|
محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 16:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
==========================
من علوم الرياضيات والهندسة ونظرية المعرفة، درسنا المنطقَ الديكارتي: الرياضي، والفلسفي. وفيه نتوسّل الُمقدماتِ أو المُدخلاتِ، كعوامل استدلال منطقية في القضايا الفكرية، لنصل بها إلى التوالي أو النتائج. فنقول: “بما أن كذا وكذا، إذن النتيجة كذا، وهو المطلوب إثباته.” والآن، لنتأمل المسألة التالية. المُدخلات: 1- نفرٌ من الأزهر الشريف، رفض تكفير داعش، ناحرة الرقاب؛ لعدم جواز تكفير مَن ينطق الشهادتين. 2- نفرٌ من الأزهر الشريف، كفّر باحثين ومفكرين وأدباء نطقوا الشهادتين، ما أراقوا دمًا ولا حرّضوا على بغضاء، بل يدعون للسلام بين الناس. النتيجة: نفرٌ من الأزهر الشريف يرى أن: نحر الرقاب وإراقة الدم: مجرد بَغْي أي ظُلم (فئة باغية)، ولا يُخرج من الإسلام، وفي نفس الوقت: البحثُ والتفكيرُ وإعمال العقل والدعوة للسلم تُخرج من الإسلام. النتيجةُ بالطبع غير منطقية . لا نقبلها من الأزهر ولا نقبلها له. فجميعنا نُجِلُّ موسسة الأزهر، بوصفها المنارة الإسلامية الأعلى التي تُقدم للعالم الصورة المشرقة للإسلام، وتنقض، في ذات الوقت، الصورةَ الشوهاء التي يرسمها الإرهابيون لديننا/ ميراثنا، الذي يُحزننا ما يصنعه باسمه سفاحون يرفعون راية الإسلام، من أسفٍ، وهم ينحرون الرقاب ويُروّعون الآمنين ويفجرون ويهدمون ويغرقون الأرضَ بالدماء والويلات. نُجلُّ تلك المؤسسة العريقة، ولكنها في نهاية الأمر: مؤسسةٌ يمسك قوادَها بشرٌ. والبشرُ يصيبُ ويخطئ، ويؤخذ منه ويردُّ، مهما تفاوتت مراتبُهم العلمية والفكرية والسُّلطوية. والآن، دعونا نُلقي نظرةً على التاريخ، ونتأمل. في القرن الثاني عشر، ظنَّ "ابنُ رشد" أن نفيَه من قرطبة الإسبانية إلى مراكش المغربية، وحرقَ كتبه، سيكونان نهايةَ عصور الظلام ومحاربة الفكر وتفاهة المصادرات البليدة وبدءَ عصر: "محاججة الفكرة بالفكرة”. وخابَ ظنُّه. وظنَّ "طه حسين" أن مصادرةَ كتاب في الشعر الجاهلي ، ومقاضاته لفكره، سيكونان نهاية عصر المراهقة الدينية وبداية عصر نشوء العقلية النقدية في أدمغة العرب وبداية ثقافة: الفكر، والفكر الآخر". وخابَ ظنُّه. وظن الظنَّ نفسَه "نصر حامد أبو زيد"، حين خال أنه سيكون آخر ضحايا الجمود والجهالة والاتجار الرخيص بالدِّين. وخاب طنُّه. وفِي لحظة احتضار "فرج فودة"، حينما تلقى صدرُه رصاصاتٍ من أُميٍّ لا يقرأ، ابتسم الأستاذُ وعيناه شاخصتان للسماء وهو يدمدم: “الحمد لك يا ربي على الشهادة النبيلة، اللهم اجعلني آخر شهداء الرأي واقبلني قربانا للحرية والتنوير.” وخاب فألُه. وحينما اخترقت صدرَ "ناهض حتّر" رصاصاتٌ ثلاث من ذقنجي آثيم على باب المحكمة بالأردن، قال في نفسه: “عساي أكون آخر ضحايا الذين يحملون سيوفًا في أياديهم وفِي رؤوسهم يحملون الخواء.” وخاب ظنُّه. كذلك ظنّ "إسلام بحيري" أنه سيكون آخر ضحايا محاربة الرأي، وبسجنه سيبدأ عصرٌ جديد من تقبّل الرأي المختلف. وخاب ظنُّه. وكذلك أنا. حين حوكمتُ لأنني رفضتُ تعذيبَ الأضحية قبل نحرها، على غير ما علّمنا الإسلامُ والرسول، وحُكم عليّ بالسجن سنواتٍ ثلاثًا، قلتُ في نفسي: “سأكونُ آخر ضحايا الاسترزاق باسم السماء كذبًا وزورًا. وأن الحكم بسجني، سيُنهي عصرًا بليدًا مراهقًا، ويبدأ عهدٌ جديد طال انتظاره من التنوير والتحضر وبزوغ ثقافة جدلية الرأي والرأي الآخر.” وخاب ظني. فمن بعدي لاحق الخاوون كلا من الناقد يوسف القعيد والإعلامي مفيد فوزي. ولم يكونا الأخيرين. والآن، هذه رسالتي للرئيس عبد الفتاح السيسي: الشيخ "محمد عبد الله نصر"، الذي طارد الإخوان وفضح سوأتهم، لم يُحرّض على قتل الناس، ولم ينشر البغضاء بين أركان مصر، حتى يُسجن ثلاثةَ عشر عامًا! لقد فكّر وبحث وقال. وفي جميع قوله حاول تبرئة ديني ودينك يا فخامة الرئيس، مما يلصقه به مُشوهو الإسلام، خصومُ السلام. وأولئك هم الآمنون من الملاحقات القضائية! يترهلون على أرائك بيوتهم الوثيرة، يثرثرون على طاولات فضائياتهم، ويثرون ثراء فاحشًا بهدم الدين وتقويض الوطن والتحريض على قتل الأبرياء العزل المسالمين. سيادة الرئيس، الأمةُ التي تسجن مَن فكّر وقال، سواء أصاب أم أخطأ، وتلاحق بالقضايا من يحثّ على السلام بين الناس، وفي ذات الوقت تسكتُ عمن قتل وعمن حرّض على القتل، هي أمةٌ تستحق ما هي فيه من ويل. ومصرُ .... لا يليق بها هذا! سيادة الرئيس، بالأصالة عن نفسي، وبالنيابة عن كل عقلاء مصر، ممن يؤمنون بنهج ابن رشد: "الرأيُ يُحاجَجُ بالرأي، لا بالسجن"، نناشدك بالتدخّل لحماية مفكري مصر من الارتزاقيين الذين يشتهرون ويثرون بهدم الإسلام وتحطيم صورة مصر أمام العالم. معلومة أخيرة سيادة الرئيس: الشيخ "محمد عبد الله نصر" مصابٌ بالسكر وبالتليف الكبدي، ولن يصمد للسجن. إن لم تنته تلك المهازلُ، فإنني أعلنُ بكل أسًى أن هذه الأمة المنكودة لا أمل فيها ولا رجاء، مادام لا تُحفَظ بل تُصعَّد للقضاء تلك الدعاوى الكيدية البليدة التي وراءها شخوصٌ فارغون؛ لا شغلَ يشغلهم ولا مشغلة، يرتعبون إن شاهدوا شخصًا يفكر ويجتهد ويخطئ ويصيب، كما هو حال الإنسان منذ نشأ. فالدماغُ يُرعب من ليس له دماغ. والإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حاضر عن المتهم
-
كنيسةٌ سماوية لكل المصريين
-
ألفُ خطيئة في حق العربية!
-
طوبَى لصُنّاع السلام
-
إبراءُ ذِمّة … وشهادة
-
أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!
-
حوار مع كائن فضائي: صليبٌ وسيف
-
لماذا قبَّلَ البابا أقدامَ المسلمين؟
-
ماذا قالت مصرُ للمصريين أبناء الحياة؟
-
مّن فجّر الكنيسة قبل أن أجدل السعف؟
-
حاضر عن المتّهم
-
رسالة مسيحي …. إلى وكلاء السماء
-
مصر لم تجدل عيدان السعف!
-
دموعي في كف الأبنودي
-
سمير فريد … عصفور النقد النبيل
-
الطفل الأحمق والطفلة الغبية
-
محمد عناني … ذلك العظيم
-
حاكموا: فقر خيال نجيب محفوظ!
-
الأرنبُ الصغير … يا وزير التعليم!
-
أمهاتٌ على أوراق الأدباء
المزيد.....
-
الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري
...
-
الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ
...
-
كيف تدعم -خلية أزمة الطائفة الدرزية- في إسرائيل دروز سوريا؟
...
-
الخارجية الفلسطينية تدين دعوات اقتحام المسجد الأقصى غدًا بحج
...
-
3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
-
آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود
...
-
جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل
...
-
40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
-
الإفراج عن خطيب المسجد الأقصى وقاضي قضاة مدينة القدس بعد أن
...
-
رئيس تحرير جيروزالم بوست ليهود نيويورك: هذا دليلكم للإطاحة ب
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|