أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - فاطمة ناعوت - علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي














المزيد.....

علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5596 - 2017 / 7 / 30 - 06:23
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


علا غبور فارسةٌ من بلادي



هذا المقالُ هو درسٌ صعبٌ فى «كتاب القراءة»، ليدرسه النشءُ فى بلادى. درسٌ ربما تقرره وزارةُ التربية والتعليم فى مصر فى حقبةٍ مشرقة ما، فى زمن رفيع ما، قد يأتى، وقد لا يأتى أبدًا. وربما لا تقرره أيةُ وزارة على الإطلاق لأنه درسٌ صعبٌ، أو لأن لحظة السموّ لم يأتِ زمنُها بعد. لكن ذلك الدرسَ، وإن لم يُقرَّر أبدًا، يحمل اسمَ فارسة، اسمُها فى ذاته درسٌ، درسٌ عظيم، ليس للنشء المصرى وحسب، وليس للفتيات المصريات وحسب، وليس للمصريين وحسب، إنما للعالم بأسره. درسٌ صعبٌ اسمه: «علا غبّور». أيها النبيل «طارق شوقى»، وزير التعليم المصرى، علّمِ الأطفالَ فى مدارس مصر ذلك الدرسَ النبيل، حتى تخلق جيلاً من الأنقياء، علّ من بينهم تخرج فارسةٌ وفارسٌ مثل تلك السيدة العظيمة، التى أغلقت فى وجه الموت قبورًا كانت تتهيأ لالتهام أجساد الأطفال النحيلة.مدَّت كفَّها فى طمى الأرض، لتحفر حفرةً، وتغرس نبتةً. صارتِ النبتةُ برعمًا مرويًّا بنُسغِ قلبها. ثم صار البرعمُ شجرةً وارفةً، لا تشبهُها أيّةُ شجرةٍ فى العالم الأخضر. العالمُ يصيرُ أخضرَ، حين يُلوّنه الصغارُ بالفرح. والصغارُ لا يفرحون إلا إن غادرَهم السقمُ المُرُّ وبرحَهمُ الوجع. الموجوعون لا يقدرون أن يُلوّنوا العالمَ. الأطفالُ لا يكون بوسعهم أن يمسكوا فرشاةَ اللون حتى يُلوّنوا العالم، إلا إن كانوا أصحّاء. نظرتِ الجميلةُ حولها، فوجدت الصغارَ موجوعين يصرخون. ينخرُ عظامَهم العوزُ والمرضُ. ينهشُ الشريرُ فى الخلايا، فلا يترك الأجسادَ النحيلةَ إلا بعدما يخورُ القلبُ ويصمتُ الخفقُ وتُغمضُ العيون. مدّت الجميلةُ إصبعَها فى لهب شمعة الحبّ، حتى أضاءت أصابعُها بالنور. ثم مسحت بتلك الكفّ المُشعّة بالوهج على رؤوس الأطفال المُتعبَة، وطبطبت على قلوب الأمهات المحزونات، وهى تنظرُ إلى السماء وتُصلّى. بعد حين، رقّتِ السماءُ إلى وجيبها، وراحت تمسحُ معها على رؤوس الصغار حتى مسّهم الفرحُ، وطابوا. السماءُ تُحبُّ الطيبين. لهذا أحبّتِ السماءُ تلك الفارسةَ الطيبةَ وجعلت نبتتَها تنمو برعمًا، فشجرةً خضراءَ أغصانُها مجدولة بالحب تحمل اسم: 57357. وصار الناسُ فى بلادى طيبين. جاء الجميعُ ليروى معها تلك الشجرة ولو بقطرة ماء، أو قطرتين، حتى صارتِ الشجرةُ جنّةً رغداءَ من الأخضر، ففردوسًا شاسعًا من الجمال ومن الحب.
ليس أقسى من مشهد طفل موجوع لا يدًا طيبةً تمتدُّ لنجدته. وليس أقسى من مشهد أمٍّ فقيرة لا تملك قروشًا تُطعم بها طفلتها، فأنّى تملك حقّ الدواء والإشعاع والكيماوى ومعجزات الشفاء من شرير لا يرحم، هو أخطرُ ما عرفت البشريةُ من أمراض وويل! وليس أقسى من عالمٍ لا يفرح فيه الأطفالُ ولا يركضون بين حقوله ووديانه وعلى ضفاف أنهاره يُغنّون. لكن ثمّة نبيلةً من أزمنة الأساطير كانت تجول فى طرقات بلادى تصنع خيرًا. نبيلةٌ اسمها «علا غبور»، هى ليست من طينتنا، بل من طينة أميرات الحكايا وقدّيسات الإشراق الأقدس. لم تتحمل الطيبةُ تلك المشاهد القاسية، كما تحمّلها غيرُها. ذاب قلبُها رأفةً ووجدًا فمضت تقطفُ من زهور عمرها، لتمنح الصغارَ أعمارًا جديدة يكتبها اللهُ برحمته. وراحت تمسح عن عيون الأمهات دموعًا ثخينةً كادت تُطفئ النور والبصر، وتستبدل بها فرحًا، حين تمنحهنّ الرجاء فى قيام أطفالهن من فُرُش الموات إلى حيث حدائق الحياة. لم تكتفِ الفارسةُ النبيلة بغرس الزهور وريّها، بل أمسكت بيد كلّ طفل لينزع زهرته الخاصة من مزهرية عنبر المرضى ويمضى بها إلى مدرسته ليتعلّم وينبغ، فهى قد تعلّمت الدرسَ فى مدرسة «الأم تريزا»، التى قالت إن الأطفال الموجوعين لا يعانون إلا من مرض خطير اسمه: «نقص الحب». أخطرُ الأمراض وأبشعها هو مرض غياب الحب. فإن أنت أطعمتَ عصفورًا دون أن تمنحَه الحُبَّ، فلا تنتظر أن يصدحَ العصفورُ بالشدو. وإن أنت ألقمتَ طفلا جائعًا كسرة خبزٍ دون أن تمنحه الحُبَّ، فلا تنتظر أن يشبع الطفلُ وينمو. وإن أنت داويتَ مريَضًا دون أن تمنحه الحبَّ مع رشفة الدواء، فلن يُشفى المريضُ ولن يبرح الفراشَ الأبيضَ إلا إلى القبر المعتم. لهذا، اعتصرتِ تلك الفارسةُ كل ما فى قلبِها من حُبٍّ لكى تمنحه لآخر طفل فقير مريض من أبناء مستشفاها، حتى وهن قلبُها فى الأرض ليُكمل خفقَه الأبدىَّ فى السماء، حين استقبلتها الملائكةُ بالشموع البيضاء كما يليق بعروس بهيّة منحت الحبَّ للمحرومين وأضاءت قلوب الحزانى بالفرح.
جاء حينٌ حزينٌ، وكان على تلك العصفورة الفارسة أن تتركنا وتعود إلى السماء، حيث تنتمى وحيث يليق بها المُقامُ. لكنها لم تصعد إلا بعدما تأكدت أن شجرتها الوارفة ستجد مَن يحمى أخضرَها، ومَن يرعى عصافيرَها، ومن يروى نُسغَها. فلابد أن يكون العالمُ أخضرَ بفرشاة الأطفال والعصافير. نامى ملء جفونك أيتها النبيلةُ، فإن عصافيرك ستعرفُ طريقها للحياة، ولن يصمت شدوُها مادام القمحُ ينبتُ بين كفّيكِ.







#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
- مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
- لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
- جرس الكنيسة لإفطار رمضان
- كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!
- حكاية من كتاب الأقباط: سامح الله من لامني في حبهم
- المرأةُ في عيني نيتشه


المزيد.....




- لا أهلا ولا سهلا بالفاشية “ميلوني” صديقة الكيان الصهيوني وعد ...
- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - فاطمة ناعوت - علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي