أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟













المزيد.....

ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5605 - 2017 / 8 / 10 - 15:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بعد انتهاء بثّ الحلقة الشهيرة، على قناة "القاهرة والناس"، التي استضافتني والشيخ السلفي "محمود عامر"، في برنامج "القاهرة 360" مع الإعلامية المثقفة دينا عبد الكريم، وبينما نحن في طريقنا إلى خارج الأستوديو، رمقني الشيخُ وقال ضاحكًا: "طبعًا ماهو أنتِ خريجة مدارس مسيحية! مش كده برضو؟”. قالها كأنما أذاع سرًّا حربيًّا خطيرًا! وقبل أن أطرح ردّي على الشيخ الجليل، أودّ أن أُذكّر القارئ الكريم، بأسباب تهكّم الشيخ عليّ وعلى تعليمي ومدرستي.
كنتُ قد سألتُ الشيخ على الهواء سؤالا محددًا: “هل الدمُ البشريُّّ كلّه سواءٌ، أمْ أن هناك دمًا يفوق دمًا؟ هل هناك دمٌ له ثمن، ودمٌ هدرٌ لا قيمة له؟" ثم حددتُ السؤالَ أكثر حين راوغني الشيخُ محاولا التهرّب من الإجابة، فسألته: “هل دمُ المسلم يتساوى مع دم غير المسلم، في نهجك؟" وجاءت الإجابةُ الفاجعة. قال الشيخ: “لا يستوي دمُ المسلم مع دم غير المسلم.” ولما ذكّرتُه بالآية القرآنية: "مَن قتلَ نَفسًا بغير نَفسٍ أو فسادٍٍ في الأرض، فكأنما قتل الناسَ جميعًا”؛ تحجّج بأنها موجّهة لبني إسرائيل، وفقط، ولها ظرف تاريخي لا تتجاوزه، إنما حُرمة القتل فقط للدم المسلم!!!! هنا قلتُ له بحزن: “أنتَ يا مولانا تعطي لأي مجرم إرهابي رخصةَ قتل إنسان مسيحي، دون أن يخشى عقابًا! فهل أنت جادٌّ وتعي ما تقول؟" فأجاب: “مَن يقتل مسلمًا؛ حقَّ عليه القِصاصُ بالقتل. ومن قتل مسيحيًّا لا قِصاص عليه. إنما عليه دفعُ ديّه.”!!! هنا اشتعل غضبي وقدمت على الهواء بلاغًا ضد الشيخ أمام الرأي العام والنائب العام، كونه "يُشرعن" هدر الدم، ويمنح رخصة دموية لأي مأفون مهووس بأن يذهب ويقتل من شاء من أشقائنا المسيحيين، وهو يعلم أن عقابه (في عرف الشيخ، أو غيره من أضراب المتطرفين) مجردُ حفنة من المال، مقابل الدم، الذي تهتز له أركانُ السماء. لحظتها فقط فهمت المثل الفولكلوري الدارج، الذي لم أحبّه يومًا: “اللي تعرف ديّته... اقتله"!!!!!
وإذن، ظنّ الشيخُ العزيز أن انزعاجي من فتواه الضالّة المُضلّة الُمضللة سببه أنني نشأتُ في مدارس مسيحية، وبالتالي فأنا أُدينُ لهم بالولاء والحب، بوصفهم أساتذتي ومعلمييّ! تأكد لي لحظتها أن ذاك الرجل مستحيل أن يدرك أن رفضي أفكاره؛ سببه أبعدُ من هذا وأشمل. إنما أرفض منطقه، وسأظل أرفضه حتى يومي الأخير في الحياة، لأنني ابنة "الإنسانية" قبل أن أكون ابنة "مدارس الأقباط”. فاته أنني أؤمن إيمانًا نهائيًّا ومطلقًا بأن ربَّّ هذا الكون هو "العدل" المطلق الذي لا يعرف التمييز ولا العنصريات؛ التي ابتكرها مفسدون من بني الإنسان، لمآرب مريضة في نفوسهم.
رددتُ على الشيخ بأنني أفخر بنشأتي في مدارس مسيحية . ثم وعدتُ نفسي وقرائي، أن أعلّم الشيخَ في مقال، ما غاب عنه من أمور العلم والتعليم والمدارس. فكلّنا يعيش ليتعلّم، مهما بلغنا من العمر. التعلّمُ ليس عيبًا، ولا الجهلُ عيبٌ، إنما العيبُ هو أن نجهلَ ثم نُصرّ على عدم معرفة ما نجهل. لهذا قررتُ أن أخبر الشيخ الجليل بالتفصيل: "ماذا تعلمت من المسيحيين" وماذا يجري في أروقة المدارس القبطية المسيحية، وفي مدارس الراهبات، حتى صارت منذ دهور مرمى أنظار طالبي العلم الرفيع في مصر. بعد انتهاء الشيخ عامر من قراءة هذا المقال، سوف يدرك جيدًّا: "لماذا يتهافت أولياءُ الأمور على إلحاق أطفالهم بمدارس مسيحية. ويسوقون من أجل ذلك شخصيات عامة من مشاهير المجتمع كوسطاء لدى مديري المدارس المسيحية، للتوصية على أطفالهم حتى يُقبَلوا. وفي أغلب الأحيان تُرفض الوساطات، ويضطر الأطفالُ أن ينتظروا على قوائم انتظار طولها كالدهر، حتى يبتسم لهم الحظُّ ويدخلوا تلك المدارس المحترمة.
تراودني الآن ذكرياتي مع مدرستي القديمة، التي لم أشعر فيها يومًا بالتمييز أو باختلاف المعاملة بيني وبين زميلي المسيحي الجالس إلى جواري على مقعد الدرس. علّمني أساتذتي المسيحيون أن إتقان العمل والجدية في نهل العلم؛ هما السبيل لأن أكون "إنسانًا صالحًا" يُحبّه اللهُ تعالى. وأن محبة جميع البشر، بمن فيهم المخطئون في حقنا، هي أعلى درجات سمو الروح وتهذّب الأخلاق. تعلمتُ في مَدرستي المسيحية أن حفنة من تراب وطني تساوي كنوزَ العالم. وأن أشرف ما أقف من أجله هو علم بلادي، والنشيد الوطني لمصر الطيبة. علّمتني مَدرستي المسيحية أن أكون صادقة لأن الكذب خِسّة وضعف. وألا أحلف، وألا أقسم، وألا يكون اللهُ عُرضةً لأيماني، وأن يكون كلامي "نعم نعم، لا لا". وألا ألحَّ وألا أتوسّل، وألا أطلب شيئًا مرتين. علّمتني مَدرستي المسيحيةُ أن أشفق على الضعيف وأن أوقّر الكبير، وأن "أفكّر". لأن عقلي هو أثمن ما منحني اللهُ من هدايا. تحيةَ احترام لكل مُعلّمي مدرستي التي احتضنت طفولتي وجعلت مني إنسانًا طيبًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
- مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟


المزيد.....




- الرئيس الأمريكي: نعرف تماما أين يختبئ المرشد الأعلى ولكن لن ...
- الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: نعرف تماما أين يختبئ المرشد ال ...
- ثبت الأن تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات وعرب سات ...
- مقتل العشرات من منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة، وإغلاق المسج ...
- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟