أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رستم أوسي - وحيد (قصة قصيرة)














المزيد.....

وحيد (قصة قصيرة)


رستم أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4927 - 2015 / 9 / 16 - 08:56
المحور: الادب والفن
    


أمران حدثا في غضون خمس دقائق ، كانا مبالغة في السكْر السائد هذه الأيام ، جعلا خالد الصافي يظن أنّه يعايش مناماً. الأول ؛ كيف تخلى صديقه المقرّب عنه بهذه الطريقة ، و كأنه كان ينتظر إشارة من الجندي ليفرّ و يتركه وحيداً ؛ لم يسأل حتى إلى أي فرع أمنيّ سوف يسوقونني كي يخبر أهلي على الأقل. كيف يتركني و يهرب هكذا!.
كانا يتمشّيان ، دون وجهة مقصودة ، حين ناداهما العسكري كما ينادى المدنيون عادةً في بلد ممزق ((هيي ، أنتم!)).
((يا حبيبي!))
((سترك يارب.)) تمتما و هما يجرّان جسديهما باتجاه الحاجز الأمني حيث يقف العسكري.
علق البارودة على كتفه ، ثم صاح ((إلى أين؟)). تلكأا في الجواب كمن يضمر سراً ما ، فتجاوز السؤال بسؤال آخر أكثر شيوعاً ((الهويات!)). الشابان المتوجّسان شراً أخرجا حالاً بطاقتيهما الشخصيتين لينزعَهما من يديهما ، مطيلاً التفرس في الوجهين الذين يتنافران بامتلائهما مع سمات الشقاء ، ثم يرفعَ سبابته و هيئته المتصحرة تهيب بهما إلى عدم المؤاتاة بأيّة حركة إلى أن يعود. و فيما طال غيابه في المحرس الإسمنتي ذي السقف الحديد التفت كلٌ منهما إلى الآخر بابتسامة ، تبعها ، على الأرجح ، ظلّ شعور بالنصر للقدرة على تدبير اللامبالاة و الابتسام على حاجز عسكري ، دون أن يشعرا بوجهيهما يتلظّيان بحرارة شمس آب. عاد الجندي يسألهما بنزق عن دفتري الخدمة العسكرية ، قبل أن يدلف مجدداً إلى المحرس و بحوزته الدفتران. شرع خالد يسأل عن أمور ثانوية ، في هذا التوقيت على الأقل ، تخص مشروع التخرج و الكلية ، و ما انثنت الأجوبة تأتيه من مخلص ، الصديق و زميل الدراسة ، مجوّفة و مختصرة ليعاود الأخير بعدها زمّ شفتيه مصفّراً و متلفّتاً ببطء يتأمل المباني من حوله. و مع النداء خرج الجندي من جديد ((مخلص وزّان)). ((نعم!)) صاح الشاب.
((امسك و روح.)) ؛ ناوله الدفتر و البطاقة. قبل أن يخاطب خالداً ((أنت تبقى هنا.)). امتقع وجه الفتى. استُطيِر قلبه من الرهبة و الجزع.
أثناء الانتظار الأخير تحت أنظار الجندي ، تمنى لو يُسمح له باتصال واحد ، بل باثنين.. اتصالان فقط يودّع بهما أحبّ شخصين إلى قلبه. من يدري الآن! قد يذهب و لا يعود ؛ لم يكن ممكناً أن يشهر جوّاله أمام المجنّد.
يدسّ يده في جيب بنطاله و تبدأ أصابعه بحرص الضغط على أزرار الجوّال القاسية. أراد أن يكتب الرسالة دون أن يرى ، و أن يرسلها دون ذلك أيضاًّ. و قد تصل الرسالة للشخص الصحيح أو لا تصل ؛ كان يفكر في جملة مقتضبة و ذات قيمة ، لا يفهمها إلا المقصود منها.
في لحظة لاحقة ، و قبل أن يبلغ خالد مبتغاه ، قاطعه صوت أجش صاح من داخل المحرس ((خليه يفوت.)). يرتبك خالد و هو يسحب يده من جيبه و يدخل برفقة المجنّد. هناك في المحرس ، قبالة السرير الحديد الذي تتكئ عليه البواريد و يتمدد فوقه رجل بقميص داخلي ، كان ضرباً من الهلوسة _و هو الأمر الثاني الذي جعل الشابّ يخال الشمسَ تشرق من الغرب و الحياةَ بلا منطق_ أن يقول له الضابط ، أو المجنّد ، ذو القميص الداخلي و هو ينهض (( يعني أنت وحيد لأهلك ، و معفي من الخدمة العسكرية ، و أهلك أكيد مبسوطين فيك. معقول تمرق من هون هيك من دون ما تحلّينا؟!)). ضحك خالد بعد برهة ، لكنه لم يتنفس الصعداء ، بل ظل يشعر بالهواء عصيّاً على صدره طوال الطريق إلى دكان الحلويات ، إلى دكان الحلويات لشراء الحلوى للعسكريَّين.

حلب- 2014.



#رستم_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغريق (قصة قصيرة)
- الهديّة (قصة قصيرة)
- الصاروخ
- الوطن عزيز
- القربان
- البرّاد
- مُجاهِد
- عدلة
- الجوع أفضل
- الى صديقتي في الجبهة
- الحب في زمن البراميل
- شهاب في عنتاب
- فتى المعبر


المزيد.....




- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...
- -رمز مقدس للعائلة والطفولة-.. أول مهرجان أوراسي -للمهود- في ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رستم أوسي - وحيد (قصة قصيرة)