صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 3510 - 2011 / 10 / 8 - 10:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طالعت احدي الصحف التي تصدر باللغة العربية . في مونتريال . وتوزع مجانا . جريدة " الناس " – يصدرها ويحررها بعض أبناء الجالية السورية . وبالعدد 92 - أكتوبر الجاري - وبصفحة 8 قرأت مقالا للكاتب " هاني قطامي " . و بسبب ما استفزني فيه . رأيت أن أعقب عليه .
ففي أوج القتل اليومي الذي يتعرض له شعب سوريا , الثائر في كافة المحافظات , مطالبا جلاده وجزاره " بشار الأسد " بالرحيل . نجد قلب الكاتب . مع الجلاد الجزار لا مع الشعب !
لست سوريا . – وان كان يشرفني- . لكي أتكلم في مسألة ربما يراها البعض , تخص سوريا وشعبها . ولعله ليس ضروريا أن أكون , فقد أصبح العالم كما القرية الواحدة . يتأثر أقصاها بما يصيب أدناها .
تكلم الكاتب الفاضل . عن ندوة شعرية . حضرها . في المركز الثقافي ل " سان لوران " . احدي ضواحي مونتريال . يوم 24 سبتبمبر الماضي . وامتدح شاعرا . قدم شعرا موزونا , وزجلا غزليا , ومن ناحية أخري شن هجوما كبيرا وظالما . علي شاعر آخر – سوري - , لم يذكر اسمه .. فليسمح لنا بتلك الملاحظات علي ما جاء بالمقال :
1 - الشعر ليس وزنا فحسب . ولا الزجل غزلا فحسب .. فهناك الشعر الحديث الذي لا يعترف بالوزن ولا بالقافية , ويكتبه شعراء كبار . والشعر انوع كثيرة من ضمنها الغزل - شعر الحماسة - المديح , والهجاء وشعر الرثاء والشعر السياسي , شعر التصوف .. الخ . ولسنا بصدد الخوض كثيرا في المزيد .. فهناك ما هو أهم . لنتحدث عنه , ما يقف خلف هجوم الأستاذ قطامي . علي الشاعر الشاب الذي لا أعرفه , ولم يذكر لنا اسمه .
2- يبدو أنه في رأي الأستاذ قطامي . مكروه من الشاعر أن يشعر بآلام الناس و معاناتها , أو لا يجوز له أن يعبر بشعره عن أحوال مجتمعه , بل يتغزل فقط , ويسمعنا غزله (!)
3 - قال الأستاذ قطامي – مستنكرا - ان الشاعر قد " تهجم علي رئيس وحكام بلاده " ..
و قد توقفت عند قوله " رئيس وحكام بلاده " – سوريا - . فالدنيا كلها تعلم ومنذ سنوات كثيرة انه لا يوجد رئيس أو حكام لأي من سوريا ومصر وليبيا والجزائر وتونس واليمن والسودان – غالبية دول المنطقة - العربفونية – . بالمعني المتحضر والمشروع دوليا . لكلمة رئيس ولكلمة حكام , وانما توجد عصابات يرأسها عسكريون انقلابيون , يحكمون شعوب تلك الدول بالحديد وبالنار , استنادا علي المدفع والدبابة والمصفحة والمدرعة – كعسكريين – يفرضون أنفسهم علي شعوبهم , وعلي المجتمع الدولي . كممثلين لبلادهم بحكم الدبابة !..
وبالنسبة للطبيب السوري بشار الأسد . بصفة خاصة . فقد تم تعديل دستور سوريا لأجله خصيصا , كوريث لوالده . الحاكم العسكري حافظ الأسد . الذي مكث في السلطة عشرات من السنين بعد انقلاب عسكري قاده , واستولي به علي الحكم .
والعبث بالدستور علي النحو الذي جري في سوريا لتوريث السلطة . هو جريمة في حق الشعب , وعمل باطل , وما قام علي باطل هو باطل .
4 - ان التهمة التي وجهها الأستاذ قطامي . للشاعر – أن شعره محض شتائم وسباب وتهجم علي رئيس بلاده - سوريا - وحكامها - .., هي تهمة اعتاد الاعلام الحكومي الأمني . بدول منطقتنا التعيسة – الناطقة بالعربية – توجيهها لكل حر ينتقد عصابات الحكم بتلك الدول , باعتبار نقد الاستبداديين عندهم , ليس الا شتائم وسباب وتهجم ! .
5 - لقد وصل الأمر بالأستاذ قطامي . الي درجة التمني , لو كان أحد قد أوقف الشاعر , لمنعه عن نقل أوجاع شعبه وبلده . من خلال شعره ! , وهذا منطق رجال الأمن ببلادنا التعيسة المحتلة من قبل عصابات تقود الفساد والتنكيل بالعباد , ونربأ بكاتب محترم أن يسخر قلمه للدفاع عن عصابات تحكم . وليسوا حكاما شرعيين . أو أن يدورفي فلك أجهزتهم الأمنية ولو بحسن نية .
6 - مطالبة الكاتب الفاضل للشاعر الشاب . بالعودة من مونتريال – كندا – للنضال السلمي بداخل بلاده . انما تدعو للعجب . فربما لا يعرف الكاتب أن الأنبياء – ابراهيم , موسي , عيسي , محمد – هاجروا , ومنهم من ناضل من الخارج - لتحقيق أهدافه - , وكذلك العديد من الشعراء , والأدباء العظام , والعلماء , والكثيرين من الزعماء السياسيين التاريخيين علي مستوي العالم هاجروا , وناضلوا من الخارج . ومنهم من عاد لبلاده منتصرا بعدما قاد نضال شعبه ( من الخارج .. ) .. منهم لينين - الشيوعي - , وحتي الامام الخوميني - الاسلامي الشيعي .- في بدايات ونهايات القرن الماضي ... وفي نهايات القرن التاسع عشر .أقام الزعيم السياسي المصري " محمد فريد بك ". بالخارج , ليناضل سياسيا لأجل استقلال بلاده من الاستعمار الانجليزي , فكان يكتب وينشر , و يندد في المحافل الدولية بممارسات الانجليز في مصر . داعيا الي رحيل المستعمر .
والمناضلون بداخل الدول المقهورة , في أشد الحاجة لوجود أصوات مناضلة بالخارج من مواطنيهم . لمواجهة التعتيم والتضليل الاعلامي , وبعيدا عن القمع الذي تقوم به أجهزة السلطات . لاخفاء الحقائق عن أعين العالم .
7 - وان كان لبلاد الأستاذ قطامي . رئيسا وحكاما جديرين بغضبه لأجلهم . فلماذا لا يعود هو تاركا كندا . ليعيش في كنف هؤلاء الحكام مستمتعا بالحرية والعدالة والرخاء . التي أمنوها لشعبهم ؟؟ (!) ... وما الذي دعاه أصلا لترك بلاده والهجرة لكندا ؟! , طالما كان ببلاده رئيس وحكام , هم أهل لأن يغضب لأجلهم ( و يغار عليهم من نسمة الجنوب ..! )...
8 – لا أدري كيف استطاعت قصيدة لشاعر شاب ألقيت بين جمهور قليل العدد . بقاعة أعرفها . صغيرة لا تستوعب أكثر من 50 فردا .. فكتب كل هذا المقال الغاضب جدا , بينما لم تفلح جثث آلاف مؤلفة من شهداء شعب سوريا – منهم الأطفال - وآلاف من المعتقلين والجرحي والمعذبين والنساء المغتصبات علي أيادي شبيحة وقناصة رجال " بشار الأسد " , ودبابات جيشه . في أن تستفز قلم الكاتب الفاضل . ليكتب طالبا – ولو بصيغة رجاء أو مناشدة - وقف اراقة دماء أبناء وبنات الشعب السوري ؟ (!) .
ان دماء عشرات الآلاف من السوريين , الذين أزهق أرواحهم " بشار الأسد " , وشقيقه الحالي , وشقيقه الراحل , وعمه , وأبوه " حافظ السلطة ومضيع الجولان " ... وصنوف من الأعمال الوحشية . ترجف من هولها أبدان شعوب الدنيا .. , فكيف لم تصل بعد لمشاعر الأستاذ قطامي , حتي هاجم الشاعر الشاب , الذي أحس بها وتألم , وعبر عنها , وأخرج ألمه في شعره ..؟!
9 - ان كانت أمانة القلم والكلمة , لم تطاوع الأستاذ قطامي , علي قول الحق والبوح بالحقيقة . أوليس في السكوت خير وبركة ؟
فبمقالك هذا يا أستاذ قطامي .. انما تضع نفسك في دائرة شبهة كونك لست مهاجرا حقيقيا في كندا , وانما مبعوث للنظام الديكتاتوري , وعين له – وكرباج – علي الجالية . ونعتقد أنك أشرف من أن تكون كذلك .
كنت أتمني أن أكون موجودا لأستمع لهذا الشاعر الحق , الذي ضن علينا الأستاذ قطامي . بذكر اسمه , خشية أن يشتهر , و مثل هذا الشاعر , هو الأولي من غيره بالشهرة وبالاحترام معا .
كلمة أخيرة :
=== للأمانة . لقد قرأت لنفس الكاتب – الأستاذ " هاني قطامي " – بنفس العدد من جريدة الناس . كما أشرنا أعلاه . مقالا جيدا بالصفحة الرابعة . عنوانه " هل عدمت عندنا الرجال " وهو عمن استقبلوا الرئيس العثمانلي القادم من تركيا - في الشهر الماضي – ( نظنه يقصد جماعة الاخوان . في مصر ).. كما لو كان هو البطل والمخلص الذي طال انتظار بلادهم له ..! .
وقد أعجبني ذاك المقال . ولكنني صدمت بمقاله الآخر - الذي تكلمنا عنه - . مما دعاني لعتابه , ربما كان عتابنا قاسيا بعض الشيء , ولكن نأمل أن يتسع له صدره . مع التحية والتقدير .
*********************************
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟