|
عن الاستخفاف بالشارع
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:37
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
في أكثر من بلد عربي، بل وفي بلدان عربية مفصلية، يخرج الناس إلى الشارع، إما على شكل تحركات للنخب السياسية والأكاديمية كالمحامين والأطباء والقضاة والصحفيين والكتّاب، أو على شكل تحركات جماهيرية للطلبة والشبيبة والعمال، مطالبين بحقوق سياسية ومعيشية، يتوخى منظموها والمشاركون فيها أن تكون - ما أمكن - تحركات سلمية، على نحو ما يجري في بلدان العالم الأخرى، حين يحتج الناس على ارتفاع الأسعار والغلاء مثلاً، أو على رفع الدعم عن أسعار المواد الأساسية عملاً بنصيحة حمقاء من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، أو للمطالبة بالإصلاح السياسي وتوسيع فضاء الحريات العامة والانعطاف نحو الديمقراطية. ومنذ زمن بعيد بات العالم يتعاطى مع هذا النوع من التحركات بوصفها سمة من سمات حيوية أي مجتمع، بل وضمانا من ضمانات أن تجري الأمور في اتجاه الاستقرار والتوازن بين الدولة والمجتمع، فاحتجاجات القطاعات الشعبية وتعابير المجتمع المدني في أي بلد من شأنها أن تعيد أجهزة الدولة إلى رشدها، فتقوم بتصحيح الأخطاء في الوقت المناسب، قبل أن تنزلق الأمور نحو الخراب أو الحروب الأهلية أو انهيار الدولة، وحتى عندما تتصدى قوات الأمن لمثل هذه التحركات عندما تقترب من المنشآت الحيوية أو تعيق حركة المرور وما إلى ذلك من أسباب، فإنها تسعى لأن يكون هذا التدخل في حدود القانون وضوابطه، وتتفادى - بما أوتيت من سبل - الاستخدام المفرط للقوة الذي يوقع الضحايا في صفوف المحتجين، وإذا ما حدث أن ألقي القبض على بعض المتظاهرين، فإنهم يعودون إلى بيوتهم في مساء اليوم نفسه أو صبيحة اليوم التالي، إلا إذا استصدرت أوامر من القضاء بتوقيفهم للمزيد من التحقيق أو على سبيل التدبير الاحترازي. في عواصمنا ومدننا العربية المختلفة مازالت أجهزة الأمن والشرطة تعتمد الأساليب القسرية التي ينبذها العالم المتحضر، ومازال يجري النظر إلى الاحتجاجات الشرعية للشارع على أنها أعمال تخريبية تمس الأمن والاستقرار، ويجري التعاطي معها بمنتهى العنف والقسوة، وتنقل الفضائيات صوراً عن الضرب المبرح الذي يتعرض له المتظاهرون المحتجون، بما في ذلك جرهم في الشوارع، أو إيقاع الأذى البدني القاسي عليهم بالهراوات الغليظة، وفي الإجمال فإن كل ذلك يتم خارج القانون أو بالاستناد إلى تشريعات استثنائية مصممة للظروف غير الطبيعية، كالحروب الأهلية أو الفتنة الطائفية أو سواها، ولا تصلح لمجتمعات مدنية ذات تقاليد، تتطلع شعوبها لحياة أفضل. لم يعد جائزا الاستخفاف باحتجاجات الشارع، أو التعاطي معها بعدوانية وقسوة. إن النظرة السديدة للأمور تقتضي النظر إلى هذه التحركات بوصفها علامة صحية، ودليلا على ان قلب المجتمع ينبض، فهي بمطالبها وشعاراتها ترسل إشارات التنبيه إلى الخطر، التي يجب التقاطها والإصغاء إليها، والسعي للوصول إلى توافقات حولها، بما يضمن السلم الأهلي في المجتمعات، ويرشد الأداء السياسي للقوى المجتمعية المختلفة، والأداء الإداري لأجهزة الدولة ذاتها التي تمت تنشئتها على روح العداء والمجابهة، لا على روح الشراكة مع المجتمع، منظورا إليه من خلال القوى التي تمثله، وتعبر عن تطلعاته من أحزاب ونقابات وهيئات حقوقية وثقافية وأهلية مختلفة
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الذي حجب موقع »الحوار المتمدن
...
-
هل تريد الدولة مصادرة الفضاء الأهلي؟
-
لماذا لا نغلق هذا الملف؟
-
برنامج المنبر: البديل الديمقراطي
-
ثلاثون عاماً على حل المجلس الوطني ̷
...
-
جورج حاوي
-
تغيّر الشكل وظلّ الجوهر
-
هذا القانون.. لماذا؟
-
ما هو مشترك بين الشعب
-
الذاكرة التي هُشّمت
-
فقدانــــــــــات العائــــــــــد..!
-
لا فسحة للحلم
-
!هل نسمع العراق؟
-
مربى تشيخوف
المزيد.....
-
-نحن جميعًا ملوك-.. ماذا لو أصبحت المباني السكنية على شكل ال
...
-
وزراء أوروبيون يطالبون بتنفيذ أمر محكمة العدل الدولية بوقف ع
...
-
الإعلام العبري: الجنود المصريون أطلقوا النار على جنود إسرائي
...
-
ولاية كنتاكي تحذر من طقس أكثر قسوة بعد العواصف التي قتلت 14
...
-
شاهد: عشرة قتلى و39 جريحاً في حادث تصادم مروّع جنوب تركيا
-
-كادت تصطدم بأحد المباني-.. رحلة نجاة مثيرة لطائرة هبطت اضطر
...
-
رحلة مثيرة إلى حضارات عريقة.. موقع شالة الأثري المغربي يفتح
...
-
السجن لضابط بالجيش الألماني بتهمة التجسس لصالح روسيا
-
وزيرة الخارجية الألمانية: حكم المحكمة الدولية بشأن غزة ملزم
...
-
الوحدة الشعبية ينعى الرفيق المؤسس المناضل أكرم الصادق “أبو ا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|