أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خليل الشافعي - العنف















المزيد.....

العنف


خليل الشافعي

الحوار المتمدن-العدد: 1918 - 2007 / 5 / 17 - 11:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العنف ظاهره سلوكية قبل ان تكون عقائدية التطرف في الفكر و السلوك لفئه فقدت القدره على التكييف مع مستجدات الواقع تتسم مواقفها بالانفعالية وردة الفعل السريع وغياب العقلانية والاعتدال في التصرف خالقه حالة تنافر بينها وبين الواقع تكون ظاهره العنف الدموي دلالتها .
لا يمكن لظاهرة العنف ان تكون طبيعية كبقية الظواهر في الحياة الاجتماعية ورغم قصر عمرها قياسا بالظواهر الاجتماعية الاخرى ، الا انها تبرز بقوة في ذروة الصراع بين ما هو قديم وما هو جديد في حياة المجتمع . فهي العاصفة المدمرة التي تسبق انتصار الجديد واستقراره ، فللقديم ردة فعل عنيفة ومقاومة مستميته لاعاقة الجديد حيث يشتد العنف بفعل المواجه معتمدا الطابع الشمولي في حراكه ساعيا الى تعطيل الحياة العامة متخذا من التخريب والقتل العشوائي سبيلا لتحقيق غاياته .
ولما كانت الانفعالية وغياب العقلانية والتطرف منبعا للعنف الدموي الشمولي ، هنا لابد للمجتمع من وقفه ضد هذه الانماط التراجعية مطهرا خطابه الثقافي من شوائب الماضويه المقيته مشرعا قوانينه لمعالجة التطرف ولردع المجرمين ذوي السلوكيات الجانحه المخلة بالقيم الانسانية والوطنية كعقوبة السجن التي تصل الى المؤبد وعقوبة الاعدام ، هذا هو العنف القانوني الذي يكتسب شرعيته من ضرورة الامن الاجتماعي معتمدا العقلانية والاعتدال في التصرف ، وهو لا يختلف عن العنف التربوي في مضمونه كعنف رب الاسره لافراد اسرته لاجل الاستقامة وعنف المعلم لتلاميذه لدفعهم للجد والاجتهاد ، وعنف الرئيس لمعيته للحفاظ على سياقات العمل والاداء الجيد وعنف الضابط لجنوده لرفع قدرتهم القتالية .
وهناك العنف الثوري وهو اداء اجتماعي عام ( عنف ضد عنف ) يهدف الى خلاص المجتمع من عنف الطغاة والمستبدين بعدما استنفذت كل الوسائل السلمية والاصولية للخلاص منه ( ثورة 14 تموز مثلا ) على العموم مثل هذا العنف يكتسب مشروعيته من الغايات التي يسعى الى تحقيقها بوسائل منضبطة مقبولة اجتماعيا والتي تصب في حماية حياة الافراد وممتلكاتهم وحقوقهم وسيادة القانون العام وتوفير الظرف الامني اللازم لمزاولة المجتمع فعالياته ونشاطاته الاقتصادية والسياسية وحماية الضعفاء من استغلال الاقوياء لهم ، ودرجة استخدامه مرهونه بمستوى تطور الوعي الاجتماعي السائد في تلك المرحلة ، لذا فهو ليس موضوعنا وما نتناوله في مقالتنا المتواضعة هذه هو العنف الدموي المتخندق في القدامه والمحارب للحداثه عنف يسعى لالغاء الاخر وقتله

المدخل
العنف الدموي ظاهرة مدمرة مضمونها هي تلك الحسابات الذهنية والافكار التي فقدت مقومات بقائها بفعل حركة التطور الاجتماعي معتمدة الثقافة اليقينية في خطابها لا تقبل الحوار ولا تعترف بالاخر وهم وحدهم يمتلكون الحقيقة ، والحقيقة عندهم مطلقة ولا تكون الا في جانب واحد اما الاخر فلا يمتلكها لذا وجبت تصفيته فكريا وجسديا .
تشتد ظاهرة العنف وتاخذ الطابع الدموي الشمولي عندما تكون هناك ارادات متطرفة تحاول فرض افكارا وسلوكيات لا تمت بالواقع أية صله والذي في طبيعته المتحركة ، متطور متغير ، فالتخندق الذهني الذي لا يتحسس متغيرات الواقع هو جمود عقائدي يعجز عن مسايرة حركة المجتمع مسببا حالة من الاغتراب الفكري والثقافي يحدث عندها الافتراق الابدي بين خطاباتهم التراجعية والواقع المتجدد، يصرالمتطرفون على معاكسة حركة التطور الاجتماعي ساعين الى صناعة واقعا يطابق مقاساتهم الذهنية ومنسجما مع افكارهم والعودة الى الماضي (( التليد )) سالكين ابشع الطرق اللانسانية لتحقيق احلامهم وامنياتهم الا ان احلامهم تصطدم بحتمية التقدم الاجتماعي التي لا تقبل التراجع او الاذعان لهذه المقاسات الذهنية الماضوية هنا يشتد الصراع بين الوهم والحقيقة متخذا الطابع الدموي الشمولي حيث يتمثل الوهم في ان الافكار هي التي تصنع الواقع وان الواقع نتاج الافكار ويكون كما تكون الافكار في حين الحقيقة تقول ان الواقع هو مصنع كل الافكار وما الافكار الا نتاج الواقع والوجود الاجتماعي سبق الفكر ولا وجود لفكر بدون مجتمع وعليه يستمد الفكر من الواقع والعكس غير صحيح
"انا الصح والله والتاريخ والحقيقة معي والجنة مثواي والاخرين على خطا والله لا يقبل منهم ومصيرهم جهنم وبئس المصير" انطلاقا من هذه الافكار الظلامية يجيزون القتل والتخريب ليظفروا بالسلطه والثروة وبرضى الله والجنة – هكذا يعتقدون و يتمنون والتمني راس المال المفلس
العنف ليست ظاهرة طارئة في حياة الشعوب ولا هي بالسلوك الجديد رغم شذوذها وتمتد جذورها في اعماق التاريخ الانساني وتاصلها في افكار واخلاقيات المجتمع ومؤسساته التربوية ، ولهذه الظاهرة اسبابها الموضوعية والذاتية والعوامل الموضوعية هي الاساس في نشوء هذه الظاهرة فهي تظهر كرد فعل مقاوم للتغير والتمسك بالبقاء ، وهي مجموعة سلوكيات صدامية عنيفة مبررة بخطابات فكرية ثقافية لا تنتمي للواقع الجديد
كانت البداية مع عنف الطبيعة ففي بداية الوجود تملك الخوف والرعب البشر ، لقد عاشوا عنفا يهدد وجودهم كبشر فقساوة العوامل الطبيعية ، كالعواصف والحرائق والزلازل والفيضانات ….. الخ بالاضافة الى مخاطر المخلوقات المتوحشة التي تهدد حياتهم ، جعلتهم يتحسسوا المخاطر وحفزتهم للمواجه ليظفروا بالبقاء .
كان عنف الطبيعة وراء تبني المخلوق البشري سلوكيات تقربية وتضامنية تعاونية تحقق العيش المشترك والعمل الجماعي واشاعة الالفة . فبالرغم ما تحمله هذه الظروف من قساوه ومخاطر الا انها كانت العامل الموضوعي الحاسم لنشوء الحياة الاجتماعية وسيادة السلوكيات الانسانية المسالمة …. انتصر الانسان على عنف الطبيعةالا ان عنفا من نوع اخر بدء بالظهور مع
لظهور التشكيلة الاجتماعية ونتيجة لها انه عنف الانسان لاخية الانسان .
فمع استقرار التشكيلة الاجتماعية وزيادة الكثافة السكانية وظهور الملكية الخاصة وضرورة العمل للاستمرار بالحياة نشات سلوكيات لم يعرفها المجتمع من قبل مثل ابداء الطاعة والولاء للاقوياء المستحوذين على معظم الخيرات المادية وخدمتهم والعمل بامرتهم وكان اخطر هذه السلوكيات هو استغلال الانسان لاخيه الانسان الذي حمل بين طياته بذرة العنف الاجتماعي وهو العنف الاشد خطورة من عنف الطبيعة على استقرار المجتمع وسلامة علاقاته من التناحر والتنافر .
ومنذ ذلك الحين بدات النزاعات بالظهور اولا بين مكونات المجتمع الواحد ومن ثم تطورت لتكون بين المجتمعات وما الحروب والغزوات الا صورة من صور العنف ، فالصراع على الارض والمياه والغذاء كان صراعا ازليا تاصل في سلوكيات البشر وبمرور الزمن نشات على ضوء هذه السلوكيات افكار ومعتقدات لتشكل بمجموعها عاملا ذاتيا يهدف الغاء الاخر المنافس من اجل الاستحواذ على اكبر قدر من المنافع المادية والاستيلاء على المراكز السلطوية
وبذلك كان العامل الذاتي عامل تعجيل ومكمل للعامل الموضوعي في تاثيره في نشوء العنف
العنف ظاهرة تتعارض تماما مع الفطرة الانسانية ، والبنية الاساسية للمجتمع تربطها مجموعة علاقات اجتماعية وانسانية مصيريه تقوم على اساس تبادل المنفعة ويكمل الواحد الاخر في نشاطه اليومي " الاقتصادي خاصه" وتحدث المقاربات وفق الاحتياجات الضرورية للحياة اليومية ويلعب مستوى تطور العملية الانتاجية دورا اساسيا في حيوية العلاقات الاجتماعية وديمومتها ،وفي خضم هذا الحراك الانتاجي الاجتماعي تتراجع المفاهم العرقية وتقاليدها وكذلك الدينية وعقائدها وتفقد تاثيرها تدريجيا في تاسيس الروابط الاجتماعية والتي تاخذ منحنى انساني بفعل سيادة العمل المنتج .
من خلال ماتقدم يتضح لنا ان التطرف في الأداء العرقي او الديني هو الحاضنة الأساسية للعنف والأرهاب ولا يكون العنف او الأرهاب اداءا اجتماعيا عاما بل هو اداء فوقاني يتحرك وفق الغايات الجزئية لفئة معينة تتحسس الهزيمة الحتمية امام حركة التطور الأجتماعي. وهي آيلة للسقوط والزوال تقاوم الحداثة بكل شراسة وهذه الفئة سواء كانت متسلطة او معارضة فهي تفعل التجزئة وتقيم الفرقة من خلال تصعيد الحس العدواني مؤسسة قي ذلك مناخا يساعد على سيادة العنف بكل انواعه ، وخطابه الذي لايقبل التفاعل ولا الحوار يعتمد تكفير الآخر وتسفيه آراءه ويعده من الظلالة والهرطقة والزندقة ولاضير في قتله .
ان طغيان ظاهرة العنف الدموي في بلدنا الحبيب هي في الحقيقة صراع من اجل الأستحواذ على المراكز السلطوية والمنافع المادية ولكنها تتستر بخطابات وادعاءات دينية او عرقية لاتمت باية صلة بحقيق الصراع الدائر ويعتبر التطرف الديني وتشديد النعرات الطائفية اخطر منابع الارهاب لتلبسه بلبوس المقدس واستغلاله للنص الديني في تاثيره على عامة الناس البسطاء منهم خاصة لتحقيق غاياته في اعاقة التقدم الاجتماعي .
اشتداد ظاهرة العنف الدموي في بلدنا العزيز يعكس طبيعة التغير وحجمه انه تغير جذري من دولة مفرطة بالمركزية والدكتاتورية المقيته واجهزتها القمعيه والتفرد في الاستحواذ على الثروة الوطنية وجعلها ملكا للدكتاتور واسرته وازلامة الى حالة الدولة الديمقراطة والتعددية السياسية وحرية الفكر واحترام حقوق الانسان وسيادة القانون وجعل الثروة الوطنية ملكا للشعب وحده وله حق التصرف بها بما يراه مناسبا لمصلحته .هنا تكمن ذروة الصراع انه صراع عنيف بين ما هو قديم وما هو جديد في ادارة الدولة والمجتمع وكالعادة ياتي الجديد (المتمثل بالنهج الديمقراطي وحقوق الانسان) بطريقة هادئة مسالمة وكانه الاضعف اما القديم (المتمثل في الاستبداد والدكتاتورية ) فانه يقاوم بكل ما اوتي من قوه ساعيا كبح خطوات الجديد يبطش ويقتل بشراسه حتى يبدو وكانه الاقوى ولا مكان للجديد في الحياة العامة الا ان الحقيقة غير ذلك ، ان بطش القديم وشراسته وقتله للا برياء وما ينشره من رعب وخراب ما هو الا رفاس لمقاومة موته الحتمي , والجديد وحده يمتلك المبادره في التقدم والانتصار في الحياة ، هكذا يحدثنا التاريخ لا يخلو القديم مكانه امام الجديد بسهولة بل عبر صراعات ومخاضات تفضي في النهاية الى حتمية انتصار الجديد ..... ولا عودة لايام زمان
خليل الشافعي
6/5/200



#خليل_الشافعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسماليه بين اليد الخفية و اليد المسلحة
- محنة الاصطفاف
- السيادة الوطنيه - الجذور و الافاق
- صراع النهجين في عراق النهرين
- المواطنة و الدولة العراقيةالحديثة
- التجمع الثقافي من اجل الديمقراطيه -كربلاء - التحالف استحقاق ...
- المواطنة بين زمنين
- القديم و الجديد في الستراتجية الامريكيه


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خليل الشافعي - العنف