أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد















المزيد.....

القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1901 - 2007 / 4 / 30 - 11:15
المحور: القضية الفلسطينية
    


الفشل، وذلك حتى لا يقال الهزيمة العسكرية، كان حُكم تقرير لجنة التحقيق (فينوغراد) غير النهائي على العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، هذا ما أشارت إليه التسريبات الأولية عن التقرير وفقا للمصادر الصحافية الإسرائيلية، التي قالت أن التقرير أكد فشل العدوان، وأنه وزَّع مسؤولية سوء إدارة الحرب (بتفاوت) على الثلاثي أولمرت وبيرتس وحالوتس، ففي حين أشار التقرير إلى أن (حالوتس) تفرَّد وفرضَ رأيه على القيادتين العسكرية والسياسية، ولم يضع خططا بديلة لمجريات الحرب وتطوراتها، فإن (أولمرت) كان متسرعا في قراراته وإنقاد بصورة عمياء لرأي القيادة العسكرية، ولم يمارس دوره كمقرِّر أول في الحرب، وأن (بيرتس) عديم الخبرة العسكرية لم يعوض ذلك بتوسيع التشاور مع ذوي الخبرة في هذا المجال.
بمعزل عن أن التقرير لم يذهب إلى ما هو أبعد في تفسير الفشل، وذلك بسبب التملص الواعي مِن الإقرار بحقيقة أن الحلول السياسية هي البديل الذي لا غنى عنه في نهاية المطاف، وبسبب الإصرار الواعي على تثبيت خرافة أن "الجيش الإسرائيلي لا يُهزم" كقاعدة وأن فشله إستثناء، فإن تحميل (حالوتس) للقسط الأكبر مِن المسؤولية، لا ينطوي على نظرية كبش الفداء فقط، بل يكشف أيضا، وإن بطريقة غير مباشرة، عن فشل طريقة القتال الحديثة التي إعتمدها الجيش الإسرائيلي في العدوان على لبنان، وهي الطريقة التي تركز على إستخدام سلاح الجو والمدفعية بعيدة المدى، ولم يضعها (حالوتس) بمفرده، وإن كان أحد أهم المقتنعين بها والمدافعين عنها، خاصة وأنه أول قادمٍ لرئاسة الأركان مِن سلاح الجو.
في السياق، يلفت الإنتباه ما ورد في دراسة أصدرها معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وجاءت تحت اسم "النار عن بُعد، المناورة والحسم بالمواجهة"، وهي الدراسة (عدد رقم 89) للمعهد، وأعدها (رون طيرة)، وهو طيار حربي وقائد كبير بالإستخبارات والعمليات الخاصة سابقا، ويخدم اليوم (ضمن الإحتياط) في وحدة التخطيط الحربي في سلاح الجو الإسرائيلي. فقد أشارت الدراسة إلى أن الفشل في إدارة العدوان على لبنان، كشف عن فشل أعمق لطريقة قتال جديدة إعتمدتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وأظهر هذا الفشل بدوره نقاط ضعف ومخاطر تلك الطريقة التي إستلهمت وطورت طريقة قتال معتمدة في الجيش الأمريكي. ورأت الدراسة أنه كان مِن حسن حظ الإسرائيليين الكشف عن ذلك في حرب ضد المقاومة اللبنانية وليس في حرب إقليمية أوسع، وأن ذلك لو حصل لكان بمثابة كارثة أكبر بما لا يقاس مع ما جرى في لبنان. وتشير الدراسة إلى أن تلك الطريقة القتالية الجديدة تقوم على أساس إحداث الصدمة والترويع برمي كميات هائلة مِن النار المُصَوَّبة "عن بُعد"، والمراهنة على دور الضغوط المتسببة بالتداعيات وصولاً للإستسلام السريع دون الحاجة للإجتياح البري الذي ينطوي على خسائر بشرية باهظة. وتضيف الدراسة أن تلك الطريقة القتالية تستند إلى ضرورة الإستفادة مِن آخر صرعات تطور التكنولوجيا الألكترونية، وذلك خلافا للتركيز على القوى الميدانية في الحروب التقليدية القائمة على التوغل واحتلال الأرض. وتستخلص الدراسة أن إستخدام تلك الطريقة القتالية الجديدة أفقد الجيش الإسرائيلي عناصر المفاجأة والحيلة وفعالية تناغم مختلف الوسائل القتالية، وأن الطريقة التقليدية وتطويرها هي الطريقة الأنسب للجيش الإسرائيلي ضمن إمكاناته ومحددات واقعه بالمعنى الشامل للكلمة. وأن القيادة العسكرية الإسرائيلية في إعتمادها القتال "عن بُعد" مِن دون بدائل في العدوان على لبنان، لم تراع أن لنجاح تلك الطريقة إشتراطات معينة، يقع في مقدمتها توفر مبنى معين للعدو وبنك أهداف مرصودة بدقة، وأن هذا ما لم يكن متوفرا في حالة العدوان على المقاومة اللبنانية.
ما غاب عن تقرير لجنة (فينوغراد)، وما لم تستخلصه دراسة (رون طيرة)، بل وما لم نلحظه في كل ما سمعنا وقرأنا مِن تحليلات إسرائيلية حول فشل العدوان على لبنان، هو أن طريقة "عن بُعد" هذه، هي ليست مجرد طريقة جديدة للقتال فقط، بل هي إنعكاس لرؤية سياسية جديدة للاحتلال أملتها أوجاع المجتمع الإسرائيلي وعدم قدرته على تحمل الخسائر البشرية الباهظة. وأن إسترتيجية رابين-بيرس بإخراج الجيش الإسرائيلي مِن وسط "عش الدبابير في جباليا ونابلس القديمة" كما قال رابين في غمرة المواجهة مع الإنتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، أي إخراج الجيش الإسرائيلي مِن وسط التجمعات الكبيرة للفلسطينيين (دون إنهاء الاحتلال) مثلت بداية الترجمة العملية لهذه الرؤية السياسية الإسرائيلية الجديدة. وأن خطوة شارون بفك الإرتباط مع غزة أحاديا (دون إنهاء الاحتلال أيضا) هي خطوة أخرى في ذات الرؤية السياسة الجديدة، وكذا حال خطوة بناء جدار الفصل العنصري، وفي ذات الإطار تقع خطة "الإنطواء" التي لم يتم التخلي عنها بقدر ما أنها " لم تعد أولوية" بكلمات أولمرت بعد الفشل العسكري للعدوان على لبنان.
وأكثر مِن ذلك، فإن طريقة "عن بُعد" بشقيها العسكري والسياسي، وبقدر ما تعكس إصرارا على التمسك بنهج شن الحروب، ورفض الإنصياع لضرورة اللجوء إلى الحل السياسي القاضي بإنهاء الاحتلال، فإنها تعكس عقلية أيدولوجية عنصرية لا يهمها سوى تقليل الخسائر البشرية في أوساط "بني جلدتها"، أما الخسائر البشرية "للأغيار" فلا ضرر مِن زيادتها عبر "كيِّ وعيهم" بالوسائل التكنولوجية المتطورة "عن بُعد" سياسيا وعسكريا، وذلك أملا في إقرارهم بشرعية الاحتلال والإستسلام له.
إن هرب القيادة الإسرائيلية مِن خيار الحل السياسي كحل وحيد لأوجاع مواطنيها مِن الحروب، والتحايل على هذا الحل الضرورة باللجوء لصرعة القصف العسكري والسياسي "عن بُعد"، لن يحل هذه الأوجاع التي جاءت صرعة "عن بُعد" لتخفيفها، ولن ينجي هذه القيادة مِن ضرورةً الإجابة على السؤال السياسي الكبير: وماذا بعد ثبوت فشل الخيار العسكري بصرعاته المختلفة عن جني استسلام "الأغيار" المحتلة أرضهم والمهضومة حقوقهم؟!!!. وماذا بعد ثبوت أن هذا الاستسلام لم يأتِ رغم عقودٍ مِن الصراع، ولا أظنه سيأتي مهما طال هذا الصراع وإشتد؟!!!.
أذكر أنني طرحت هذا السؤال على ضابط تحقيق ذو رتبة عالية في جهاز (الشاباك) الإسرائيلي خلال إحدى جلسات تحقيق قاسٍ. يومها، وبعد أن هزأ مِن شعبنا وقدرته على الثبات، وفي إطار رده على تفاخري بصمود شعبنا وعدم استسلامه رغم هول معاناته وجسامة تضحياته على مدار عقود، قال لي: ولكن عليك أن تعي دلالة أنكم لم تعودوا مجتمعا فلاحيا يستطيع الصمود في إضراب لمدة ستة شهور، في إشارة إلى إضراب عام 1936. وأضاف: أنتم اليوم مجتمعاً مدينيا أكثر إستقرارا لكم إحتياجات ولديكم ما تخشون عليه. أعطيته الفرصة لقول ما يشاء، وقلت له: صحيح، غير أن هذا لا يشكل سوى قليلا مما لديكم، فأنتم أيضا لم تعودوا مجتمعاً لمجموعة مِن المهاجرين، ولم تعودوا "جيشاً لا يُقهَر" و"مجتمعاً لا يُكسَر"، بل مجتمعا بمدنٍ مستقرة، هيهات منها استقرار ما لدينا مِن أشباه مدنٍ لا تتوانون عن تدميرها وحجز تطورها بقوة الحراب وإجراءات احتلالكم الغاشمة. وأضفت: أم أنك لا تعي دلالة حقيقة أن نسبة مجندي مدينة تل أبيب في جيشكم هي الأقل، وأن النسبة الأعلى منهم تختار الخدمة في المجالات الإدارية للجيش، وأن نسبة أؤلئك الذين يتهربون مِن الخدمة العسكرية لدواعٍ نفسية وخلافها هي مِن مجندي مدينة تل أبيب ومنطقة الوسط المستقرة عموماً؟!!!. قال: ما الذي تريد قوله؟!!!. قلت: لا خيار لكم غير الخيار السياسي الذي ينهي الاحتلال، ويكف عن عقلية الإستعلاء على "الأغيار" العنصرية، والإقلاع عن ثقافة "تفوق عرقكم" الخرافية، ومغادرة عقلية الظن بأن قوة الحراب بلا حدود. رمقني شزرا وعاد لممارسة جوهر مهنته كمحقق.....



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقتحم القلعة من داخلها
- حتى لو لم أكن فلسطينيا
- الاتفعيل بالتعديل
- رأفة بالأسرى وعائلاتهم
- الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر
- ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- الأمن بين السياسة والجغرافيا
- واشنطن تعلم ما لا نعلم!!!
- التفعيل بالتعديل
- أزمة فكر ونظام
- مكر التاريخ أشد مِن مكر رايس
- لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!
- التجويف آلية للإجهاض
- أقمة نوم أم يقظة؟
- يتربصون بغزة
- التجويف كآلية للإجهاض
- ويبقى سؤال ما العمل قائما
- إسرائيل حبلى بحرب!!!
- هامش استقلال ضمن الرؤية
- بن غوريون يخاطب القمة العربية!!!


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد