صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 17:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تغيرت عدة وزارات . وسحابة الدخان السوداء فوق القاهرة . لم تحل مشكلتها , لا علي يد رئيس وزراء ممن اعتلوا السلطة في تلك المدة , ولا صاحب الضربة الأولي طار بطائرة وضرب السحابة وأسقطها ! , ولا حبيب العادلي أرسل لها قناصة يصرعونها , ولا لجنة السياسات , ولا جهاز أمن الدولة استطاع معرفة أسرار وخبايا السحابة السوداء وقبض عليها وعذبها لكي لا تعود لتشويه سماء العاصمة وتشويه سمعة النظام , وناهيك عن صحة ربع سكان الدولة ! .. ولا صفوت بيك الشريف ..تمكن من اغتيال سحابة حسني – أقصد سحابة سوداء. بالامساك بها والقائها من احدي شرفات مجلس الشوري الذي احترق في عصره , وتحت رئاسته . ولا حتي المجلس العسكري القابض علي السلطة الآن سلط من يفقأ عين السحابة بالاتفاق مع العيسوي وزير الداخلية ورئيس الوزراء عصام شرف . ولا المليونيرات والمليارديرات . الذي أثروا من مشاركة أولاد مبارك وعصابته في الاتجار بأراضي الدولة – ومنهم من يدعي الليبرالية والعلمانية - و اهتماماتهم أكثرها في اقامة فيلات وشاليهات وقصور لبيعها للأمراء وكبار الأثرياء علي مرأي من شعب لا يجد مسكنا بسيطا يعيش فيه , ومنهم من يسكن العشوائيات والمدافن وعشش الصفيح والأرصفة أيضا .. ولا مليونيرات جماعة الاخوان المسلمين , ولا السلفيون استخدموا بعضا من مئات الملايين التي يتلقونها من الخارج , في بناء مصنع لتشغبل العاطلين . وتدوير المخلفات الزراعية التي يتم حرقها فتتسبب في سحابة الدخان الخانق فوق العاصمة .
كل هؤلاء لهم مشاغل أخري بخلاف مصر وشعبها . والمشاغل تنحصر في كيفية النهب , وكيفية تحقيق المزيد من الملايين والمليارات . أو في كيفية حماية نظام فاسد يلتف حوله المفسدون , أو في كيفية الوصول للسلطة أو كيفية الاحتفاظ بها , عن طريق دفع الرشاوي , وأجور للبلطجية لتزوير الانتخابا ت . وقمع ثورة شباب مصر .
-----
باختصار : سحابة الدخان السوداء الخانقة . فوق القاهرة . موسمية - ليست كزبالة القاهرة مشكلة دائمة ! - , سبب السحابة هو قيام المزارعين بحرق المخلفات الزراعية لكي لا يتحملوا تكلفة تجميعها وتعبئتها ونقلها وتسليمها لمركز تجميع يقوم بتسليمها لمصانع تصنع منها : الورق , الأسمدة , أعلاف للماشية , الخشب الصناعي . مما يعمل علي فتح مجالات عمل أمام العاطلين . وتحويل الضرر الناتج عن الحرق الي خير للشعب وللوطن .
والمزارعون كانوا من قبل يقومون بتخزين مخلفات مزارعهم فوق أسطح منازلهم . ليستخدموها كوقود للخبيز والطهي . وبعد انتشار الكهرباء والغاز في غالبية القري . لم يعد لهم حاجة بتلك المخلفات . ولم يجدوا من يرشدهم , ويوجه استخدام تلك الأشياء لتعود بالنفع في عمليات التصنيع . فتصرف المزارعون علي ذاك النحو الضار بالصحة والمبدد لمواد خام . حرقها يعد اهدارا في الثروة قومية ..
لدي مقال كتبته حوالي عام 1998 – 1999 . وقت وجودي بمصر . عن السحابة السوداء فوق العاصمة المقال وجدته عندي كاملا مكتوبا علي الآلة الكاتبة , كنت قد أرسلته حينها للنشر ولم ينشر ! . سوف نقتطف منه الآتي :
(( ... سحابة الدخان الخانقة التي كست – ولا تزال – الجو . فوق رؤوس ربع سكان الدولة . ماذا حدث لعلاجها ؟
لوحظ وجود نغمة تبرير لدي بعض المتكلمين بالاعلام .كالقول بأن " المزارعين الذين يحرقون قش الأرز. قد اعتادوا علي ذلك منذ سنوات بعيدة .."
كما لو كان الأمر عاديا تماما ولا يدعو للقلق ولا للانزعاج !.. و سواء كانت السنوات بعيدة أم قريبة , فالشيء الضار والمهدر للثروة . يجب ايقافه فورا , وعدم السكوت عليه ...
وصحيح أن السيدة وزيرة البيئة ( كانت حينذاك : دكتورة نادية مكرم عبيد ) قد خرجت بنفسها , بطائرة . لاستطلاع الموقف فوق العاصمة ولكن ماذا حدث , وما الذي يمكن أن يحدث من علاج . ما لم تتضافر مع وزيرة البيئة . باقي أجهزة الدولة ..؟
لكي تنجح جهود وزيرة البيئة كان يجب عمل الآتي :
ظهور وزير الاقتصاد بالتليفزيون . يبدو عليه الانزعاج . وهو يخاطب المزارعين , ويكلمهم بالأرقام عن ملايين اطنا قش الارز والقصب وحطب القطن ومخلفات محصول الذرة . التي يمكن أن نصنع منها ملايين الكراسات للتلاميذ وندخلها في صناعات الاسمدة والاخشاب . وتشغل عمال عاطلين . مما يعد حرقها اهدارا في الثروة القومية وخسارة كبيرة لاقتصاد البلاد ..
ظهور وزير الداخلية بالاعلام . يتلوا أمرا لكل عمدة بكل قرية . بضرورة تخصيص مكان . تجمع فيه المخلفات الزراعية الموجودة طرف كل مزارع . والتشديد علي منع حرقها . وستتم محاسبة المخالفين .
وزير الزراعة يخاطب المزارعين . مطالبا اياهم بعدم حرق المخلفات الزراعية , وفرض غرامات علي المخالفين , ويوجه أمرا للمشرفين الزراعيين التابعين للوزارة في كل قرية , بمتابعة الموضوع وتحرير محاضر للمخالفين لتغريمهم وتحويلهم للسلطات .
ظهور وزير الشباب . يخاطب الشباب . ويدعوهم لضرورة توعية آبائهم وأخوتهم المزارعين بأضرار واخطار وخسائر حرق المخلفات الزراعية . ومساعدتهم علي التوجه الصحيح .
وزير الصناعة يناشد المزارعين , عدم اهدار المخلفات الصناعية حفاظا علي ثروة البلاد . ويعدد لهم الصناعات التي تحتاج تلك المخلفات . ويصدر أمرا عاجلا لأحد مصانع الدولة بسرعة صناعة أكياس غير قابلة للحريق وانزالها للسوق بسرعة ليقوم المزارعون بتعبئة المخلفات الزراعية بها . وتسليمها لمراكز التجميع . في مقابل مالي يغطي ما يتكلفه المزارع في تعبئة ونقل المخلفات الزراعية بالاضافة لهامش ربحي .
ان كان هناك نقص في المصانع المعنية بتدوير تلك المخلفات الصناعية . فيجب علي هيئة الاستثمار . توجيه كبار رجال الأعمال . للمشاركة في حل المشكلة – السحابة الدخانية السوداء – بالاستثمار في مجال تصنيع المخلفات الزراعية . بانشاء مصنع في كل محافظة – أو أكثر - لهذا الغرض .
===== ملحوظة : كل ذلك لم يحدث منه شيء , ولذلك فالمشكلة لا زالت قائمة كما هي منذ كتابة ذاك المقال - ما بين 1998 : 1999 - وقتما كانت د. نادية مكرم عبيد – وزيرة للبيئة . ( د. كمال الجنزوري . عمل رئيسا لوزراء مصر من 1996 : 1999 , ومن قبل عمل وزيرا للتخطيط , وقبل ذلك عمل مدير ا لمعهد التخطيط القومي , وهو الذي أعاده المجلس العسكري رئيسا للوزراء منذ أيام ! )
**********************
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟