الصدر، قآني، نصر الله، خامنئي، ناتنياهو، ومصير سماسرة الاديان بعد غزة


عصام شكري
الحوار المتمدن - العدد: 7786 - 2023 / 11 / 5 - 20:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يوم الجمعة 3 تشرين الثاني توجه مقتدى الصدر إلى الدول المجاورة لفلسطين طالبا السماح لمناصريه بالوصول إلى المناطق المتاخمة لحدود اسرائيل وقد نشر رسالته على منصة اكس مدعيا ان حشوده ستكون سلمية.

موقف مقتدى الصدر هو جزء لا يتجزا من موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله وبقية فيالق القدس الجبانة. كنا نتوقع من التيار الصدري ان يسجل للقتال في غزة مع رفاقه حماس وحزب الله والحوثيين الاشاوس ولكنه يكتفي بالجعجعة اياها.

وبطبيعة الحال فان هذا الموقف “الاستراتيجي” الصادر في طهران يتطلب بعض الابداع في تسويق هزيمة هذه القوى الشرسة محليا، تلك القوى التي هتكت كل محرمات جماهير العراق بصراخها المستمر ضد الامبريالية والصهيونية والاستعمار ولوحت بسواطيرها الصدئة وخناحرها المسمومة لا بوجه اسرائيل والصهيونية لنصرة “المظلومين” في غزة بل ضد خواصر ثوار وثائرات العراق واحراره .

ان جماهير العراق وقواها الانسانية وقوى تشرين (الذين لم تشترى ضمائرهم بعد) ان يتذكروا حشود ذوي القبعات الزرق وسواطيرهم وخناجرهم التي طعنوا بها ثوار تشرين والقوى الانسانية العلمانية التي احتشدت في المطعم التركي وساحة التحرير واتهامهم بالعمالة للسفارات.

وحين دقت ساعة الصفر بتوقيت حماس وحانت المواجهة مع “العدو الصهيوني” بعد عقود من الانتظار وتحين الفرص وشراء اقمشة الاكفان والخطابات الديماغوجية (والان انخرط اليسار العراقي السفيه فيها بكل بطولة) فانه قرر ان يتوسل من الدول العربية الموالية للغرب بالسماح لنفس سرايا السلام ان “تزحف” لا لشي الا لتحتشد على حدود اسرائيل ربما في معبر رفح او القدس الشرقية!

وفي تساوق لطيف مع صراخ امين عام حزب الله الذي قال في كلمة تم عمل “تريلات” trailers هوليودية طويلة لها من قبل الجناح الاعلامي للمقاومة الباسلة، قال كل شي الا انه سيهاجم اسرائيل كما وعد من سنين طويلة واغرق جماهير لبنان في الدماء والخراب مرارا بسبب هذه اللحظة التاريخية. وادعى في خطابه انه لم يبلغ لا من طهران ولا من كتائب القسام ب “غزوة احد” الحماسية وظل في حدود الادب المحددة في كراس “قواعد الاشتباك” مع اسرائيل. وعلى نفس الطريقة وان بشكل اكثر سخافة وسخرية فان الصدر يريد ان يسجل ايضا موقفا يقول فيه كل شي الا الاشتراك في تحرير القدس بقوات جرارة مع فيلق القدس بقيادة الجنرال العبقري قآني. انه يتوسل ملك الاردن والسعودية والسيسي ان يسمحوا له باستجلاب شباب عاطل عن العمل لتسجيل نقاط على خصومه في فصايل التحرير الاسلامية المذهولة الاخرى في حكومة الميليشيات.

ان قوى الاسلام السياسي،وان يحاول اليسار العراقي المتحالف معهم سرا او علنا الايحاء بالعكس ليكسبوا تعاطف ديماغوجي معروف ومكشوف، هي في اكثر مراحلها هزالا، بل وسخافة الان. هذه القوى التي ما توقفت عن الصراخ بتحرير فلسطين منذ ربع قرن او اكثر، تنشر الصور وتذرف الدموع الكاذبة على ضحايا وغزة وتشارك في المهرجانات والاستعراضات بخرقها الصفراء والخضراء والمسيرات التضامنية، تفكر في الواقع اولا وقبل كل شي في مصيرها هي؛ في كيفية انقاذ سمعتها التي تمرغت في الوحل وربما لاخر مرة في عمرها البائس.

لا سرايا السلام ولا فيالق القدس ولا عصابات الحق ولا سرايا زينب او الرضوانية ولا الحرس الثوري ولا قوات بدر ولا فصائل حزب الله الجناح العسكري ولا الحوثيين الحفاة، سيقومون باي شي في اكثر مواجهة مستحقة وعدوا لخوضها وسفكوا دماء جماهير العراق ولبنان واليمن وطبعا ايران. لا شي. انها اوامر قآني نفسه!

حين يستقر تراب الوحشية الاسرائيلية في غزة ، ويتم وقف اطلاق النار، وتبدا المفاوضات من اجل حل الدولتين برعاية “ملوك الامبريالية” محمد بن سلمان والسيسي والملك عبدالله الثاني ومحمود عباس، ستتوفر فرصة ذهبية لجماهير العراق ولبنان وايران وسوريا للانقضاض على سماسرة الدين والقضية الفلسطينية والمتاجرين بدماء الابرياء والذين سفكوا دماء مئات الاف من البشر في سبيل فلسطين واتضح زيفهم وكذبهم وتجارتهم القذرة، ويخرجونهم من الميدان ،مرة، والى الابد.

حل القضية الفلسطينية بوجود سماسرة الدين مستحيل. دون القضاء عليهم من قبل جماهير ايران والعراق ولبنان وفلسطين واسرائيل وانتصار القوى العلمانية والانسانية والمتمدنة لن يمكن مطلقا وقف هذه البربرية . وبالتالي فان نضال جماهير العراق بعد غزة سيكون في فضح هذه القوى والانقضاض عليها وازالتها كليا وتشكيل دولة علمانية لا دينية ولا قومية توفر الشروط لارجاع المواطنة وحقوق المراة والتمدن والحرية لا للعراق ولبنان فحسب بل لفلسطين وعموم الشرق الاوسط.