|
من ستوكهولم الى أربيل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 18:27
المحور:
كتابات ساخرة
أحدُ أقربائي ، مُقيمٌ في السويد منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً ، جاءَ في زيارةٍ الى وطنهِ الأم ، قبلَ أسبوعَين .. ولقَد فّضلَ أن يستخدم ، الخط الاوروبي من ستوكهولم الى أربيل ، مُباشرةً .. بدلاً من النزول في اسطنبول ومن ثم الصعود الى طائرةٍ اُخرى .. وبدأتْ المسرحية التراجيكوميدية ، في مطار ستوكهولم ، حين تأخرَ الإنطلاق ، حوالي العشرين دقيقة .. لسببٍ غريب .. وهو إمتناع أحدى المسافرات ، والتي كان بمعيتها ثلاثة أطفال ، ان تجلس في المقاعد المدونة أرقامها في بطاقات السفر !.. ورفضتْ التحرك من مكانها الذي إختارَتْه قُرب المرافق الصحية ، وحيث انها لم تكن تتكلم السويدية بصورةٍ جيدة ، فلقد قام قريبي ، بالترجمة .. لكنها أصرتْ على موقفها ، وأشارتْ الى أمام وقالتْ ، ان زوجها معها وهوجالسٌ هناك ، لكنها تُريد ان تجلس في هذا المكان ، لتلبية حاجة الأطفال حين يحتاجون الى المَرافق ! ... وأخيراً أقنعتْ المُضّيفة المُسافرَين الآخرَين ، لتبديل أماكنهم ، وبقتْ السيدة وأطفالها الثلاث في عرينها .. وتحركتْ الطائرة !... يقول قريبي هذا : ما عدا شاب سويدي وفتاة سويدية ، فأن جميع الركاب كانوا كما يبدو ، من أصول عراقية ، وكُردية بالذات .. وهم مثله ، قادمون لزيارة أقاربهم ... والمُلفت للنظر ، ان غالبية هذه العوائل ، كان معهم أطفال ، بحيث ان عددهم كان يتجاوز الخمسين طفلاً بالتأكيد ، إبتداءاً من عُمر السنة الى عشرة سنوات .. وبما ان الرحلة ، تستَغرق أربعة ساعات ونصف ، فأن سيمفونية صراخ الاطفال وزعيقهم ، غّطتْ على جميع الأصوات ، مُضافاً اليها تدخُلات الأمهات والآباء .. بحيث كنت كأنما في سوق الهَرج ، أو في زقاقٍ شعبي مُزدحم ! . في البداية ، كان المشهدُ طريفاً ويدعو الى الضحك ، ولكنه أصبحَ مُزعجاً عندما ، مَنَعَ هذا الصَخَب ، صاحبنا ، من النوم والإسترخاء !. من اللقطات التي تسترعي الإنتباه ، أن إمرأةً أخرجتْ من حقيبتها آنيةً مليئة بالدولمة بينما وضع زوجها صحن الكُبة الذي كان في حقيبته ، أمامهُ ، وأخذا يأكلان بتلّذُذ ... في الحقيقة .. قال قريبي ، انه لم يتحّمَل هذا الموقف المُغري ... خصوصاً وأنهما كانا جالِسَين بمحاذاتهِ ... فطلبَ على إستحياء شيئاً من الدولمة ، ولا سيما الباذنجان المَحشي ! .. فحصل على ذلك برحابة صَدر ، زائداً كُبة حامض . غير ان مزاجه الرائق ، بعد ان إزدَردَ الدولمة والكُبة ... اُصيبَ بنكسة ، عندما ذهبَ الى المرافق ، حيث وجدها قّذِرة والمناديل الوسخة مَرمية في كُل مكان ، ورائحة كريهة تنبعث من هناك ! .. هل حقاً هو في طائرة لخطوط جوية اوروبية ؟ ... تَذّكَر لا إرادياً المرافق الصحية في وحدته العسكرية قبلَ ان يهرب من العراق !... عند خروجهِ ، أراد ان يشكو الى المضيفة ، الواقفة قريباً .. لكنهُ إستدركَ ، بعد ان وجدَ المرأة التي رفضتْ الجلوس في مقعدها المُخصص ، ومعها أثنين من أطفالها الثلاثة .. وجدها في الإنتظار ، ودخلتْ هي والطفلَين الى المرافق ... من دون أن يتكلم .. قالتْ المُضيفة له : عذراً .. لكننا لا نستطيع مُجاراة الرُكاب ، فما أن ننظِف .. حتى يدخل آخرون !. قال قريبي .. ان معظم الركاب ، هم من الذين مضى عليهم أكثر من ثلاث او اربع سنوات ، على الأقل في السويد ... وعلى الرغم ان ، مشاهداته خلال الرحلة ، تُشير الى أشياء " صغيرة " .. إلا انها تعكسُ جانباً مُهماً ، من فَرق الثقافة ، بيننا وبين شعب الدولة المُضيفة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزَوجات الأربعة
-
الحكومة .. وترقيم النكات !
-
قوى أمنية ومُمارسات قمعية
-
ألسفارة .. رمز السيادة المُنتهَكة
-
بماذا تُفّكِر في هذهِ اللحظة ؟
-
الإنتخابات التركية ..ملاحظات أولية
-
عندما يخطأ الكِبار
-
علاوي والمالكي ينشرونَ الغسيل القَذِر
-
مُظاهرات الجُمعة في العراق
-
- عملية تَجميل - للرئيس اليمني
-
العراق واُفق المُستقبل
-
تقييم المئة يوم
-
الحاج - ش - أفضل من المالكي
-
الرياضة بين الهِواية والإحتراف
-
العجوز المسيحي الذي أصبح مُسلماً
-
سُخرِية
-
شّرُ البَلِيةِ ما يُضحِك
-
مِنْ الحياة اليومية
-
السيستاني لم يستقبل السفير الإيراني
-
صديقي الذي يتمنى أن يكون مصرياً
المزيد.....
-
اشغلي أولادك بيها وفرحيهم.. Tom and Jerry استقبال تردد قناة
...
-
الفلاسفة والحب.. كيف عاشوا حيواتهم العاطفية؟
-
نقد رواية العوالم السبع للروائي عبد الجبار الحمدي سردية أعتر
...
-
مهرجان كان السينمائي: مسك الختام مع -بذور التين البرية- للإي
...
-
الفنانة الروسية أوسبينسكايا بصدد إصدار ألبوم أغان من قصائد م
...
-
كواليس مثيرة لأشهر -خناقة- هذا العام في مهرجان كان (فيديو)
-
مصر.. الفنان سعد الصغير يكشف حجم ثروته
-
بيلا حديد تخطف الأنظار بفستان مستوحى من الكوفية في كان (فيدي
...
-
-التركيز على الجودة-... مهند البكري شخصية العام العربية السي
...
-
عيد مع أحبابك “محمد امام” و “احمد عز” .. أفلام موسم عيد الأض
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|