أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها















المزيد.....

مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1841 - 2007 / 3 / 1 - 12:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


درج المثقفون والكتاب الفلسطينيون كغيرهم مِن المثقفين والكتاب عموما على الكتابة عن الأزمات: أزمة اليمين، أزمة اليسار، أزمة المقاومة، أزمة........والأزمة هي الشدة والضيق، وإذا كانت هناك إمكانية لحلها يبحث الناس لها عن حلول، وأما إذا لم يرَ الناس حلولا لها يلجأ المختصون لإدارتها. ومِن هنا ظهر منهج يسمَّى "إدارة الأزمات". وإذا لم يكن للأزمة آفاق حل تسمَّى مأزقاً. وأبلغ صورة للمأزق هو ما يُطلق عليه "الدوائر الشيطانية" أو "الحلقات المفرغة" التي يفضي بعضها إلى بعض، حيث تنتج الأزمة ذاتها.
في السياق، عاشت الساحة الفلسطينية عامَ أزمةٍ لم تعهدها مِن قبل: أزمة سياسية اقتصادية أمنية أخلاقية، أي أزمة اجتماعية بكل أبعادها. ونظراً إلى ما أصاب الوعي الوطني الفلسطيني وممارساته على الأرض مِن اعوجاج، تجلى بطغيان التناقض الثانوي (الداخلي) على التناقض الرئيسي (مع الاحتلال)، وصولا إلى درجة الاقتتال الداخلي، فإن البعض، وكما تاه برؤية أن خلاف واختلاف الأطراف الفلسطينية كان السبب الجوهري للأزمة، وليس مظهرا مِن مظاهرها، وتجليا مِن تجلياتها، وواحدا مِن أقسى تعبيراتها في مرحلة تَسَيُّدِ السياسة الأمريكية كقطبٍ أوحد في السياسة والعلاقات الدولية، وفي مرحلة انحياز هذه السياسة (الأمريكية) حَدَّ التطابق مع السياسة والمخططات الإسرائيلية، والدعم "على بياض" لرؤيتها ومواقفها الأمنية لتسوية الصراع، فإن هذا البعض يتوه مرة أخرى أيضا، إن هو ظنَّ أن مجرد بدايات رص الوطني باتفاق مكة يعني حلاً قريبا وسريعا للأزمة الفلسطينية مع الاحتلال، وليس مجرد تجاوز لواحدٍ مِن مظاهرها في مرحلة مجافية قوميا وإقليميا ودولياً.
وأظن، وليس كل الظن إثما، أن الأساس النظري الذي استندت إليه الاشتباكات الداخلية، بترجيح التناقض الثانوي الداخلي على التناقض الرئيسي الخارجي مع الاحتلال، والتوهم بأن ذلك يمكن أن يشكل حلاً للأزمة، سيكون هو ذات الأساس النظري للتفاهمات الفلسطينية الفلسطينية لوقف هذه الإشتباكات، إن تمَّ الاعتقاد أن مجرد العودة إلى جادة صواب أن التناقض الرئيسي مع الاحتلال، سوف يكون أو يشكِّل حلاً قريبا أو سريعا للأزمة. بلى، إنه ذات الأساس الذي يضخم الذاتي على حساب الموضوعي. ففي المرة الأولى (الاشتباك) تضخمت الذات عبر "توهان" اعتبار أن التناقض الرئيسي هو ما بين الأطراف الفلسطينية مِن خلاف واختلاف، إذا حُسِمَ لطرف تَسَهَّل أمر حلِّ الأزمة مع الاحتلال، وفي المرة الثانية (التوصل للتفاهمات) ستتضخم الذات أيضا، إن تمَّ الاعتقاد أن التفاهمات بين الأطراف الفلسطينية، وخاصة الرئيسية منها، قادرة على حسم الأزمة سريعا وقريبا مع الاحتلال.
خلافا لهذا الأساس النظري الذاتي، فإن مِن الضروري رؤية أنه، وبرغم ما نتلمسه (مع فرح شعبنا) مِن بدايات مُبَشِّرة لتصحيح اعوجاج الوعي الوطني، وإعادته إلى جادة صواب الممارسة الوطنية السليمة، أي إلى بدايات إعادة وضع العربة الفلسطينية على سكة أن الاحتلال هو الداء الأساس، وعلى الأهمية الفائقة لتلك البدايات، فإنها (البدايات)، وحتى في حال بلوغها أقصى مدياتها، لا تعني بحال مِن الأحوال، ولا تدعونا، ولا يجب أن تدعو أحداً إلى القول، أو تحمله على الاعتقاد أن حل الأزمة الفلسطينية مع الاحتلال قد بات قاب قوسين أو أدنى، أو أنه أصبح على مرمى حجر، بقدر ما تعني أن الاشتباك مع طرف التناقض الرئيسي (الاحتلال) قد عاد إلى ما كان يجب أن يكون عليه أصلا، ما يستلزم ضرورة دفع هذه البدايات، ومِن الأطراف كافة، وكل مِن موقعه ووزنه، قدما إلى الأمام، إنما في سياق أساس نظري يعي أن مشوار حل الأزمة الفلسطينية مع الاحتلال، ما زال طويلا وشائكا كما كان تماما قبل الدخول في الشق الداخلي مِن الأزمة، بل لا نبالغ إن قلنا طويلا وشائكا جدا؛ وذلك لأن هذه البدايات (التفاهمات الداخلية)، وبقدر ما تعتبر ملامحَ للخروج مِن الأزمة الداخلية، فإنها وبالمقدار ذاته تشكل إشارات للعودة إلى ما كان، ولا يزال قائما وموضوعيا مِن مأزق تناقض الكل الوطني مع الاحتلال، في مرحلة مصبوغة مِن ألفها إلى يائها، ومِن رأسها حتى أخمص قدمها بصبغة أمريكية "محافظة جديدة" اختارت منطقة الشرق الأوسط مدخلا أساسيا لتكريس سيطرتها على العالم، وتحقيق طموحاتها الإمبراطورية، ولا نظن أنه بخافٍ على أحد فقدان النظام العربي الرسمي، وهو الحاضن الموضوعي لعاملنا الوطني شئنا ذلك أم أبينا، لمشروع قومي طموح واحد وموحَّد للتعامل مع وحشية حماقات المحافظين وسعيهم لتعزيز سيطرتهم على المنطقة ونهب ثرواتها، وتقوية تفوق إسرائيل على ما عداها مِن قوى ودول المنطقة.
إن الأمر هنا لا يتعلق بالتفاؤل والتشاؤم وما بينهما مِن "تشاؤل"، بقدر ما يتعلق بمدى دقة تشخيص صيرورة وسيرورة معطيات واقع الأزمة مع الاحتلال كما هي، وليس كما تصورها لنا ذاتنا، كما يتعلق بمدى استلهام، والقبض على دروس تاريخ هذه الأزمة تقول:
"إذا رأيت نيوب الليث بارزة، فلا تظنَّن أن الليث يبتسم"، وفي الحال الفلسطيني مع السياسة الأمريكية، فإن ما عادت تبديه "نيوب" مواقف سياسة "المحافظين الجدد" من اهتمام بالصراع العربي الإسرائيلي عموما، وبالقضية الفلسطينية تحديدا، لا يأتي مِن قبيل صحوة ضمير غافلٍ عن كارثية معنى الدعم المطلق لسياسة "الحل مِن طرف واحد" الإسرائيلية، بل يأتي في إطار تخفيف حدة غرز هذه "النيوب" في الجسد الفلسطيني بهدف تهدئة أوجاعه قليلا كخطوة ضرورية لاحتواء وتجاوز ما تعانيه السياسة الأمريكية الإسرائيلية مِن مصاعب، وكساترٍ لا بد منه لما يتم التجهيز له مِن مزيد الغرز لهذه "الأنياب" في جسد المنطقة عموما. التجهيز الذي يشي به غير مظهر ومظهر، بدءا بحشد الأساطيل في الخليج، مرورا بالزيارات المكوكية لأساطين الدبلوماسية الأمريكية للمنطقة ومحاولات تمتين تحالفاتها، وانتهاء بفلتات ألسن الساسة الأمريكيين والإسرائيليين حول عدم استبعاد الخيار العسكري مع إيران، كان آخرها ما قاله ديك تشيني مِن أن الخيار العسكري ليس خياراً مستبعدا، بقدر ما هو ليس الخيار الأول؛ هذا عدا ما عكسه الاستخلاص الأساسي الذي صدر عن التقييم الأمني الإسرائيلي السنوي يقول: إن المحيط الأمني الإستراتيجي لإسرائيل بات أقل استقرارا، وأن هناك تبلورا أكثر لاتجاه اعتدالٍ عربي برغماتي يخشى الخطر الإيراني. وللفالح أن يقرأ ما بين سطور هكذا استخلاص مُعلن مِن دلالات كبيرة، أما المستور خلف هذا الاستخلاص، فلا نظن إلا أنه أخطر وأشد وأكثر صراحة ووضوحا، ويشير إلى الآليات العملية العدوانية الواجب الإقدام عليها لجعل المحيط الأمني الإستراتيجي لإسرائيل أكثر استقرارا. والسؤال: مِن خبرة تاريخ الصراع مع الإسرائيليين، هل لجأ قادتهم يوما لحل ما أنتج احتلالهم لهم قبل غيرهم مِن مآزق مستعصية بالتوجه لحل التسويات السياسية؟!!! أم أنهم كانوا، وما زالوا على خيار "تفادي الحرب بحرب"، وإدارة الأزمات بدلا مِن حلها سائرين؟!!! أليس هذا ما كان أرساه بن غوريون، وأنتج ما أنتج مِن حروبٍ وإدارة للأزمات حتى الآن؟!!! ويبدو أن الحديث الأمني عن "عدم الاستقرار" بالمعنى الإستراتيجي يبقي حبل هذا الخيار على الجرار الإسرائيلي.
عليه، صحيح أن ما تمَّ إنجازه مِن تفاهم وطني داخلي هام وحيوي وضروري، ومِن شأن دفعه إلى الأمام، أن يخرج العربة الفلسطينية مِن أزمتها الداخلية، ويعيدها إلى السكة الموضوعية الصحيحة في مواجهة الاحتلال المدعوم بالسياسة الأمريكية المسَيطِرة دوليا، أما الرهان على هذا التفاهم الوطني الداخلي حد الاعتقاد بأنه كافٍ للخروج قريبا وسريعا من المأزق مع الاحتلال فشيء آخر تماما. لذلك، فإن المصلحة الوطنية لا تدعو فقط، بل تقتضي أن لا نكتفي بالتعايش المشترك، بل أيضا بالتخطيط المشترك للصمود في مواجهة العدو المشترك بالإمكانيات المتاحة لكل الأطراف الوطنية.




#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا ترسل ولا تستقبل
- قنينة الماء
- بيع السراب وحرث البحر
- الضربة الرئيسية
- حجران روسيان في المياه الراكدة والدافئة!!!!
- هم السجان ونحن السجين
- أعيدوني إلى السجن
- المُغَّب الحاضر
- ذاكرة حرية تسيل
- -الحرية مِن- وإعاقة التحرر الحالة الفلسطينية نموذج


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها