المَوّتورُ الثقافي ..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 04:43
المحور: كتابات ساخرة
    

لا تغرنك اللحى والصور .. تسعة أعشار من ترى بقر.
أبو الطيب المتنبي
منذ فترة وأنا أحاول جاهداً أن أبعد المَوتورين الطائفيين عن قائمة أصدقائي ، سواء ممنْ يُسمون مُعارضين أو مُوالين ،
ليس لأني لا أؤمن بهذا التقسيم الأخرق وحسب، بل لأن المثقف أو السياسي الموتور، بإعتقادي ، كالمخصي الوقح الذي يدفع بالكلام والصراخ العالي ليدرء ضعف شهوته أو ليغطي على إضمحلال قدرته في فهم معنى الوطن..
هُناك كثيرٌ َمن الرويبضات السياسية والثقافية العاجزة، ممن ربضوا عن معالي الأمور وقعدوا عن طلبها،
ومن هؤلاء من أسميه بالمثقف المَوتور ، وهو من لا يهمه أيُّ مآل حسن للأزمة ، وتبعاتها الرهيبة على العالم الإنساني ، أو حتى عالمه ،
المُهم لديه أن ينتصر فيه حسُ الشماتة بموت أبناء جلدته، الذين لا يوافقونه في الرأي ، أو يُطابقونه في العقيدة ، أو يساوقونه في الإنتماء ،
ولذا تجده عند كل حادث أو إرهاب أو عنف ، يمتلئُ بالزهو الفارغ والخيلاء الخسيسة ، مُنتشياً من تدمير وطنه ومجتمعه ، و ومُرتاحاً من لذة الكيد من سير الأحداث الدامية فيهما، وهو بالطبع لا يُدرك بعد ، أنه قد يكون الضحية التالية لجلاده المُفضل .. ألا وهو الجهل المثير للإشمئزاز ....
واللافت أن لفظة الموتور في اللغة العربية ، هي اسم المفعول من وتَرَ ، قد شابَهَ هذا المعنى، إذ أخبرتنا بعض المعاجم، أن الموتور هو أيضاً : مَنْ قُتِلَ لَهُ قَرِيبٌ وَلاَ قُدْرَةَ لَهُ عَلَى أَخْذِ ثَأْرِهأو طلب دمه ..
وأخيراً : كثيراً ما تجد ُبعض الموتورين على وسائل التواصل الاجتماعي ، يُكرِهونَكَ على قولِ ما لا تطيق ولا تريد سماعه، وتتمنى لو أنه يُنصت ويَعقلَ ما تفعلُ بأفهامنا وَتَراته (أو ترهاته) السَقيمة..
وليته يدرك كيف أمسك ذاك الموتور ومَنعَ بوتره عنا وعن نفسه، كثيراً من جوانب الحق،
ولكن حسبنا أن للكلمة معنىً حميداً واستعمالاً لغوياً حسناً ، فيه جمال يُعزي الذائقة ، وذلك حين أنشَدَ أحدُهم :
أحْرَى بمَنْ وتَرَ الجفُون بلَحْظهِ ... ألاّ تلُوذ جفونُه بسُباتِ .

#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات