أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خليل الشافعي - السيادة الوطنيه - الجذور و الافاق















المزيد.....


السيادة الوطنيه - الجذور و الافاق


خليل الشافعي

الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المقدمة
بالرغم من مرور أكثر من عام على الاحتلال الامريكي البريطاني لبلدنا الحبيب ( والذي انتهى في 30 حزيران 2004) وذلك للانهيار المخزي للدكتاتورية البغيضة وفك أسر المجتمع من قيودها الغليظة الدامية. لا زالت هناك نقاشات وحوارات ساخنة بين مختلف أطياف المجتمع حول العلاقة بين مفردات الواقع التي تخص حياة المواطن في الجانبين المادي والمعنوي ومسارها، والمفاهيم الرمزية (السيادة ،الحرية،الاستقلال،الوطن) والتي كانت ولا زالت عناوين أساسية ورئيسة في نضال كل القوى الوطنية العراقية على مدى الدهر.
جاء الاحتلال الأمريكي كخطوة استباقية أقدمت عليها إدارة جورج بوش الابن لضمان الهيمنة الاقتصادية على الشرق الأوسط ونشر الأساطيل الحربية في منطقة الخليج العربي منذ الغزو الصدامي للكويت،كانت غايتها الأساس هي السيطرة على النفط والتحكم بمساره.
الاحتلال العسكري المباشر صيغة من صيغ الماضي القريب يفقد البلد المحتل سيادته بالكامل ويكون للقوة المحتلة حرية التصرف في كافة أمورها وفق ما تقتضيه مصلحتها،صحيح هناك تشريع في الأمم المتحدة يلزم القوى المحتلة مسؤولية الأمن الاجتماعي والاقتصادي للبلد المحتل ،ولكن في الحقيقة إن هذا التشريع هو دعم للاحتلال والمحتلين والتعامل معه على انه حق للأقوياء الذي لا يمكن للضعفاء رده.


المدخل الى البحث
1- هل السيادة هي سيادة المستحوذين على مقاليد السلطة؟
2- عبر مسيرة التطور التاريخي للمجتمع البشري.هل كانت الوطنية دائماً مقرونة بالسيادة؟.
3- هل السيادة الوطنية مفهوم نسبي أم مفهوم مطلق؟.
في جميع مراحل التطور التاريخي للتشكيلة الاجتماعية.هناك نقطة من الاستقرار تتحقق عندما يتحقق التوازن بين الأساس الاقتصادي ( علاقات الانتاج) والبناء الفوقي الذي يحكم حركة المجتمع.عندها يسود الأمن الضروري اجتماعياً لتأخذ العملية الانتاجية الاجتماعية مسارها الطبيعي.
وتزامناً مع هذا الاستقرار تستقر البنية الثقافية المنسجمة مع أسلوب الانتاج السائد. وتعبر المفاهيم الاجتماعية عن معناها الحقيقي مكونة انسجاماً متكاملا مع الواقع.فالأمن والسيادة وحرية العمل والتعبير تكون حقيقة تلامس الواقع وتفعل النشاط الاجتماعي بكل اتجاهانه، فطالما هناك استقرار وتوافق في البنية الاجتماعية تكون هناك سيادة للمجتمع بشكل او بآخر يتناسب ومستوى التطور الاجتماعي في جانبيه المادي والمعنوي. وتكون فقرة الاستقرار هذه خالية من التوترات الاجتماعية والقمع والاضطهاد والتناحر،يسودها التوازن والتعايش النفعي السلمي بين مكونات المجتمع الأساسية وبنائه الفوقي.
ولكن نقطة الاستقرار هذه ليست ثبوتية أو أزلية ووفق النظرية الماركسية فان حركة التطور للمجتمع البشري وانتقاله من مرحلة الى مرحلة اكثر تقدماً لا يتم إلاّ عندما يختل التوازن بين الأساس الاقتصادي والبناء الفوقي.حيث حالة اللاتوازن واللاستقرار. وتزامناً مع حالة اللاتوازن تختل البنية الثقافية للمجتمع وتعقد معظم المفاهيم الاجتماعية معناها الحقيقي وأولى هذه المفاهيم هو الأمن والسيادة.فيتغير مسار الأمن من أمن المجتمع الى أمن السلطة التي فقدت مبررات بقائها ويعمل على قهر المجتمع لتحقيق الطاعة للمتلسط. وتفرغ السيادة من محتواها الاجتماعي فتصبح سيادة المتسلط او الفئة المتسلطة.
كانت السيادة ولا زالت على مدى كل العصور التاريخية موضوع صراع بيت الغالبية الاجتماعية المسلوبة الإرادة وتفوق القلة المتسلطة وسيادتها القسرية.

السيادة الوطنية ونشوء المجتمع المدني:
ظهرت السيادة قبل نشوء الدولة، وما كانت سيادة وطنية بل كانت سيادة اجتماعية، فئوية او فردية،سيادة الأسياد،تمارس عبر نخبة من الحكماء أو رجال الدين أو عبر رمزها الأبوي المتمثل في رئيس القبيلة او العشيرة وفي مراحلها الأخيرة كانت السيادة سيادة كبار الملاكين الاقطاع والتجار والفرسان وكانت سيادتهم ضمن حدود ملكياتهم ونظام سياسي يكرس الطاعة القسرية لسلطتهم، ونقيضهم الاجتماعي هم العبيد (نظام العبودية).
اقترنت موضوعة السيادة الوطنية بقيام دولة المجتمع المدني التي استندت في بداية نشؤها الى الهيمنة الطبقية والتحرر الجزئي لقوة العمل ووحدة الأرض والمجتمع.وقد تلازم ظهور المجتمع المدني بنشؤ الانتاج الحرفي (المني فكتورا) الذي شهد هجرة السكان من الريف الى مراكز المدن حيث بدأ الانتقال التدريجي من اقتصاد الاقطاع الزراعي الى الصناعة وتصاعد نشاط الانتاج الحرفي وا تساعه الذي كان يمارس خارج حدود نظم الملكيات وغدا الأساس لقيام دولة المجتمع الوطني تعنى بالسيادة الوطنية وبنشوئها وبيان مفرداتها بدأت القطيعة التاريخية بالعصور الوسطى .فقد جاء القانون العام الذي يحفظ التوازنات الداخلية لمكونات المجتمع الأساسية ،وطبيعة السلطة وصلاحياتها المقيدة بقانون والذي سمي (بالعقد الاجتماعي ) بدل من أبدية السلطة للعائلة المالكة ،سلطة مطلقة غير مقيدة بأي قانون، وإنهاء العبودية وسطوة الطبقة الأرستقراطية وغطرستها، واطلاق الحريات العامة في الحياة لعموم المجتمع ،وضمان حقهم في الملكية والعمل والرأي والمعتقد وأرسته قواعد حقوق المواطنة والانتماء الوطني بدلاً من الانتماء الضيق، العرقي، القبلي ،الديني، القومي.
وقد تزامن نشؤ دولة المجتمع المدني بسيادة الأسلوب الرأسمالي للانتاج الذي اعتمد تحرير قوة العمل من كل أشكال العبودية القديمة.
ومع اتساع المصالح الاقتصادية وتشابكها مع كيانات اجتماعية أخرى بالتوافق تارة والتصادم تارة أخرى،وما تقتضيه الضرورة الموضوعية المستجدة ظهرت البرجوازية كطبقة اجتماعية تاريخية نمت وتطورت وسعت الى الهيمنة الطبقية والسيادة الاقتصادية وتميزت بالمبادرة وهي المالكة لوسائل الانتاج وأساطيل التجارة، الأمر الذي مكنها من فرض سيطرتها السياسية على مكونات المجتمع الأساسية.
هذه باختصار شديد الأصول التاريخية للهيمنة الطبقية التي حققت التراكم المادي والمعرفي عبر مسيرتها التاريخية ولها نقيضها الاجتماعي وحدودها الطبقية ،وتزامناً مع استقرار الهيكلة الجديدة للمجتمع وانتصار البرجوازية قامت دولة المجتمع المدني وبنائها الثقافي الوطني والعمل من اجل سيادة وطنية بدلاً من سيادة فئوية، واول ما ظهرت في القارة الأوربية بعنوان الدولة القومية.
الوطن والوطنية:-
ما هو الوطن ؟ ارض معلمة بحدود؟ ام مجتمع محمل بتأريخ وأفكار واعراف وتقاليد وفعاليات؟أيعني الوطن الأرض فقط؟
في تقديري الوطن بشموليته الأرض والمجتمع معاً والأرض بسماتها وخيراتها والمجتمع بتأريخه وأفكاره وتقاليده ،وحتى لون بشرته التي تميزه عنم بقية الشعوب ، ونشاط المجتمع وفعالياته الحياتية وحتى سلوكيته تطبع بطبيعة الأرض ومناخها، والتأثير المتبادل بين طبيعة الأرض والعمل الاجتماعي الانتاجي يصنع الحياة وتميزه عن بقية المجتمعات.
والوطنية:- صفة تطلق على جميع الأفكار والأعمال والنشاطات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تصب في الصالح العام وصالح التقدم الاجتماعي وتعمد الأرض وتحملها.
إن تكون وطنياً عليك بحب الناس والأرض معاً ، فالوطنية انتماء مقدس يسمو على المصالح والغايات الجزئية .
النظام الوطني:-هو الذي يمكن المجتمع من تقرير مصيره بنفسه عبر تنمية قدراته الذاتية ويولد من رحم النظام الاجتماعي وبطريقة شرعية،يفعل القانون ويقصر المسافة بين المشرع والمنفذ،جاعلاً الهوية الوطنية تسمو فوق كل الهويات ولا يلغيها (الدين لله والوطن للجميع ).
إشكالية العلاقة بين الفرد والنظام والوطن:-
علاقة الفرد بالوطن تكون عبر علاقته بالنظام السياسي القائم وتتأثر هذه العلاقة بطبيعة النظام،فالنظام الذي يتصف بالوطنية فهو يعني مؤسس على احترام حقوق الانسان ويعطى كل فرد حق حقه. ومواطنيه جميعا ًمتساوون أمام القانون وبها يكون المواطن متفانياً في أداء واجبه الوطني طالما يعيش نظاماً ضامناً لحقوقه حيث تتحقق وحدة المصير (بين الفرد والنظام والوطن).وعلى العكس من ذلك أي عندما يتسلط نظام سياسي مستبد ظالم يصادر حقوق الفرد والمجتمع فان علاقة الفرد بالوطن تكون سلبية ، اذن الوطنية والنظام الوطني تعني حماية السيادة الوطنية وسموها وجعلها حقيقة واقعة لا مجرد مفردة رمزيه بعيدة عن الحقيقة والواقع .
السيادة الوطنية بين نهجين:-
السيادة الوطنية في دول ذات النهج الديمقراطي:-
لا يقتصر مفهوم الديمقراطية على حرية التعبير فقط فبالإضافة الى ذلك ،التواجد الحي والمؤثر في مركز القرار. والعلاقة بين النهج الديمقراطي والسيادة الوطنية علاقة جدلية ، وجدلية العلاقة هذه تعمل على تثبيت أركان المجتمع المدني وتطوره وتفعيل السيادة الوطنية وسموها.
فالنهج الديمقراطي آلية لاستثمار الحرية وجعل السيادة الوطنية حقيقة،فالحرية بغياب الديمقراطية ومؤسساتها يعني الفوضى ، حرية لا تثمر لشيء،وإذا تحدثنا اليوم عن سيادة بدون نهج ديمقراطي فهي بالتأكيد سيادة لادستورية ولا حتى وطنية ، سيادة فئوية او سيادة تسلطية دكتاتورية.
فالأولى ذات سيادة دستورية وطنية يعني دولة ذات نهج وطني وديمقراطي حقيقي تمكن المجتمع ومؤسساته المدنية من إدارة وتنظيم حياته ويمتلك قدرت اتخاذ القرار .
السيادة الوطنية ودولة النهج الاوتوقراطي (التسلطي المستبد):-
تقوم الدولة التسلطية على اساس خرق المجتمع المدني وتفريغه من محتواه وجعل مؤسساته امتداداً لسلطة الحاكم المستبد وتستمد في بقائها وحركتها من وحدانية المتسلط الذي تعود اليه اتخاذ كافة القرارات وسن القوانين ووضع السياسات التي تتحكم بمصير المجتمع .
ومن محاضرة الأستاذ الفاضل عبد اللطيف الياسري (الدولة التسلطية) (ص4) انقل لكم ما يلي واصفاً الدولة التسلطية (نظام حكم ليس لسلطة الحاكم فيه حدود ،ولا تفرض عليه قيود ،ويستعمل مصطلح الاستبدادية لوصف درجة تسلط الحاكم ،فإذا كان الحاكم لا يلزم بقانون وان فعله وقوله هما بمثابة القانون فهو نظام استبدادي).
ومن خلال ما تقدم يتضح لنا ان الدول ذات النظام التسلطي المستبد (الدكتاتوري) هو بمثابة مؤسسة مناهضة لكل ما هو وطني ،فهي النفي للسيادة الوطنية والنفي للنهج الوطني وكافة التشريعات والقوانين الصادرة عنها تصب في أمن سلطتها وحماية مصالحها الخاصة .وهي بالتالي تتعارض مع المصلحة الوطنية التي تعبر في مضمونها عن المصالح المشتركة لقوى التشكيلة الاجتماعية .
ومن اجل سلطاته لا يتردد الحاكم المستبد من عقد التحالفات المشبوهة مع قوى خارجية لديها أطماع بثروة البلاد ،وحتى أرض الوطن لا يتردد بمنحها لهذه القوى الأجنبية طالما تدعم تسلطه على شعبه . فهو غير أمين على حماية ارض الوطن وحماية المصلحة الوطنية العليا ويقتل معارضيه بتهمة الخيانة الوطنية وهو عنوان الرذيلة والخيانة.
ان انتهاك حقوق الانسان وتهميش مؤسسات المجتمع المدني وتعطيلها يعني انتهاك للسيادة الوطنية ،لذا فأن انتهاك السيادة الوطنية لا يكون فقط باحتلال قوات أجنبية للأوطان بل يمكن ان تكون من قبل نظام سياسي مستبد لا يقيم وزناً لقدسية الانسان وحقوقه ،فيصادر الارادة الوطنية ويسحق الكلمة الشريفة ويقتل الطموح ويقود مجتمعه كمن يقود قطيع غنم (اذا قال صدام قال العراق ) في مضمون هذا الشعار البائس فتشوا معي عن شيء اسمه(سيادة وطنية ).
السيادة الوطنية في عصر الثورة العلمية التكنلوجية:-
على مر العصور ارتبطت السيادة وبشكل وثيق بالقوة الاقتصادية وفي عصرنا تجلت هذه الرابطة بشكل صريح وواضح ،فلن تكون للسيادة الوطنية أي معنى او تأثير في الحياة الاجتماعية مالم تستند الى كيان اقتصادي قوي مقتدر وكفؤ.
ان للثورة العلمية التكنولوجية الهائلة استحقاقات ومزايا لا يمكن صدها وحتمية المسارات التي تخلقها في الحياة الاقتصادية لايمكن الزوغان عنها. وان التجربة التاريخية تؤكد ان التطور الصناعي يخلق وعياً تقنياً لايمكن للأيدلوجيات التقليدية ان تحول دون تطوره.
ولكي تأخذ قوى الانتاج ذات التقنية العالمية مسارها الطبيعي في العملية الانتاجية ووفق المعايير الاقتصادية المعروفة في تقييم اداء الوحدة الانتاجية يصبح تخطي الحدود الوطنية والقومية لها أمرا حتميا.مما يؤثر على سيادة أسلوب الانتاج المحلي للبلد الآخر (المستقبل لها) والذي تستمد منه السيادة الوطنية بقائها،فالبلد الذي يتمتع بنسبة معينة من التطور في وسائل الانتاج بمكينة المقاومة بنفس نسبة التطور الذي هو عليه ، اما البلد الذي يعاني من تخلف مطلق في العملية الانتاجية وفي كافة المجالات العلمية والاقتصادية ،فلا يمكن المقاومة وهو مستسلم لهذا المارد الجديد وحتى الحوار لا يتمكن منه .
ان القفزة النوعية في تطور العلم والتكنلوجيا وما صاحبها من تأثير على نمط الانتاج العالمي ما كانت مرة واحدة وعلى الرغم من وصفها ثورة ،فمقدماتها بدأت منذ عقود حققت خلالها التراكم المادي والعلمي وظهر تأثيرها على المجتمع الدولي وتمثلت بقيام التكتلات الاقتصادية بين الدول الصناعية الكبرى ،وان كانت هذه التكتلات قبل الثورة العلمية لتكنولوجيا الانتاج والاتصالات أمرا اختيارياً لايمكن الاستغناء عنها ،فأنها اليوم وفي ضوء هذه المستجدات أصبحت امراً حتمياً ولايمكن لاي دولة ناشطة اقتصادياً ان تمارس نشاطها بشكل صحيح مالم تنتمي او على الاقل تنسق نشاطها مع هذا التكتل او ذاك .
اما الدول المتخلفة فهي لاحول لها ولاقوة أمام تحديات العصر فهي عاجلاً ام آجلاً سوف تتشتت بين هذه التكتلات الاقتصادية وليس لها الخيار في أي تكتل تكون وفي أي تكتل لاتكون أن هذا يدخل ضمن صراعات الدول الكبرى المتزعمة لهذه التكتلات الاقتصادية .
ان تحديث العمل وسرعة التشابك مع المجتمع الدولي لا يخضع لمجرد ارادة دولة ما أهو ليس لتحقيق رغبة سلطة او انجاز لبطل سياسي ،انها الحتمية التأريخية التي تتكامل صيرورتها نتيجة التطور النوعي في وسائل الانتاج ويعتبر هذا التطور بمثابة القفزة او الحدث المفصلي الذي يفصل بين حقبة تاريخية وأخرى اكثر تقدماً.
وفي اواخر القرن الثامن عشر أدت موجة الاختراعات لتحديث وسائل الانتاج والتي كان اهمها المحرك التجاري الذي اخترعه الميكانيكي جيمس وات سنة 1776م الى قيام ثورة صناعية كبرى وكان هذا الاختراع بمثابة الحدث التاريخي الذي قلب العملية الانتاجية رأساً على عقب فقد تضاعفت الكفاءة الانتاجية أضعافا وحققت وفرة في الانتاج تفوق ما كان عليه قبل ثورة الاختراعات ونشطت المبادلات التجارية وقصرت المسافة بين الشعوب ، أوجدت سبل التقارب، واقامة جسور التفاهم ،وتشابكت المصالح وسادت صيغ التعاون في مجال الانتاج وكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية .
اما اليوم فنحن أمام قفزة نوعية عظمى في تحديث العمل ، وهذه القفزة المتمثلة في العلم والتكنلوجيا وثورة الاتصالات ،هي بمثابة الحدث التاريخي الذي يسعى لإنهاء حقبة تاريخية ليضع البداية لنهوض حقبة تاريخية جديدة ، أنها الثورة العلمية التي تقرر مستقبل المجتمع البشري .
فهي تسعى الى قيام نظام اقتصادي عالمي موحد تكون فيه الهياكل الاقتصادية للبلدان بمثابة المفاصل لهذا النظام الكوني العملاق يربط ويكمل الواحد بالآخر ،وتتحرك الآلة على وجه البسيط بون ضوابط جغرافية كحركة الأقمار الصناعية في الفضاء فهي لا تقتصر على الفضاء الأمريكي او الروسي او الفرنسي فهي تسبح بالفضاء لاتحدها حدود تزور فضاءات الدول من دون (احم ولا دستور) . ولا أحد يعرف مهمة هذه الزيارات الفضائية .
انها تعمل لتحقيق (سيادة الكل ) على مجموع الأجزاء . هكذا سيصبح المجتمع البشري كما هو الآن في المجتمع الواحد.
عندها تكون للسيادة الوطنية مضمون آخر يتناغم ويتناسب ومستحدثات الواقع الموضوعي الجديد .
السيادة الوطنية بين الرمزية والواقعية:-
ان المفاهيم الرمزية في جوهرها مفاهيم خاصة بالرغم من عموميتها تخص حياة الفرد والمجتمع عموماً.
وجدلية العلاقة بين ما هو رمزي وما هو واقعي من المفاهيم والمفردات تشكل بحصيلة التأثيرات المتبادلة الكيفية لحياة المجتمع .
فضمان حقوق الفرد من قبل نظام سياسي شرعي ونزيه يفعل علاقته بالمفاهيم الرمزية ويعمل على صيانة مضامينها وسلامتها من الحرفية والتشويه والتحريف ويعزز السلطة الأخلاقية الوطنية.يعني ضمان اخلاص الفرد وضمان اداءه الجيد للواجب الوطني.وفي نفس الوقت يكون للمفهوم الرمزي دوراً في اطلاق طاقة المجتمع في العمل والابداع ووحدة الصف الوطني ويكون بمثابة المعيار الحاسم في تقييم الفكر والاداء.
ان التوازن بين ماهو رمزي وما هو واقعي ضرورة لتأخذ الحياة مسارها الطبيعي ونشؤ بنية ثقافية اجتماعية وطنية سليمة ،تعمل لصالح التقدم الاجتماعي ،وعلى العكس من ذلك أي في غياب التوازن تأخذ كافة الأمور الحياتية مسارات متعثرة عرجاء .فعند التطرف لمفردات الواقع المادي وبشكل مبتذل على حساب سلامة المفهوم الرمزي ،تكو الحياة مقيتة تفتقر الى الجمالية وبدون مثل اخلاقية عالية ،يكون الفرد فيها كحيوان بلا شرف ولاكرامة ويتحرك ضمن قانون شريعة الغاب .
وفي حالة التطرف الى المفهوم الرمزي بشكل حاد واهمال مفردات الواقع وعدم الأخذ بها لضرورات التحسن والتقدم يعني نحن نحلم بحياة افضل ولانعمل من اجل حياة افضل واذا كان هذا الاهمال (اهمال مفردات الواقع الحياتية )عن عمد وقصد مع توفر الامكانيات لدفعها نحو الأفضل فمعناه احتراف الرمزية لمصلحة المتسلط (المحترف الأكبر) الذي ابتذل الرمزية ولن يتردد من جعل شخص رمزاً ليمضي في إذلال الناس وقهرهم باسم شرف الأمة وكرامتها .
وعلى ما تقدم نقول ليس هناك انقطاع صلة بين المفهوم الرمزي ومفردة الواقع المادي التي تخص حياة الفرد والمجتمع بل هناك صلة دائمة تتخللها التأثير المتبادل بين ما هو رمزي وما هو واقعي لدفع الحياة نحو الأفضل ،والذين يعملون لقطع هذه الصلة هم الدجالون فقط .
ومن اجل اخفاء طابع الشرعية على سيادة (المحترف الأكبر )المتسلط المستبد يلجأ الى استخدام الرمز الديني والرمز االقومي باعتبارهما االقاسم المشترك الوحيد بينه وبين المجتمع وتفعيلهما بالخطاب السياسي (انك عربي انا الذي احمي عروبتك ،انك مسلم انا حامي الاسلام ).
هم وحدهم حماة الدين والقومية وبدونهم لاتقوم للقومية قائم ولا للدين مقام .فكان خطابهم السياسي بعيداً عن الواقع المثقل بالهموم مصطبغاً بالرمزية الدينية تارة والقومية تارة أخرى حسب الحاجة تاركين المجتمع غارقاً في البؤس يتخبط بازماتة القاتلة ،ينهش جسده الجوع والمرض وهم يتغنون بالقومية ويرتلون الآيات الدينية.
فسلاماً على السيادة الوطنية
وسلاماً على شهداء الحرية
اذا لم أوفق في بسط الحقيقة كلها لمفهوم السيادة الوطنية ومضمونها فأني اعتقد توصلت الى ايضاح بعضاً من اصولها التأريخية وسماتها ،وعليكم اكمال ما تبقى من ذلك من اجل خلق رؤيا مشتركة لواقع يتموج بشتى الألوان.



#خليل_الشافعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع النهجين في عراق النهرين
- المواطنة و الدولة العراقيةالحديثة
- التجمع الثقافي من اجل الديمقراطيه -كربلاء - التحالف استحقاق ...
- المواطنة بين زمنين
- القديم و الجديد في الستراتجية الامريكيه


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خليل الشافعي - السيادة الوطنيه - الجذور و الافاق