أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - انتبهوا أيها السادة: مؤامرة لاغتيال عقل مصر!














المزيد.....

انتبهوا أيها السادة: مؤامرة لاغتيال عقل مصر!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1922 - 2007 / 5 / 21 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هذا الذي يحدث في مصر؟
هل من المعقول، في هذا الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات مصيرية من الخارج والداخل، أن يترك البعض كل هذه القضايا الخطيرة المتعلقة بالسياسة والاقتصاد ومستقبل الأمة والوطن ليشغل الناس بكلام غث عن »ارضاع الكبير«، حيث لم يجد الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر قضايا تهم المسلمين سوي الافتاء بأن للمرأة العاملة إرضاع زميلها في العمل منعا للخلوة المحرمة. ولم يكتف بذلك بل شاء أن يتوسع في التفاصيل مضيفاً أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات، وأن المرأة يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً بتوثيق هذا الإرضاع كتابة ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلاناً!
أي باختصار.. أنك لكي تتجنب المسئولية الشرعية لرؤية شعر زميلتك في المكتب والعمل تقوم برؤية ثديها، بل رضاعته بدل المرة خمس مرات!
ثم لا تتوقف المهزلة عند هذا الحد، بل إن هذه »الفتوي« يتم تداولها، وإثارة الجدل حولها كما لو كانت مسألة جدية ومهمة، وينقسم الناس ما بين مؤيد ومخالف.. ولا يجري هذا الجدل في المجالس الخاصة والغرف المغلقة وإنما يجري علي الهواء في الفضائيات وفي الصفحات الأولي من الصحف السيارة.. تاركين قضايا الإصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي والثقافي، والتحديات الإقليمية والدولية، وكارثة العراق، ومصيبة فلسطين، وبلوي دارفور، وحتي استحقاقات انتخابات مجلس الشوري ومشاكل الديموقراطية التي ما إن نخطو علي طريقها خطوة للأمام حتي نرجع عشر خطوات إلي الخلف.
كل هذه القضايا الحقيقية المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، والفقر والغني، والاستراتيجية والأمن القومي، والعولمة المتوحشة والعولمة البديلة، والحوار مع الشمال وحوار الجنوب والجنوب.. كل هذا نتركه جانبا ونشغل الناس بتوافه الأمور ومسائل وهمية نستخرج فيها من التراث وسراديب التاريخ السحيق خزعبلات وحواديت أكل عليها الدهر وشرب.
ولا نشغل أنفسنا فحسب بهذه القضايا الوهمية عن الأمور الجدية وإنما نقدم بأنفسنا للأمم والثقافات الأخري أسوأ صورة عنا وعن ثقافتنا وعن ديننا البريء من هذه الغثاثة وانحدار الذوق واحتقار العقل. ثم نشكو عندما يأخذ بعض الأجانب هذه الصورة المشوهة التي رسمناها نحن بأيدينا ويتندر عليها أو يستهجنها.. ونتهمه بالإساءة المتعمدة إلينا وإلي هويتنا رغم أننا نحن الذين أعطيناه السلاح الذي طعننا به!
ثم إن مثل هذه التخريجات التي ما أنزل الله بها من سلطان تختزل تراثنا الحضاري والديني في مثل هذه الأمور الهزلية وتحجب الرؤية عن الكنوز الرائعة التي يزخر بها ديننا الحنيف وحضارتنا العريقة.
ولو أن المسألة قد اقتصرت علي »فتوي« إرضاع الكبير لهانت المسألة. لكن الواضح اننا إزاء حملة شاملة لتشويه الوعي المصري وفرض ثقافة بالغة التخلف عليه تحتقر العقلانية والاستنارة.
والواضح كذلك أن هذه الحملة تؤتي ثمارها المرة. والدليل علي ذلك عدد لا يحصي من المظاهر التي تؤكد أن المصريين قد أصيبوا بــ »توله« شبه جماعية، جعلتهم ــ مثلاً ــ يتبركون بشجرة قيل إن اسم الجلالة قد ظهر علي جذعها، وبسرعة البرق سرت الأقاويل عن هذه »المعجزة« التي جعلت الآلاف المؤلفة من المصريين يتخلون عن عقولهم ويندفعون من كل حدب وصوب نحو هذه الشجرة، التي ليست سوي شجرة كافور عادية لا شيء يميزها عما عداها سوي أن أحد الأشخاص استخدم سكينا لكتابة لفظ الجلالة علي جذعها، شأنه في ذلك شأن آلاف المصريين الذين اعتادوا كتابة أسمائهم وأسماء حبيباتهم علي جذوع الأشجار في الحدائق العامة للذكري.
فماذا حدث للمصريين حتي يفقد الآلاف منهم عقولهم بهذه الصورة شبه الجماعية ويعبدوا شجرة؟!
خذوا مثلاً آخر.. حدث منذ أيام حينما قام بعض المصريين بحملة تحريض ضد أقباط إحدي القري قيل إنهم يحاولون بناء مكان لممارسة شعائرهم الدينية فيه.
فما كان من البعض إلا أن أقام الدنيا ولم يقعدها وتحريض كل »مسلم غيور علي دينه« للتصدي لهؤلاء »الكفرة«، وكأن بناء كنيسة أمر يهدم الإسلام؟ وكأن وجود كنيسة ليس من الحقوق الأساسية للأقباط المصريين! وكأن ممارسة اتباع دين آخر لشعائر دينهم فيه تحد للإسلام.
ولو أن هذه الحملة التحريضية جرت في مجتمع »مصحصح« لما كان لها أي تأثير، لكن لأن ثقافة التعصب والتخلف هي السائدة فإن العشرات اندفعوا رافعين شعارات الجهاد، مرددين هتافات »الله أكبر«، وكأننا عدنا إلي عصر الحروب الصليبية، وهجموا علي بيوت أقباط القرية وأضرموا فيها النيران، متصورين أنهم بهذه الهمجية يدافعون عن الإسلام في حين أنهم يقدمون ــ في الحقيقة ــ أكبر إساءة إليه وإلي سماحته.
هذه مجرد أمثلة تعطينا مؤشرات علي أن العقل المصري ليس علي ما يرام، وأن هناك محاولات مستميتة من قوي ظلامية داخلية وخارجية تعمل ليل نهار علي قتل العقلانية المصرية وتدجين العقل المصري وجعله عبداً تابعاً للتفكير الخرافي.
وهذا خطر حقيقي يستدعي التصدي، ويتطلب من البقية الباقية من المثقفين وحراس الثقافة المصرية الأصيلة، أن يهبوا دفاعاً عن عقل الأمة ورفضاً لمحاولات تغييبه، وأن يكفوا عن الإمساك بالعصا من المنتصف وممالأة الظلاميين الذين يحاولون التستر وراء شعارات دينية، والدين الحنيف منهم براء.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعارض المصالح .. للمرة الألف
- البيئة .. والسياسة
- نهاية الرئيس العاشر للبنك الدولى
- إلا رغيف العيش
- الدين .. والبورصة
- إنها الفتنة ! بالله عليكم.. لا تقولوا أن الوحدة الوطنية بخير
- صحة المصريين... وروشتة الجبلى (2)
- أمريكيون أكثر من الكونجرس الأمريكي!
- ساركوزى دخل الاليزيه بفضل أسامة بن لادن!
- أمريكيون أكثر من الكونجرس الأمريكي
- ساركوزى دخل الاليزيه بفضل أسامة بن لادن
- (صحة المصريين .. وخطة الجبلى (1
- مسلمون بالإكراه
- نوبة دوت كوم
- .. وأخيراً تحدث أحمد عز!
- وصف مصر.. بالأرقام 5
- وصف مصر.. بالأرقام 3
- الإسرائيليون يحاولون إعادة احتلال سيناء.. بالاستثمار
- لوغاريتمات راجى عنايت!
- وصف مصر .. بالأرقام 2


المزيد.....




- صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع ...
- تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا ...
- -قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف ...
- الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
- 100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
- لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
- العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي ...
- اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
- مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
- الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - انتبهوا أيها السادة: مؤامرة لاغتيال عقل مصر!