أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - الحملان الوردية















المزيد.....

الحملان الوردية


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 1912 - 2007 / 5 / 11 - 06:55
المحور: الادب والفن
    


في صفيحة تحوي ماء مغلي ، وضعت ( ام بدرية) قشور رمان وفجل وخرق اقمشة وردية للحصول على صبغة ، متعمدة في اختيارها لصفيحة طبع على جنباتها ،صورة راعي بالزي العربي وهو ينفخ في ناي وسط خرافه، تطابق ذلك الأختيار مع فال حسن صدقته ، صبغة وردية يغطس فيه حمل صغير اشترته في الربيع وهي تفكر بما سيوفره لها بعد اشهر...سيحمل لونا يميزه عن حملان اخرى لو سرق، ستعرفه باكرا في السوق..هكذا فكرت !
كانت ( ام بدرية) بحاجة الى انيس في وحدتها على اية حال..لعب الحمل دورا اكبر لم يخطر على بالها،
ليس في تقافزه في قفص كان لدجاج مات ( لم تكن محظوظة مع الدجاج) ، تميز ذلك الحمل بمواصفات كلب
ايضا ! فهو الذي سمع صوت لص قبل ان يهم بتسلق الجدار واحدث ضجيجا هائلا لاشى كابوس قديم يزور نومتها على وسادة محشوة تبنا بعد رحيل زوجها ..فقد استدرج الفضوليون ابنتها ( بدرية) لتحكي بسذاجة
عما يفعله والدها..
-- لاشئ غير قراءة كتب وشرب العرق ليلا فهو جندي هارب!
تلقى ( ابو بدرية) صبيحة عيد العمال رصاصا امام المنظمة الحزبية ، ليكون ( عبرة لكل من جفت في عروقه
دماء الوطنية) ، هكذا كانوا يقولون !
يتبع زلزال زلازل اخرى..توضح زلزال الأبنة (بدرية) في حياة هاوية الحملان بصورة اعمق ماساوية ..فالبنية الجميلة ذات الصوت الحنون هياة نفسها زمنا للتقديم الى اختبارات الغناء في الأذاعة ، منهمكة في تسجيل اغانيها على اشرطة مسجل صغير ، تحذف ، تسجل وتسمع صوتها من جديد وتحلم بنجوميتها..ستبني قصرا
يغلفه (حلان موصلي) وتزين حديقته بتماثيل غزلان تطل على حوض اسماك ذهبية..ستسهر ليلا في الرد على رسائل المعجبين وتنام نهارا ،سيكون لها غرفا لكل شئ ،تمشط شعرها على تسريحة (نجاة الصغيرة)في غرفة المكياج المغلفة بالفورميكا !
بعد وشايتها القاتلة،والتي كلفت حياة والدها( ابوبدرية) ، خلال نوبات ترتيق الضمير في انهيارها نفسيا..اقتنعت تماما ، بان مافعلته لاتفعله سوى عاهرة ! ..لم تنفع دموع وتوسلات( ام بدرية) لتثنيها عن قرار
اتخذته ..
وضعت ( بدرية) الثلاجة المنزلية على عربة (بوربرين) وباعتها في سوق الجمعة ثمنا لسفرها، استعارت تلك العربة الخشبية من المصور الفوتوغرافي مشترطا تصويرها فهي له( برجيت باردو) يقبل ساقيها في الملصق المقابل له في محل التصوير..عرضت عليه جسدها ..وضع كفه على فمها مرتبكا وقال :
-- لا يابدرية..عيب!
اطلقت ( بدرية) ضحكة زردوم! حملتها على اجنحة ثعالب بلا ريش ، كفنانة تحت ادارة القوادة(حسنة ملص)
في الملهى الذي تملكه في شارع حلب في الموصل واصدرت لها نقابة الفنانين هوية فنانة في ( كل شئ) !!
يكثر طلب رجال المخابرات لخدماتها وخاصة اجادتها الشعر الشعبي في سيارات المتعة المركونة تحت اشجار
غابات الموصل كغجرية بستان مدللة ، يقترحون عليها القاء قصيدة عن(اللذين جفت في عرقهم دماء الوطنية)!
وذلك ، امام تيس العشيرة في قصر ( الأيام الطويلة) !...بضحكة زردوم، ترد عليهم( بدرية)..
تزورها بعد قطع رحلات قطار سرية والدتها مرة في الشهر وتنام معها في شقة الفنانات المطلة على شارع
ضيق يؤدي الى حديقة الشهداء،وتحكي لأبنتها (الفنانة) حول مصور فوتوغرافي افشى سرها !
تناولت (بدرية ) سماعة الهاتف وادارت رقما..قام رجال الأمن بشي جلد المصور (جواد) بانابيب مطاطية..حد اعلانه صارخا :
--لا..لا، (بدرية ) شريفة..شرييييييفة..!

..في اليوم التالي، ادارت (بدرية ) رقما وقهقهت في سماعة الهاتف :
--الو (جواد) ..عيب ! هل تعلمت الدرس جيدا ؟ لتعلم ان سيقان مفتوحة تحكم في بغداد !!
ثم قالت لهاوية الحملان..
--هيا ارحلي الأن وادخلي بغداد مرفوعة الراس.!
من يعلم يا ( ام بدرية) بانخفاضة راسك وانت ترعين رائية الى حملك الوردي والتهامه الشفاف لحشائش جافة حول سكة الحديد في منطقة ( المهدي)..تجلسين القرفصاء في فئ عامود كهرباء قديم وترسمين بقصبة جافة في التراب ، دوائر حول اقراص خبز وهمية ، مثلثات حربية ، مربعات تشبه بيوت ريفية ، اسهم متقابلة !
مر القطار الأتي من مصفى الدورة امامك ، اختفى الحمل وانت ساهمة !
.. حاولت ( ام بدرية) باكية مهاتفة ابنتها ، لم يكن هناك ادنى رد ولم تسمع صوتها ثانية والى الأبد !
لم يك ذاك ،حملها الوردي الأول ، فحملانها المدللة سجلت تواريخ اختفاء مؤلمة ، لم يوقفها ذلك في مسالة
المحاولة من جديد ، والبدء من نقطة صفر جديدة ! لكان حساء وجودها هو في انفاس دافئة لحملان الربيع.. انفاس ( ابو بدرية) وهو يحلم بانتهاء الحرب ، التسريح من الجيش وقضاء سفرة عائلية في لبنان.. شهقات انفاس (بدرية) في احلامها الفنية التي انتهت الى مرافقة سائق شاحنة نفط تركي ، هربها الى اسطنبول..
اختفى جيران ( ام بدرية) القدامى..
..اين هي الآن ( جوزة قرياقوس) التي كانت تشكو لها ، في ان الخطابة يطلبوا يد ابنتها الصغرى دوما فالبنت
الكبرى بدينة ؟! وكانت ( ام بدرية) تشكر صدفة ( بدرية) ابنتها الوحيدة ..!
..اين هي الآن ( قاسمية عبد الرحيم ) خياطة بدلات العرائس وهي تمضغ علكة ( ابو السهم) دوما ؟!
..بل ماذا عن صديقة خبيثة لأبنتها ، حملت مساء عيد العمال خبرا عن جندي هارب ووضعته في احضان
المنظمة الحزبية ؟!
حتى البيت تقلص ! ..اختفت غرفة بعد تجاوز غرباء عليها ..وتهدمت غرفة اخرى كان لها شباك يطل على مرعى سكة الحديد.. تبقى لها غرفة وسطية ..كوخ يلحقه قفص دجاج نامت فيه حملانها.. اما هي فلم تعد
تنام على وسادة محشوة تبنا ..خوفا..خوفا...
في هذا الصباح ، اجرت طقوس تحضير الصبغة في صفيحة ( الراعي) من جديد..
حشت كيسا بكتب ( ابو بدرية) القديمة ..اشتراها بعد توسلاتها مكتبي عجوز..! وانتفعت للمرة الأولى من كلمة ( حرية) فالكتب احتوت، اغلفة ماركسية !
سارت مباشرة تحت القيض نحو وقفة العربان في السوق.. راق لها حمل قدرت ..ان حجمه يلائم تغطيسة في صفيحة الصبغة ..مدت ثمن الكتب امام بائع الحملان..قال لها مكتئبا :
--يا حجية ، دنانيرك هذه لاتكفي ثمن لية حمل !
مالذي سيساعد في اكمال المبلغ المطلوب..حتى ولو لشراء حمل هزيل حلق صوفه !؟
..ستعود الى الكوخ..تبحث عن جهاز تسجيل قديم..
هل ،تعثر عليه ؟
هل ستفكر قبل ذلك، بسماع اخير لأغنية بصوت الفنانة ( بدرية ) ؟!!



#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصوات جديدة لمطحنة قديمة
- عزلة ممثل
- هيثم بردى .. الخواء يفضي الى اخر اكثر كثافة
- مهزلة ابدية !
- عودة الفلاح الى قلب التفاحة
- العراق تحت لعنة الألفيات
- مهزلة ابدية ..
- نحات ارهابي
- الدعوة الى تشكيل حزب الكتروني !!
- انزع عن نفسي ماكان للأفعى ، جلد الحرب
- حجر الأساس
- تصالح في المجتمع العراقي ، هل يصلح زيد ماافسده عمر ؟!
- ليلى كوركيس .. قيثارة في عين الشمس
- امراة تبيع سكر
- ثوب ثقيل وطويل .. يغطي الأرض لحظة خطوها - 8 اذار -
- عشرة قصص قصيرة جدا
- مسرحية شعرية من فصل واحد..حوار على مقياس ريختر
- قصص قصيرة جدا
- نساء بلا انوثة
- الجوقة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - الحملان الوردية