أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - تقتحم القلعة من داخلها















المزيد.....

تقتحم القلعة من داخلها


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1897 - 2007 / 4 / 26 - 11:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


"تقتحم القلعة مِن داخلها"
مِن نافلة القول تأكيد أن الواقع الفلسطيني يعاني أزمة عميقة، تعصف بجميع مكوناته ومستوياته، وتحتاج معالجتها إلى إدراك الحركة السياسية الفلسطينية بشقيها الرسمي والشعبي، للتحولات العميقة التي عصفت بالوضع الفلسطيني على مدار السنوات الست الماضية، وخلال العام المنصرم تحديدا. وهي التحولات الناجمة عن عاملين: خارجي أساساً وداخلي أيضا، دون إغفال ما بين العاملين مِن ترابط.
إن عدم إدراك مغزى هذه التحولات وإستخلاص المطلوب تجاهها، على صعيد البرنامج والممارسة، سيفضي، بمعزل عن النوايا، إلى المراوحة في المكان، وتحوّل الأزمة إلى حالة مستعصية يصعب التنبؤ بنتائجها بالمعنيين السياسي والاجتماعي.
شكل "اتفاق مكة" وتشكيل الحكومة الحادية عشر للسلطة الفلسطينية، بارقة أمل للنهوض الوطني على الصعيد الداخلي على الأقل، لأن التحدي الخارجي لم يكن، ولن يكون مرهونا بالإرادة الوطنية ورغباتها فقط، ولن يكون النجاح فيه إلا صعبا ومريراً ومتدرجاً، غير أن الإنطباعات الأولية حول تطبيق هذا الاتفاق على الصعيد الداخلي لا تبعث على التفاؤل، ولا تشجع على القول أن الأمور تسير بالإتجاه الصحيح. ويمكن التأشير على ذلك بِ:
أولاً: استمرار حالة الفوضى والفلتان الأمني، وفي قطاع غزة تحديداً، بل وإتخاذها مظاهر جديدة، هي، وإن كانت دون مخاطر الاقتتال الداخلي بالمعنى الفصائلي، إلا أنها تشي بدلالات جد خطرة، وتنذر بمستقبل مرعب إذا لم يتم تداركها ووأدها. ففضلا عن استمرار عمليات القتل والإختطاف التي يختلط فيها العائلي بالحزبي، فإن عمليات التعرض لمقاهي الإنترنت والمكتبات والمدارس والمؤسسات الثقافية والتراثية، تشير إلى أن تفكيراً تكفيرياً آخذاً في التبلور في صيغ منظمة مسلحة، يشير إلى ذلك طبيعة المؤسسات المستهدفة، علاوة على ما أشيع عن إشتراط خاطفي الصحافي البريطاني جونستون إطلاق سراحه بالإفراج عن بعض عناصر تنظيم القاعدة في بريطانيا. ولا يقلل خطر هذه الظاهرة بالنتيجة إحتمال أن تكون الجهات التي تقف خلفها "مُفبركة" ويجري تشغيلها تحت هذا المسمى على يد أجهزة الأمن الإسرائيلية، وهو إحتمال وارد ويجب عدم استبعاده على أية حال، أو أنها جهات تتوالد فعلا داخل النسيج السياسي والاجتماعي الفلسطيني الداخلي، ووجدت فيما جرى مِن اقتتال داخلي وفوضى عارمة تربة خصبة للتفريخ والولادة، وهذا إحتمال وارد أيضا، ووارد كذلك إحتمال تشابك العاملين وتلاقيهما بوعي أو بجهالة في توليد هذه الظاهرة الجهنمية والكارثية بكل المعاني. واستطرادا، فإن تقديم وزير الداخلية للإستقالة، وبغض النظر عن مآلها، يشير إلى أن معالجة الملف الأمني لا تسير في الإتجاه الصحيح، وأن البون شاسع هنا بين التخطيط على الورق وبين ما يجري على الأرض مِن قلة تعاون الأطراف المختلفة مع وزير الداخلية، وتوفير سبل نجاح مهمته الشاقة. وهو الأمر الذي يشي باستمرار تعقيد تداخل عمل الأجهزة الأمنية مع المليشيات الفصائلية.
ثانياً: استمرار عدم انتظام جلسات المجلس التشريعي، الذي لم يلتئم بسبب عدم إكتمال النصاب سوى مرتين الأولى للتصويت على الثقة بالحكومة، والثانية بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني. ولم ينعقد لمرتين في جلسة عادية هي الجلسة التاسعة التي تم تأجيلها ولعدة مرات منذ آب العام الماضي. وهذا أيضا أمر جد مزعج، ولا يبشر بخير، لأنه يشي بتعطيل مبيت لدور هذه المؤسسة التشريعي والرقابي على السلطة التنفيذية وأجهزتها، ويعكس إستخفافا بالصوت الإنتخابي وثقته. ولا يبرر تغييب دور هذه المؤسسة خشية نواب هذا الفريق السياسي أو ذاك أن يأتي تصويت المجلس على غير هواهم. إن استمرار هذا الحال سيقود إلى رهن إرادة المجلس بإجراءات الاحتلال بغض النظر عن النوايا الطيبة أو الفئوية بدقة أكثر، بل إن مِن شأن ذلك أن يشجع الاحتلال على ممارسة المزيد مِن الإجراءات ضد النواب ما دامت تفعل فعلها في شلِّ هذه المؤسسة التي يجب عدم السماح بإخضاعها إلا للإرادة الفلسطينية. أما سفر النواب كتفسير لعدم إكتمال النصاب في كل مرة، فعذر أقبح مِن ذنب، فولع النواب بالسفر حد أن يسافر أكثر مِن ثلثهم في نفس الوقت (آذار مثلا)، وإضافة إلى تكاليفه المالية فيما خزينة السلطة "أفقر مِن فأر الكنيسة"، فإنه يُغفل أن دور النواب الأساسي هو معالجة الوضع الداخلي، وأنه يكفي للتعامل مع الموضوع الخارجي ما تقوم به المؤسسات التنفيذية، ولا نظن أن سفر النواب أضاف شيئا جوهريا على حصاد مؤسسة الرئاسة ووزراء الحكومة المعنيين بالملف الخارجي وتحدياته.
ثالثا: استمرار التسابق الفئوي على إثقال موازنة السلطة بتوظيفات حزبية إضافية تتجاهل أن البطالة ناهزت 50% والفقر 64% والمديونية 1.2 مليار$، وأن السياسة المالية للسلطة التي كانت تخصص 74% للإنفاق الجاري بين 1995-2000، تخصص اليوم 87-90%، بما يترك الهوامش للإنفاق التطويري، ويجعل الحديث عن خطة تنموية لبناء اقتصاد إنتاجي استثماري بتدرج، حديثا بلا رصيد، ناهيك عن ما يفضي إليه كل ذلك مِن عودة القطاعات المختلفة إلى الإضراب عن العمل كما كان عليه الحال قبل شهور.
رابعاً: استمرار التباطؤ وعدم التوصل إلى تكتيك وطني موحد ومجمع عليه، (بصرف النظر عن وجهته)، لكيفية التعامل مع إحتمال تصعيد الإعتداءات الإسرائيلية إلى عملية عسكرية واسعة، وهو إحتمال وارد في غزة بالتحديد، وما يجري مِن جرائم حرب في شمال الضفة وغزة يرجح وقوعه بمعزل عن سؤال متى؟؟؟ وكيف بالضبط؟؟؟. والأكثر غرابة أن لا يقود التصعيد العسكري الإسرائيلي وإحتمالات توسيعه إلى وقف المسلسل العبثي لمظاهر الفوضى والفلتان الأمني، الأمر الذي يشير إلى أن الأزمة "أسخم" مما يتخيلها أكثر المحللين والمراقبين تفاؤلاً.
خامساً: استمرار حالة المراوحة في المكان على صعيد الملف الأهم، أي ملف منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة تفعيلها وتطويرها وضم مَن لا يزال خارجها إليها. ومعلوم أن عدم التقدم في هذا الملف يعكس نفسه على ما سبق ذكره مِن ملفات.
ليست حكمة فقط القول: "تقتحم القلاع مِن داخلها"، بل هي حقيقة، ما يؤكد أنه دون تقدم حقيقي في معالجة سبب الأزمة الداخلي، سيبقى نصل الطاقة الوطنية مثلوماً في مواجهة التحديات الخارجية، وما أكثرها وأضخمها، بل ويعطيها فرصة ذهبية للّعبِ على أوتار الوضع الداخلي المتعب والمنقسم.
قد يقول كل طرف، خاصة طرفي الاستقطاب الكبيرين "فتح" و"حماس"، أن الطرف الآخر هو مَن يتحمل المسؤولية عن عدم الإقلاع والمراوحة في المكان، غير أن هذا المنطق لا يفيد، ولا يضيف سوى إعادتنا إلى منطق "التقديس المطلق للذات" و"الأبلسة المطلقة للآخر"، وهو المنطق الذي لم أرَ فيه سابقا، ولن أرى فيه اليوم أو لاحقا إلا واحداً مِن الأسباب الداخلية للأزمة واستمرارها، لأنه منطق تجريدي لا يرى صاحبه غير ما في عين الآخر مِن قشة، ويتغاضى عن رؤية ما في عينه هو مِن عمودٍ (ربما).
بطبيعة الحال، فإن لكل طرف الحق في صياغة خطابه وممارسته بالطريقة التي يراها، لكن ما لا يجوز تجاهله وطنيا، هو أن مصاعب فك الحصار الظالم، وتحفز الدبابات الإسرائيلية في شمال غزة وبطشها في شمال الضفة، تفرض على الجميع مغادرة إجترار الذات واستمراء فئويتها، وهذا ما لا يمكن له أن يكون إلا بكفِّ أطراف بعينها عن إستخدام ما تم الاتفاق عليه في مكة في المناورات الداخلية المعيقة لتصليب الشرط الوطني الداخلي، ومغادرة عقلية التربص الخفي في التعامل مع هذا الاتفاق، وعلى الجميع أن يقتنع أكثر أنه يكفي كاهل شعبنا أثقال تربص الإدارة الأمريكية الذي يعطي الدبابات والطائرات الإسرائيلية فرصتها لتوسيع نطاق تربصها بالمناطق الفلسطينية عموماً، وبغزة خصوصاً.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لو لم أكن فلسطينيا
- الاتفعيل بالتعديل
- رأفة بالأسرى وعائلاتهم
- الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر
- ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- الأمن بين السياسة والجغرافيا
- واشنطن تعلم ما لا نعلم!!!
- التفعيل بالتعديل
- أزمة فكر ونظام
- مكر التاريخ أشد مِن مكر رايس
- لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!
- التجويف آلية للإجهاض
- أقمة نوم أم يقظة؟
- يتربصون بغزة
- التجويف كآلية للإجهاض
- ويبقى سؤال ما العمل قائما
- إسرائيل حبلى بحرب!!!
- هامش استقلال ضمن الرؤية
- بن غوريون يخاطب القمة العربية!!!
- مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - تقتحم القلعة من داخلها