أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - أين فينوغراد العرب؟!!!















المزيد.....

أين فينوغراد العرب؟!!!


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 07:50
المحور: القضية الفلسطينية
    



بسبب "عدم النجاح" في حرب، هي ليست بوزن الحرب التي لا تقوم لمَن فشل فيها قائمة، أقام الإسرائيليون الدنيا ولم يقعدوها، جيشاً وأحزاباً ومجتمعاً وإعلاماً، وشكلوا لجنة تحقيق، رفعت السواطير على رأس مَن أدار الحربَ بفشلٍ سياسي وعسكري، وأظن أن حرباً تعيد الهيبة وقوة الردع يجري الإعداد لها على قدمٍ وساق، يشي بذلك العديد مِن المؤشرات، لعل طبيعة إدانة الفاشلين في العدوان على لبنان تقع في مقدمة تلك المؤشرات، فإدانة لجنة فينوغراد للثلاثي أولمرت، بيرتس وحالوتس، لم تكن لأنهم مَنْ قرَّرَ شنَّ الحرب، أو لأنهم تسببوا (لا سمح الله) في إراقة جداول مِن دمِ المدنيين اللبنانيين والقليل مِن دم المدنيين الإسرائيليين، بل لأنهم لم يأتوا بالنصر، وهذا بحد ذاته، علاوة على أسباب أخرى، يستدعي وفق العقيدة الإسرائيلية شنَّ حربٍ يرى معظم المراقبين والمحللين أنها قادمة بمعزل عن متى؟ وكيف؟ وأين؟. ولا أظن أن في هذا الإستخلاص أي قدرٍ مِن "التَبَلّي" على سائد العقلية القيادية في إسرائيل، فهذا ما تقوله التحليلات الإسرائيلية نفسها، ويزكيه سياق التجربة العملية للحروب الإسرائيلية. فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في التاريخ التي ما أن تنتهي مِن حربٍ إلا وتبدأ بالإعداد لأخرى، يُحدِّد إخراج خرائطها مِن جوارير مكاتب هيئة الأركان إلى ميدانٍ معينٍ مِن المعارك سؤال: ترى أيّ القوى العربية المحيطة تنامت وتستدعي ضربةً إستباقية في زمان معين، أما توجيه الضربات للفلسطينيين، ففيها قرار إسرائيلي مفتوح ودائم، ولا يجوز إخضاع القيام بها للجدل، اللهم حول ما هو التلفيق الإعلامي الأفضل لتهيئةِ الرأي العام المحلي والعالمي لها، وحول ما هو الساتر السياسي الأنسب لإظهارها كضرورة دفاعية عن الوجود، وأن لا خيار إلا القيام بها.
ما دام هذا هو حال تعامل الإسرائيليين مع (عدم النجاح) في حربٍ لم يصحوا في اليوم التالي لتوقفها، ليجدوا أنفسهم مشتتين لاجئين في أربعة أركان المعمورة كما حصل للفلسطينيين في اليوم التالي لتوقف حرب العام 1948 النكبة، أو "نازحين" في اليوم التالي لتوقف حرب العام 1967 "النكسة"؛ أقول ما دام هذا هو حال تعامل الإسرائيليين مع مجرد عدم النجاح في العدوان على لبنان، يغدو مشروعاً السؤال: ألا يحق للفلسطينيين المطالبة بتشكيل ستين لجنة تحقيق عربية بعد ستين عاماً على النكبة؟!!! وألا يحق لهم أيضا المطالبة بتشكيل أربعين لجنة تحقيق عربية أخرى بعد أربعين عاماً على "النكسة"؟!!!.
ما تقدم مِن سؤال حارق لا أعنيه لإعتقادي أن تحقيقه غير وارد، بل أسوقه كمدخلٍ لسؤال آخر أرومُ طرحه، هو: بعد ستين عاماً على النكبة وأربعين عاماً على "النكسة"، أين كان العرب؟!!! وأين أصبحوا؟!!!
إن نصف قرن ويزيد، بعد موجة إستقلال البلدان العربية مِن قبضة الإستعمار المباشر، بما تخللها مِن نجاحات، لم تثمر في التحليل الأخير عن بناء دولة قومية، مثلما لم تحمِ فلسطين، بل وتعرض العراق للاحتلال المدمِّر، ووصل المشروع القُطري إلى طريقٍٍ مسدودٍ في عدمِ قدرتهِ على بناءِ دولةٍ مستقلةٍ اقتصادياً وديموقراطية.
ودون مقارنة التجربة العربية بالتجربةِ الأوروبيةِ في جانبي التحديثِ والحداثة، إذ حسبي الإشارة إلى المشروع القومي الهندي واللاتيني والصيني، الذي أحرز خطوات نهضوية تنموية بعيدة المدى بعد أن إنتفض على المُحتل الأجنبي، بل وأحرز تحولات اجتماعية لصالح المرأة وضربَ العشائريةَ والطائفيةَ والمذهبيةَ والخرافات الغيبية أيضاً، وحقق مكتسبات هامة لصالح الطبقات الشعبية، ناهيك عن تبلور حركات اجتماعية وصيغ قانونية تكفل حياة ديموقراطية بهذا القدر أو ذاك. كل ذلك بما يفوق التجربة العربية. وتلك مفارقة تستحق التوقف والتأمل والتفسير والتعليل، ولا أعتقد أنه كان يمكن لها (المفارقة) أن تكون لولا أن صَلَبَ المشروعُ الأمريكي المنطقةَ العربيةَ في نظامِ تبعيةٍ قادها إلى وضعيةٍ مُفَوَّتَةٍ تكاد تكون خارج التاريخ مِن ناحية مساهمتها في العلوم والصناعة والسياسة الدولية، إلى درجة أن يقول تقريرٌ للأممِ المتحدةِ إن أفريقيا تتصنع والعرب لا، والأمية تندثر في جنوب آسيا فيما هي 40% لدى العرب، هذا علما أن عائدات النفط العربي تناهز 700 مليار دولار سنويا.
تلك هي اللوحة العربية بعد مرور ستين عاماً على النكبة، علاوة على ما بين النظم العربية الحاكمة مِن تناقضات داخلية، ما يكاد يلتئم أحدُها على وكْسٍ إلا ويعود آخر لينفجر، كان أشدها في العقدين الأخيرين ذاك الذي وقع في منطقة الخليج بعد حماقةِ صدام في الكويت التي أدت في نهاية المطاف إلى احتلال العراق، الذي يشهد عملية ذبحٍ أمريكية مبرمجة وفتنةٍ مذهبية وتقسيمية متصاعدة، تغطي ببشاعتها على ما يخوضه الشعب العراقي مِن مقاومةٍ باتت تترنح معها القوات المحتلة التي ناهزت خسائرها آلاف القتلى ومئات مليارات الدولارات، إلى درجة أن يفوز الحزب الديموقراطي الأمريكي في إنتخابات الكونغرس ويدعو صراحة لتحديدِ موعدٍ للإنسحابِ مِن مستنقعِ العراق ورمالهِ اللاهبة.
وفي العقدين الأخيرين، وفيما يشهد العالم تكتلات كبرى، نرى المنطقة العربية يتهددها الغرق في موجةٍ مرسومةٍ مِن الطائفية والمذهبية الفتاكة. وتتحد الإحتكارات متعددة الجنسية في إحتكارات متعدية الجنسية في إطار إمبراطورية الإحتكارات التي تستهدف أول ما تستهدف ثروات العرب، وجغرافية العرب، وحقوق العرب، و"قضية العرب الأولى فلسطين" التي أضيف لها قضية العراق، ليصبح العرب بعد ستين عاماً على النكبة بقضيتين بدل قضية واحدة. هذا علما أن القضية الأولى (الفلسطينية)، وبرغم مرور ستين عاما على نشوئها هي اليوم "أبعد ما تكون عن أي حلّ، يُقِرّ بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية: حتى المرحلي منها ممثَّلاً بجلاء الاحتلال عن أراضيه التي أحتُلَّت في الخامس مِن حزيران/يونيو في العام 1967، وتفكيك المستوطنات، وعودة اللاجئين طبقا للقرار 194، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس" كما يرى المفكر العربي الدكتور عبد الإله بلقزيز، وأن المطروح على الفلسطينيين كما يرى معظم المراقبين والمحللين السياسيين، هو ليس أكثر مِن حل أمني يستهدف إخماد المقاومة الفلسطينية، وكسر الممانعة السياسية لصيانة "يهودية دولة إسرائيل" وضمان أمنها، وإطلاق يدها لاستكمال بناء جدار الفصل والتوسع والنهب، وإلتهام المزيد مِن أراضي الضفة الغربية وسلخ القدس ومنطقة الأغوار بعد تطويق غزة عبر خطوة فك الإرتباط الأحادي معها.
أما قضية العرب العراقية الجديدة، فقد سعى مؤتمر شرمِ الشيخِ الأخير، وإن إدعى هدف معالجتها، إلى خلقِِ طوقِِ نجاةٍ لمِن خلقها، وإلى خلقِ سلَّمٍ إقليمي ودولي يرتقيه بوش الذي يرى في نفسه مكلفاً مِن السماء برسالة نشر مباديء الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وحارساً لصونِ الشرعية الدولية وحمايتها مِن التعدي وعدم الإلتزام، اللهم إلا مِن إسرائيل التي ترى بدورها أنها مجرد واسطة (ليس أكثر) لإلزام الفلسطينيين بالتنفيذ الحرفي للإشتراطات الدولية التي فُرِضَتْ عليهم بعد نتائج الإنتخابات التشريعية الأخيرة، فضلاً عن رؤية نفسها (إسرائيل) "كملاكٍ" يصل الليل بالنهار سهراً على حماية اللبنانيين مِن تدخلِ شقيقهم السوري في شؤونهم.
بعد نصف قرنٍ ويزيد مِن إستقلال البلدان العربية؛ وبعد مرور ستين عاماً على النكبة وأربعين عاماً على "النكسة"؛ وبعد أن أصبح احتلال العراق قضية ثانية للعرب؛ وبالنظر لما يشاهده المواطن العربي (بغيظٍ) مِن تَمَكُّنِ الإسرائيليين مِن مساءلةِ الفاشلين مِن قادتهم ومحاسبتهم؛ أقول بعد كل هذا يغدو طَرْقُ سؤال: أين "فينوغراد" العرب مشروعاً ووجيهاً، ويلحُّ عليه ما يتراكم تحت السطح على طول الساحة العربية وعرضها مِن غضبٍ وتململاتٍ تتمظهر في أشكال شتى كلها ترفض العربدة الأمريكية الإسرائيلية التي تستذل العرب وتنهب ثرواتهم وتغتصب حقوقهم.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتجاه الإنفجار المرتقب
- القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد
- تقتحم القلعة من داخلها
- حتى لو لم أكن فلسطينيا
- الاتفعيل بالتعديل
- رأفة بالأسرى وعائلاتهم
- الموقف الإسرائيلي بين المظهر والجوهر
- ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- الأمن بين السياسة والجغرافيا
- واشنطن تعلم ما لا نعلم!!!
- التفعيل بالتعديل
- أزمة فكر ونظام
- مكر التاريخ أشد مِن مكر رايس
- لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!
- التجويف آلية للإجهاض
- أقمة نوم أم يقظة؟
- يتربصون بغزة
- التجويف كآلية للإجهاض
- ويبقى سؤال ما العمل قائما
- إسرائيل حبلى بحرب!!!


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - أين فينوغراد العرب؟!!!