أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - نوبة دوت كوم














المزيد.....

نوبة دوت كوم


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1906 - 2007 / 5 / 5 - 11:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كتبت فى هذا المكان عدة مرات عن هموم أشقائنا أبناء النوبة، عندما كان الحديث عن هذه القضية يندرج تحت باب "المسكوت عنه" حيث دأب الكتاب والسياسيون والمهتمون بالشأن العام على تجاهل شكاوى النوبيين أو التهوين من شأنها باعتبار انها شكاوى "عادية" مثل تلك التى يعانى منها كل المصريين على اختلاف مشاربهم.
وليس هذا المنهج سوى أحد مظاهر "ثقافة الإنكار" التى بدلا من أن تواجه المشاكل وتجتهد فى إبداع حلول لها تكتفى بـ "إنكار" وجود أى مشكلة من الأصل وتتصور أنها بذلك قد تجنبت "شر القتال".
وبطبيعة الحال فان هذا المنهج، الذى يشبه طريقة تفكير النعامة حين تضع رأسها فى الرمال هربا من رؤية العدو، لا يلغى وجود المشكلة. والمشكلة فى حالتنا ليست موجودة فقط وإنما هى "ليست عادية" وليست مجرد مشكلة من جملة المشاكل التى يعانى منها المصريون فى الريف والحضر.
فقد اضطر أبناء النوبة – دون بقية المصريين – إلى ترك مسقط رأسهم وموطن ذكرياتهم وأحلامهم ورفات آبائهم وأجدادهم، من أجل ترويض نهر النيل والتحكم فى فيضاناته التى كانت تهدد أرض الكنانة بـ "الغرق" فى مواسم الوفرة المائية أو "الشرق" فى سنوات الجفاف والقحط المائى.
وهذا يعنى باختصار – أنهم قدموا تضحية هائلة من أجل مصر كلها عندما تم بناء خزان أسوان، ثم عند تعليته، وأخيرا عند بناء السد العالى الذى كان بمثابة أكبر جراحة جغرافية لمجرى النهر الجامح. وبقدر ما عاد بناءه على المصريين بالخير بقدر ما كان سببا فى وصول معاناة أشقائنا النوبيين الى الذروة. حيث غرقت 44 قرية نوبية تحت مياه هذا المشروع الجبار واضطر النوبيون الى مغادرة بلادهم.
وبدلا من تعويضهم ومكافآتهم على هذه التضحية الرهيبة، تسابقت الحكومات المتعاقبة منذ الستينات حتى الآن فى تجاهل مطالب أبناء النوبة. وهى كلها مطالب مشروعة ومتواضعة.
وكان طبيعيا أن يؤدى تراكم هذه الشكاوى وتجاهلها وتعامل البيروقراطية المصرية بصلف مع مطالب بسيطة – تعد من حقوق الانسان الأساسية- كان طبيعيا ان يؤدى كل ذلك الى ظهور بعض "المتطرفين" الذين تتلقفهم جهات أجنبية معادية تتلمظ للصيد فى الماء العكر، وتحترف رفع شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
وليس الحل هو الاكتفاء بتوجيه اللعنات إلى هذه الأصابع الأجنبية المتآمرة، أو الاكتفاء بالتشكيك فى نوايا "المتطرفين" الذين يتاجرون بهموم الجماهير النوبية المصرية وانما الحل هو البحث عن جذر المشكلة والتعامل معه بصورة جدية ونزيهة.
وهذا يستدعى من الجماعة الوطنية – على اختلاف أحزابها وفصائلها ومدارسها الفكرية واتجاهاتها السياسية – أن تفتح حوارا ديموقراطيا مع النوبيين وأن تستمع الى شكواهم باهتمام وان تضع خطة واقعية ومحددة المعالم لحل مشاكلهم.
لكن شيئا من ذلك لم يحدث، سواء من جانب الحكومة أو من جانب المعارضة، فلم نسمع أن أحد الأحزاب قد كلف نفسه بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق والتوجه الى مناطق تهجير النوبيين ومعاينة مشاكلهم على الطبيعة.
أما السبب المباشر الذى جعلنا نعود اليوم للتذكير بالملف النوبى فهو ذلك العرض المسرحى المهم "نوبة دوت كوم" الذى يكشف المسكوت عنه فى الخطاب النوبى.
لكن هذه الهموم النوبية – رغم نبلها ومشروعيتها – كان يمكن أن تكون مقالا صحفيا أو دراسة أكاديمية جافة بيد أن المخرج المثقف ناصر عبد المنعم حولها الى "فن" جميل وصادق متجاهلا السؤال الاستنكارى للكثيرين.
"لماذا يفتحون ملفا شائكا مرة أخرى؟" ويرد على هذا السؤال الاستنكارى بسؤال آخر " أو ليس التغافل عن الاسئلة الشائكة وتجاهل القضايا الحيوية التى تتعلق بثقافة مميزة، مثل النوبة، تعصبا مقابلاً. لقد اخترنا المواجهة دون الاغفال".
وإذ ينوه ناصر عبد المنعم بفضل الكاتب النوبى "إدريس على" وراوياته الثلاثة الجميلة التى أعطتنا أجمل ما فى المسرحية، وفضل الكاتب الجميل الراحل حازم شحاته الذى استخلص من ثلاثية ادريس على نصاً رابعاً، فأنه أكد أيضاً على المساندة الكاملة التى أعطتها الدكتورة هدى وصفى رئيسة مركز الهناجر للفنون والاستاذة الاكاديمية المرموقة والتى كان لمناقشتها مع فريق المسرحية دور كبير فى تطوير هذا العرض.
وحسنا فعل ناصر على المنعم عندما جعل الأغلبية الساحقة من أبطال عمله المسرحى من أبناء وبنات النوبة .. أسامة عبدالمنعم، بشير ، مستورة، أمجد جلال ، عادل ميخا، منصور عبدالقادر، سارة عادل، إيلاف جلال ، حسنه رمضان، سناء عبده، عبير أسامة، هيثم عابد، وليد عبدالله، زيتونه، هشام أحمد، أسامة معروف بالاضافة إلى الممثلين المحترفين إنجى خطاب وسامية عاطف ومحمد حسيب.
هؤلاء جميعا استطاعوا بفضل صدق القضية وبراعة ناصر عبدالمنعم ومساعدتيه منال إبراهيم وداليا حافظ، استطاعوا ان يمنحونا وقتاً مشحوناً بالشجن النبيل حينا والكوميديا السوداء حينا آخر.. وتأملات وتبصرات عميقة فى كل الأحوال.
ولعل هذه الليلة المسرحية النوبية الجميلة، تكون قد نبهت من لا يزال غافلا بأبعاد هموم أشقائنا النوبيين وعدالة قضيتهم وضرورة تكاتفنا من أجل كفكفة دموعهم اليوم قبل الغد، وقبل أن ينتهز أعداؤنا الفرصة للصيد فى الماء العكر.
ولعلها كذلك تنبهنا إلى فتح الملفات الأخرى الكثيرة المسكوت عنها من سنين والتى آن الآوان لفتحها بشجاعة ونزاهة، وفى مقدمتها ملف بدو سيناء.





#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. وأخيراً تحدث أحمد عز!
- وصف مصر.. بالأرقام 5
- وصف مصر.. بالأرقام 3
- الإسرائيليون يحاولون إعادة احتلال سيناء.. بالاستثمار
- لوغاريتمات راجى عنايت!
- وصف مصر .. بالأرقام 2
- وصف مصر .. بالأرقام 1
- الحكومة تفضل وضع نفسها موضع الشبهات!
- أمين »الإنسان« وأباظة »الوزير«
- قتل الإبداع.. القاسم المشترك الوحيد بين العرب!
- كعب داير .. للبروفيسور الذى داس على ذيل الحمار
- هل الإعلامي .. صديق الإرهابي؟
- مداهمة -الدبلوماسية-المصرية فى العراق
- عيش .. وملح !
- الأحزاب والنشاط السياسى داخل الجامعة.. العقدة والحل
- ملاحظات شاهد عيان للاستفتاء الحزين
- رغم كل شئ :مصر مازالت بخير
- هل نستعيد أمجاد النقل البحري لعصر محمد علي؟!
- ميلودراما مصطفى البليدى
- فلتكن نهاية حياتنا بكرامة!


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - نوبة دوت كوم