أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - ليلة... بكى فيها الشيطان














المزيد.....

ليلة... بكى فيها الشيطان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 10:42
المحور: الادب والفن
    


هل هناك سحر؟ وهل يبكي الشيطان؟ “نعم!" تقول الساحرةُ الشريرةُ لسائليها إن هناك سحرًا، وإنها شاهدت الشيطان يبكي ذات يوم. ترفعُ سبّباتها وتشير في وجوه الغاضبين الذين تجمهروا حول كوخها الخشبي ليفتكوا بها، قائلةً في حسم: نعم، هناك سحرٌ، والسحرُ شرٌّ، ولكن السحر بكل فنونه ومكائده، كما رواها لنا التاريخُ في الحكايا والحواديت والفولكلور في كافة أرجاء الأرض، وعبر كل العصور والأزمنة، تتضاءلُ شرورُه وتصغُر إلى جوار ما يفعله بعضُكم في بعض أيها الزاعمين الفضيلة. السحرُ أقلُّ شرًّا مما يفعل الناسُ في الناس من مكائد وخطايا حين يغارُ بعضنا من البعض، أو يحسد بعضنا البعض، أو حين نحقد أو نكذب أو نسرق أو نغتصب أو … حين نظلم. هل أسوأ من الظلم؟! هل هناك سحرٌ أشدُّ شرًّا من الظلم؟!
نلوم الشيطانَ على كل ما نرتكب من آثام وخطايا، باعتباره المسؤول عن سوءات أرواحنا، وننسى، أو نتناسى، أننا نربّي شياطيننا في أرواحنا. نغذيها ونرعاها حتى تكبُر، وتتوحش آملين أن تلتهم أعداءنا. لكننا لا نكاد نفطن إلى ما يجري حولنا، حتى تغافلُنا شياطين أرواحنا تلك، وتلتهمنا نحن، قبل أن تلتهم أعداءنا. لهذا تخبرنا الساحرةُ الشريرةُ عن أحد أهمّ وأخطر أسرارها في دنيا السحر. يقول السرُّ: "السحر لا يقوى على الصالحين”. لطالما حاولت أن تكيد لهم وتبتكر من فنونها السحرية حتى تنال منهم وتؤذيهم، لكن الخير الكامن في قلوبهم والسلام الساكن في أرواحهم، كان دائمًا يحميهم من شرورها وأسحارها، فينجون.
تقول الساحرةُ إنها شاهدت الشيطانَ يبكي. جلس القرفصاء ووضع رأسه بين كفّيه وراح يبكي. سمعتِ الساحرةُ أنينَه ونشيجه وهو يتحسّر على أمجادِه القديمة، حين كان الإنسانُ صالحًا، وبريئًا ونقيًّا، فكان الشيطانُ يجد سبيلَه لإغوائه وانتزاع ثمرة البراءة من قلبه حتى يستدرجه إلى عالمه السُّفلي. وحين استسلم الإنسانُ للشر والخطيئة، سنينَ وعقودًا وقرونًا، فجّر الحروب وأغرق الأرض بالدماء والأشلاء، وصار يجيد فنون الظلم وقهر المستضعفين في الأرض، وقتئذ... لم يعد للشيطان دورٌ. فجلس على الأرض يبكي مهزومًا، وهو يرى الإنسان قد فاقَه شرًّا وبغيًا ولم يعد بحاجة إلى إغواء الشيطان، وأبطل وظيفته على الأرض. الشيطان اليوم عاطلٌ بلا عمل.
رسالةٌ شديدة اللهجة، عميقة الأثر، مُدثّرة بقصة حبٍّ رومانسية عذبة ربطت بين قلبين غضّين طاهرين لشابٍّ وفتاة لم تستطع تعاويذ الساحرة أن تقتل حبَّهما، كما طلب منها الحاسدون، لأنهما صالحان. درسٌ بليع نتعلّمه من الساحرة الحكيمة التي أعلنت موت الشيطان في "شارع الخير" على يدّ صنّاع السلام.
عمل مسرحّي فائقٌ شاهدتُه بالأمس على أحد المسارح الخاصة. “ليلة" هو عنوان المسرحية الموسيقية الغنائية الراقصة، التي لم تحظ مصرُ بمثلها منذ دهور ودهور. عمل مسرحي شامل تتقاطع فيه خيوط الحبكة الدرامية مع الإنتاج الفخم مع عزف الأوركسترا السيمفوني الحيّ مع الرقص التعبيري والباليه مع الغناء الأوبرالي الرفيع مع فنون الأكروبات والسيرك، مع السينوغرافيا التعبيرية، مع إبهار الديكور والملابس والإضاءة/ وشيءٌ من الكوميديا الراقية. نعيش ساعتين في متون الصراع الأزلي المحتدم بين الخير والشر اللذين يسكنان: "شارع الخير" و"شارع المُرّ"، المتجاورين. الصراع الأبدي بين الحب والبغضاء. بين السحر والبراءة. بين الشيطان وبين الصالحين. لمن الغَلَبة؟!
أشعرُ بالفرح لأنني عايشتُ قبل سنوات بذرةَ هذه المسرحية الفاتنة منذ كانت فكرةً وحلمًا مراوغًا في رأس صديقي المبدع "إبراهيم موريس"، عاشق الموسيقى، الذي لم يبرحه حُلم أن يُعيد لمصر فنًّا عريقًا منسيًّا غاب عن سمائها عقودًا طوال؛ هو المسرح الغنائي في مستواه الراقي. سنواتٍ وسنوات ظلّ الحلمُ يكبُر في قلب الفتى، حتى أسس "فرقة المسرح الغنائي المصري" عام 2016. وكان إكليل الجهد المُضني والتعاون مع "مؤسسة القوى الناعمة للإنتاج الفني"، هذا العمل المبهر على خشبة المسرح، الذي يصادف الليلة الأحد عرضه الختامي. كتب إبراهيم موريس القصّة والسيناريو والحوار والبناء الدرامي، وألّف موسيقاها، وقام بالتوزيع الموسيقي لها، وأخرجها المخرج الواعد "هاني عفيفي". اشترك في هذا العمل الجميل كلٌّ من "عمرو شاكر" توزيع موسيقي، "منى التونسي" تصميم ملابس، "داليا فريد" تصميم رقصات وحركات تعبيرية، "حازم شبل" ديكور وإضاءة. وقام بالتمثيل والغناء والرقص كلٌّ من: “إيمي فريجه"، "سالي سامسون"، "زياد الشريف"، "ناتالي ميخائيل"، "زهرا رامي"، "هنا غنيم"، "عمرو كمال"، "عادل زين"، "سلمى طارق"، "إيهاب شاوي"، "شادي عبد السلام"، "إسماعيل السوخري"، "محمد حسن"، "روبير أمير"، "طارق نصار"، "محمد خلف"، "حسين حجاب"، "نادين بريمر". وعزفت الموسيقى الحيّة على خشبة المسرح "أوركسترا النيل السيمفوني" بقيادة المايسترو "محمد سعد باشا".
أتوجّه بالكلمة لوزير الثقافة، الكاتب الصديق حلمي النمنم، لعلمي بعشقه لفنّ المسرح وإدراكه بأن المسرح الغنائي هو أصعبُ ألوان فنون المسرح وأرقاها، وكذلك أندرها. أدعو معالي الوزير بأن يشاهد الليلة الأحد العرض الأخير للمسرحية على خشبة مسرح ماركيي بكايرو فيستيفال، علّه يقرر استضافتها على أحد مسارح الدولة، نظرًا لقيمة العمل الفنية العالية، وكذلك الرسالة النبيلة التي يقدمها العمل والتي نحن بحاجة ماسّة إليها اليوم في مجتمعنا المصري المشحون بالويل والتطاحن، بعدما سمحنا للخير أن يتسرّب من بين أصابعنا. شكرًا لصنّاع هذا العمل الألِق.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هؤلاء وأولئك ….. أكثرُ منّا إيمانًا!
- هؤلاء وأولئك … أكثرُ منّا إيمانًا!
- ماذا قالت الراهبةُ للشيخ
- مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
- محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
- حاضر عن المتهم
- كنيسةٌ سماوية لكل المصريين
- ألفُ خطيئة في حق العربية!
- طوبَى لصُنّاع السلام
- إبراءُ ذِمّة … وشهادة
- أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!
- حوار مع كائن فضائي: صليبٌ وسيف
- لماذا قبَّلَ البابا أقدامَ المسلمين؟
- ماذا قالت مصرُ للمصريين أبناء الحياة؟
- مّن فجّر الكنيسة قبل أن أجدل السعف؟
- حاضر عن المتّهم
- رسالة مسيحي …. إلى وكلاء السماء
- مصر لم تجدل عيدان السعف!
- دموعي في كف الأبنودي
- سمير فريد … عصفور النقد النبيل


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - ليلة... بكى فيها الشيطان