ماذا يريد العراقيون من العرب ؟

سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)

الحوار المتمدن-العدد: 1922 - 2007 / 5 / 21 - 07:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تحتم علينا الاجابة على هذا السؤال ،الاجابة قبله على سؤال تحديد من هم العراقيين المعنيين او الذين يحق لهم مثل هذا الطلب ؟ وبمعنى ادق : من هم العراقيون الذين يريدون ؟ ، وذلك لان وضع العراق المحتل يفرز نوعين من (العراقيين) وهما : عراقيو المنطقة الخضراء ،والمتمثلين بمجموعة العناصر الحزبية التي اتاحت لها ظروف وملابسات وضع الاحتلال اقتسام المناصب الرسمية ،وعراقيو المنطقة الحمراء ،وهم عموم العراقيين الذين حكمت عليهم الظروف والملابسات عينها ان يكونوا ـ رغم غالبيتهم العددية ـ الطرف الثاني لمعادلة وضع الاحتلال الجائرة ،وان يتلقوا منها او بواسطتها كل صنوف المعاناة التي يعانوها اليوم . ولكلا الصنفين مطاليبه ـ من العرب ـ التي تناقض او تقف على الضد تماما من مطالب الصنف الثاني . ففي حين يطالب سكان المنطقة الخضراء (الدولة) الدول العربية لمساعدتها في السيطرة على الشارع العراقي واخضاعه لسيطرتها ،(وفق حسابات فرقاء العملية السياسية) ،ودعمها لتكريس الوضع القائم على اسس المحاصصات الطائفية والعرقية والفئوية ،عن طريق توفير الدعم المادي والسياسي لمشاريعها هذه ، يطالب بالمقابل الشعب االعراقي (سكان المنطقة الحمراء) الدول العربية بالضغط على الحكومة العراقية من اجل حل الميليشيات المسلحة ولجم مجاميع القتل الطائفي وعصابات الجريمة الحزبية المنظمة ـ والتي حمل محمود المشهداني ،احد اقطاب العملية السياسية ورئيس سلطتها التشريعية ( مجلس النواب) ثلاثة ارباع اعضاء مجلسه مسؤولية جرائمها ـ وفرض القانون على الجميع دون تمييز حزبي او مذهبي او فئوي واعادة الاستقرار الى البلاد واعادة بناء الاجهزة الامنية على اسس وطنية ومهنية واعادة اعمار البنية التحتية وكبح جماح الفساد الاداري والمالي ،والذي بلغت سرقاته ـ وفق آخر تقرير امريكي ـ 15 مليون دولار لليوم الواحد ،ومنذ اليوم الاول لاحتلال العراق والى يومنا هذا . وفي الظرف الذي تتمتع فيه الحكومة بكافة الوسائل والقنوات لايصال مطالباتها هذه الى الدول العربية عن طريق ـ آخر مبتدعات الادارة الامريكية ـ مؤتمرات دول الجوار العراقي والزيارات الرسمية للوجوه السياسية والقنوات الدبلوماسية ،يبقى الشعب العراقي الاعزل تحت رحمة وسائل الاعلام المحايدة وغير الموالية للحكومة واحزابها ،والتي مهما جهدت واجتهدت فانها لن تتمكن من نقل عشرة بالمائة من حقيقة معاناة العراقيين وحجم المؤامرة التي يتعرض لها وطنهم ،ارضا وشعبا وكيانا . واذا ما اضفنا الى هذا مسؤولية بعض الدول العربية عن دعم بعض الفصائل السياسية ،ماديا وسياسيا وتسويقها لدى الامريكان ، فاننا سنصل الى النتيجة التي مفادها ان الانقسام الحاصل بين الشعب العراقي والاحزاب ، التي اقتضت مصلحة الادارة الامريكية ايصالها الى السلطة ،يقابله انقسام عربي ـ تحت الضغط الامريكي في اغلب الحالات ـ بين مؤيد لمطالب الحكومة ومؤيد لمطالب الشعب . لقد اشاعت حالة الفوضى والاضطراب السياسي التي خلفتهما تجربة حكومات حقبة الاحتلال حالة احباط و يأس في نفوس العرب من اجندات الوجوه السياسية التي طرحها المحتل لملء الفراغ السياسي الذي خلفه زوال النظام السابق ،بما فيها خيار السيد اياد علاوي العلماني ،وخاصة ان اغلبها قد كشف عن قصر نظر وضيق افق يثيران الرعب ،وليس التوجس فقط . وفي ظل اصرار الادارة الامريكية والانظمة العربية ـ على حد سواء ـ على الامعان في تهميش القوى اليسارية والديمقراطية ،لا يعود امام العرب من رهان او تعويل على غير (زعيم سني علماني قوي ) ؛ وبين هلالين : صدام جديد من دون جنون عظمة صدام وشطحاته المكلفة . وربما بقي الوضع العراقي ـ عربيا على الاقل ـ على ما هو عليه لحين ظهور هذا المنقذ الذي ترتضيه دول العرب (نفسيا وايديولوجيا) ويتوفر على العزم والتصميم الاكيدين على الوقوف بوجه المد الفارسي الذي ستتجاوز بعض موجاته العاتية الحدود العراقية حتما ،بحساب الانظمة العربية على الاقل .

#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل