أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!















المزيد.....

لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1925 - 2007 / 5 / 24 - 06:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


كنت وما زلت، كأي فلسطيني عاقل، مِن أؤلئك الذين يخشون جَرَّ الشعب الفلسطيني إلى وضعٍ يُيَسِّر على السياسة الأمريكية الإسرائيلية (الماهرة في قلب الحقائق) تسويق دعايتها عن وصم المقاومة الفلسطينية المشروعة الدفاعية العادلة بالإرهاب، ومساواتها به، بل إنني على قناعة بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية، وبتعاون مبرمج مع أجهزة أمنية عالمية وخاصة الأمريكية منها، لم، ولن تدخر جهداً عن محاولة فبركة أو تغذية أو ربط المقاومة الفلسطينية بحركات تكفيرية عنيفة جاهلة، بما يُسَهِّلُ على الإسرائيليين مهمة تشويه صورة النضال الوطني الفلسطيني. ولم يعد خافياً أن هذه المحاولات قد تضاعفت بعد "الغزوة" "البنلادنية" في 11 أيلول 2001 في نيويورك.
وأكثر مِن ذلك، فإنني على قناعة بأن سياسة الحصار والتجويع والعزل الأمريكية الإسرائيلية المبرمجة ضد الشعب الفلسطيني، يقع في أولوية أهدافها محاولة خلق تربة اجتماعية اقتصادية خصبة لتنامي مثل هذه الحركات التكفيرية الجاهلة في أوساط الشعب الفلسطيني.
ويبدو أن هذه السياسة الأمريكية الإسرائيلية بشقيها الأمني والاجتماعي- الاقتصادي، قد نجحت في مخططها، وذلك عبر ما فرَّخ من هذه الحركات، وذلك عبر ولادة ما يسمى بجماعة "سيوف الحق" في غزة، كحركة تقوم بعمليات قتلٍ وتدمير داخلي، لم يسلم منها أطفال مدرسة إبتدائية، علاوة على حرق مقاهي الإنترنت ومؤسسات ثقافية وتراثية مختلفة، وكذا الحال بالنسبة للحركة التي تطلق على نفسها اسم "فتح الإسلام" في لبنان، التي (للعلم) لا تضم في صفوفها عناصر فلسطينية فقط، بل تضم عناصر غير فلسطينية أيضاً. والنتيجة البدء بزج الفلسطينيين في المحاولات الأمريكية الإسرائيلية الجارية على قدمٍ وساق لإشعال نار الفتنة اللبنانية الداخلية، ليدفع اللاجئون الفلسطينيون الأبرياء في مخيم نهر البارد الثمن، بذات الطريقة التي يجري فيها ذبح اللاجئين الفلسطينيين في العراق على يدِ الميلشيات المذهبية التي تمارس عملية تطهير عرقي مذهبي وطائفي مبرمجة، طالت مِن بين ما طالت الأبرياء مِن اللاجئين الفلسطينين الذين لا يجدون مكاناً آمناً يفرون إليه.
كان الدكتور عزمي بشارة قدم مساهمة في التمييز بين نوعين من أنواع الاستبداد، وهما التعسف والطغيان. فالتعسف هو الإجراء المخالف للقانون المعمول به، أما الطغيان فهو الإجراء الظالم المتوافق مع القانون المعمول به، كما هو الحال مع القانون الإسرائيلي المعمول به، وما يوقعه من طغيان على الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر.

الاستبداد اخطر تشويه يواجه البشر، والعدالة هي أساس إزدهارهم "كأفراد وكمواطنين". والفلسطينيون، ورغم مرور ستين عاماً على نكبتهم، فإنهم، وعلاوة على ما تعرضوا له مِن إستبداد وطغيان على يد مَن إقتلعهم وإغتصب حقوقهم بعد أن إبتلع أرضهم ، ما زالوا يتعرّضون لانتهاك حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية من قبل سلطات الأقطار العربية الشقيقة بحجّة حماية حقوقهم الوطنية، أي بحجة الحيلولة دون ذوبانهم واندماجهم في تلك المجتمعات : في بلد يمنعونهم من العمل رغم إقامتهم هناك منذ نكبتهم، أي منذ ستين عاما. وفي بلد ثانٍ يمنعونهم من الدخول رغم انهم يحملون جوازات سفر ذلك البلد المكتوب على صفحتها الأولى أن السلطة الرسمية ترجو من جميع مَن لهم علاقة بهذا الشان أن يسمحوا لحامل هذا الجواز بحرية المرور من غير تأخير أوإعاقة، وأن يبذلوا له كل مساعدة أو حماية قد يحتاج إليهما. وفي بلد ثالث يصدر لهم وثائق سفر مكتوب عليها لا يسمح لحاملها أن يدخل البلد دون إذن مسبق. وفي بلد رابع يفتح أبواب برّه وبحره وسمائه لكلّ العرب باستثناء الفلسطينيين حتى لو حملوا جوازات سفر عربية.
وقد شبّه الكاتب عبد الفتاح القلقيلي في دراسة قدمها لندوة عقدت في العاصمة الأردنية عمان حول حقوق الإنسان عام 2005، تصرّفَ الدول العربية بحرمانها الفلسطينيين من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لصالح حقوقهم الوطنية ب"دواء المُغربي". والمُغربي وفق الحكاية الشعبية الفلسطينية هو كل مَن يأتي مِن غرب الصحراء، وليس بالضرورة أن يكون من المغرب العربي المعروف. وتتلخّص الحكاية بأن مُغربيا تاه في الصحراء، وكاد أن يموت عطشا لولا أن التقطه أعرابي فاسعفه وانقذ حياته واكرم مثواه. واحتار المُغربي في ردّ الجميل، وكيف يكافئ الأعرابي على صنيعه، وهو(أي المُغربي)لا يملك شيئا!!
وكاد المُغربي أن ييأس لولا أن لاحت له فكرة ذات يوم، والأعرابي صائما يصلي صلاة العصر. فقام المُغربي وإستلّ سيفه وقطع رأس الأعرابي. وزعم المُغربي أن ذلك هو افضل مكافأة للأعرابي حيث انه مقتول ظلما وهو صائم وبين يدي الله في الصلاة، وهو(أي الأعرابي)إلى الجنّة حتما فله عقبى الدار. وسار "جزاء المُغربي" مجرى الأمثال في فلسطين وفي بعض الأقطار العربية الأخرى.
ويضيف القلقيلي: "أرجو من الله أن لا يبقى في قمة الاقطار العربية من يتبنى منطق ذلك المُغربي في تلك الصحراء!!! وإن وُجد فإنني أعلن أنني، وباسم الشعب الفلسطيني وباسمي شخصيا، أحلّه من وعده برد الجميل للفلسطينيين، وأعفيه من حرصه على مصلحة الفلسطينيين الوطنية حتى لا يتستّر وراءها لاكل وهضم حقوق الفلسطينيين الإنسانية".
إن ما يجري للفلسطينيين عشية دخول نكبتهم عامها الستين مِن عمليات قتل وذبح وإغتيال وقصف وتدمير وتجويع وحصار وعزل في الضفة وغزة والعراق ولبنان، علاوة على الهجمة الشرسة التي يتعرض لها فلسطينيو عام 1948، يذكِّر المرء ببيتٍ شعري للكاتب والشاعر الفلسطيني وليد سيف، حيث قال: "لقد وزَّعتُ على كل العالم جسدي، وإجْتَمَعَتْ في جسدي كل شظايا الأرض". والحال يغدو السؤال: ما العمل؟!!!
بعد بداهة ضرورة أن يطوي الفلسطينيون مرة وإلى الأبد صفحة اقتتالهم الداخلي الفضيحة التي أوقعوا أنفسهم فيها، فإن مِن شأن وضع استراتيجية سياسية ونضالية فلسطينية واحدة موحدة تقاد من مركز قيادي واحد، أن تسهم إلغاء التربة التي تنبت مثل هذه الحركات التكفيرية الجاهلة، بل الأشواك والأعشاب الضارة في حقل النضال الوطني. أما اللعبة الدموية الداخلية، علاوة على حالة الفوضى والفلتان الشاملة، فإنها تطلق الحبل على الغارب لتنامي مثل هذه التقليعات التي لا تخدم النضال الوطني، ولا أهدافه في العودة والحرية والاستقلال، بل تقود إلى تشويهه وحرفه عن مساره المفترض والطبيعي. وهذا ما يفرض الإسراع اليوم قبل غدٍ في إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، بما يعيدها إلى كونها مركز قيادي سياسي تنظيمي نضالي موحد، وبما يوفر شرطاً وطنيا لتجاوز حالة التيه وفقدان البوصلة الراهنة، التي أصبحت المؤسسة الوطنية الفلسطينية معها مجرد وعاء يحتوي كيانات منفصلة ما أن تتوافق بهشاشة حتى تعود للانفراط مِن جديد عند أول خلاف، بما يعطي الفرصة لكل الطامعين (وما أكثرهم) العبث في البيت الداخلي الفلسطيني وتشتيت الطاقة الوطنية في اتجاهات غير اتجاهها المطلوب، لا بل ويعطيهم فرصة النجاح في محاولاتهم خلق وتغذية الأجندات المتعددة في أوساط التجمعات الفلسطينية المشتتة.
إن الوضعية الراهنة للفلسطينيين ونضالهم الوطني، وبكل ما يجري لهم مِن عزل وحصار وقتل وتدمير وتجويع، تنذر بمخاطر جدية وحقيقية على المشروع الوطني برمته، وتضعه على مفترقات طرق صعبة، الأمر الذي يضع القيادات الوطنية والحزبية الفلسطينية في الوطن والشتات أمام استحقاقات كثيرة وكبيرة، لا خيار لها معها إلا خيار الاستجابة لمتطلباتها، وفي زمن قياسي، فدون ذلك يبقى المشروع الوطني عرضة لكل ألوان العبث والتدخل الخارجي مِن كل طراز، ما يفرض ضرورة الإستجابة لمجمل الظروف المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بالنضال الوطني الفلسطيني في المرحلة التاريخية الراهنة. وإلا سيبقى سؤال: لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!! دون إجابة، ودون تصدٍ وطني فلسطيني واعي متلاحم وشامل.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة لإستعادة الوعي
- الحكم أم الوطن؟
- رهان النسيان والذاكرة الجمعية
- الطغيان الأمريكي....مصاعب وإنتكاسات
- أين فينوغراد العرب؟!!!
- إتجاه الإنفجار المرتقب
- القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد
- تقتحم القلعة من داخلها
- حتى لو لم أكن فلسطينيا
- الاتفعيل بالتعديل
- رأفة بالأسرى وعائلاتهم
- الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر
- ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- الأمن بين السياسة والجغرافيا
- واشنطن تعلم ما لا نعلم!!!
- التفعيل بالتعديل
- أزمة فكر ونظام
- مكر التاريخ أشد مِن مكر رايس
- لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!
- التجويف آلية للإجهاض


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!