معنى الحياة مرة أخرى

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 16:38
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

قد نقول إن أي شيء مختلف عنا بيولوجيا أو نفسيا أو روحيا. ولكن كيف يكون مختلف عنا إذا كان يشبهنا أخلاقيا. وقد يكون هذا ما يميز الحياة.

قبل أن نسأل: "ما معنى الحياة؟" نحتاج أن نطرح السؤال الأولي التالي: ما الذي نقصده بعبارة "معنى الحياة" ؟ إن عبارة " معنى" تحمل في داخلها ثلاثة معاني على الأقل هي المعنى اللغوي أو الدلالي والمعني المباشر ومعناها من حيث أهميتها. ونحن نبحث هنا عن معناها الثالث عن نسأل عن معنى الحياة .


تحتوي المعاني الثلاث لتعريف " المعنى" معنى الدلالة والإشارة إلى ما بعد. وبشكل عام نحن عندما نسأل: ما معنى الحياة ؟ فإننا نسأل عما يكمن خلف وجودنا ويعطي حياتنا المعنى والمغزى؟ مرة أخرى يظهر السؤال الأولي : هل هناك معنى للحياة في المقام الأول؟ قد يأتي الجواب بالنفي وقد يرد الجواب بأن حياة البعض لها معنى أفضل من حياة البعض الأخر. وإذا كانت الحالة هذه ، فيمكن أن نسأل أنفسنا: ما الذي يجعل حياتنا تستحق أن تعاش ؟ وما الذي يجعل حياة شخص من أثمن من حياة شخص أخر؟

هاكم سؤال أخر: ما الذي يطرح سؤال معنى الحياة في المقام الأول؟ قد يكون الجواب المحتمل هو أن البشر يدركون لجاذبيتهم في هذا الكون الواسع، وهذا يعني أننا صغار ومحدودين وظاهرة طارئة في هذا الكون الواسع الذي يدور حولنا.

ولا يزال هناك سؤال أخر يجب أن نستكشفه: ما الذي يدفع الإنسان ليسأل عن أهمية حياته؟ إذا كان الجواب بيولوجيا ، فالإنسان قد يمتلك نوعا محددا من الشيفرة الوراثية أو أعضاء محددة مثل اللحاء الجبهي. وإذا كان الجواب نفسيا ، فإن إنسانية الإنسان تقتبس من الطريقة التي نفكر بها ، ومقدرتنا على المحاكمة ، وهكذا دواليك، والجواب هنا قد يكمن في الأخلاق والروحانيات .

قد يقول بعض الناس إن للحياة معنى إذا كان الإنسان قادرا على تحقيق شيء فيها . وإذا كنا نحن البشر من لحم ودم في تصميمنا الكوني المسبق ، فقد يكون كل ما نفعله مصمم ومحدد مسبقا ، أو قد نكون أحرارا ونمتلك الإرادة الحرة ، وفي كلتا الحالتين قد تكون حياتنا ذات معنى أو من دون معنى ، والمعنى الأول يختلف تماما عن المعنى الثاني . وقد يكون من الصواب أن نسلك طريقا وسطا: فبعض الأشياء التي تعنينا قد تحدد مسبقا، ويترك لنا الخيار في بعض الأشياء الأخرى . وربما يكمن المعنى في الأماكن التي نضع فيها خياراتنا.

لقد افترضنا حتى الأن أن هناك جوابا محددا لسؤالنا الأساسي عن معنى الحياة . ولكن قد يكون أمامنا الكثير من الأجوبة المختلفة وفق الزمن الذي نعيش فيه والثقافة التي نحملها . قد نحتاج أن نسأل : ما هو الجواب الصحيح لسؤالنا عن معنى الحياة؟ ربما يكون الجواب وفق علاقتنا بالكون المحيط أو حسب علاقتنا بالمقدسات أو حسب علاقتنا بالآخرين .

وإذا كان علينا أن نضع في اعتبارنا البعدين عندما نطرح سؤالنا عن معنى الحياة : البعد الشخصي والبعد الاجتماعي أو العلائقي. نحتاج في البعد الشخصي أن نقرأ السؤال كما يلي : إذا كنت أعتقد أنني شخص يقلق على حياته ، فمما يتكون معنى حياتي ؟ قد يكون معنى الحياة بالنسبة لي هو حياة المنطق والعقل وحياة الإيمان أو حياة أي عضو في المجتمع. وإذا نظرنا البعد الشخصي ، فإننا نحتاج أن نفهم علاقاتنا بالأخرين والعالم الأوسع لكي نجيب على السؤال. هل نحن أشخاص مستقلون أساسا في رباطنا الاختياري مع الآخرين ؟ وهل من غير اللائق أن نفكر بأنفسنا بشكل منفصل عن المجتمع؟

تبقى كل هذه الاحتمالات مفتوحة أمامنا بالطبع . إن جمال المعالجة الفلسفية هو أننا لا نضطر لوضع خيارات تحتمل أجوبة بنعم أو لا . يمكن أن نقدم الرؤية والالهام والتفهم من منظورات واسعة تنبثق من التقاليد المنتشرة في هذا الكون الواسع. نتعلم جزءا منها من الكتب والمحاضرات والنصوص المكتوبة رغم تباعد الثقافات وتناقضاتها أحيانا ليبقى معنى الحياة مثيرا ومليئا بآفاق الحكمة والموعظة الحسنة التي لا ندركها أحيانا ، بل في غالب الأوقات .

المصدر:
The meaning of the meaning of Life, The Great Courses , USA, 2018

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات