|
هذا القانون.. لماذا؟
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 1011 - 2004 / 11 / 8 - 07:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
الغالبية الساحقة من القوى الحية في المجتمع البحريني أدانت مراراً كافة أعمال الشغب والاعتداء على الممتلكات العامة والمساس بمكانة الدولة، والاخلال بالنظام العام. هذه الادانة جرت مؤخراً في التعاطي مع مظاهر الانفلات التي شابت بعض المسيرات والتجمعات، وجرت في مرات سابقة كثيرة. لكن هذه الغالبية لا يمكن ان توافق، بالمقابل، على ان تكون ردود فعل الدولة بحجم الاسراع في سن مشروع قانون جديد للتجمعات، واحالته بسرعة البرق للمجلس الوطني ومنحه صفة الاستعجال، فيما هذا المشروع يناقض في نصه وروحه مشروع الاصلاح السياسي والدعوة التي وجهها جلالة ملك البلاد في خطابه الاخير في افتتاح الفصل التشريعي الثالث للمجلس الوطني، حين دعا نواب الشعب لاعادة النظر في التشريعات والقوانين المعيقة للاصلاح، فاذا بنا نفاجأ بالسلطة التنفيذية تسارع بوضع مشروع قانون لن يكون من أمره، في حال قُيض له المرور لا سمح الله، الا ان يشكل عقبة كبرى بوجه الاصلاح وبشروط المجتمع الديمقراطي القائم على احترام الحريات العامة، وخاصة منها حرية التعبير والتظاهر والتجمع وسواها من مظاهر واشكال الاحتجاجات السلمية، وقد عرفت البحرين العديد منها في العامين الماضيين. وكانت موضع تقدير واحترام من قبل العالم والهيئات الحقوقية الدولية، التي نظرت اليها بوصفها دليلاً على مناخ الحرية الذي يسود في البحرين منذ ان دشن عاهل البلاد مشروعه الاصلاحي، بل ان جلالة الملك شخصياً عبر مراراً عن اعتزازه بما اظهره شعب البحرين من وعي وتحضر ومن تمسك بالثوابت الوطنية والقومية، في العديد من الفعاليات والمسيرات، والتي شارك في بعضها نحو عشرين الفاً من المواطنين. مشروع قانون التجمعات المحال من قبل الحكومة للمجلس الوطني ليس أسوأ من القانون المعمول به حالياً فحسب، وانما يعيدنا في العديد من بنوده، الى احكام وأجواء مرحلة قانون أمن الدولة، وليست البلاد في حاجة لهذه العجلة التي تصر عليها السلطة التنفذية حين أضفت على المشروع صفة الاستعجال طالبة من النواب سرعة النظر في اقراره، فلسنا في حالة فراغ قانوني في هذا المجال حتى يتم ذلك، فالقانون المعمول به حالياً ينطوي هو الآخر على قيود مشددة وسبق للسلطة التنفيذية أن استخدمته عدة مرات خلال العامين الماضيين، وكان المؤمل ان يعاد النظر في هذا القانون باتجاه تطويره وتخفيف القيود والمعوقات التي يتضمنها، لا ان تسعى الحكومة لاستبداله بقانون جديد بديل أسوأ منه. ان الرد على التجاوزات التي اتسمت بها بعض المسيرات في الفترة الاخيرة لا يتم بتدابير تقيد من الحريات العامة، لان هذه التجاوزات لم تكن محل رفض من قبل اجهزة الدولة وحدها، وانما من قبل النواب واعضاء مجلس الشورى، كما ادانتها العديد من الجمعيات السياسية وهيئات المجتمع المدني وقطاعات اجتماعية واسعة رأت فيها خروجاً على مبدأ الحريات واخلالاً بقواعد التعبير السلمي، ويمكن للدولة ان تستند على هذا الموقف الشعبي الواسع، وليس على التدابير والتشريعات المقيدة للحريات والتي لا يمكن ان تحظى بالقبول لدى قوى المجتمع المدني، لانها تنتهك الحريات العامة وتصادرها او تفرض عليها قيوداً كثيرة. وبوسع هيئات المجتمع المدني ذاتها ان تتداعى الى وضع ميثاق شرف فيما بينها، يتضمن القواعد الضرورية التي تكفل سلمية التجمعات والتظاهرات وتضع ضوابطها، وتنص على رفع الغطاء السياسي من هذه الهيئات والجمعيات عن أية انشطة لاتلتزم بهذه القواعد، لكي يصار الى توسيع دائرة الحريات لا الى تضييقها على نحو ما ترغب السلطة التنفيذية فيه من خلال مشروع قانون التجمعات الجديد، والذي يتطلب عملاً واسعاً من الجمعيات السياسية واعضاء مجلس النواب والشورى والنقابات والمنظمات المهنية وسواها للوقوف ضده.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هو مشترك بين الشعب
-
الذاكرة التي هُشّمت
-
فقدانــــــــــات العائــــــــــد..!
-
لا فسحة للحلم
-
!هل نسمع العراق؟
-
مربى تشيخوف
المزيد.....
-
فيديو أشخاص -بحالة سُكر- في البحرين يشعل تفاعلا والداخلية تر
...
-
الكويت.. بيان يوضح سبب سحب جنسيات 434 شخصا تمهيدا لعرضها على
...
-
وسائط الدفاع الجوي الروسية تدمر 121 طائرة مسيرة أوكرانية الل
...
-
-بطاقة اللجوء وكلب العائلة- كلّ ما استطاع جُمعة زوايدة إنقاذ
...
-
في اليوم العالمي لحرية الصحافة: هل يعود الصحفيون السوريون لل
...
-
مسؤول عسكري كوري شمالي من موسكو: بيونغ يانغ تؤكد دعمها لنظام
...
-
صحيفة برازيلية: لولا دا سيلفا تجاهل 6 رسائل من زيلينسكي
-
-باستيل- فرنسا يغري ترامب.. فهل تتحقق أمنية عيد ميلاده؟
-
روسيا تعرب عن استعدادها لمساعدة طالبان في مكافحة الإرهاب
-
ترامب ينهي تمويل خدمة البث العامة وهيئة الإذاعة الوطنية الفي
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|