أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - تحية لشعبي تونس وجنوب السودان















المزيد.....

تحية لشعبي تونس وجنوب السودان


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 21:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بوعزيزي الجسد المشتعل الخالد
أيها العزيز الخالد محمد البوعزيزي .. إني اليوم لأرى ذلك اليوم الذي سيُنصب لك في كل عاصمة عربية، بل في كل مدينة مهمة عربية، ولعله في أخرى غير عربية، نصب تذكاري تخليدا لروحك الكبيرة ولجسدك المحترق، ليبدع فنان عربي هنا، أو فنان عالمي هناك، في تصميم نصب لذلك المحترق المقدس، المحترق الخالد، المحترق شوقا للخبز والحرية، لجسدك المحترق حسرة على حاله وحال شعبه، والمحترق شوقا لكرامته وكرامة شعبه، للخبز والحرية، إذ لا كرامة إلا مع الخبز الكريم والحرية الكريمة. ولم يحترق جسدك حتى أحرق معه عرش الديكتاتور الذي سرق خبز وحرية تونس، وسرق خضرة تونس الخضراء وسعادتها، فتوهجت النيران التي أشعلت بها جسدك قربانا لشعبك وللحرية والخبز الكريم، توهجت ثورة في قلوب إخوانك وأخواتك أحرار تونس، لينهضوا فيضرموا عرش الطاغية نارا من وهج نار جسدك المقدس، حتى جعلوه يفرّ لتهتز عروش الطغاة في المنطقة، فيوم كل منهم لآت، كما كانت حتمية حلول يوم طاغيتكم زين العابدين بن علي، الذي تسلط على شعبك الأبي ثلاثة وعشرين عاما، فعصفت به نارك الثائرة، وغيره طغى على شعبه ضعف ما طغى طاغيتكم، فبلغ ما يقارب الخمسة عقود، وآخر لما يزيد على الثلاثة عقود، كما كان طاغيتنا قد أهلك الحرث والنسل، وقتل الحرية وصادر الخبز لخمسة وثلاثين عاما.
فهنيئا لشعب تونس ثورته وإسقاطه لعرش الطاغية، مع تمنياتنا لهذا الشعب التواق للحرية، كما هو الحال مع شعب إيران وشعب ليبيا، وغيرهما من شعوب المنطقة، أن يكمل أشواط ثورته حتى نهايتها، أي حتى تحقيق الدولة الديمقراطية المدنية. فالخبز والحرية عنصران متلازمان؛ الخبز كرمز للعيش الكريم بكل مفرداته، والحرية كرمز للديمقراطية في ظل الدولة العلمانية التي تؤمن بحقوق الإنسان والمواطنة والعدل والمساواة، لأن الخوف كل الخوف أن يمنح شعب خبزا، كي تسرق حريته، أو يمنح حرية شكلية ثم يسرق خبزه، كما هو الحال مع شعبنا العراقي الذي يتمتع بديمقراطية شكلية خالية من الجوهر، عرجاء، مهددة بالانهيار لا قدر الله، مزيفة في كثير من مفرداتها، كما ويخشى عليه أن تتسلط عليه قوى سياسية تعطيه خبزا غير كريم، أي كهرباء وخدمات وانتعاشا اقتصاديا، لكنه خبز غير كريم، إذ يكون ثمنه حريته واستكمال مشروع التحول الديمقراطي، فيكون الاستبداد الذي يمنح الشعب خبزا، ولكن ليقول له، أشبع بطنك، وخذ كهرباءً وخدمات، ولكن ليس لك أن تفكر، وليس لك أن تعارض، بل صفق لنا وأعد انتخابنا لنشبعك، بل الخوف كل الخوف على كلا الكرامتين، كرامة الخبز، وكرامة الحرية، أن تُسرقا على حد سواء، فقضية الخبز أي العيش الكريم على أسوأ ما يمكن أن تكون، وحتى الحرية فيلوح بالتضييق عليها من إسلاميينا باسم الدين والشريعة. وكذلك يخشى على الشعب التونسي أن تسرق ثورته من قبل قوى سياسية انتهازية، قد تعطيه الخبز وتسلبه الحرية، ثم تسلبه الاثنين معا، إلا أننا نرى في الشعب التونسي حيوية وإرادة وإصرارا، ربما تجعله يحقق نجاحا نحو الديمقراطية أسرع بكثير مما هو الحال مع الشعب العراقي، فيجعلنا ذلك نتراجع عن غرورنا الخادع بادعائنا أننا نمثل واحة ديمقراطية وسط صحراء الديكتاتوريات المحيطة بنا، ولكننا لن نحسد شعب تونس، بل سنغبطه، ونفرح له، ولا نكابر إذا وجدنا أنفسنا أننا بحاجة إلى نتعلم من تجربته، إذا وجدناها أغنى وأنجح من تجربتنا. وأهم ما سينتبه إليه الشعب التونسي، هو أنه لن يقع في أمراض الطائفية السياسية وتسييس الدين، وأهم ما يجب على الشعب التونسي أن ينتبه إليه، هو أن يعلم أن ليس كل ما مارسه بن علي وسلفه بورقيبة كان سيئا، فليس كل ما يفعله السيئون بسيئ، وأعني هنا الالتزام بالنهج العلماني، شرط نجاح الديمقراطية، ولو إن الطغاة غير الإسلاميين لا يجوز نعتهم بالعلمانية، إذ هم لا يمثلون إلا الديكتاتورية اللادينية، وغيرهم يجسد الديكتاتورية الثيوقراطية. والحذر من تيارات الإسلام السياسي الكافر أغلبها بالديمقراطية، الراكبة موجتها عند الضرورة وصولا إلى السلطة، لتحكم في دولة مدنية ديمقراطية شكلا، يملؤونها بأكثر ما يستطيعون من مضامين الدولة الثيوقراطية الإسلاموية المعادية للحرية وحقوق الإنسان والحداثة، إذ تلك الدولة التي يسمونها إسلامية هي التي تمثل الشرعية الوحيدة بالنسبة لهم، إلا إذا ما اضطرتهم الظروف أن ينتقلوا إلى العنوان الثانوي بقبول الديمقراطية، التي هي بالعنوان الشرعي الأولي مفسدة شرعية صغرى، تُقبل عندهم، لتُدرأ بها مفسدة شرعية كبرى، ألا هي الديكتاتورية اللادينية، أو الديمقراطية المستبعدة لقوى الإسلام السياسي. فمشكلتنا في منطقة الشرق الإسلامي، أننا واقعون بين نارين؛ نار الديكتاتورية اللادينية – ولا أقول العلمانية -، أو الديمقراطية غير المنضبطة، أعني غير العلمانية، التي تؤدي إلى هيمنة الإسلام السياسي الكافر بالديمقراطية، أو نار ثالثة أشد إحراقا وإيلاما، ألا هي نار تأسيس دولة ثيوقراطية على غرار جمهورية إيران الإسلامية، أو على غرار تجربة إسلاميي السودان، أو تجربة الطالبان الذين تسلطوا حقبة مظلمة على أفغانستان، وما زالوا يهددون حرية وديمقراطية وأمن هذا البلد، ويهددون هم والقاعدة پاكستان، حيث حاضنتهم الاجتماعية، ويهددون بإرهابهم عموم المنطقة والعالم أجمع. ولا ننسى وقوف إسلاميي تونس الذين طردهم الطاغية بن علي وإسلاميي الجزائر، أعني (النهضة) التونسي، و(الإنقاذ) الجزائرية، مؤيدين للطاغية صدام في حربه ضد شعبي الكويت والعراق.
جنوب السودان المتحرر قريبا
وكأحرار، نتعاطف مع كل الشعوب الحرة، نفرح لشعب جنوب السودان غير العربي وغير المسلم، لأنه عبر عن إرادته الحرة، واختار بالاستفتاء الشعبي قرار الانفصال والاستقلال والتحرر من الاحتلال العربي/الإسلامي الشمالي. وكم من دولة عربية تضطهد حقوق أقليات دينية أو قومية أو مذهبية، كما هو الحال مع الأقباط والبربر والكرد، فيبقى سنة إيران وأكرادهم وعربهم وبلوچهم، كما يبقى كرد سوريا وتركيا، ويبقى أرمن تركيا، ويبقى شيعة السعودية، ويبقى أقباط مصر، ولعله مسيحيوا وصابئة وإيزيديوا العراق بدرجة أقل، يبقى كل أولئك مواطنين من الدرجة الثانية بقدر أو بآخر. ويبقى الشغيلة الأجانب في أكثر دول الخليج يعامَلون معاملة الرق، وتبقى قيمة الإنسان في بلداننا مسحوقة، وتبقى الحرية معدومة القيمة، حتى ينبعث ضمير حي وحيوي وفاعل فعل تغيير، وتنبعث إرادة إنسانية عاقلة ناقدة مغيرة، لننتقل أخيرا من المراوحة في وهم أمجاد الماضي المخزي في أكثر محطاته، إلى الحاضر المتحضر الحداثوي، ولا أقول إلى المستقبل.
ختاما
هنيئا لشعب تونس وشعب جنوب السودان، مع تمنياتنا ألا يسرق أحد من أي منهما حريته وحلمه في نظام ديمقراطي حر إنساني عادل علماني. وأمنياتنا – الفاعلة وليست الحالمة – لشعبنا العراقي، ولاسيما لقواه الديمقراطية العلمانية، المحترمة للدين، المناضلة من أجل الفصل بينه وبين السياسة، وبينه وبين الدولة، ومن أجل استكمال أشواط عملية التحول الديمقراطي، والحيلولة دون انهيار التجربة أو تراجعها، مع الإصرار على الوقوف أمام كل محاولات مصادرة الحريات، وأمام كل أنواع سرقة خبز الشعب وكهربائه وخدماته الحياتية الضرورية، سواء السرقات المقننة، أو غير المقننة. فألى عراق ديمقراطي علماني حر مرفه متقدم آمن تعددي، وإلى عالم تنعم كل شعوبه بالديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والسلام.

21/01/2011



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجعفري، المالكي، عبد المهدي: رموزا للشيعسلاموية
- العلمانية .. بين السياسة والدين والفلسفة
- المالكي يتشرف بمباركة الولي الفقيه
- لماذا التهاني لإيران ثم للدعوة فللمالكي
- تعلم عدم الاستحياء أول درس في السياسة في زماننا
- ثالث المرشحين وكوميدراما السياسة العراقية
- توضيح حول حديث ديني لي يرجع إلى 2005
- ثلاث وقفات مع المالكي في حواره الخاص
- محمد حسين فضل الله
- مع مقولة «المرأة ناقصة عقل وحظ ودين»
- مع تعليقات القراء المحترمين 2/2
- مع تعليقات القراء المحترمين
- مقولات فيها نظر
- العلمانية والدين
- فلسفتي في الحرية والمسؤولية
- فلسفتي في الوطنية والإنسانية
- ماذا يعني توحيد (دولة القانون) و(الوطني)؟
- وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 2/2
- وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 1/2
- شكر للقوى الشيعية والسنية لإنهائها الطائفية السياسية


المزيد.....




- الزيارة السابعة.. وزيرة الخارجية الألمانية تصل إلى كييف وتحم ...
- واشنطن بوست: إسرائيل تتجه نحو تنفيذ عملية عسكرية محدودة في ر ...
- شاهد: نيوزيلندا وأستراليا تجليان رعاياهما من كاليدونيا الجدي ...
- -تحالف الراغبين-.. المبادرة الإسبانية للاعتراف بدولة فلسطيني ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 3 مسيرات وصاروخ فوق مقاطعتي بيلغور ...
- عشرات الهزات الأرضية غير المسبوقة تثير الذعر في جنوب إيطاليا ...
- تقرير: إسرائيل تنتقل إلى خطة هجومية -أكثر محدودية- على رفح و ...
- في ألمانيا، يحيّدون السياسيين غير المرغوب فيهم
- يطالبون نتنياهو بعدم احتلال غزة
- وزيرة الدفاع الإسبانية تعلن إعداد حزمة مساعدات عسكرية جديدة ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - تحية لشعبي تونس وجنوب السودان