أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - الجواب على سؤال الهزيمة















المزيد.....

الجواب على سؤال الهزيمة


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن تقييم هزيمة هزيران 1967 بشكل يجب ماقبلها ، من أحداث ووقائع في التاريخ العربي المعاصر ، هو نقص كبير في قراءة التاريخ وفي التقييم الموضوعي العسكري والسياسي ، ما يؤدي إلى عدم وضع هذه الهزيمة في حجمها الصحيح ، من حيث مفاعيلها وأسبابها وأهدافها ، ويعظم من قدرة الصهاينة إلى درجة " الأسطورة " ، ويغطي على الدول الاستعمارية ، التي تآمرت ووعدت ونفذت إقامة الكيان الصهيوني في فلسطين لغايات ومصالح محض استعمارية لاستدامة سيطرتها والتحكم بالمصير العربي ، وينشر الإحساس بالدونية ، ويدفع إلى جلد للذات مفرط بآلامه ويأسه وبؤسه ، والأسوأ أنه يفضي ، بقصد أو بدون قصد ، إلى تكريس الهزيمة بحياة شعوبنا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً ، ويبرر الاستسلام والتطبيع والتخنيع المهين

نعم في البدء كانت المؤامرة .. المؤامرة بين الاستعماريين الأوربيين لتدمير ووراثة الرجل المريض " الإمبراطورية العثمانية " وخاصة فيما يتعلق بالمشرق العربي في أوئل القرن العشرين ، وكانت هي العامل الأهم في اندلاع وا ستمرار الصراع العربي الصهيوني ، فكانت اتفاقية سايكس ـ بيكو بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية لتقسيم واقتسام بلاد الشام ، وكان وعد بلفور البريطاني لإقامة الكيان الصهيوني في فلسطين . وقد ا ستغل الانكليز طموح العرب للتحرر من النير العثماني وبناء دولة عربية كبرى تضم الحجاز وبلاد الشام في تحقيق مؤامراتهم الاستعمارية . فعقدوا مع الشريف حسين أمير مكة تحالفاً لطرد العثمانيين من بلاد الشام وإقامة هذه الدولة . وبعد أن انتصرت القبائل العربية الثائرة على العثمانيين ، انكشف أن الإنكيز كانوا مخادعين ، وحالوا دون إقامة الدولة العربية الكبرى ، واعتقلوا ونفوا الشريف حسين إلى قبرص ، وشرعوا بتطبيق الاتفاقات السرية بتقسيم بلاد الشام وإخضاعها للسيطرة الفرنسية والإنكليزية وإقامة دولة للصهاينة في فلسطين

يقول الشريف حسين في مذكراته التي كتبها قبل موته في منفاه " تتدافع إلى ذهني كلمات من رسائل مكماهون لي ، وتتداخل معها سطور من رسائلي له ، وحروف من خطابات ستورز ، وبضع كلمات من تصريح كتشنر ، ويختلط الأمر علي ، وتتدافع الأسئلة في رأسي ، هل وعدني مكماهون بالدولة العربية المستقلة أم لم يعد ؟ وإذا كان وعد ، فلماذا اتفق سايكس مع بيكو على تقسيم تلك الدولة بينهما ، ولماذا منح بلفور الصهاينة وعداً بإعطائهم فلسطين وكان سايكس قد أعطاها لبيكو
وقد تضمن تصريح وزير الخارجية البريطاني بلفور في رسالة بعثها إلى اللورد الصهيوني الكبير روتشيلد : يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته ، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية ، وقد عرض على الوزارة وأقرته
إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين . وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية

وتقاسم الفرنسيون والإنكليز المشرق العربي ، وشرع الإنكليز ، بأبشع أشكال التواطؤ والتعسف مع الصهاينة في إقامة دولة الصهاينة في فلسطين ، حتى تمت إقامة دولة " إسرائيل " . ومن أجل تكريس هذه القرصنة الدولية ، وظف المستعمرون جميعاً وخاصة الثلاثي الأكثر نفوذاً ولؤماً ، بريطانيا وفرنسا وأميركا ، كل سلطاتهم ونفوذهم لإبقاء العرب مقسمين إلى دويلات وكل دويلة تنخرها عصبيات الطوائف والأقليات ، وإبقائهم مجتمعين أدنى مستوى علمي تكنولوجي واقتصادي وعسكري من " إسرائيل " . وقد تجلى ذلك بالحرب العربية الإسرائلية الأولى 1948 ، إذ لم تتمكن سبع دول عربية من تجنيد أكثر من 13 ألف جندي وبأسلحة قديمة مقابل 100 ألف جندي جندهم الصهاينة وأصدقائهم المستعمرين . وكانت النتيجة الطبيعية لهكذا ميزان قوى عسكري وسياسي أن تكون الهزيمة الأولى ، التي أطلق عليها " النكبة " . وكانت جدار المبكى العربي الأول في الصراع مع الصهاينة . ودفعت الأنظمة العربية التي خاضت تلك الحرب الثمن بالانقلابات العسكرية عليها وتحميلها مسؤولية الهزيمة

ومابين عام 1948 وعام 1967 ، تابعت الدول الاستعمارية وضع ثقلها العسكري والسياسي والاقتصادي إلى جانب إسرائيل . دفعت ألمانيا الاتحادية ديـة اليهود الذين ذهبوا ضحايا الهولوكست النازي مليارات الماركات ، وقدمت أميركا المساعدات المالية والاقتصادية بلا حدود ، حتى سمحت بازدواجية الجنسية الأميركية الإسرائيلية لليهود الأميركان لدعم إسرائيل بالخبرات العلمية وغيرها مجاناً ، وبريطانيا وفرنسا لم تكفا عن تقديم المعونات العسكرية والاقتصادية ، وأشهر موقف منحاز بوقاحة للدول الثلاث لإسرائيل هو التصريح الثلاثي 1951 ، الذي أعلنت فيه هذه الدول إلتزامها بحماية إسرائيل والدفاع عنها ضد أي عدوان عليها . وفي نفس الوقت حجبت عن الدول العربية صفقات الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة وكذلك المشروعات الإنمائية الاقتصادية إن لم تخضع للسيطرة والمصالح الأجنبية وأن لاتستخدم ضد إسرائيل .
ومورست السياسات الاستعمارية الانقلابية لجر البلدان العربية إلى الأحلاف الاستعمارية لاسيما حلف بغداد بل والعدوان العسكري المباشر ، حرب السويس 1956 والحصار على سوريا 1957 .. ألخ .. ولعل الحماية الاستعمارية الهامة التي قدمت ولازالت تقدم لإسرائيل هي مساندتها بالفيتو الأميركي ضد أي مشروع قرار يدين عدوانيتها وجرائمها البشعة في مجلس الأمن الدولي ، وكذلك مساندتها بالتمرد على القرارات الدولية حتى باتت دولة فوق المجتمع الدولي وفوق مستوى النيل منها على كل صعيد

لمواجهة هذه الظروف القاسية والأعداء الألداء ، كان مطلوباً الكثير .. الكثير .. من القوى العربية .. دولاً وأحزاباً وجماهيراً ونخباً ثقافية ، كان العرب أمام خصوم كثر .. التخلف الحضاري والتكنولوجي والعسكري .. والدول الاستعمارية والكيان الصهيوني ..
لكنهم لم يتمكنوا من الإنتهاء من الاحتلال المباشر إلاّ في منتصف 1961 . بنوا أول وحدة عربية عام1958 وانهارت عام 1961 . واجهوا التخلف الحضاري بالتخلف السياسي .. وبدول مفوتة وزعامات مستبدة .. وأحزاب لم تفهم السياسة إلاّ تبادل سلطة أو الانقضاض على السلطة بالانقلاب .. بالثورة .. بالمؤامرة .. وبتيارات ثقافية وأيديولوجية متصارعة متذابحة حول مفاهيم وأدوار إما مفوتة أو مؤجلة .. البلد العربي الذي لايذكر أنه حدث فيه انقلاب عسكري هو لبنان .. لكنه ا ستدرك ذلك بالحرب الأهلية وا ستدعاء القوات الأجنبية .. وواجهوا التخلف الاقتصادي بتسليم أهم وأكبر ثروة في تاريخهم كله البترول إلى الشركات والدول الاستعماري إيّاها .. وتحولت النعمة إلى نقمة

على تضافر المؤامرة والتخلف والعجز انغلقت الدائرة وانبنت هزيمة 1948 عليها ، ومع تعديل بالتاريخ الرقمي والأسماء والأشخاص انبنت هزيمة 1967 . بمعنى أن هزيمة 1967 لم تكن فقط بسبب شطارة الصهاينة وعنترياتهم أو غدرهم بالهجوم الأول ، أو تخلف هذه القطعة العسكرية أو تلك عن أداء مهامها . ولم تكن بسبب خيانة هنا وتردد هناك في الجبهات العربية . إن مثل هذه الأسباب على أهميتها بالمقارنة مع الأساس المجتمعي الحضاري والسياسي تصبح تداعيات .. مفردات ، حتى لو لم تكن فلن تعدل شيئاً ذا أهمية بالنتيجة الهزيمة ، وذلك بسبب ميزان قوى مختل عسكري وحضاري وسياسي محلي ودولي على هذه الدرجة التي هي قائمة بفعل التآمر والتحالف الدولي 1948 وفي 1967 . ووثائق التاريخ متوفرة لمن يبحث عن الحقائق

إن هزيمة 1948 وهزيمة 1967 وما تلاها من مآس وكوارث في الصراع العربي ـ الإمبريالي الصهيوني وما ا ستدعته من تداعيات وأزمات داخلية ، ليست أقداراً محتومة ، إذا أخذت الشعوب قضاياها بأيديها .. المقاومة في كل مكان تقدم البرهان على ذلك ، وإذا حدد بالضبط من هو العدو ومن هو الصديق .. فلانذهب إلى أميركا حامية إسرائيل وحليفتها وعدوتنا الأكبر لتنصفنا منها ولتحمينا من غدرها وجرائمها .. ولانقبل الأرض أمام أقدام الصهاينة " حباً " بالسلام وفوق رؤوسنا أعقاب بنادقهم وأحذيتهم .. وإذا رفعنا الرؤوس عالياً عزة وكرامة لنرى نور العلم والعصر والحضارة ونطلب " العلم ولو في الصين

وأكثر ما يلفت بعد هزيمة حزيران 1967 هو ظهور سياسة وثقافة الاستسلام باسم الواقعية والاعتدال ، حتى ذهبت بعض الأنظمة لإقامة العلاقات الدبلوماسية أو التجارية مع العدو الصهيوني ، وذلك بالبناء على الضعف والعجز في الحالة العربية وعلى شرط الانخراط في بنية العولمة الأميركية . غير أن هذه السياسة وهذه الثقافة إذ تبنى على العجز العربي وسيطرة أنظمة القمع والاستبداد لاستدامته وعلى الطلب الأميركي الامبراطوري هي في حالة تناقض سافر . فالأنظمة الاستبدادية المنتجة للفساد والعجز ليست مخلدة ، والإمبراطورية الأميركية دخلت في خريف وجودها ، وإسرائيل تكابد مرارة الفشل على جهات عدة ، بل إن نتائج انتصارها في 1967 تحولت إلى مفاعيل أزمة تنخر وجودها باعتراف كبار إعلامييها

إن الجواب على سؤال الهزيمة هو بإزالة أسبابها ، وهذا يبدأ من الداخل أولاً . وذلك بالتخلص من مكونات العجز وأولها الاستبداد المنتج الأول للعجز وللهزائم ، وبناء مجتمعات ديمقراطية حضارية علمانية جديدة .. تتزود بإرادة العلم والتكنولوجيا ومصادر القوة .. وبانتهاج سياسة وطنية قومية صلبة في مواجهة المطامع الأجنبية

تحية إجلال إلى الشهداء الذين سقطوا قتالاً بالحروب غير المتكافئة .. أو اغتيالاً بعد الأسر على أيدي الصهاينة

تحية فخار إلى الجندي الذي قاتل في حزيران وكابد مرارة الهزيمة وظل حاملاً شرف الجندية وأمل النصر




#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة والثروة في الصراع السياسي
- التجمع اليساري الماركسي ( تيم ) مابين التكامل والتمايز
- خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة
- سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟
- في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
- أبطال الحرية .. سلاماً مع الاعتذار
- قمة ملتبسة لأنظمة مهزومة
- العودة إلى الشعب
- شعب جدير بالحرية والنصر
- حس المسؤولية الضائع .. الانتخابات مجدداً
- معك ياأم الكون في يومك العالمي
- في التعذيب .. وضحايا التعذيب
- دروب الضياع والتدمير الذاتي
- التهريب في التهريب .. المازوت مثلاً
- الميز السياسي والاستحقاقات الانتخابية
- حتى يكون مجلس الشعب برلماناً .. سلطة تشريعية
- سلطان أبا زيد .. شهيدا
- العبثية الاقتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 2
- العبثية الافتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 1
- حول أثرياء حرب اقتصاد الفساد


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - الجواب على سؤال الهزيمة