أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - موانع إجتياح غزة سياسية















المزيد.....

موانع إجتياح غزة سياسية


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 12:10
المحور: القضية الفلسطينية
    



ما زال المراقبون والمحللون، ومنذ شهور، مشغولين بسؤال: هل ستتخذ القيادة السياسية الإسرائيلية قراراً بإجتياح واسع وشامل لغزة على غرار ما قرره شارون مِن إجتياح للضفة في آذار 2002 (عملية "السور الواقي")، أو على غرار ما قرره بيغن بتنفيذ متطرف مِن شارون ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية في حزيران عام 1982 (عملية "سلامة الجليل")؟؟؟
باديء ذي بدء، وإنطلاقاً مِن أن "الحرب إمتداد للسياسة"، وأن "السياسة جبر وليست حساباً"، فإنه لا يجوز تناول أمر وقوع هذا الإجتياح مِن عدمه كما لو كان أحجية يصعب حلُّ ألغازها، أو حسمها بالقول أن الإجتياح سيقع أو لن يقع؛ كما لا يجوز الحسم في وقوعه والجزم به بصيغة إطلاقية تقطع بنعم أو لا، ذلك لأن قرار الإجتياح الإسرائيلي الشامل لغزة هو قرارٌ؛ وبقدر ما تستدعيه مِن منظورٍ إسرائيلي عوامل كثيرة، تقع في مقدمتها ضرب بنية المقاومة الفلسطينية، فإنه ينطوي على قدرٍ كبيرٍ مِن التعقيد والتشابك، وتكتنفه عوامل منعٍ ومحاذير عديدة، ما يفرضُ تقديرَ وقوعه مِن عدمه، بصيغة الترجيح التي تبحث في الإعتبارات المتناقضة. أي تبحث في: لماذا نعم؟؟ ولماذا لا؟؟ ومتى تكون نعم؟؟ ومتى تكون لا؟؟. كذلك، فإنه مِن الخطأ ترجيح أحد الإحتمالين وإستبعاد الآخر بصورة مطلقة وكلية، لأن عوامل الإقدام عليه كما عوامل الإحجام عنه متغيرة وليست ثابتة، ومتحركة وليست ساكنة، أي يمكن أن يكون الإقدام عليه في لحظة وظروف معينة نعم، وفي لحظة وظروف أخرى لا، ما يقود إلى عدم الجزم في أن التلويح به دون الإقدام عليه حتى الآن يعني إستبعاد اللجوء إليه لاحقا.
وفي القراءة الملموسة، فإنه لا يجوز ترجيح أحد الإحتمالين بناء على إعتبارات تبدو ظاهرياً جوهرية فيما هي ليست كذلك في الواقع قياساً بإعتبارات أكثر جوهرية. فعامل ضعف أولمرت وعدم إستقرار حكومته (مثلاً) هو عامل قد يُعجِّل أو يُؤَخِّر قرار الإجتياح الشامل والواسع لغزة، لكنه ليس عاملاً حاسماً في الإقدام عليه أو الإحجام عنه، فالعوامل التي تتعلق بالخطط الإستراتيجية والمصالح الإسرائيلية العليا هي التي تحسم في نهاية المطاف القرارات الإستراتيجية لحروب دولة إسرائيل. وكذا هو حال إعتبار حاجة القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيليتين إلى إعادة الإعتبار لقوة الردع الإسرائيلية بعد المس بهيبتها وجرح عنجهيتها على يد المقاومة اللبنانية في عدوان تموز 2006 على لبنان. أما إعتبار إحتمال تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر تفوق ما وقع له جراء إجتياح الضفة، فإنه إعتبار يندرج في إطار المحاذير التي تستوجب التذليل، وليس في إطار الموانع التي تلجم الإقدام على الإجتياح، فالحرب هي الحرب في نهاية المطاف، يدرك كلُّ مَن يشنها، ومنهم القيادة الإسرائيلية، أنه لا يمكن إلغاء تكبد مَن يخوضها للخسائر كلياً، بقدر ما يجري العمل على تقليصها إلى أكبر قدرٍ ممكن. أما إعتبار إحتمال أن يتسبب إجتياح غزة في وقوع مجازر ومذابح في أوساط المدنيين الفلسطينيين إرتباطاً بضيق أزقة غزة ومخيماتها وإكتظاظها السكاني الإستثنائي، فهو أيضا إعتبار يقع في إطار محاذير الإجتياح وليس في إطار موانع الإقدام عليه، خاصة، وأن القيادات الإسرائيلية هي آخر القيادات في العالم التي يمكن لها أن ترفع مقام هكذا محذار إلى مستوى أن يكون مانعاً لشن الحروب، فهي (القيادات الإسرائيلية) قيادات إمتهنت الحروب وسياسة التطهير العرقي وإجراءاته، وهذا ليس ناجماً عن طبعٍ شرير عندها، بل هو مِن مقتضيات احتلال مستمر، ولم تقرر الكف عنه أو دفع الثمن المطلوب لإنهائه عبر التوصل لتسوية سياسية للصراع.
والحال؛ يغدو السؤال: ترى ما هي الإعتبارات الجوهرية التي يتحدد في ضوئها قرار الإقدام على الإجتياح الشامل والواسع لغزة أو الإحجام عنه، أو الإستعاضة عنه بالمستوى القائم مِن العدوان، أو ربما توسيعه بصورة كمية، أي دون تصعيده إلى مستوى الإجتياح الواسع والشامل على غرار ما فعل شارون في الضفة في آذار 2002، وفي لبنان في حزيران 1982؟؟.
لإعتبارات دولية وإقليمية ومصالح إسرائيلية عليا، كان شارون، ومِن بعده أولمرت، قرر التعامل مع السلطة الفلسطينية ليس كـ"مطلقة"، بل بصيغة "المُعلَّقة" التي، وإن لم يجرِ ترسيم "طلاقها" (إنهائها)، فإنه لا يجري التعامل معها (إعتمادها). ذاك هو المعنى السياسي لإجتياح الضفة وإستباحتها عام 2002، دون الإقدام على إتخاذ قرار رسمي ومعلن بحل السلطة الفلسطينية، وإعادة الإدارة المدنية الإسرائيلية التي لم يجرِ حلها أصلاً. وذاك أيضا هو المعنى السياسي لخطوة فك الإرتباط مع غزة مِن طرف واحد، أي دون إتفاق سياسي مع السلطة الفلسطينية.
ورغم ذلك؛ وبالنظر إلى مصاعب توفر البديل السياسي المرغوب إسرائيلياً (كالضم أو الإدارة العربية أو الدولية لغزة والضفة)؛ وبالنظر إلى إعتماد نظرية الاحتلال "عن بُعْد" التي إختطها رابين وبيرس بدهاء ومكر، وطورها شارون بفجاجة ووضوح أكثر؛ وبالنظر إلى ما توفره هذه النظرية مِن فوائد لإسرائيل في التخلص مِن الكثير مِن الأعباء السياسية والأمنية والمالية والأخلاقية لاحتلالها؛ وبالنظر إلى أنها تبقي كل الخيارات السياسية المرغوبة إسرائيلياً مفتوحة وواردة، ويمكن اللجوء إليها أو فرضها في لحظة وشروط معينة؛ نقول بالنظر إلى كل ما تقدم، فإن حزب "كاديما" (شارون) ومَن على يمينه مِن الأحزاب الإسرائيلية، كان وما زال معنياً في الحفاظ على السلطة الفلسطينية بوضعية "المُعلقة"، ما يوجب عدم الإقدام على خطوات مِن شأنها أن تقود، ولو بالنتيجة أو بقرار أو ردِّ فعلٍ مِن الطرف الفلسطيني، إلى إحتمال "فَرْطْ" السلطة الفلسطينية نهائيا. وإجتياحٌ واسع وشامل لغزة ينطوي على مثل هذا الإحتمال. وذلك ما لا تراه القيادة الإسرائيلية في مصلحة إسرائيل ومخططاتها الإستراتيجية بعيدة المدى، إذا لم يرتبط بتوفر البديل (للسلطة) المرغوب وفق الرؤية الإسرائيلية العامة للتعامل مع غزة والضفة، خاصة وأن تطبيق خطة "الإنطواء" في الضفة قد تعثر و"لم يعد أولوية" حسب تعبير أولمرت.
إن إستراتيجية "لا أطيقكَ ولا أقْدِرُ على بُعْدَكْ" الإسرائيلية في التعامل مع واقع السلطة الفلسطينية، أي إستراتيجية التفريغ السياسي للسلطة الفلسطينية مع الحفاظ على دورها الإداري الذي يعفي إسرائيل مِن أعباء الإدارة المباشرة للضفة وغزة، ويجعلها في حلِّ من اية عملية تفاوض جدية. كلُّ هذا يقول أن إسرائيل تعتمد، (حتى الآن على الأقل)، إستراتيجية عسكرية تقوم على عمليات قصف وإجتياح محدودة في غزة، علاوة على سياسة الإغتيالات المستمرة والدائمة، ما يعني أنه لم تتطور حتى الآن ظروف تضع القيادة الإسرائيلية أمام الإجتياح الواسع والشامل لغزة كخيار وحيد لا مناص منه. أما ذريعة إطلاق الصواريخ على سديروت كمبرر للعدوان الإسرائيلي على غزة، فدعونا منها، فهي حجة جرى، ويجري نفخها وتضخيمها لتبرير ديمومة إستهداف الشعب الفلسطيني كهدفٍ دائم ومفتوح في كل زمان ومكان.
وإستطراداً، فإن عدم الإقدام على إجتياح شامل وواسع لغزة، وعلاوة على المانع السياسي الأساسي السابق (فَرْط السلطة)، فإنه ربما يشير أيضاً إلى ترجيح أن الإهتمام العسكري الإسرائيلي يتجه إلى مكان آخر، ما يستدعي لفت الأنظار إلى ما تخطط له القيادة الإسرائيلية بدعم أمريكي بإتجاه الجبهة الشمالية، سواء تجاه سوريا أو لبنان، وربما يشير أيضاً إلى عملية بحثٍ إسرائيلي عن دورٍ فيما يخطط له مِن ضربةٍ عسكريةٍ أمريكيةٍ محتملةٍ لإيران.
إذن، فإن موانع الإجتياح الشامل والواسع لغزة هي موانع سياسية بالأساس، وهي ليست مطلقة، وأبعد مدىً من ربطها بمحاذير دأبت بعض القيادات الفلسطينية على التعامل معها ومعالجتها إعلامياً، وبالصورة التي يجري التعامل معها في غزة.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 5 حزيران تطرف النصر والإنهزام
- تجليات الفوضى الخلاقة
- تجاوز لكل الخطوط
- لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!
- دعوة لإستعادة الوعي
- الحكم أم الوطن؟
- رهان النسيان والذاكرة الجمعية
- الطغيان الأمريكي....مصاعب وإنتكاسات
- أين فينوغراد العرب؟!!!
- إتجاه الإنفجار المرتقب
- القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد
- تقتحم القلعة من داخلها
- حتى لو لم أكن فلسطينيا
- الاتفعيل بالتعديل
- رأفة بالأسرى وعائلاتهم
- الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر
- ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- الأمن بين السياسة والجغرافيا
- واشنطن تعلم ما لا نعلم!!!
- التفعيل بالتعديل


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - موانع إجتياح غزة سياسية