أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة














المزيد.....

سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5598 - 2017 / 8 / 1 - 19:28
المحور: الادب والفن
    


====================

ما كلُّ هذا الألقِ الذي يسكنُ هذا الرجل الذي يجلس جواري على المنصّة الآن! ما سرُّ ذاك الإشعاع الذي ينبعثُ سَناهُ من بين ثناياه؟! رجلٌ فريدٌ، نسجٌ وحدَه، يأتي مثلُه كلَّ ألف دهر ودهر. يأبى الچينومُ البشريُّ أن يسمح بتلك التركيبة الإنسانية المعقدة الشفيفة، الصوفية العذبة، السهلة العسرة، النوارنية النيّرة، الآسرة الكاسِرة، إلا مرّةً كلَّ ألف عام. ولا يمنحها إلا لبلاد تستحق أن تكون صانعةَ المواهب، وأمَّ التاريخ والدنيا، اسمُها: مصر.
أنا أحبُّ هذا الرجل. أحبُّه منذ خفق قلبي خفقتَه الأولى. وصنع ذهني الصغيرُ، وأنا طفلة، على شاكلته، نموذجَ الفارس؛ الذي لا يكونُ الرجلُ إلا عليه. فارسٌ صوفيٌّ من عصور النبلاء. خرج لتوّه من كتاب الحواديت ليقصَّ علينا بعضًا من تاريخ مشبّع بالبطولات التي منحها للوطن حتى يأمَن، والبهجات التي منحها للحزانى حتى يبسموا، والحواديت التي يمنحها للخائفين حتى يطمئنوا، وقبسات النور التي ينثرها على رؤوس الضالّين حتى يعرفوا طريقهم، والمواويل التي يمنحها للموحودين العازفين عن الدنيا حتى يأنسوا، فينتبه الكونُ على صدحِه ويعرف أن راهبًا صوفيًّا قد ترك خلوته وخرج على الناس ينثر بينهم الحبَّ والسلام والعذوبة والغناء، فيبتسمُ الكونُ، وتُشرقُ السماءُ بنور الله.
هو إحدى أجمل حناجر هذا الكون، وأكثرها ثقافةً. هناك حناجرُ جميلةٌ تمنحك صوتًا غرّيدًا شجيًّا تطرب له. وهناك حناجر مثقفة تمنحك حالا من السياحة والسباحة والتأمل والشجن الروحي والذهني. وهناك حناجر نادرة تجمع الحسنيين. الجمال والثقافة. هذا هو. الرجل ذو الحنجرة الجميلة والمثقفة. كيف تجتمع القوة والعذوبة؟ نقيضان لا يجتمعان إلا في قطرة الندى التي من فرط عذوبتها تذوب على ورقة زهرة، ومن فرط صلابتها تنقر الصخرَ وتُصدّع الجبال. تلك هي المعجزة الصوتية التي يمتلكها هذا الفارسُ النبيل.
هو أحد آبائي. أحد أجمل آبائي، وأكثرهم وسامةً وأناقةً ورقّة واستنارةً. تعلّمت منه في طفولتي أن أحبَّ الناسَ جميعًا حين سمعته يغنّي: “ده أصلنا الإنسانية/ والأب واحد يا عالم/ وكلنا من دم واحد/ ألفين سلام لك يا آدم". وتعلّمتُ أن أحب بلادي وأبناء بلادي حين سمعته يقول: “إخواتي تلبس وتاكل/ اجعلني حبّة تفرّع/ وتبقى فدادين سنابل/ . وأبدر على الناس محبة/ وبسمة في كل دار..” وأحببتُ فرانك سيناترا وتمنيتُ ان أقع في الحبّ؛ حين سمعته يغني بحنجرته العربية Feeelings. وأحببتُ أنوثتي حين سمعته يغرّد: “قدّك الميّاس". وتمنيتُ أن أشبَّ وأرتدي ثوب الزفاف وطرحة العرس، حين سمعته يغنّي: “طالعة من بيت أبوها/ رايحة بيت الجيران...”، و"زفّوا الخبر الشمس رايحة للقمر". وأحببت السفر خارج مصر؛ حتى أشتاق إليها بعد برهة، حين أسمعه يأنُّ في شجن: “Take me Back to Cairo/ Beside the River Nile في جديلة واحدة مع “يا نخلتين في العلالي يا بلحهم دوا”. ما هذا الإعجاز الموسيقي الرؤيوي الوطني! وأحببتُ فرادتي وأن أكون نفسي وليس أحدًا آخر، حين سمعته يغنّي: “My Way”.
هو ابن الغورية، ربيبُ الحاج فؤاد الإسكندراني، التاجر المثقف المستنير الذي غرس النبتةَ وأحسن ريّها وتشذيبها في بيئة جمعت بيرم التنوسي والشيخ زكريا أحمد. علّمَ ابنه الطفل، ابن الخامسة، أن يصلي الفجر في مسجد الحسين، ثم يذهب به إلى حارة الروم، ليزورا راعي الكنيسة يهنآنه بعيد القيامة المجيد. فنشأ الطفلُ صحيح النفس سويّ الروح، نظيف العقل، لا ينقصه إلا أن يدرس الفنون الجميلة على أيدي الإيطاليين فتُصقَل ريشتُه، ويتشعّب لسانُه المصري إلى ألسن عديدة إنجليزية وإيطالية وفرنسية ويونانية، فيتلّون صوتُه بألوان العالم، ثم "تتدوزن" حُنجرتُه الاستثنائية مع الأيام ويكتملَ كمالُها الألماسي حتى يغدو مَن هو الآن، تلك الأيقونة المصرية الفريدة، التي لا شيء يشبهها.
في صالوني الأدبي الشهري، الذي يتجدد بمسرح مكتبة مصر الجديدة في السبت الأخير من كل شهر، اخترتُه أن يكون ضيفَ الشرف لصالون شهر يوليو. رجوتُه فلبّى رجائي؛ رغم الإرهاق والمشاغل. لم يشأ أن يخذلني، هو الذي لم يخذل محبيه ولا وطنه. ولا حتى خذل وردة صغيرة خلدت إلى النوم بين يديه الطيبتين، فأراحها فوق كتابٍ، وادعةً مطمئنة. جاء إلى الصالون بكامل سموّه ووسامته وطيبته. احتشد جمهورُ الصالون حوله يصفّقون غير مصدقين أنهم يرون من أرهقنا عذوبةً وشجوًا. قالت له سيدة جميلة في شعرها الفضي: “أيام الجامعة كنت أنت نموذج الشاب الوطني المثقف المناضل. حدّثنا عن تاريخك المشرّف في المخابرات المصرية، وكيف أنقذت جمال عبد الناصر، وأنت بعدُ طالبٌ في بداية حياته. فحدَّثنا.
إنه تعويذة الفراعنة الغنيّة بالمجد والمواهب. سمير الإسكندراني. حبيبي وأستاذي وأبي الروحي. أعتزُّ بك... وآآآه يا جميل... يا الذي تقطرُ موسيقى وتنثرُ الفرح. شكرًا.

فاطمة ناعوت
المصري اليوم 31 يوليو 17



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
- مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
- لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
- جرس الكنيسة لإفطار رمضان
- كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة