بمناسبة الذكرى 11 لحرب امريكا في العراق - رسالة سعيد نعمه الى الحركة العمالية الامريكية


عصام شكري
الحوار المتمدن - العدد: 4428 - 2014 / 4 / 18 - 17:32
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

الرفيق مايكل أيزنتشر المنسق الوطني لمنظمة عمال امريكا ضد الحرب
الرفاق في الحركة العمالية الامريكية المناضلة

تحية رفاقية حارة،

نرسل لكم هذه الرسالة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاحتلال العراق من قبل الجيش الامريكي وحلفاءه، لنعبر فيها عن وضع الجماهير العمالية في العراق بظل الاوضاع التي انتجها الاحتلال الذي قادته دولتكم ونطلب مساندتكم.

ان تدخل الجيش الامريكي واحتلاله للعراق واسقاطه النظام القومي الدكتاتوري برئاسة احد اكثر الطغاة سادية لم تجلب الى الجماهير الديمقراطية بل الكارثة تلو الاخرى. لقد رأت جماهير العراق بعينيها كيف ان الاحتلال الامريكي لم يكن يتعقب مصالحها او يهتم بامرها او رفاهها او حرياتها مطلقا بل بمصالح الجهة الحاكمة في امريكا. توضحت بشكل جلي للجماهير اليوم ان لامريكا اجندة خاصة تتعلق بالنفوذ الامريكي في العالم والمنطقة. ان حصيلة الحرب الامريكية ادت الى استجلاب اكثر المجاميع معاداة للديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المرأة؛ اكثر المجاميع مقتا للحياة والكرامة الانسانية واكثرها تخلفا وتسليطها على شعب العراق بحجة الاغلبية والاقلية مسمين ذلك "الممارسة الديمقراطية". لقد اتضحت المهزلة الكئيبة بكل ابعادها المأساوية وفضحت الاكاذيب. ان هذه الديمقراطية المزعومة دفعت الجماهير الى اليأس واحدثت كارثة اجتماعية اعمدتها القتل الجماعي والارهاب اليومي وتدهور وضع المرأة والتهجير المليوني وتدمير البنى التحتية والدكتاتورية وعسكرة الدولة والمجتمع.

كما تعرفون فان تدخل الجيش الامريكي قد جاء من خلف ظهر جماهير العراق وادى الى سلب ارادتهم وتسليم مصيرهم بيد فئات ليس لديها تمايل مع مصالح الجماهير. لقد تحولت الجماهير الغفيرة للطبقة العاملة تحت ارادة هذه القوى والمجاميع المسلحة والمدعومة من الاطراف الاقليمية الى اوضاع اكثر قتامة. يتم يوميا سلب الحقوق العمالية وادامة العمل بالعمل بالقوانين التي شرعها نظام صدام حسين ضد الطبقة العاملة ومنها كما تعرفون القانون الذي ينكر هوية العامل ويسلبه حق التنظيم النقابي في القطاع العام ويحرمه من العديد من الحريات الاساسية. ولكن ذلك لا يحتاج الى الكثير من الشرح. فتلك القوانين مصممة لخدمة القوى الجديدة التي جلبتها امريكا وتخدمها بشكل جيد. ان وضع الطبقة العاملة ليس فقط متردي بسبب القحط الاقتصادي والمعاناة المطلبية بل بسبب غياب ابسط الحريات واكثرها تفاهة حتى في الدول الدكتاتورية؛ سلب حق الجماهير في الحياة، وفي العيش بسلام في مجتمع آمن، في المواطنة المتساوية، في الحماية من القتل والخطف والتعذيب بسبب اسمك او طائفتك او عرقك، في حماية النساء من العنف والطغيان الذكوري، من تحقير مكانتهن في المجتمع، ومن التمييز. لقد سلبوا الاطفال حق اللعب والامان والتمتع بطفولتهم والتعليم. وباختصار فان الوضع في العراق كارثي.

انسحب الجيش الامريكي في العام 2011 بعد ان فشلت امريكا في حل المعضلات الكبرى التي اوجدها الاحتلال وفضحت كذبة "تصدير ألديمقراطية الامريكية". خلقت امريكا هذه الاوضاع وجعلت جماهير العراق كبش محرقة ولتصحيح الاوضاع فانها استعجلت تحت الادارة اللاحقة الخروج "من الوحل" تاركة جماهير العراق غرقى بدماءهم. خسر الجيش الامريكي الاف الضحايا هو الاخر ولا احد يفهم كل ذلك ولم يقدم اي شخص للمحاسبة على تلك الجريمة.

ايها الرفاق العمال الامريكيين

لقد ادعت ادارتكم ان العالم سيصبح مكانا افضل دون صدام. ولكن نحن لا نفهم معنى افضل. نحن نسأل: اين هو هذا العالم الافضل ؟ اين العالم الافضل ومئات الاف القتلى والجرحى والمعاقين وملايين المهجرين والاطفال اليتامى والنساء الارامل ؟ اين العالم الافضل وعمال العراق يغرقون في الفوضى والبطالة ؟ اين العالم الافضل والعراق يتصدر قوائم الفساد والارهاب وانهيار حقوق المرأة ؟ اين هو هذا العالم الافضل المزعوم ؟!. لا نجده نحن هنا.

لقد ضربت النقابات العمالية الامريكية المثال في اهمية التعاضد العمالي الدولي وتصديها للنزعة العسكريتارية للهيئة الحاكمة بامريكا. لدينا الامل اليوم بكم وبوقوف عمال امريكا واحرارها والانسانيون فيها الى جانب شعب العراق. تقع عليكم بالذات مسؤولية انسانية واخلاقية كبرى لتخليص شعب العراق من هذه الاوضاع المزرية. الدولة الامريكية كانت عاملا اساسيا في احداث هذه الاوضاع بالضد منكم ايضا.

باسم اتحادنا العمالي نطلب منكم اتخاذ موقفا صلبا ازاء ما يحدث في العراق للخروج من هذا الوضع الكارثي، وضع التقسيم الديني والاثني والعشائري للجماهير واستشراء الارهاب والقتل على الهوية ومحاربة المرأة وضياع الاطفال وفقدان العديد من مكتسبات العمال حتى في حدودها الدنيا واخيرا وليس اخرا، وياللسخرية، الدكتاتورية البغيضة نفسها والتي تطل اليوم لا برأس واحدة كما كانت بل بعشرات الرؤوس وبهيئات القرون الوسطى وعقليتها.

ان الطبقة العاملة العراقية عازمة على التصدي لهذه الاوضاع التي لم نخلقها نحن ولم يكن لدينا اي رأي في تحديدها او اقرارها. نحن عازمون على انقاذ المجتمع ولكننا نريد منكم المساندة ومن كل اخواننا واخواتنا في الطبقة العاملة الامريكية المساندة القوية لانهاء التمزيق الديني والطائفي للمجتمع. ان هذا لن يتم دون تشكيل نظام دولة قائم على فصل الدين عن الدولة واقرار المواطنة منهجا بشكل كامل بدلا من الطوائف الدينية.
ان الطبقة العاملة تناضل من اجل مجتمعا اكثر انسانية في العراق ولكنها بحاجة الى مساندة كل عمال العالم وخاصة عمال امريكا وكل احرارها.

وتقبلوا اخلص تحياتي،

سعيد نعمة ناصر
رئيس الاتحاد العام للعاملين في العراق
بغداد
14 نيسان 2014