أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ماذا قالت الراهبةُ للشيخ














المزيد.....

ماذا قالت الراهبةُ للشيخ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5522 - 2017 / 5 / 16 - 19:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


============

قلوبُ المصريين موجوعة تنزفُ لم تزل، دمًا ودموعًا على شهداء من مصر في كل صوب. في كل بيتٍ مصري ثمة شريطٌ أسود يكلّلُ صورةً على جدار. هذا بيتٌ فقد طفلة في العاشرة من عمرها كانت تُصلّي في كنيستها وهي بعد لا تعرف معنى الغدر ولا الكراهية. وذاك بيتٌ خرجت منه فتاتان حلوتان في العشرين من عمريهما القصير، سارتا نحو بيت الله، قبل عيدهما بأسبوع، لكنهما لم تعودا أبدًا. وفي الجوار بيت فقد الأمَّ والابنة معًا، ليتركا خلفهما زوجًا حزينًا وصبيًّا في الجامعة لن يعرف أبدًا لماذا تيتّم وبأي ذنب قُتلت شقيقته. هذا وقت عصيبٌ يمرّ على مصر. شارات الحداد تسكن البيوت وتسكن القلوب. هذا وقتٌ اجتمع فيه الفرقاءُ على هدفٍ أوحد: مكافحة الإرهاب الذي يضرب خنجرُه في خصر مصر الطيبة.
في هذا الوقت الاستثنائي العسر الذي يسعى فيه كلُّ مصري مسلم أن "يطبطب" على قلب جاره المسيحي، ويواسيه ويداوي جراحه، خرج أحد المشايخ ليُسكبَ الزيت فوق وهج نار القلوب، فتستعر! ليست طائفية بقدر ما هي "مراهقة" وانعدام نضوج. ليس ناضجًا من يكره أخاه لأنه مختلفٌ عقديًا. مراهقٌ صغير الروح من يستقوي بكثرة العدد، لأن الميكروب أكثر من البشرية عددا. لكن مَن فعل هذا ليس "شويخًا" صغيرًا من متأسلمي الزوايا المرتزقة. بل هو، بكل أسف، ذو منصب في وزارة الأوقاف، وله برامج وله مشاهدون!!
قال إن السيدة "مريم" البتول التي اصطفاها اللهُ وكرّمها وفضّلها على نساء العالمين سوف تفقدُ عذريتَها في الجنة!!! يالسخف القول، ويالسخف القائل! لماذا يشغلُ الجنسُ رؤوسَ أولئك الذكور، ولا شيء آخر؟ لماذا تُشعلُ الشهواتُ أدمغتهم فيعمون حتى عن روية الرموز الربوبية الطهور؟! حتى رمزُ البتولية الأعظم والأقدس والأعلى والأكرم في التاريخ، العذراءُ مريم عليها وعلى ابنها السلام، لا يُطيقُ ذاك الرجلُ أن يتركها أيقونةً فريدةً طاهرةً بعذريتها! كلا، فلابد أن تفقد طهارتها، وأين! في الجنة! في حضرة الله تعالى، حاشاه! ياللمراهقة! لابد أن تُطأ العذراءُ، كما يطئون نساءهم وإماءهم وجواريهم وملكاتِ أيمانهم! أعوذ بالله من الفحول ذوي الشهوات!
ولم يكتف. قال إن المسيحيين كفّارٌ في النار، وإن المسيحية عقيدة فاسدة. وكأن الإسلامَ لم يعترف بالديانتين السماويتين السابقتين عليه! وكأن الشيخ ينكر ما أقرّه الله تعالى! ولن أرد عليه أنا. بل سأنقل لكم ما كتبته راهبةٌ جميلةٌ اسمها "رِفقَة" على صفحتها ردًّا على الشيخ. فهي أولى منى بالذود عن معتقدها.
[أيوه أنا أهو... الراهبة "رِفقة”... أنا الكافرة اللي عقيدتي فاسدة. يا شيخ سالم عبد الجليل، بندهلك... سامعني؟ عقيدتي الفاسدة علمتني أحبّ اللي يهينني أو يقتلني. عقيدتي الفاسدة بتقويني عشان أسامحه. عقيدتي الفاسدة علمتني إنك أخويا ودمّك غالي عليا ومقبلش إهانتك مهما أنت أهنتني. عقيدتي الفاسدة علمتني أن إلهي هو اللي بيحميني مش أنا اللي باحميه. عقيدتي الفاسدة علمتني إننا مختلفين في الدين لكن مش مختلفين في الإنسانية والكرامة والحقوق. عقيدتي الفاسدة أمرتني أقدّم الحب والخير للي بيعاديني وبيكرهني قبل اللي بيحبني. عشان عقيدتي الفاسدة مفيهاش كراهية ولا بغضاء. عقيدتي الفاسدة علمتني إن كل البشر أولاد الله... بيحبهم كلهم... عشان كده بيشرق شمسه عليك وعليا. أيوه يا شيخ سالم أنا كافرة. كافرة بالشر والكُره اللي في العالم. كافرة بكل دعوة تفرق متجمعش. كافرة بروح الانتقام والأذية. أخويا يا غالي على قلب ربنا... مهما قلت أو حرضت عليا مش هعاملك غير بمحبة المسيح اللي مالية قلبي. يا شيخ سالم عبد الجليل، كنت أتمنى تعرف أن الله طاقة حب وسلام. ربنا يملا قلبك بالحب وقبول الآخر، زي ما سيدي وسيدك بيحب ويقبل كل خليقته.” توقيع: الراهبة رِفقة.]
انتهى ردُّ الراهبة. والآن أختم برسالتي التي كتبتها للرئيس عبد الفتاح السيسي نهار الأربعاء 10 مايو.
سيادة الرئيس، أحب أن أُعلمك أن جهد مائة عام، بل مئات الأعوام، من التنوير ونزع فتيل الطائفية وإشاعة قيم المحبة والسلام في بلادنا حتى نكفّ عن المراهقات الطائفية ونلتفت للعمل والبناء، ينسفه مثل هذا الرجل وأشبابهه في نصف دقيقة.
جهودنا التنويرية التي خاضها أجدادُنا وآباؤنا وصولًا لنا، وما تحاوله أنت في مطالبتك بتجديد الخطاب الديني، نسفَه في نصف دقيقة هذا الرجل على شاشات فضائيات مصر الرسمية والخاصة.
لن أكرر هنا ما قاله هذا "الشيخ" عن أشقائنا أصلاء مصر الأقباط المسيحيين من ركاكات ومراهقات فكرية، ليس فقط لأن أقواله أتفه وأسفّ من أن تُخلَد، ولا فقط لأنني أعفّ عن الجمع بين اسمي وبين غثاءات ركيكة لا يليق أن أسمح لنفسي بتردادها، إنما أيضًا لكيلا أجرح بكلماته الركيكة شرفاءَ طيبين لم يجرحونا لا بقول ولا بسيف ولا بحزام ناسف أو قنبلة. إنما يتحملون سخافاتنا ومراهقاتنا وقنابلنا عقودًا إثر عقود فيلاقون غلاظتنا وسخافاتنا وبلطجتنا وإرهابنا وويلنا بالغفران والمحبة والتسامح الذي بات يُخجلنا من أنفسنا. وبدلا من أن نكفّ ونرعوي ونحترم أنفسنا، نواصل السخف والانهيار الفكري والتدني الأخلاقي والسفه اللفظي الذي يتلوه ((دائمًا)) سفهٌ إرهابي يدمر مصر وشعبها.
سيادة الرئيس، الويل يسكن المؤسسات الرسمية في مصر. حقيقةٌ دامغة. فإن لم يكن رجالك ينقلون لك ما يقوله هذا الرجل وأشبابهه على الفضائيات من تحريض صارخ وواضح وجليّ على الإرهاب، فاعلم أن جهود قواتنا المسلحة الباسلة في مكافحة الإرهابيين لن تفيد.
لم نسمع هذا الرجل يقول كلمة عن الفساد أو التحرش أو عدم الأمانة في العمل أو الكسل أو إهانة المرأة أو القمامة أو الكسل أو القسوة على الأطفال أو البلطجة. وبدلا من أن يوجه جهوده في مواجهة الإرهاب، عدو مصر، كما نفعل جميعًا قيادةً وشعبًا، نراه يُشعله ويزكيه ويؤججه! من العار يا سيادة الرئيس وجود مثل أولئك في مؤسسات دولة تكافح الإرهاب. فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
- محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
- حاضر عن المتهم
- كنيسةٌ سماوية لكل المصريين
- ألفُ خطيئة في حق العربية!
- طوبَى لصُنّاع السلام
- إبراءُ ذِمّة … وشهادة
- أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!
- حوار مع كائن فضائي: صليبٌ وسيف
- لماذا قبَّلَ البابا أقدامَ المسلمين؟
- ماذا قالت مصرُ للمصريين أبناء الحياة؟
- مّن فجّر الكنيسة قبل أن أجدل السعف؟
- حاضر عن المتّهم
- رسالة مسيحي …. إلى وكلاء السماء
- مصر لم تجدل عيدان السعف!
- دموعي في كف الأبنودي
- سمير فريد … عصفور النقد النبيل
- الطفل الأحمق والطفلة الغبية
- محمد عناني … ذلك العظيم
- حاكموا: فقر خيال نجيب محفوظ!


المزيد.....




- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ماذا قالت الراهبةُ للشيخ