أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام














المزيد.....

مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5562 - 2017 / 6 / 25 - 14:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الزمان: الأحد 9 أبريل 2017. المكان: مدينة أبو ظبي، عاصمة كوكب الإمارات العربية المتحدة. في ذلك التاريخ، كنت أقفُ أمام صحن مسجد "محمد بن زايد" أحمل في يدي سعفةَ نخيل غضّة خضراءَ، مشبوكةً في غصن وردة بيضاء أهدتها لي صبيةٌ آسيوية تقف على باب الكاتدرائية المصرية بمدينة أبو ظبي، تبيع أغصان السعف للناس. بابُ الكاتدرائية يجاور باب المسجد، ويلتقيان في محبة عند ساحةٍ واسعة تضمُّ بشرًا من جميع جنسيات الأرض، فيهم المسلم وفيهم المسيحي، وفيهم غير ذلك. يجمعهم حبُّ الله وتُظلّلهم مظلةُ الإنسانية الواسعة، وتحميهم وترعاهم دولةٌ، أسميتُها "كوكبًا"، لأنها تسبقُ دول العالم أجمع في التحضّر والسمو والإنسانية. اليوم "أحدُ السعف"، ذلك العيد الذي تعوّدتُ، منذ طفولتي، أن أحتفل فيه بجدل أغصان السعف، مع أصدقائي وأسرتي. صغارًا كنّا، لم نكن نعرف من فينا مسلمٌ ومن فينا مسيحي، إنما نعرفُ أننا أحبّاء نفرح معًا ونجدل سعفات النخيل معًا، لنُهدي صنعات أيادينا لأصدقائنا وأمهاتنا. في ذلك اليوم كنتُ خارج وطني مصر، في مهمة قصيرة بالإمارات. لكن سفري لا يمنعني من الحفاظ على طقوس الفرح، فنزلتُ من الفندق لأجلب السعفَ من كاتدرائيتنا المصرية: “كاتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذوكس" بأبي ظبي. ولأن توقيت أبو ظبي يسبق توقيت القاهرة بساعتين، لم تكن الأحداثُ الدامية قد حطّت على مصر في تلك الساعة المبكّرة من نهار ذلك اليوم الحزين. جلبتُ السعفات الخُضر وركضتُ في فرح حتى وقفت أمام باب المسجد الفخم لألتقط الصور التذكارية مع أشقائي الأقباط المقيمين في كوكب الإمارات، أحتفل معهم بعيدهم، كما تعودتُ، وكما سيحتفلون معي بعد أيام بعيد الفطر المبارك. ذلك المسجد الجميل، لم يعد موجودًا الآن في أبو ظبي. فقد تحوّل اسمُه من: "مسجد محمد بن زايد" إلى: "مسجد مريم أمّ عيسى عليهما السلام". بالأمس، افتتحته الشيخة "لبنى خالد القاسمي"، وزيرة التعاون الدولي في أبو ظبي، باسمه الجديد يحيط بها لفيف من رجال الدولة ورجال الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي بدولة الإمارات العربية المتحدة. لماذا غيّروا اسم المسجد الفخم المُهيب؟ لأنهم نبلاءُ متحضّرون، ودّوا إرسال رسالة عملية لكل العالم تقول: “الدينُ لله، وبيوتُ الله لكل البشر، والأرضُ والحبُّ للجميع.”
قبل خمسين عامًا، تعرّض إمام أحد المساجد في مدينة مادبا الأردنية لوعكة مرضية شديدة، أرقدته في الفراش خلال شهر رمضان، فلم يستطع أن يؤذن في الناس وقت المغرب. فقرر راعي الكنيسة المجاورة أن يقرع جرس الكنيسة وقت المغرب ليُعلم الصائمين بموعد الإفطار. ولم تكن تلك الواقعة فريدةً في تجلّي قيم المحبة التي يحملها المسيحيون لنا نحن المسلمين. فقد تبرّع أحدُ أبناء العشائر المسيحية من عائلة "مرار" بنفس المدينة "مادبا" بقطعة أرض شاسعة لبناء مسجد جديد في المدينة. وكان مسجد "الحسين بن طلال"، أحد أكبر وأفخم مساجد المملكة الأردنية الهاشمية. وقبل ثلاثة أعوام، شعر الشيخ "جمال جمعة السفرتي" بأن المسلمين مدينون لأشقائهم المسيحيين بردّ شيء من المحبة التي يغمروننا بها على مر السنوات. لهذا، حين علم بأن أحد رجال الأعمال الأردنيين يفكر في بناء مسجد، اقترح عليه بأن يكون اسمه: "مسجد السيد المسيح عيسى بن مريم"، وهو ما كان. ويقف ذلك المسجد شاهقًا في ضاحية "حنينا" بمدينة "مادبا" الأردنية، تشخُص مِئذنته صوب السماء توحّد اللهَ وتقول لنا: جميعُنا موحدون بك يا رب السموات والأرض خالق الكون العظيم. كلٌّ منّا يراك عبر منظوره يُكبّر اسمَك ويُمجّد صنيعك.” ومازالت العائلات المسيحية في الأردن تتنافس لتقديم الإفطار للصائمين المسلمين في مغارب رمضان، كما يحدث في مصر وفي كل دولة عربية تمتلك نعمة "التعددية" والمحبة بين البشر. طوبى لصانعي السلام في كل مكان.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
- لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
- جرس الكنيسة لإفطار رمضان
- كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!
- حكاية من كتاب الأقباط: سامح الله من لامني في حبهم
- المرأةُ في عيني نيتشه
- تاريخ الأقباط وجنود داعش في مصر
- ليلة... بكى فيها الشيطان
- هؤلاء وأولئك ….. أكثرُ منّا إيمانًا!
- هؤلاء وأولئك … أكثرُ منّا إيمانًا!
- ماذا قالت الراهبةُ للشيخ
- مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
- محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
- حاضر عن المتهم
- كنيسةٌ سماوية لكل المصريين
- ألفُ خطيئة في حق العربية!
- طوبَى لصُنّاع السلام
- إبراءُ ذِمّة … وشهادة
- أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام