أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - أقمة نوم أم يقظة؟















المزيد.....

أقمة نوم أم يقظة؟


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1863 - 2007 / 3 / 23 - 11:12
المحور: القضية الفلسطينية
    


بعيدا عن مبالغةٍ تلد تشاؤما محبطا، أو تهوينٍ يلد تفاؤلا ساذجا، فإن ما ينتصب في وجه شعبنا مِن تحديات خارجية وداخلية، ويتعين على تنظيمه السياسي الرسمي والشعبي التصدي لها، هي تحديات كبيرة، ويمثل جوهرها، ويضاعف أثقالها مجافاةُ الظرف الدولي ، واختلال ميزانه السياسي لصالح تل أبيب بفعل هيمنة واشنطن وتسلطها على السياسة والعلاقات والمؤسسات الدولية. هذا الواقع ليس جديداً، ويعيشه شعبنا وحركته الوطنية منذ عقدين تقريبا.
ولعل في رد الفعل الأمريكي الإسرائيلي "المغتاظ" من تجاوز الفلسطينيين لكارثة اقتتال داخلي راهن الأعداء على توسيعه كثيرا، إشارة واضحة إلى طبيعة وحجم الاشتباك السياسي القادم على شعبنا، هذا الاشتباك الذي لن يخلو، بل سيلد بالضرورة لغته العنيفة، أي مواصلة الإعتداءات العسكرية الرامية للتركيع بكل أشكالها وصورها. وبالتالي، فإنه حُلمٌ، ما بعده حلم، الظن بأن الضغط الأمريكي الإسرائيلي سوف يتوقف، أو يقل على الأقل بمجرد توافق الفلسطينيين على برنامج سياسي به حد عالٍ مِن المرونة، فشرط المرونة الفلسطينية لم يكن غائبا يوما، بل كان موجودا وقائما، وبصورة أوضح قبل فوز "حماس" وميلاد الاشتراطات الأمريكية الإسرائيلية المسماة زورا وبهتانا بالاشتراطات الدولية.
إن حملة تل أبيب المسنودة مِن واشنطن ضد الحكومة الفلسطينية الوليدة، ورفض التعامل معها بذريعة عدم تلبيتها لل"الاشتراطات الدولية"، لا تستهدف الضغط على الشريان الفلسطيني الموجوع بالحصار الاقتصادي والعزلة السياسية وآلام الضعضعة الداخلية فقط، بل تستهدف الضغط على الحاضن القومي لهذا الشريان أيضا، ويمثل (الضغط) علامة فارقة لما تريده كلٌ مِن واشنطن وتل أبيب مِن سقف سياسي للقمة العربية المزمعة نهاية الشهر الجاري. ويعكس هذا الضغط المسعور حقيقة أن السياسة الإسرائيلية المدعومة أمريكيا كانت وما زالت في غير وارد الإقدام على إجراء مفاوضات جادة تفضي إلى تسوية سياسية للصراع، اللهم إلا إذا جاءت على مقاس الرؤية الإسرائيلية الهادفة لفرض حلولها الأمنية، ولم تكف عن محاولات فرضها يوماً، سواء عبر سياسة تكريس الحقائق على الأرض دائما، أو مِن خلال اللجوء إلى تفاوض "إدارة الأزمة" أحيانا، إنما مِن منطلق رفض تلبية ولو الحد الأدنى مِن الحقوق الفلسطينية والعربية المغتصبة في كل الأحوال. إنه ذات الضغط الذي تمت ممارسته بالتفاوض على المرحوم الشهيد ياسر عرفات في مفاوضات كامب ديفيد 2000، وهو ذات الضغط الذي رد باجتياح الضفة على مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2002. إنه الضغط الهادف إلى كسب المزيد مِن الوقت لتكريس مفردات خطة "الإنطواء" حقائقا على الأرض، وتفريغ "رؤية" حل الدولتين مِن أي مضمون، بل وإجهاض مقولة الدولة الفلسطينية مِن خلال التعامل معها، والتظاهر بقبولها عبر تجويفها وتجريدها مِن عاصمتها وحدودها وأحواض مياهها ونظافة أرضها في الضفة مِن المستوطنات والمستوطنين. ليس هذا فحسب، بل وعبر إشتراط مبادلة هذا الفتات بتخلي الفلسطينيين، وبموافقة عربية رسمية جامعة عن حق عودة اللاجئين وفقا للقرار الدولي 194، أو دفن هذا الحق عبر إرجائه إلى أجل غير مسمى على الأقل.
تلك هي طبيعة المعركة السياسية المحتدمة هذه الأيام، وذاك هو جوهرها، الأمر الذي يؤكد ثقل الأجندة الفلسطينية التي، وإن شكل فك الحصار الاقتصادي والعزلة السياسية المباشر مِن مفرداتها، ومثَّل ضبط فلتان الوضع الداخلي وترميم وحدته واستنهاضه مدخلها، إلا أن هذا وذاك مِن مفردات هذه الأجندة لا يمكن فصله والتعامل معه، أو تذليله والنجاح الجاد فيه خارج كيفية إدارة مركز القرار العربي الرسمي لمعركة مواجهة صلف السياسة الأمريكية الإسرائيلية، وغطرسة تواصل محاولاتها لتصفية القضية الفلسطينية كجوهر حقيقي للصراع العربي الإسرائيلي.
عليه، فإنه، ومع الثقة التي لم ولن تتزعزع يوماً، في قدرة شعبنا على تجاوز المصاعب، بل والثقة بقدرته على انتزاع الإنجازات التكتيكية المتراكمة في أحلك الظروف وأكثرها مجافاة، إلا أن ما يواجهه الشعب الفلسطيني اليوم مِن تحديات إستراتيجية، هي، وكما كانت دوما فوق طاقته، ولا يجوز التفكير في تذليلها والنجاح فيها خارج اسناد العامل القومي، ولو في حده الأدنى، فالعامل الوطني الفلسطيني، حتى، وإن تم تفعيل جهده وامكانياته إلى أقصى درجة، يبقى دون امكانيات أعدائه الهائلة، خاصة في مرحلة توحش السيطرة الأمريكية وتسلطها على الشعوب المقهورة، وفي مقدمتها شعبنا المبتلى على مدار قرن باحتلال غاشم إبتلع أرضه وإقتلع غالبيته وإغتصب بقوة الحراب حقوقه الوطنية المشروعة في الحرية وتقرير المصير والعودة والاستقلال والسيادة.
إن سالف التأكيد على إستراتيجية وأهمية ومفصلية ومحورية دور العامل القومي في راهن ما تواجهه القضية الفلسطينية مِن تحديات، وإن جاء تأكيداً للمؤكد، وتظهيراً لدروس تاريخ الصراع، فإن هذا وذاك ليس غرضه، بل يستهدف إثارة ما يجب إثارته مِن أسئلة في وجه القمة العربية المزمعة نهاية الشهر الجاري، فالتحدي الأمريكي الإسرائيلي لم يبدأ اليوم، وكان قائما، وعلى ذات المنوال منذ بداية الصراع، بل إن تجلياته هذه الأيام لم تبدأ برفض التعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، ومحاولة فرض المزيد مِن الإملاءات الإبتزازية عليها، بل بدأ بالمطلب الأمريكي الإسرائيلي العلني مِن القمة العربية بتعديل مبادرتها للسلام، وبالتحديد في مطالبة هذه القمة بالتنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقرار الدولي 194، والقبول بما هو دون خطوط الرابع مِن حزيران 1967 حدوداً للدولة الفلسطينية، وإشتراط تغيير معادلة "السلام أولا" كما ورد في مبادرة السلام العربية إلى "التطبيع أولا" كما طالبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني على الأقل.
أجل، إن النجاح الفلسطيني في مواجهة راهن التحدي الأمريكي الإسرائيلي، وإنْ إشترط وحدة الصف الفلسطيني مدخلا، إلا أن إنجازات حقيقية له غير واردة، وغير ممكنة خارج ما يمكن أن يقدمه العامل القومي مِن دعم واسناد، ويتحدد اليوم بما ستسفر عنه القمة العربية القادمة مِن نتائج. بلى، هناك في ردهات القمة العربية القول الفصل، وبيت القصيد في تحديد مسار المعركة الناشبة، وهذا، وإن كان مرهونا بقرار النظام الرسمي العربي، وجدية ارادته (ولا نقول قدرته) على مواجهة الصلف الأمريكي الإسرائيلي، إلا أنه يفرض على الطرف الفلسطيني عدم التردد ولو للحظة واحدة عن ممارسة كل ما هو ممكن مِن وسائل الضغط على هذه القمة، فزعامتها، وليس غيرها مَن "جرَّعنا" نحن الفلسطينيين هوان مواصلة الرهان على ممكنات حيادية الموقف الأمريكي، بل وضغطت (الزعامة العربية) مع غيرها لاعادتنا إلى مربعات ويلاته التي ذقنا مراراتها على مدار عقدين تقريباً.
تلك هي الحقيقة، التي على القمة العربية القادمة مواجهتها، وعلينا كفلسطينيين مواجهة زعامة هذه القمة بها، إذ مَن بمقدوره إنكار أن الشعب الفلسطيني حاول بدمه الذي سال مدرارا التصدي لوحشية مرحلة التسيد الأمريكي منذ ولادته قبل عقدين؟!!! ومَن بمقدوره إنكار حقيقة أن قصور العامل القومي كان سببا أساسيا في تدني حصاد انتفاضتيْ 1987 و2000؟!!! كيف لا؟!!! ألم يغلِ شعبنا خلال هاتين الانتفاضتين حد التبخر، ولكن حصاده السياسي كان أقل بكثير مِن فعله النضالي على الأرض؟!!! بل، مَن بمقدوره إنكار أن هذا ما كان لهذا الشعب المكافح مِن ديدنٍ نضالي متواصل على مدار قرابة قرن مِن الزمان؟!!! ومَن بمقدوره إنكار خذلان هذا الشعب مِن قبل عامله القومي في أكثر مِن محطة نوعية في تاريخ صراعه مع عدو يفوقه عدة وعتادا ودعما سياسيا دوليا؟!!! وهل في ما تشي به مثل هذه التساؤلات مِن دلالات أي قدر مِن التجني؟!!! كلا، بل إن ما تنطوي عليه هذه التساؤلات مِن دلالات يفرض على القمة العربية المزمعة سؤالا:
هل تأتي الرؤوس العربية لقمتها لتواصل النوم أم لتستيقظ؟!!!



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يتربصون بغزة
- التجويف كآلية للإجهاض
- ويبقى سؤال ما العمل قائما
- إسرائيل حبلى بحرب!!!
- هامش استقلال ضمن الرؤية
- بن غوريون يخاطب القمة العربية!!!
- مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها
- أمريكا ترسل ولا تستقبل
- قنينة الماء
- بيع السراب وحرث البحر
- الضربة الرئيسية
- حجران روسيان في المياه الراكدة والدافئة!!!!
- هم السجان ونحن السجين
- أعيدوني إلى السجن
- المُغَّب الحاضر
- ذاكرة حرية تسيل
- -الحرية مِن- وإعاقة التحرر الحالة الفلسطينية نموذج


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - أقمة نوم أم يقظة؟