أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاطمة ناعوت - رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة














المزيد.....

رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5613 - 2017 / 8 / 18 - 19:06
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


"عزيزتي أمينة،
أكتبُ إليك اليوم لأعبّر عن خيبة أملي وقلقي الحادّ مما يحدث في منطقة أهرامات الجيزة؛ خلال أنشطة السياحة الترفيهية في مصر، ومنها رياضة ركوب الجمال والخيول.
أكتبُ إليك بعدما وصلت إلى وطني "المجر" بالأمس، بعدما قضيتُ إجازتي في مصر. وللحق فقد قضيتُ وقتًا طيبًا للغاية على ضفاف البحر الأحمر في شرم الشيخ، حتى حان الوقت لزيارة القاهرة، وتحديدًا منطقة الجيزة، حيث شهدتُ بعيني ممارسات شديدة القسوة والخطورة في تعذيب الحيوان، على نحو بشع غير مفهوم بالنسبة لي.
أولئك الرجال الذي يستخدمون الحيوانات، كالخيول والجمال والحمير، من أجل نقل السياح من منطقة إلى أخرى في ساحة منطقة الأهرامات وتمثال أبي الهول، يفعلون ذلك من أجل المال. أي أنهم يتكسّبون أرزاقهم من جهد تلك الحيوانات، وهذا أعرفه وأستطيع تفهّمه. لكن ما لم أستطع فهمه هو أن أولئك الرجال يستخدمون العصا ليوسعوا تلك الحيوانات ضربًا باستمرار طوال الوقت وعلى مدار الدقيقة. يضربونها لكي تُسرع الخُطا، أو لكي تُبطئ السير، وحتى وهم يوجهون اتجاهها من طريق لطريق! هذا غير مُحتمَل بالنسبة لتلك الحيوانات، أن تتعذّب وتُعانى وتتألم دون مبرر ومن أجل لا شيء!
تلك الحيوانات تعمل تحت قيظ الشمس ونِيرِها طوال ساعات النهار، يكاد الظمأُ أن يفتك بها. وبدلا من أن تجد شربة ماء تروي عطشها في ذاك الجو الخانق، لا تجد إلا العقاب ولهيب قرع العصا على ظهورها حتى تزداد تعبًا وإعياءً مع مرور كل دقيقة من ساعات اليوم الطويل. تلك الحيوانات يا صديقتي تعمل فوق طاقتها، وتُعامل بغلاظة قلوب باردة، ودون أية رعاية أو حب، فتموت موتًا بطيئًا يومًا بعد يومًا، وبالتدريج. أجسامها مُغطّاة بالجروح والقروح والسجحات والندوب؛ ويمزقها الألم.
مع كل نهار جديد، تبدأ رحلات العذاب والألم لعشرات من الجِمال والأحصنة والحمير تحت سفح أهرامات مصر. وأنا مؤمنة يا عزيزتي أن تلك الممارسات التعذيبية لم تعد مقبولة في القرن الواحد والعشرين، ولا يمكن أن تستمر على ذلك النحو التعس في المستقبل.
والآن، يؤسفني أن أخبرك، أنني، بعدما شاهدتُ وشهدتُ بعيني هاتين قساوة تعذيب الحيوان في بلادكم في ساحة أهرامكم بالجيزة، وحتى يتبدّل هذا الوضع المشين، سوف أظل أخبر كل إنسان من أسرتي وعائلتي، وأصدقائي، وأصدقاء أصدقائي، وأقاربي ومعارفي، بكل ما يحدث في أرضكم في كل دقيقة من دقائق أيامكم.
سوف أستخدم صوتي لأعبر عن رفضي واستيائي لما تصنعون ضد مخلوقات الله. وكلي رجاء في أن تستخدمي صوتك كذلك، وتكوني صوتًا لمن لا صوت له، عساك تستطيعين أن تساهمي في حل تلك الكارثة الهائلة، في أسرع وقت، من فضلك.
من فضلك، ساعديني، ساعدي تلك الحيوانات البائسة. أدرك جيدًا أن "الرفق بالحيوان"، وسلامته وأمانه وحياته أمورٌ مُهمَلةٌ ولا قيمة لها في مصر، لهذا فأنا أشكرك كثيرًا في محاولة صنع عالم أفضل لتلك الحيوانات الحزينة في بلادكم.”
انتهت الرسالة "التهديدية" الغاضبة التي وصلت صديقتي المثقفة الجميلة، الأستاذة "أمينة ثروت أباظة"، من صديقتها المجرية Noemi Haszon، والتي أرسلتها لي بدورها كما وصلتها بالإنجليزية، لكي أغضب كما غضبت، وكما غضبت صديقتها المجرية من قبلنا. والحقُّ أن الرسالة لا تحتاج إلى تعليق منّي، فقط تحتاج إلى عيون تقرأ، وقلوبٍ تخفق، ومسؤولين يتحركون. لم أفعل في تلك الرسالة سوى ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية، حتى يتحوّل كلُّ حرفٍٍ فيها إلى رصاصة غضب في قلوب القساة. ولكم أن تتخيلوا كم رسالة مثل هذه لم تصل لأحد، لكنها تعمل في صمت لتدمّر السياحة في مصر أكثر وأكثر، وكم عينًا شاهدت ما شاهدت السائحةُ المجرية، دون أن ترسل رسائل لكنها تتحرك في صمت لتفضح غباءنا وجهلنا أمام العالم. كل ما سبق عطفًا على إغضابنا السماءَ بغلاظتنا. والسماءُ لا تنسى.
وأما السيدة أمينة، فكما خمّن القارئ دون شك. هي كريمةُ الروائي المصري الكبير الراحل "ثروت أباظة"، سليلة عائلة أباظة الأدبية العريقة، التي قدّمت لمصر وللعالم نخبة رفيعة من الأدباء والمفكرين والشعراء العمالقة منهم: "عزيز أباظة"، و"فكري أباظة"، و"دسوقي أباظة"، ثم الجميلة "أمينة"، التي رهنت عمرَها في الدفاع عن حق الحيوان والنبات في الحياة، على أرضنا المحزونة بالقسوة والشراسة ضد الأخضر وضد الجمال وضد حق الحيوان في الحياة دون عذاب. "أمينة" هي ابنة من قدّم لنا رواية وفيلم "شيء من الخوف"، وها هي الآن تُهدينا "شيئًا من الخوف" على مستقبل هذا البلد الذي لم يُعلّم أبناءه الرحمة على مَن لا يقوى على الشكوى. ها هي "فؤادة" الصارخة في البرية ضد القبح وضد الجهالة. تلك السيدة التي منحها الله حسنًا طاغيًا وبهاءً وصفاءً في القلب والعينين، لن تشهد لها صورةً في ألبوم صورها إلا في صحبة حيوان ما. فقد نذرت عمرَها من أجل تلك الكائنات التي ساقها حظُّها التعس لتحيا في بلاد لا تعرف الرحمة على من لا يشكو. هي رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لحقوق الحيوان، وكذلك أول سفيرة مصرية لحقوق الحيوان، بين سفراء العالم. "حقوق الحيوان"، أقولها وأنا أدرك جيدًا أن لا حقوق لإنسان في بلادي حتى تكون ثمة حقوق لحيوان. لكنني تعلّمت أن أنظر للأمور بشكل متواز لا متراتب. فحقوق كل كائن حي، منحه الله حق الحياة، عند المتحضرين سواء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطهر صبايا العالمين … سيدة الحزن النبيل
- ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟
- أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاطمة ناعوت - رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة