أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-














المزيد.....

الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5628 - 2017 / 9 / 2 - 03:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحبُّ على طريقة "أمّ الغلابة"

"غيابُ الحبِّ أصلُ كلّ شرور العالم”. ذاك هو القانون الذي آمنتُ به طوال حياتي. لماذا أسميتُه "قانونًا"؛ وليس مجرد "نظرية" أو "فكرة" أو "رأي"؟! لأن أدلةَ ثبوتِه في حوزتي. لديّ مئاتُ الأدلة الثبوتية التي كوّنتُها عبر تجاربي وقراءاتي، حوّلت النظريةَ والفلسفة والملاحظة، إلى قانون صارم، ربما لا استثاء فيه. حاولْ أن تتأمل معي تلك العبارة في صدر المقال. ثم تتبّع صدقَها أو كذبها عبر تطبيقها على كل ما مرّ بك من شرور؛ سواء في حياتك الواقعية أو في فيلم شاهدته أو رواية قرأتها أو حكاية سمعتها. في الأغلب ستُصدّق معي على تلك الفكرة وتُقرُّ بأن غياب الكنز الثمين الذي اسمه "الحب" هو السبب الرئيس وراء في كل شرور الدنيا. لهذا أدعوك أن تحذرَ غيابَ الحب من قلبك. لأن هذا الغياب سوف يعقُبه غيابُ الحق والخير والجمال من حياتك. ثم لا يتبقى بعد ذلك إلا غياب "الحياة"؛ ذاتِها.
فإن قبضتَ على نفسك مُتلبّسًا بالكراهية، اعلمْ أنك في خطر. مصدرُ الخطر ليس مَن تكرهه. إنما الخطرُ قادمٌ منك أنت، متوجهٌ صوبكَ أنت. أنت اليوم تمثّلُ خطًرًا داهمًا على نفسك! أنت الآن مستعدٌ لارتكاب كل الخطايا التي عرفها الإنسان. لا تستثنِ أية خطيئة عن خيالك. لو توفرت لك أدواتُ أية جريمة؛ فسوف تأتيها. أنت فقط رهن توفُّر ظروف مناسبة لارتكاب أية معصية أو خطيئة أو جريمة. والسبب؟ "غياب" الحب عن قلبك.
هو المبدأ الذي آمنتُ به، وسأظل أومنُ به مادام قلبي قادرًا على الخفق والحب. طبّقتُه على كل خطايا البشر، فتحقّق دائمًا دون أي استثناء. فحين تقتلُ؛ فلأنك لم تحب. وحين تظلم فلأنكَ لم تحبّ. وحين تكره؛ فلأنك أخفقتَ أن تحب. وحين تسطو على حقوق جارك؛ فلأنك لم تُحب. وحين تكون عنصريًّا أو طائفيًّا، فبالقطع قلبُك قد غاب عنه الحب.
وكما عوّدتُ قارئي الكريم في "اليوم السابع" على أن أنشر في نافذتي هذه بعض الأفكار التي أطرحها في صالوني الذي تستضيفه مكتبة مصر الجديدة العامة، في السبت الأخير من كل شهر، أطرح اليوم ما ناقشته مع رواد الصالون بالأمس: “ظاهرة الحب لدى الإنسان". وحين فكرتُ في نموذج فريد للحب لأدلل به على فكرتي، لم أجد خيرًا من "أم الغلابة"، السيدة التي أحبّت دون شرط ودون انتظار مقابل. لأن مَن أحبتهم لا يملكون ما يقدمونه لها، لا ماديًّا ولا حتى معنويًّا. فهم أفقر وأغلب وأشقى من أن يقدموا أي شيء مما يقدمه الناسُ للناس.
هي أمٌّ الأطفال، رغم أنها عذراءُ لم تعرف الرجال، ولا حمل رَحِمُها جنينًا! استمتعتْ بسماع تلك الكلمة الساحرة: “أمي" من ألسن ملايين الأبناء من البشر الضعفاء والأقوياء، رغم حرمانها الاختياري من الأمومة الجسدية والزواج. اختارت حياة الرهبانية والبتولية والعُذرية والفناء من أجل أطفال؛ لم تحملهم في أحشائها.
كرّست عمرَها لمحاربة "عدو" واحد وحيد. هي التي لم تصنع أعداء طيلة حياتها الشاقّة. لكنها عرفت كيف تختار عدوَّها. فالذكاء يكمن في اختيار "الأعداء"، لا في اختيار الأصدقاء وحسب. المثقفُ الكبير هو مَن يختار عدوَّه كبيرًا هائلاً وخطيرًا. حتى يكون النزالُ بين نِدّين؛ كليهما كبيرٌ وقويّ. أيُّ نُبل في أن تختار عدوًّا ضعيفًا كسيرًا، مهزومًا سلفا! لهذا اختارت تلك السيدةُ القوية عدوَّها ذا بأس وجبروت، ويمثل خطرًا داهمًا على كامل المجتمع البشري.
عدوُّها الأوحدُ كان مرضًا خطيرًا يهدد الجنسَ البشري أطلقت عليه اسم: “مرض نقص الحب". كانت تؤمن أن لكل داءٍ دواءً، إلا مرضًا واحدًا عزّ دواؤه ونَدُر. هو شعور الإنسان أن "لا أحد يحبُّه". لهذا استهدفت أولئك المرضى "بعوز الحب"، ومنحتهم كامل حبّها، ثم حرّضت الآخرين "الأصحاء" على منح أولئك المرضى جرعات مكثفة من الحب، فكان كلٌّ يعطي بقدر طاقته، فيما بقت طاقتُها الخاصة على منح الحب، لا تباريها طاقةٌ بشرية أخرى.
راحت تعلّم الناسَ كيف يحبون قائلة: "الأشياءُ التي تؤمّن لنا دخول السماء هي أعمال المحبة والكرم التي يتحتم أن تملأ وجودنا وأيامنا. آه لو عرفنا ماذا تفعل ابتسامةٌ مُحبة لمريض! هكذا نعلن من خلال ابتساماتنا أن الله يسامحنا إن تعلمنا كيف نحب المرضى ونساعد الفقراء، بهذا فقط نستحق أن يغفر الُله لنا خطايانا.”
مَن استهدفت؟ مرضى الجُذام. أولئك الذين يهرب الناسُ منهم مخافة العدوى. احتضنتهم وحملت أطفالهم المنبوذين مقروحي الأبدان. قبّلتهم غير عابئة بالميكروب الخطير الذي يفتك بالجسد. حوّلت معبدًا هنديًّا يسمى معبد "كالي"، وهو إله الموت والدمار عند الهندوس، إلى دار لرعاية المصابين بأمراض لا شفاء منها، حتى يتمتعوا بالحب والرعاية والحنو وقبول الآخر لهم في أيامهم الأخيرة. ثم توالت الدورُ التي أنشأتها لإيواء المنبوذين المصابين بأمراض مُعدية مثل: "مدينة السلام"، "القلب النقي"، "أخوة المحبة"، عدا مئات من دور للأيتام، جعلتهم يشعرون فيها كم هم محبوبون ذوو كرامة. وارتدت طوال حياتها ثوبًا بسيطًا أبيض اللون مثل الساري الهندي، له إطار أزرق عند الكُمّين. وجعلت الراهبات القائمات على تلك الدور يرتدين مثلما ترتدي، لكي يتعرف المحتاجون عليهن بسهولة، فيطلبون منهن المساعدة.
إنها الراهبة الألبانية الأم تريزا. أم المرضى والفقراء والمجذومين واليتامى. ولدت عام 1910، ورحلت عن عالمنا عام 1997، بعدما نالت جائزة نوبل للسلام عام 1979. لم تعترف بين كل ما نالت من ألقاب؛ إلا بلقب واحد هو: “أم الغلابة". ذاك أن الغلابة هم أقربُ البشر إلى الله.
البهية النقية البتول، أحببتك دون أن أراك، كما أحبّك مليارات البشر في شتى أرجاء الأرض. ولأنك اخترتِ أن تغادري عالمنا يوم 5 سبتمبر، وهو موعد طيران أمي إلى الله، فأنا أعزّي نفسي فيكِ مرتين، لا مرةً واحدة. طوبى لكِ وطوبى لكل من تعلّم منك الحبَّ حتى يصل إلى الله.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفعت السعيد … ورقة من شجرة الوطن
- رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة
- أطهر صبايا العالمين … سيدة الحزن النبيل
- ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟
- أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر


المزيد.....




- شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل ...
- سيدة بريطانية يهودية تفضح محاولات وسائل الإعلام والسياسيين ف ...
- تونس: قرض بقيمة 1.2 مليار دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية ...
- تونس تقترض 1.2 مليار دولار من -المؤسسة الدولية الإسلامية-
- مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية
- -لم توفر بيئة آمنة للطلاب اليهود-.. دعوى قضائية على جامعة كو ...
- البنك الاسلامي للتنمية وافق على اقتراح ايران حول التمويلات ب ...
- استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المس ...
- قائد الثورة الاسلامية سيستقبل حشدا من المعلمين 
- تونس تحصل على 1.2 مليار دولار قرضاً من المؤسسة الدولية الإسل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-