مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 1887 - 2007 / 4 / 16 - 12:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انطلاقا من الاتجاهات التي تأخذها الصراعات الحالية في بلادنا و على ضوء الزيارات التي تشرفنا بها مؤخرا في منطقتنا يمكننا دون أي تردد أن نقول أن طبقة محترفي السياسة تصبح أكثر خطورة على مجتمعاتنا مع اندفاعها وراء مصالحها الأنانية و تغولها على المجتمع و استعدادها , إن لم يكن استدعاءها , لإبداء السمع و الطاعة للخارج..إن انتهازية هذه الطبقة و احتقارها للحرية و الجماهير و قيم المساواة و العدالة و نظرتها إلى أوطاننا و شعوبنا على أنها مطية لخطاباتها و عدم ترددها في دفع الناس و البلاد إلى جحيم الموت و الدمار هذا كله يجعل من هذه الطبقة السياسية و السلطة التي تقودها أو تبحث عنها مصدرا لخطر داهم على أبسط حقوقنا كأفراد في هذه المجتمعات في قعر هذه المجتمعات..وجدنا بشار الأسد يمارس مغازلة أمريكا و إسرائيل برغبة و إلحاح محاولا إثبات حسن نواياه في مقابل أن يقايض البلد و المقاومة بالرضا الأمريكي , و وجدنا جنبلاط و جعجع يتحديان يسارا و يمينا مهددين خصومهما بالعضلات الأمريكية الفرنسية , وجدنا الزعماء يقرعون طبول الحرب الطائفية في كل زمان و مكان و وجدناهم أمام رايس و بيلوسي رموزا في التسامح الفكري و إنكار مدارس التكفير , التي تستحق هذه الأيام غضب أمريكا , و التبرؤ منها و رأيناهم يرغدون و يزبدون إذا تحدثوا أمامنا عن الآخر الطائفي أو المذهبي مبشرين الآخر بجهنم في الآخرة و بتعجيل العذاب على أيديهم في الحياة الدنيا..لم تكد معركة تحرير مجتمعاتنا و إنساننا من القهر تبدأ حتى اندلعت الحروب الطائفية من حولنا لتتحول أحلامنا بالحرية و العدالة و المساواة إلى ظلام النسيان أمام "خطورة و أهمية" حروب إلغاء الآخر الطائفية التي ما هي إلا استمرار للحرب العراقية الإيرانية التي لم يكتف الغرب الحر, أمريكا و فرنسا , ببيع أسلحته للطرفين لإدامة القتل المجاني الغبي للملايين بل كانوا من يقطف ثمرات هذه الحرب التي لا معنى لها تكريسا لهيمنة احتكارات الغرب على خيرات بلادنا و على مصائرنا وصولا إلى مصائر أبنائنا و أحفادنا..فالحرية أمام حروب إلغاء الآخر هي كفر و دعاتها أبالسة في ثياب بشر و العدالة دعوة للإلحاد و الخروج على التراتبية الطبقية التي تدعي شرعيتها من المقدس من الله..الحرب التي يحضر لها الشرق اليوم يراد لها أن تكون الحلقة المتممة لحرب العراق مع إيران حرب مدمرة في سبيل قضية لا تختلف عن قضية تحديد جنس الملائكة التي شغلت "الحكماء" الرومان فيم يحاصر البرابرة روما حرب لن يستفيد منها إلا البرابرة الجدد الطامعين..إن هذه الطبقة السياسية لا تمتلك مشروعا لا لتحرير إنساننا و لا لتطوير مجتمعاتنا..إنها مجموعة من الأنانيين الذين يدورون حول أنفسهم فيسقطون مصالحهم على العالم الذي يحيط بهم أي نحن كبلاد و شعوب و يبقى الخارج هو مصدر نسغ الحياة لهم إما في الارتباط به أو تجنب غضبه و سخطه..الصراع الذي يدور بين فصائل هذه الطبقة لا يدور حول مشروع سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي بل هو باختصار حول السلطة حول من سيمتلك الحق في نهب خيرات البلد , النكتة الأظرف هنا هو أن المحكمة الدولية بين المطالبين بها و الرافضين لها حالة خاصة جدا بعائلة الحريري التي لا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد الواحدة لكن ثروتهم تقترب من قيمة مديونية لبنان التي تقاس بالمليارات , ربما من هنا تأتي أهمية المحكمة الدولية..الطريف أيضا أن الحراك السياسي اللبناني يتم ضبط إيقاعه حسب أجندة تواريخ الانتخابات الرئاسية الفرنسية , هذه من أسوأ النكت السوداء لهذه الطبقة المخملية..هذا الاستهتار بكل ما يتعلق بالوطن و الناس و التضخيم المبالغ فيه لشخصيات أولئك السادة لدرجة تقسيم البلد و دفعه إلى الحرب الأهلية حسب أجندات و مصالح أفراد هذه الطبقة جدير بأسطورة يكتبها هوميروس عن هيلانة و اسخيليوس لا عن بلد أو ناس يبحثون عن لقمة عيشهم و كرامتهم و حريتهم أو بعضا منها و أمام هذا التضخم الهائل في أنا الزعماء على حساب الأوطان و الناس يعيش رجل الشارع تهميشا يصل حد الإلغاء أمام مؤسسات القمع و القهر و خطابات لا تقبل القسمة على اثنين..في نيسان 1975 بدأ اللبنانيون البسطاء بقتل جيرانهم و سحلهم و نحرهم لخمسة عشر سنة و اليوم يتوزع العراقيون البسطاء على "جيوش" و ميليشيات تنتسب إما إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه أو صحابة كبار كعمر أو حتى الرسول الكريم ( جيش محمد ) ليستلهموا تراث الموت و القتل و الخراب المجاني تراث قتل الأخ و الجار نحرا حتى الموت حتى سحل إنسانيتنا وسط دماء و صراخ الضحايا..المصيبة أن هذه الحروب التي تستنسخ تراث حرب داحس و الغبراء تبدو لبعضنا خطيرة جدا و جديرة بالموت بل النحر, نحر الآخر انتحارا نحن القتلة و المقتولون نحن سفلة العالم نحن المطحونون قهرا و فقرا و تغييبا و أخيرا موتا بلا أي معنى..نحن الذين لا يستحق 150 ألفا من أمثالنا قتلهم لوردات الحرب لا سطرا في قرار لمجلس الأمن و لا حتى كلمة اعتذار من الأرامل أو الأيتام و لا تستحق 40 مليار دولار سرقت من جيوبهم و من بلدهم محكمة دولية من نظام العدالة العالمي الجديد..و لأن الصراع اليوم يتركز على من يخطب ود السيدة رايس أو بيلوسي و لأن الكل يعرض أي شيء لينال الرضا الأمريكي الذي لا يناله إلا من هو مستعد لبيع الأوطان بأبخس الأثمان , أنا أرى أنه علينا قبل أن يرخص وطننا و نرخص معه أكثر من هذا الثمن البخس الذي صرنا إليه قبل أن يقوم كبار الحرامية في الداخل بعرض البلد للبيع للخارج ليحتفظوا بحقهم في سبي هذا الوطن , قبل أن يقوم الباحثون عن السلطة بأن يجندوا أنفسهم كحراس للمارينز القادمين , و كي نخرج وطننا من البيع في المزاد الأمريكي ليس أمامنا إلا أن نستعيد ملكيته من أية سلطة تعتبر نفسها مطلقة اليد في بيع البلد لمن تشاء لتقبض ثمنه تسلطا على رقاب العباد ليس أمامنا إلا أن نستعيده إلى أصحابه الشرعيين الذين لن يفرطوا به أمام الغزاة لا من يبحث عن النجاة أو الطريق إلى السلطة و لو كان ذلك على أنقاض الوطن أو جماجم أهله
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟