أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن مدن - فقدانــــــــــات العائــــــــــد..!














المزيد.....

فقدانــــــــــات العائــــــــــد..!


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 569 - 2003 / 8 / 20 - 03:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 د.  حسن مدن

المنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

 

 مشاهد العائدين إلى العراق من أبنائه الذين غيبوا عنه طويلا تثير في النفس مشاعر الوجع عن تلك المصائر الصعبة التي عانى منها شعب العراق وما زال. صورة جريدة الأمس عن العائدين من مخيم رفحاء الصحراوي السعودي إلى العراق هي واحدة من تلك الصور الباكية، الفاجعة، لولا فرحة العودة إلى أحضان الوطن. عدد من هجر مثلهم من أبناء العراق المنتشرين في أراضي الله الواسعة يقدر بالملايين وليس بالعشرات أو المئات أو الآلاف أو حتى مئات الآلاف، إنها مأساة عربية أخرى بعد المأساة الفلسطينية، ولكن هذه المرة على يد نظام عربي حمل شعبه قسرا على الهجرة، قبل أن يأتي الإعصار الأمريكي الجائر فيكمل دائرة المأساة التي بدأتها الديكتاتورية.

ومنذ أيام طالعت علي فضائية (العربية) الأديب العراقي والباحث زهير الجزائري وهو يصور لحظات عودته الأولى إلى وطنه الذي غادره هربا وخفية قبل ربع قرن، يوم كان المثقفون يقتلون في الشوارع ويساقون إلى المخابئ السرية أو الموت. كان زهير الجزائري يبحث عن المقاهي التي يعرفها في شارع الرشيد في بغداد التي كانت تعج بروادها من المثقفين والأدباء في تلك الجلسات التي كانت تحتدم بالحوار والنقاش والتفاعل الناجم عن حركة ثقافية حقيقية وأصيلة. لكن لم تكن هناك ثمة مقاه في الشارع الذي بدا خاليا وموحشا ومليئا ببقع الماء الآسن، ودار السينما التي تذكرها الجزائري جيدا بدت مقفرة وكئيبة. وما يقال عن الرشيد يمكن أن يقال عن شارع أبي نواس الذي كانت مقاهيه الجميلة تحاذي النهر مباشرة، ولكن مجاورة الشارع لأحد قصور (الرئيس) قتلت الحياة فيه وأشاعت فيه الخراب. كل العراقيين العائدين اليوم إلى وطنهم بعد عقود الغربة الطويلة يبحثون عن (عراقهم) الذي كان، عن بغدادهم التي كانت فلا يجدونها، لان الزمن غيّر أشياء كثيرة فيه، ولأن نفوذ الديكتاتورية هو من السطوة والقوة والاتساع ما يجعله قادرا على إعادة رسم صورة للوطن تلائمه وتحجب كل ما لا يشتهيه ولا يريده، بل قد يصل الأمر حد التدخل في الطبيعة ذاتها، على نحو ما حصل مع أهوار العراق، التي كانت خليطا من ضباب وماء وسماء، فجرى تجفيفها قسرا وحرم الوطن واحدة من اجمل بقاع العالم التي تمتد بعيدا وعميقا في التاريخ، في الحضارات الموغلة في القدم على الأرض الخالدة بين النهرين الخالدين.

فقدانات العائد إلى وطنه بعد غياب طويل لا تحصى. إن الغياب الطويل يغيب وجوه أحبة كثر من هؤلاء الذين يخلفهم الغائب وراءه وهو يعدو خارج وطنه هربا، فيعود ليجد ثرى المقابر قد ضمهم واحدا تلو الآخر. يصح هذا على أوطان كثيرة وفي أزمان كثيرة لان المحنة الإنسانية تتشابه وتتطابق حتى في أدق التفاصيل، فما بالنا إذا قدر لهذه المحنة أن تتضاعف مرات ومرات في العراق: بطش دموي داخلي قل نظيره في بلدان العالم الأخرى، حربان طاحنتان تحولتا إلى محرقتين لشباب وفتية العراق، وإذ ترحل الديكتاتورية فإنها لا تخلف وراءها إلا الخراب: تسلم الوطن برمته للمحتل، فتقوده إلى كارثة أدهى وأمر.

في نهاية الحلقة التي أعدها زهير الجزائري عن عودته إلى وطنه، قال إن استجابة لنداء المثقف وضميره داخله قرر البقاء في وطنه المنهك الذي لم يسمع طوال عقود سوى صوت الحزب الواحد والقائد الواحد.. من اجل أن يساهم مع آخرين في أن يسمع الجيل الجديد من العراقيين أصواتا أخرى، أصواتا متعددة. ومعه في ذلك كل الحق: التعدد درب من دروب الخلاص.

 

 



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا فسحة للحلم
- !هل نسمع العراق؟
- مربى تشيخوف


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن مدن - فقدانــــــــــات العائــــــــــد..!