|
تِينا ، إمرأةُ المَحَطّاتِ !
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 19:41
المحور:
الادب والفن
بين أوراقي .. فوقَ الشراشِفِ ، في بُطونِ المَحَّار ، أُفَتِّشُ عنكِ . أُجالِسُ طيفَكِ ، منفرداً مثلَ عَصاةِ راعٍ غَفَا .. أستعيرُكِ من مُخَيَّلَتي ، نَهُشَُّ ذُبابَ الضَجَرِ ، نُدَجِّنُ الظُلمَةَ ..نُعَلّمها كيف تَثورُ لتَرى ، نُصافِحُ الضياءَ ، نُصالحه مع النورَ ، نِكايَةً بـ..... صَريرِ الخفافيشِ ! .............................. اليومَ دَوَّخني عِطرُكِ ، نَثَرَتْه سيدةٌ صَعدَتْ إلى الباص ، فنَزَلتُ .. أبحثُ عن أشواقِنا ، التي أَلِفنا ، نَشرناها تحتَ شمسٍ رحيمةٍ ، خَفيضةٍ تَنضو عنها رطوبَةَ السراديبِ مثلَ ملابسِ الشتاء .. !
أَيا أمرأةً من زئبَقٍ ، ماكِرةَ الهَمسِ ... أَيَّ خيطٍ يَشُدُّكِ إلى أرصفةِ المحطَّاتِ ..؟ كلانا غريبٌ .. أنا لا أُحبُّ الوداعَ ، ففيه مَـرارةٌ من فُقدانٍ ! داهيةٌ أنتِ ، تَعشقينَ الوداعَ ، ولَكِ فيه طقوسٌ .. لأنه " يَشرَعُ نوافذَ العفوية .. يَكنُسُ ساعاتِ المَلَلِ ، ويُسرِجُ الشوقَ جَمراً ... ويُعيدُ ، إلى مَهدِها ، الأحلامَ ..."! ............................. الرحيلُ ، يا فاتنتي ، ليسَ جُرحـاً على شِفاه الماءِ .. ! مَنْ قالَ أَنهَّ ، صُنوُ النسيانِ ، دواءُ الذاكرةِ ... يغسِلُ بُثورَ المَلَلِ ..؟ مّنْ قالَ أَنَّ الشوقَ ، على سَجيَّته ، يتَلَصَّصُ الرحيلَ .. كَيْ يُطلِقُ صفّاراتِهِ ؟! ومَنْ قالَ أَنَّ للذاكرةِ طعمَ الرغيفِ الساخنِ ؟ أَنا ، يا تِينا ، إِنْ نِمتُ في غيرِ سريري ، لا أُبدِّلَ أَحلامي !! فَمَنْ قالَ ......؟ ومَنْ ... ؟! ...........................
ذُريني ، يا أَنتِ ! ذُريني غُبرَةً لقيامَةِ الطَلْعِ .. إِغلِقي كلَّ نوافِذِ المرايا ، وكُوّاتِ السَحابِ .. فُضِّي ستائرَ الروحِ ، تجديني أَتَدَلّى من ذُؤابةِ شمعةٍ .. أُسيِّلُ لَهفَتي إليكِ ... لُمّيني دمعةً ، دمعة ، يَنهضُ " داوودَ "* الجميلَ من رُخامه عُرياناً ، يَسخَرُ من غولياثَ الجبّارَ ، ويرسمُ شفاهاً بظلالِ بَسمَةٍ على شفيرِ الخوفِ .. فَيروحُ يغتسلُ بمطرِ فلورنسا من ذروقِ حَمَامٍ ، لا يَفقَهُ الأسطورة !
* * *
يا مَنْ سكَنَتْ أحداقِيَ ، أَتذكرينَ .. يومَ دارتْ بنا الدُنَا فوقَ رصيفِ التِيهِ ..؟ لَمْ يهطِلْ النرجسُ ، ولا زهرُ اللوزِ تَرَجّلَ بحدائقِ غوته في فايمار .. الساقيةُُ النحيلةُ ، ظَلَّتْ تحلُمُ بغريقٍ ، لخريرها يجلِبُ الإنتباهَ ، دونَ صَفيرِ القطاراتِ .. كذاكَ ، الذي ما أَدرَكتُه ، فغادَرَ المحطةَ ، دونَ أنْ يَلتفِتَ إليَّ وحقيبتي ، طَوَى السكَّةَ خلفَه مثلَ حصيرٍ، وتوارى ! لَمْ يُبقِ لنا غيرَ نواعيرِ الريحِ .. نواياً خَرساءَ ... وأشواقٍ تَصهَلُ في الصدر ... نَتأبَّطُ هموماً ، لاتحتاجُ قولاً ... كأَنَّا في مأتمٍ ! فَنروحُ نَذْرَعُ عَصريَّةً خريفيَّةً ، بِلا قَلبٍ ، تَحِنُّ لوحشَةِ غروبٍ حزينٍ .. نَأوي إلى حيثُ يَهربُ النُعاسُ من شُقوقِ العَتمَةِ ، نُرِتِّقُها بستائرَ لا تَسْتُرُ عَورةَ الضوءِ المُنسَرِبِ خِلسَةً ... ........................... إرقُصي يا فِتنَةَ السَردِ الأَخرسِ ، فَغَدٌ آتٍ برحيلٍ ووَداعٍ ! دُقّي بكعبكِ حُلوَتِي .. إحرثي جُفونَ القاعِ ، سالومي .. أيقظي الجِنَّ الكسولَ .. يحملُ بلقيسَ لِسُليمانَ المسكينَ ، هَدَّهُ وَسَنُ الفُضولِ .. ............................... لَنْ نحتاجَ شموعاً ، ففيكِ قَبَسٌ من إبراهيمَ نجا من النارِ تَـوَّاً ، إرقُصي فأنتِ فاكهةُ الخطيئةِ ... خُذيني معصوباً ، عَلّميني دَرْسَ التَظاريسِ في جغرافيَّةِ الجَسَدِ ... ولاتَتَعَثَّري بفحيحِ شجرةِ الخوخِ .. تُجرجِرُ ، من فَرطِ وحشتِها ، أذيالَ الريحِ الشرقيَّة ... تَسحَلُ جُراباً من خُرافاتِ تمشي على عَشرٍ !
* * * لِشَهدِ عينَيكِ ، مَنذورٌ أَنا .. عَلّميني ، تِينا ، خاتِمَةَ المُتعَةِ بآهةٍ ، أَصعَدُ نَسغَ "مَلْوِيَّتكِ" نَحوَ باحَةِ الوَجدِ .. مَجوسِيٌّ أنا .. مُتَيَّمٌ بنارِكِ .. إحرقيني ، إحرقيني ... رماداً ، صَيّريني ، حتى أُولَدَ من جديدٍ .. فلا أَبيتُ على نَدَمٍ حَنظلٍ ، ولا أَحتَطِبُ سيرَةَ عِشقِنا خَلفَ ستائرِ العُذّال ..أَوْ أستعيدُ دَفاتِرَ عِشقٍ قديمٍ ... أَجسادَ الشَجَرِ والجُدرانَ وأَعمِدَةَ الكهرباءِ ، يومَ لَمْ نقرأ ، بَعدُ ، كُرّاساتِ " تَعَلّمِ الحبَّ في سبعةِ أَيّامٍ ..."!!
الليلةَ ، سأَمسَحُ عَرَقَ طَيفيَ اللاهِثَ ، المُرهَقَ ... أُشاكِسُ سُكونَ الليلِ بفاغنر .. أَنثُرُ الفَرَحَ ، أَستَدرِجُ للغَفوِ السُهادَ بفالصاتِ شتراوسَ النبيلَ .. وأَصيحُ ، من شُبّاكِ روحي : مَرحى لجنونِ الصَبابَةِ .. وأعبُرُ الجِسرَ إلى خَيالِ المُحَرَّمِ .. قبلَ أَنْ يَنبُتَ لنا لِسانٌ ، فَنلوذَ بسريرِ راحَةِ ما نشتهي من التفسيرِ والتأويلِ ! ... قَبلَ أَنْ نفيقَ مُستَوحِدينَ ، مثلَ " أَليفٍ " في صحراءِ الحرفِ ...
سَأُطَوِّقُ خِصْرَ علامَةِ الإستفهامِ .. تماماً ، مثلما يفعلُ راقِصُ التانغو البَهِيُّ ! أَضُمُّها إليَّ ، كي لا تَزلَقَ بنُقطتها التَحتانيَّة عندما يَتفَصَّدُ الرَقصُ حُبيباتِ نَدىً .. سأعتصرُ إسفنجَ السحابِ لكِ ، حينما يَصخَبُ العَطَشُ ! ............................... تَستَفِزُّني قُبُلاتٌ ماضياتٌ ، وعِطرٌ تاهَ ذاتَ سريرٍ ، فتناثَرَ ياسميناً في الأَثيرِ ، خَذَلَتني في توصيفِه المَعاجِمُ ..
لكنّنا سنحتاجُ ، يا تِينَا، وَساطَةَ إبليسٍ رؤوفٍ ، أو مَلاكٍ مُرتَشٍ ، يُمَرِّرُنا خِلسَةً لروضِ البَنَفسَجِ ، حيثُ أُرَتِّلُ الدُعاءَ ، وأَصنعُ ما تَهوَينَ من قطاراتٍ ومَحطّاتٍ ، عَلِّي أَغويكِ مرَّةً ، فتَحلُمينَ بِسَفَرٍ ..
ـــــــــــــــــ * عام 1501 جرى تكليف ميخائيل أنجيلو بعملِ منحوتةٍ لشخصية داوود التوراتية . في الثامن من أيلول/ سبتمبر 1504 أُزيح الستار ، في إحتفال مهيب عن التمثال. النسخة الأصلية من التمثال موجودة اليوم بمتحف الأكاديمية بفلورنسا، وتنتصب نسخة منه في ساحة السنيورا بالمدينة ذاتها .
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لِمَنْ يَهمه الأمرُ ...
-
طائرٌ لَعوب
-
مُعضِلَة
-
إلى مُلَثَّم !
-
يتيم (3)
-
فصل من كتاب (2-3)
-
يتيم
-
سَجَرتُ تَنّورَ الذكرى
-
كتاب - حوارات المنفيين -
-
كتاب - أَيها القناع الصغير، أَعرِفُكَ جيداً -
-
كتاب - همس - الجثة لاتسبح ضد التيار
-
مونولوج لابنِ الجبابرة *
-
لِلعَتمَةِ ذُبالَتي !
-
حَسَدْ
-
شمعةُ أُمي ، دَمعةُ أَبي
-
يوغا
-
هاجِرْ
-
مَنْ نحنُ ؟!
-
نُثار (5)
-
شبَّاك
المزيد.....
-
أقوى أشارة لتردد قناة روتانا سينما 2024 لمشاهدة أحلى الأفلام
...
-
زوج الممثلة الإباحية يتحدث عما سيفعلان -بعد نهاية محاكمة ترا
...
-
الممثل الأمريكي هاريسون فورد لم يساند في هذا الخطاب المظاهرا
...
-
مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 مترجمة باللغة العربية وبجودة HD
...
-
لأول مرة.. مهرجان كان يخصص مسابقة لأفلام الواقع الافتراضي
-
مشاهدة ح 160 مترجمة… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 والموعد ال
...
-
ضجة وانتقادات تحيط بزيارة محمد رمضان لمعرض الكتاب بالرباط
-
اليابان بصدد تطوير منظومة قائمة على الذكاء الاصطناعي للترجمة
...
-
بالغناء والعزف على الغيتار بملهى في كييف.. بلينكن للأوكرانيي
...
-
وفاة -سيدة فن الأقصوصة المعاصر- الكندية أليس مونرو
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|