي الثقافية الخيرية لدعم و مساندة المهاجرين و الملاحقين.
كلما أطالع رواية أو إبداعا من ألأدب العالمي باللغة السويدية في هذه الفترة من حياتي، أتذكر الترجمات التجارية الرديئة لقمة الأدب العالمي إلى العربية، ومدى جهلنا بجوهر هذا الأدب، ولذلك كم أشعر بضرورة توفر تراجم جيدة بإشراف لجان موثوق منها تعيد فيها النظر كل فترة.
مراجع:

http://en.wikipedia.org/wiki/Leo_Tolstoy

http://books.mirror.org/gb.tolstoy.html



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل 71 عاما احمرّ العشب في الأندلس بدم لوركا
- أشكو الفجر
- في سبيل حركة تحرر ثقافية.. اقتراح مبادئ
- سيذبحون القمر في الفجر
- مجزرة المسجد الأحمر مشهد من السيناريو القاتم للنظام الإمبريا ...
- النافذة لفروغ فرخزاد
- ناظم حكمت الشاعر و السياسي
- قصائد رومانيّة لباول تسيلان
- سلمان رشدي، سائس الخيل في بلاط صاحبة الجلالة
- أحزن ُ لأجل البستان
- إحتفالات للالهاء والتعمية
- -أسوار الحد ّ- للشاعرة التحررية فروغ فرخزاد
- قلبي يسبق خطاك
- قرّت عين عكرمة لإنتصارات أحفاده المجاهدين!
- إنّ الشاعرَ لنافذة
- جريجور سامسا
- قمة المجموعة 8 ومأساة جماهير العراق
- الورد الأحمر
- ثلاث قصائد للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928- 1980)
- برتولت برشت: إلى الذين يولدون بعدنا


المزيد.....




- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب
- تردد قناة سبونج بوب على النايل سات …. أجدد الأفلام وأغاني ال ...
- الكشف عن القائمة القصيرة لجائزة -PublisHer-


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد كشكولي - مرآة الثورة في رفضها قبول جائزة نوبل الأدبي